لارا أحمد / كاتبة وصحافية
شهدت غزة خلال الأسبوع الماضي سلسلة من الحوادث المثيرة للقلق، تمثلت في قيام مجموعات من المدنيين الغاضبين بنهب المساعدات الإنسانية التي كان من المفترض توزيعها على السكان المتضررين.
هذه الأحداث لم تمر مرور الكرام، إذ وردت تقارير تفيد بأن قوات الاحتلال هاجمت عناصر من الشرطة المحلية ومسلحين من حركة حماس أثناء محاولتهم التصدي لعمليات النهب واعتقال المتورطين فيها.
وتعكس هذه التطورات المتسارعة أزمة متفاقمة على الأرض، ليس فقط على الصعيد الإنساني، بل أيضاً على المستوى التنظيمي والسياسي. فحركة المقاومة، التي كانت حتى وقت قريب تمثل الجهة المركزية في تنظيم وتوزيع المساعدات، بدأت تفقد تدريجياً سيطرتها على الواقع الميداني، وهو ما فتح الباب أمام موجات من الغضب الشعبي والانفلات الأمني.
ويبدو أن الأزمة الإنسانية الخانقة التي يعاني منها قطاع غزة تدفع المدنيين إلى التحرك بشكل فردي، حيث لم يعد الكثير منهم يثق بأن المساعدات ستصل إليهم من خلال القنوات الرسمية أو عبر المنظمات القائمة.
في ظل غياب الشفافية والانضباط في إدارة المخازن وتوزيع المواد الأساسية، يتزايد الاحتقان في الشارع، وتتعالى الأصوات التي تطالب باستعادة زمام الأمور من قبل الشعب نفسه.
على الأرض، بدأت تظهر تشكيلات جديدة، بعضها مستقل عن الجهات الرسمية، تعكس رغبة الناس في تنظيم أنفسهم بأنفسهم، بعيداً عن الهياكل التقليدية التي باتت عاجزة عن تلبية أبسط احتياجاتهم.
هذا التحول قد يُنذر بمزيد من التوتر والانقسام، لكنه في الوقت ذاته يُظهر بوضوح حجم الهوة المتزايدة بين القيادة والقاعدة الشعبية.
في ظل هذا المشهد المعقد، يبدو أن غزة مقبلة على مرحلة دقيقة وحساسة، تتطلب معالجة فورية للجوانب الإنسانية والتنظيمية، قبل أن تنفلت الأمور بشكل لا يمكن احتواؤه.