تتجه الأنظار هذه الأيام نحو كلية الطب والصيدلة بمدينة العيون، أول مؤسسة من نوعها في الأقاليم الجنوبية، بعدما خصصت فقط 200 مقعد دراسي في تخصص الطب برسم الموسم الجامعي 2025-2026، وهو رقم اعتبره العديد من المهتمين غير كافٍ لتلبية الحاجيات الصحية المتزايدة بالمنطقة.
ووفق المعطيات ، فإن عدداً كبيراً من الطلبة يوجدون ضمن لائحة الانتظار، ما يحرمهم من فرصة متابعة دراستهم الطبية رغم توفر المؤهلات العلمية.
ويأتي هذا في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى تعزيز العرض الصحي بالأقاليم الجنوبية ، التي تعاني خصاصاً مزمناً في الأطر الطبية بمختلف التخصصات.
تستقبل الكلية حالياً طلبتها من جهتي العيون الساقية الحمراء والداخلة وادي الذهب، فيما يتابع زملاؤهم من جهة كلميم واد نون دراستهم الطبية في فضاءات غير ملائمة من حيث البنية والتجهيز، رغم أن عددهم لا يتجاوز 120 طالباً في السنة الأولى، في غياب مستشفى جامعي جاهز يؤطر التكوين التطبيقي.
ويبدو أن الرقم المخصص لكلية العيون — 200 مقعد فقط — ضئيلاً مقارنة مع كليات الطب الكبرى بالمملكة، مثل الرباط (780 مقعداً) والدار البيضاء (700 مقعد)، ما يثير تساؤلات حول مدى قدرة هذه الحصة المحدودة على مواكبة احتياجات التنمية البشرية في الأقاليم الجنوبية.
وحسب ورقة تقنية رسمية، تتوفر كلية الطب والصيدلة بالعيون على بنية تحتية حديثة تضم مدرجات بسعة 400 مقعد، ومختبرات بحثية متطورة، ومركز محاكاة وقاعات للتكوين النظري والتطبيقي، وتبلغ طاقتها الاستيعابية الإجمالية 2500 طالب.
كما ترتبط الكلية بعدد من المشاريع الصحية والأكاديمية الكبرى، من بينها المستشفى الجامعي الجديد الذي أعلن وزير الصحة والحماية الاجتماعية عن قرب افتتاحه، إلى جانب المدرسة العليا للتكنولوجيا، بما يضمن تكاملاً بين التكوين والخدمات العلاجية.
غير أن محدودية المقاعد الحالية، حسب مهتمين، قد تعمّق الفجوة الصحية في الأقاليم الجنوبية لسنوات مقبلة، وهو ما دفع أصواتاً محلية وأكاديمية إلى المطالبة برفع عدد المقاعد وتوسيع التخصصات لتشمل الصيدلة وطب الأسنان.
ويرى هؤلاء أن هذه الخطوة ليست ترفاً أكاديمياً، بل ضرورة تنموية وصحية لضمان توزيع عادل للأطباء وتعزيز الثقة في المنظومة الصحية المحلية.
تجدر الإشارة إلى أن مشروع كلية الطب والصيدلة بالعيون كلف نحو 257 مليون درهم، وشُيّد على مساحة مغطاة تبلغ 2227 متراً مربعاً فوق أرض تمتد على 10 هكتارات، واستقبل إلى حدود الموسم الجاري الفوج الخامس من طلبته، في مؤشر على انتظام العملية التكوينية واستقرارها.
وفي ظل توفر الإمكانات والبنية التحتية، تتعالى الدعوات اليوم إلى تسريع وتيرة التكوين وتوسيع الطاقة الاستيعابية، بما يضمن لأبناء الصحراء المغربية حقهم في تكوين طبي متكافئ وخدمات صحية تستجيب لاحتياجاتهم المتنامية.
كما علمت الجريدة أن عدداً من الأسر والطلبة بجهتي العيون والداخلة تواصلوا مع الجريدة لطرح هذا الملف إعلامياً، في حين بدأ منتخبون وشيوخ وأعيان التحرك للترافع بشأنه على المستويين الجهوي والوطني، باعتباره ملفاً استراتيجياً ضمن النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية الذي أطلقه الملك محمد السادس سنة 2015، والذي يهدف إلى تكوين أطر طبية ذات كفاءة عالية قادرة على تقديم خدمات صحية متطورة لفائدة ساكنة الصحراء المغربية.
