المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تحتفي بالذكرى الثامنة عشرة لإطلاقها

المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تحتفي بالذكرى الثامنة عشرة لإطلاقها 

تخلد المبادرة الوطنية للتنمية البشرية يوم 18 ماي 2025 الذكرى العشرين لإعطاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، انطلاقتها في 18 ماي 2005. وبهذه المناسبة، يتم استحضار الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، التي أرسى من خلالها هذا الورش الملكي الفريد من نوعه، والذي يهدف إلى النهوض بكرامة الانسان، والحد من الفوارق المجالية والاجتماعية، وتحقيق الاندماج الاجتماعي، وترسيخ قيم المواطنة الفاعلة.

ومنذ انطلاقتها، شكلت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية نموذجا فريدا قوامه التعبئة الجماعية والمقاربة التشاركية، جعلت منها رافعة مساهمة في التنزيل الفعلي للسياسات العمومية الاجتماعية التي تضطلع بها مختلف القطاعات الوزارية والجماعات الترابية وكذا المجتمع المدني، وذلك بغية ضمان الفعالية في تنزيل برامجها وإحداث الأثر الإيجابي المنشود.حسب بلاغ توصلت به”سياسي”

وتجسّد تنزيل هذا الورش الملكي الرائد، خلال عشرين سنة، في ثلاث مراحل ترجمت الرؤية الاستشرافية لصاحب الجلالة، التي عبر عنها في خطابه الملكي السامي المؤسس، حيث أكد حفظه الله بأن: “…الـمـبـادرة الـوطـنـيـة لـلـتـنـمـيـة الـبـشـريـة لـيـسـت مشـروعـا مـرحـلـيـا، ولا بـرنـامـجـا ظـرفـيـا عـابـرا، وإنـمـا هـي ورش مـفـتـوح بـاسـتـمـرار…”. إن هذه الرؤية الثاقبة هي التي تمكن المبادرة من مواكبة التحولات ومواجهة التحديات المتزايدة في مجال التنمية البشرية وتعزيز الرأسمال البشري.

في مرحلتها الأولى (2005-2010)، وجهت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية جهودها نحو تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، مستهدفة الفئات الأكثر هشاشة والدواوير والمناطق التي تعاني من ضعف في البنيات التحتية، من خلال فك العزلة عنها وتيسير الولوج إلى شبكتي الماء الصالح للشرب والكهرباء، بالإضافة إلى إحداث مراكز اجتماعية لفائدة الأشخاص في وضعية هشاشة. أما المرحلة الثانية (2011–2018)، فقد شهدت توسعا في نطاق تدخل المبادرة الوطنية ليشمل فئات مستهدفة جديدة ومجالات ترابية إضافية. وفي مرحلتها الثالثة بالإضافة الى تعزيز المكتسبات السابقة، قامت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بإعادة توجيه تدخلاتها نحو الجوانب اللامادية من تنمية الرأسمال البشري، لا سيما ما يتعلق بالأجيال الصاعدة، عبر برامج متكاملة تعنى بالطفولة المبكرة، ودعم التمدرس، وتعزيز قابلية التشغيل، وريادة الأعمال لدى فئة الشباب.

وعلى امتداد هذه المراحل الثلاث، أسهمت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بشكل ملموس في الانجازات التي حققتها بلادنا في مجال التنمية عموما، وذلك من خلال تقليص الفوارق في مجال الولوج الى البنيات التحتية والتجهيزات والخدمات الاجتماعية، وكذا تعزيز الرأسمال البشري من خلال تنمية الطفولة المبكرة، ودعم التعليم، والإدماج الاقتصادي للشباب، وتيسير الولوج إلى الرعاية الصحية، محاربة الهشاشة، مما انعكس إيجابياً على تحسين مؤشرات التنمية البشرية بالمملكة.

وفي سياق هذه الدينامية، فقد أرست المبادرة الوطنية للتنمية البشرية مقاربات متطورة وحلول مبتكرة في مجال التنمية البشرية، ومن بينها نموذجا متكاملا لتعميم تعليم أولي ذي جودة ومجاني في المناطق القروية، ومنظومة الصحة الجماعاتية لتحسين صحة الأم والطفل في العالم القروي، واستراتيجية التواصل للتغيير السلوكي والاجتماعي، وتبني مقاربات تعليمية جديدة (مقاربة التدريس وفق المستوى المناسب TaRL)، بغية تدارك التأخر في التعلمات، خصوصا في القراءة والحساب، وإحداث منصات للشباب تجمع بين الإنصات والتوجيه والمواكبة، واعتماد التمويل القائم على النتائج بهدف تحسين الأداء وتحقيق الأثر.

وقد تم تنزيل هذه المبادرات بفضل الاعتماد على منهجية مندمجة ومتكاملة تجمع بين التشخيص التشاركي، والاستهداف الدقيق، والتخطيط متعدد السنوات، والتنسيق المحكم بين مختلف المتدخلين، فضلاً عن ملائمة البرامج والتدخلات مع مراعاة الخصوصيات المجالية، إلى جانب الاعتماد على آليات فعالة للتتبع والتقييم.

وعلى صعيد آخر، تتميز المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بنموذج حكامة ترابية خاصة بها يحظى بتقدير واعتراف جل الفاعلين في ميدان التنمية البشرية. فقد تمت بلورته بشكل يستجيب لمتطلبات تعزيز الديمقراطية التشاركية ويُمكن من توطيد الالتقائية المرجوة بين مختلف المتدخلين، حيث يقوم نمط حكامة المبادرة على هيكلة لا ممركزة على المستوى المحلي، تضم لجان على كافة المستويات الترابية (اللجان الجهوية للتنمية البشرية واللجان الإقليمية للتنمية البشرية واللجان المحلية للتنمية البشرية)، بتركيبة متكاملة تتكون من مختلف الفاعلين والمتدخلين المحليين من منتخبين وجمعيات المجتمع المدني والمصالح اللاممركزة للدولة، مع الحرص على ضمان تمثيلية فاعلة للنساء والشباب، بحيث وصل العدد الإجمالي للأعضاء المنتمين لهذه الهيئات حوالي 15.000 عضو.

وقد ساهمت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في بروز ريادة مرجعية في مجال الهندسة الاجتماعية، وذلك من خلال إبرام شراكات استراتيجية للتعاون وتبادل الخبرات مع الفاعلين الدوليين في مجال التنمية البشرية، بحيث كرست حضورها كمرجع يحتذى به على المستوى الافريقي، العربي والدولي، الشيء الذي اتاح لها تعبئة خبراء ومختصين دوليين، ومكنها من تعزيز قدراتها ومؤهلاتها وكذا تحقيق إشعاع دولي كنموذج مبتكر وفريد.

وبمناسبة الاحتفاء بالذكرى العشرون لهذا الورش التنموي الملكي، تجدد المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تعبئتها الشاملة لمنظومتها ومجالات تدخلاتها، مؤكدة تشبثها الراسخ وعزمها المتواصل، على مواصلة الجهود من أجل تنزيل الرؤية الحكيمة التي رسم معالمها صاحب الجلالة حفظه الله لهذا الورش الملكي الرائد، بما ينسجم مع التوجيهات الاستراتيجية للنموذج التنموي الجديد للمملكة، ويترجم التطلعات الكبرى لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده من عيش كريم ومستقبل واعد لكافة أفراد شعبه الوفي ورفاه وازدهار لبلادنا.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*