بقلم : ذ . عبد الله بوغمزة
ذات يوم وبينما ” القوم” جلوس عند صاحب الابرة والخيط ، متربعين على الكراسي ويرتشفون الشاي من الكؤوس ، ويتجاذبون أخبار الناس كعادتهم ، وكان من بينهم الغراب المنحوس ، فإذا بهم يشاهدون من بعيد ، الرابوني قادما يتمايل في مشيته كعادته يوزع الابتسامات ويصافح هذا ويضحك مع ذاك ، حتى وصل” القوم” ، وما إن هم بمصافحتهم أرسل يده إلى الغراب ، فامتنع الاخير عن مصافحته و قال غائظا ” طير لهيه ، أنا ما نسلم على الشيكام ” ، فانتفض الرابوني انتفاضة الابطال وصاح بأعلى صوت زلزل المكان ، ” أيها الغراب ليس لحريتي قيد حتى تختار لي من أكون ؟ وأنا والناس تعرفني وتعرفك قبح الله المنافق أينما كان ؟ بالأمس تفرش البساط لمن تلومنني عليه الان ، والحق أقول ولا أستحي يا عباد الله اشهدوا إنني مع البلبل الرنان ، من صادق يوما غرابا فقد اكتوى بالمصائب وأصابه البهتان ، واحذروا يا ” قوم ” من مرافقة من يرجع الحق بعزف الكمان ولا يجيد البيان ” ووقف الغراب مزبدا مرتعشا يحاول النيل من الرابوني ، فتشاتما وتخاصما والناس شاهد عيان ، لما ستؤول له هذه المبارزة التي خلف فيها كلام الرابوني استحسان الحاضرين ، فقام من القوم افراد ، يحاولون احتواء الوضع الذي اصبح ينذر بالانشطار ، وأجلسوا الرابوني وأصلحوا الخلان ، ولله در الشاعر إيليا ابوما ماضي حينما قال :
قال الغراب وقد رأى كلف الورى == وهيامهم بالبلل الصدّاح
لم لا تهيم بي المسامع مثله == ما الفرق بين جناحه وجناحي؟
فعلام نا الناس عن تمداحي؟ == إني أشدّ قوى وأمضى مخلبا
أمفرق الأحباب عن أحبابهم == ومكدّر اللذات والأفراح
والصوت من نعم السماء ولم تكن == ترضى السما إلا عن الصدّاح
حكم القضاء فإن نقمت على القضا == فاضرب بعنقك مدية الجراح
نقطة هامة : الغراب والرابوني شخصيتان اسطوريتان تعيشان في أكناف وادنون