swiss replica watches
كارثة كلميم في المزاد العلني – سياسي

كارثة كلميم في المزاد العلني

استيقظت متأخرا نسبيا يوم الجمعة بمبرر العطلة وبأن “جو” الطنطان يشعر الإنسان بالحجة إلى المزيد من النوم… تكفلت بإعداد الشاي محترما جيماته الثلاث الوهمية، وبعدها التحقت بمقهى شعبي يرتاده بعض الأصدقاء القدامى، وهناك علمت بالخبر الذي زلزل كياني كله، لقد علمت باصطدام حافلة ركاب وشاحنة كبيرة في المجال الترابي لجماعة الشبيكة القروية على الساعة السابعة صباحا، وبأن النار قد التهمت الحافلة والشاحنة في آن، وبأن جل الركاب قد ماتوا حرقا… أخذت أتصور السيناريو، وأعيده مرارا وتكرارا في مخيلتي…مرة أضع نفسي مكان كل ضحية يستيقظ على وقع صوت الاصطدام المهول ودرجات الحرارة الجحيمية وأصوات الصرخات المذعورة…ومرة أضع نفسي مكان أباء وأمهات وعموم أقارب هؤلاء الضحايا، وتجنح بي مخيلتي إلى درجة تصور أحد أبنائي بين من كانوا هناك في حافلة الموت، قبل أن أحرك رأسي بعنف طاردا تلك الأفكار وأتعوذ بالله من الشيطان الذي يجول في رأسي على شكل فكرة…

…كان يوم الجمعة طويلا جدا في هذه المدينة الكئيبة الجميلة، وكان الألم يعتصر أفئدة جل من يتحرك فيها، كيف لا وما يقارب 33 إنسانا تفحم على مهله في طريق لا تشبه الطرق من كثرة المخاطر التي تواجه مستعمليها…كان موضوع هذه الجثث المتفحمة على كل لسان، حيث يذكر الخبر وتحلل الأسباب، ويتم التأكيد على ضرورة معاقبة المقصرين والمتسببين في الحادث، وأخيرا الترحم على من ماتوا يوم الجمعة وقبله…

لم أكن أتصور أن هناك ألما يفوق هذا الألم الذي شعرت به في النصف الأول من اليوم، والذي ذقته في أعين وألسنة وآهات المتحدثين، لكني كنت مخطئا، فبعد صلاة الجمعة بقليل بدأت بعض الكائنات التي لم أتعرف على فصيلتها بعد تسعى لتوظيف الكارثة في خدمة مصالحها، إذ بدأ التلميح إلى أن الشاحنة التي اصطدمت بها الحافلة في ملكية أحد المنتخبين باكليميم، والذي كانوا يحاولون إزاحته من أمام مصالحهم منذ ما يقارب السنة بكل الوسائل غير الحضارية وفشلوا…

كيف استطاعت هذه القراديات أن تفكر هكذا في خضم كارثة إنسانية خانقة للأنفاس كهذه الكارثة…كيف يمكن لمن به ذرة إنسانية أن يكون براغماتيا تافها إلى هذا الحد…لا أظن الشيطان يجرؤ على الوسوسة للناس في مثل هذا الظرف، فكيف تجرأ هؤلاء؟

كلنا نطالب بتحقيق نزيه وشفاف في أسباب الكارثة وتحديد المسؤولين عنها وعقابهم بأشد العقاب تحصينا لحرمة الدم المهدور بغير حق، وأخذا بحق أهالي الضحايا في القصاص العادل، وحماية للمجتمع من اعتداء المعتدين وتفريط المفرطين، لكن أن نستغل الكارثة لتشويه صورة أي كان بالتلميح حينا وبالتصريح حينا آخر بلا أدنى دليل ولا بأضعف حجة، فذلك أسلوب رخيص ومنحط لا يستعمله إلا من كان رخيصا وخسيسا ومنحطا وتافها وخنزيرا في صورة أدمي…فتلك قلوب احترقت وأحرقت معها قلوبا كثيرة…تلك أرواح غالية عند الله وعند أهاليها وعند من كان عنده مثقال ذرة خير في قلبه، وليست وسيلة لبلوغ غايات دنيئة، ألا إن لعنة الله وملائكته على السفهاء..

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*