swiss replica watches
محاكمة عيوش حلقة من مسلسل دعوشة المغرب – سياسي

محاكمة عيوش حلقة من مسلسل دعوشة المغرب

سعيد الكحل
أي مغرب نريد ، وأي مغرب يريدونه لنا ؟ مبعث هذا السؤال الذي يؤرق كل مواطن شريف وحر يتطلع إلى وطن يسع الجميع ودولة ديمقراطية تحكمها القوانين المتعالية على الطائفية والمذهبية ، هو الاستدعاء الذي توصل به المخرج نبيل عيوش والممثلة أبيضار للمثول أمام المحكمة الابتدائية بمراكش بتهمة “عرض مشاهد إباحية والإخلال العلني بالحياء وتحريض قاصرين على الفجور” .
فلم يعد المنع من عرض الفيلم في القاعات السينمائية يكفي “حماة الأخلاق” ، بل صار الاعتقال والشنق مطلبهم .
ولا شك أن جر المغرب إلى عهد “محاكم التفتيش” والمتاجرة بالدين وبالأخلاق واستغلالهما في حجز حركية المجتمع وكبح مسار الانفتاح السياسي الذي ضحى من أجله ابناء الشعب المغربي على مدى عقود ، ليس له من هدف سوى خدمة إستراتيجية “دعوشة” المغرب التي تنهجها حكومة حزب العدالة والتنمية وتطبقها على أكثر من مستوى .
وفتح الباب أمام هذا النوع من المتاجرة ، سيجر على المغرب كل أمراض المشرق العربي وفتنه التي لم تجن منها الشعوب والأوطان غير التمزيق والاقتتال
. فأن تحرك النيابة العامة لمتابعة المخرج نبيل عيوش والممثلة إبيضار بناء على شكاية تقدمت بها إحدى الجمعيات التي تزعم الدفاع عن المواطن ، يضع المغرب في مفترق الطرق
: 1 ـ إما الانتصار للدولة الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان التي نص عليها الدستور انسجاما مع مصادقة المغرب على المواثيق والعهود الدولية وتبنيه رسميا لحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا .وهذا يقتضي التصدي الحازم من كل الهيئات المدنية والحزبية والحقوقية لكل محاولة النكوص أو الارتداد أو الالتفاف على المكتسبات .
فالمغرب يواجه مخططا خطيرا ينفذه حزب العدالة والتنمية ويقضي بفرض نمط معين من الثقافة والتدين والفن فيما يتم المنع التدريجي والممنهج لبقية التعابير الثقافية والفنية والعقدية .
فالحزب يحرك أذرعه للإجهاز على المكتسبات الحقوقية والسياسية والفكرية . فبعد منع فيلم “الزين لي فيك” خارج الإطار القانوني ، يتم اليوم تحريك عدوى قضائية ضده مخرجه . وهذا النوع من القضايا سيخدم الحكومة من زاويتين : الأولى : إشغال المواطنين بالقضايا التافهة التي لا تمس معيشهم اليومي ولا تحقق لهم الأحلام والانتظارت التي تعتمل في دواخلهم ، ما يعطي للحكومة كل الفرص لتمرير خططها وتطبيق الإجراءات الخطيرة التي تجهز بها على كل المكتسبات الحقوقية والاجتماعية .
الثانية : المداراة والتغطية عن الفشل الذريع الذي أبات عنه الحكومة في التصدي للملفات الرئيسية التي تشغل المواطنين .
فكل حكومة فاشلة في تدبير الشأن العام تداري عن فشلها بإشغال المواطنين بالقضايا المتعلقة بالأخلاق وبالهوية .
فمشكلة المغاربة ليس مع “العري في الأفلام” ، وإنما مع العري الناتج عن الفقر والتهميش والبطالة والتشرد وغيرها من الأسباب التي تغذي الإجرام والاتجار بأعراض المواطنين بعد أن أفقدتهم ظروفهم المادية والاجتماعي كل فرص العيش بكرامة .فمصر زمن مبارك ، حاكمت الفنانين والأدباء والمفكرين ، في تواطؤ سافر مع التيار الديني ، فانهار النظام وانتصر الشعب وتواصل الإبداع . ولعلها تكون عظة لمن يتعظ قبل فوات الأوان . 2
ـ وإما تكريس إستراتيجية الدعوشة /الأخونة التي أسست لها أدبيات حزب العدالة والتنمية وحركته الدعوية التي تنص على التالي ( دعم مبدأ إسلامية الدولة باعتباره معطى تاريخيا ومكسبا دستوريا ومبدأ غير قابل للمراجعة وإعطاؤه مصداقية في الحياة العامة ، بحيث يعلو على جميع بنود الدستور ويكون منطلقا في الحكم على دستورية القوانين والأحكام التي تصدرها المؤسسات التشريعية والقضائية والتنفيذية .
إن الإقرار بإسلامية الدولة يقتضي اتخاذ الشريعة مصدرا أعلى لجميع القوانين كما يعني من الناحية العملية بطلان جميع القوانين والتشريعات والسياسات التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية )( الرؤية السياسية ـ حركة التوحيد والإصلاح ).
كما تنص أطروحة المؤتمر السادس للحزب على اختراق المؤسسات الدستورية وتوظيفها “ديمقراطيا” للانقلاب على الديمقراطية ، كالتالي ( إن الاشتغال على قضايا المرجعية والهوية والقضايا الأخلاقية وجب أن يتم ضمن آليات الاشتغال وأدوات الخطاب السياسي أي باعتبارها من قضايا السياسات العمومية مما يقتضي التركيز على مقاربتها مقاربة قانونية وتشريعية ورقابية .
فمقاربة الحزب لقضايا الهوية والأخلاق تتم بترجمتها إلى إجراءات عملية ومقترحات مفصلة مع آليات التنفيذ ، وهو ما يعني اقتراح سياسات عمومية في إطار برامج سياسية تطرح ديمقراطيا ضمن المؤسسات المنتخبة ذات الصلاحية
) . وفيلم عيوش لن يكون العمل الفني الذي سيعني من المنع ومن المحاكمة ، بل يؤرخ لبداية الانهيار القيمي والتراجع الحقوقي في وطن آمن أبناؤه بالحرية الفكرية والسياسية وضحوا من أجلها .
ولا شك ، أن محاكمة نبيل عيوش والممثلة أبيضار إن تواصلت جلساتها ولم يتخذ القضاء المغربي مسافة من الأعمال الفنية والإبداعية فيقضي بحفظ الملف أو عدم الاختصاص ، لن تكون محاكمة لمخرج وفنانة ، بل محاكمة لمشروع مجتمعي يحمله الشعب المغربي ويعد الملك بأن يكون في طليعة من يتصدى لدعاة الانغلاق والتخلف مثلما جاء في خطاب 29 ماي 2003،مباشرة بعد أحداث 16 ماي الإرهابية حيث شدد على التالي “أقول إن الإرهاب لن ينال منا وسيظل المغرب وفيا لالتزاماته الدولية، مواصلا، بقيادتنا، مسيرة إنجاز مشروعنا المجتمعي الديمقراطي الحداثي، بإيمان وثبات وإصرار وسيجد خديمه الأول في مقدمة المتصدين لكل من يريد الرجوع به إلى الوراء، وفي طليعة السائرين به إلى الأمام، لكسب معركتنا الحقيقية ضد التخلف والجهل والانغلاق”.فهل سينتصر القضاء لخطاب الملك وتطلعات الشعب أم لدعاوى الانغلاق والتخلف والترهيب؟ إن غدا لناظره قريب .

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*