swiss replica watches
الجمعية المغربية لحقوق الانسان : استمرار التراجعات وتضييق ممنهج على الحركة الحقوقية+ تقرير – سياسي

الجمعية المغربية لحقوق الانسان : استمرار التراجعات وتضييق ممنهج على الحركة الحقوقية+ تقرير

نظمت الجمعية المغربية لحقوق الانسان يوم الثلاثاء ندوة صحفية خاصة بتقديم تقريرها السنوي:

وهذه تفاصيل ما جاء في الندوة:

باسم المكتب المركزي، للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أرحب بكم وأشكركم على تلبية دعوتنا لحضور هذه الندوة الصحفية، لتقديم التقرير السنوي للجمعية، حول انتهاكات حقوق الإنسان التي تابعتها على مستوى مكتبها المركزي وفروعها المحلية خلال سنة 2014؛ أسوة بما اعتادت عليه منذ ما يزيد على تسعة عشر عاما، انسجاما مع أهدافها في حماية حقوق الإنسان في مختلف أبعادها الكونية والشاملة والنهوض بها، تربية ورصدا ومؤازرة ومناصرة.

في البداية، لا بد أن أشير إلى أن وضعية حقوق الإنسان بالمغرب خلال سنة 2014، كما رصدها هذا التقرير، الذي أعدته الجمعية بناء على ما استجمعته من قضايا ومعلومات بالرصد المباشر للانتهاكات من طرف فروعها في مختلف المدن والمناطق (93 فرعا، ولجنتان تحضيريتان لتأسيس فروع جديدة، و10 فروع جهوية، إضافة إلى أربعة فروع بالخارج)، أو من خلال ما تنشره وسائل الإعلام بصفة عامة، وكذلك من خلال التقارير الوطنية والدولية الرسمية وغير الرسمية وعدد من نتائج وخلاصات الندوات الدراسية؛ اتسمت باستمرارية الخروقات مع استفحالها، واستهداف المدافعين على حقوق الإنسان ومنظماتهم. حيث اضطرت كل من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان والهيئة المغربية لحقوق الإنسان، إلى عقد ندوات صحفية يوم 20 مارس 2014 بالنسبة للجمعية، و2 أبريل بالنسبة للعصبة، و17 أبريل بالنسبة للهيئة، لإطلاع الرأي العام الوطني والدولي على ما يمارس في حق نشطائها من تضييق وتطويق وانتقام وتحجيم، ومن مضايقات وعرقلة واعتقالات ومحاكمات وترصد لحركاتهم وسكناتهم.

كما أن هذا التقرير يتضمن وضعية مختلف أصناف الحقوق التي واكبتها الجمعية خلال سنة 2014، حسب مجموعة من المجالات، وهو لا يدعي تغطية كافة الانتهاكات الممارسة ضدها، بوصفها حقوقا للإنسان، إلا أنها كافية لرسم صورة عامة لسلوك الدولة في هذا المجال، ومدى احترامها للحقوق والحريات التي التزمت بها وطنيا ودوليا.

وإن أهم ما ميز ويميز الواقع الراهن لحقوق الإنسان بالمغرب، هو التراجع الخطير في مجال الحريات والحقوق الأساسية، الذي جاءت تقارير منظمة العفو الدولية، والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، ومنظمة هيومن رايتس ووتش، والشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، وتقارير الهيئات الوطنية من منظمات وائتلافات غير حكومية لحقوق الإنسان، لتؤكد من خلال رصد مظاهره على طبيعة السلوك القمعي الذي تنتهجه الدولة المغربية في التعاطي مع الحقوق المتعلقة بحرية التعبير والصحافة والتجمع والتنظيم والتظاهر السلمي، واستعمال الفضاءات العمومية والخاصة لتنظيم أنشطة حقوقية أو نقابية أو سياسية، في خرق سافر للقانون المغربي، وللقانون الدولي لحقوق الإنسان؛ هذا بالإضافة للتقرير الذي تقدم به رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان كمؤسسة رسمية أمام البرلمان، الذي وقف فيه على العديد من الانتهاكات، وأساسا منها إفراط القوات العمومية في استعمال القوة اتجاه المتظاهرين التي أدت إلى حالتي وفاة، وما إلى غيرها من الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان؛ وهو ما يشكل إجهازا على المكاسب الجزئية، التي راكمتها الحركة الحقوقية والديمقراطية المغربية على امتداد العقود الماضية، يضع الدولة في تناقض أمام التزاماتها الدولية، بموجب الاتفاقيات والبرتوكولات المصادق عليها، وبمقتضى شغل المغرب لعضوية مجلس حقوق الإنسان بجنيف.

 

أولا: على المستوى التشريعي والمؤسساتي:

شهدت سنة 2014 مصادقة البرلمان على عدد من القوانين وفي مقدمتها مشروع قانون العدل العسكري الذي لا زال يتضمن عقوبة الإعدام، في تجاهل لمطالب الحركة الحقوقية وتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، ومصادقة الغرفة الثانية على مشروع قانون لعمال البيوت يجيز تشغيل الأطفال والطفلات في سن 16 عوض 18، وحذف الفقرة الثانية من الفصل 475 من القانون الجنائي، الذي كان يجيز إفلات مغتصبي القاصرات من العقاب؛ وعلى مشروع قانون يوافق بموجبه المغرب على اتفاقية مجلس أوروبا حول حماية الأطفال من الاستغلال والاعتداء الجنسي، الموقعة في 25 أكتوبر 2007. إلا أن عددا من مشاريع القوانين وخاصة مشروع القانون المتعلق بإحداث هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، ومشروع القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء والذي كان آخر أجل لإصدارهما هو 2013 لم يخرجا للوجود بعد.

 

كما عرفت سنة 2014 تعديل اختصاصات المحكمة العسكرية، المستجيب لجزء من مطالب الحركة الحقوقية، بخصوص إلغاء متابعة المدنيين أمام المحكمة العسكرية والتقاضي على درجتين بالإضافة إلى محكمة النقض.

وقد سجلت نفس السنة تأخرا ملحوظا في تطبيق المخطط التشريعي للحكومة، وفي إعداد وتنفيذ القوانين التنظيمية الجديدة، وما تتطلبه القوانين الحالية من ملاءمة؛ فيما سجلت كذلك استفراد الجهاز التنفيذي بتقديم القوانين، في حين لم تحظ مقترحات مشاريع القوانين بالأهمية اللازمة، مما يظهر أن وظيفة البرلمان التشريعية تتوارى إلى الخلف على حساب مبادرات الحكومة وهيمنة الجهاز التنفيذي على مجال التشريع.

وكالعادة استأثر مشروع القانون المالي لسنة 2015 بأهمية كبيرة، خصوصا في ظل استمرار الأزمة المالية، والإعفاءات الضريبية، والأزمة الاجتماعية، والعجز عن محاربة الفساد المالي؛ إلا أن البرلمان اكتفى في هذا الباب بمهام شكلية، اقتصرت على ما قدمته الحكومة بالقبول أو بالرفض.

وبالنسبة للغرفة الثانية فإنها مازالت تشتغل طبقا لدستور 1996، الذي تم إلغاؤه بدستور 2011، أي أنها تشتغل خارج الالتزامات الدستورية، الشيء الذي يشكل أحد أكبر مظاهر انتهاكات الدولة لدستور هي من تحكمت في وضعه.

 

من جهة أخرى تميزت سنة 2014، علاوة على تنظيم المغرب للمنتدى العالمي لحقوق الإنسان، والذي قاطعت أشغاله عدد من الجمعيات الحقوقية، بزيارة المفوضة السامية لحقوق الإنسان للمغرب والتي أكدت على أن حماية الحقوق التي تعهد بها الدستور لازالت تنتظر التنفيذ؛ وطالبت الدولة بالإسراع بإصدار القوانين والخطط وتطبيقها في الواقع. كما شهدت عرض تقرير الفريق الأممي المكلف بالاحتجاز التعسفي أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف، الذي رسم صورة قاتمة عن ظروف الاعتقال وعن ممارسة التعذيب بالمغرب. إضافة إلى مناقشة لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة للتقريرين الثالث والرابع حول تنفيذ الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل من طرف المغرب، والذي قدمت فيه الجمعية تقريرا موازيا بخصوص البروتوكول الأول الملحق بها.

 

الدستور:

بالنسبة للدستور فقد سبق للجمعية أن سجلت بشأنه عدة ملاحظات أهمها:

  • رغم إدراجه لعدد من الحقوق والحريات كتجريم التعذيب، والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، إلا أن عدم توفر الضمانات الدستورية ـ القضائية منها بالخصوص ـ لأجرأة هذه الحقوق، وضمان حمايتها وعدم إفلات منتهكيها من العقاب يحد من تأثيرها في الواقع؛
  • تقييده سمو المواثيق الدولية لحقوق الإنسان في الدستور بسقف الخصوصية المتجلية في أحكام الدستور والقوانين المحلية والهوية الوطنية، مما يشكل تناقضا يفرغ هذا السمو من أية مصداقية؛
  • عدم تكريسه للمساواة الفعلية بين النساء والرجال، بسبب اشتراطه عدم تعارض تلك المساواة مع الخصوصيات المتجلية في “أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها”؛
  • رغم إيجابية إقرار الدستور، لأول مرة، بالأمازيغية كلغة رسمية، فقد تم تأجيل أجرأة هذا الترسيم من خلال ربطه بصدور قانون تنظيمي؛ كما أنه يقيم نوعا من التراتبية بين اللغتين العربية والأمازيغية، لفائدة الأولى.
  • عدم ضمانه لفصل حقيقي بين السلط، جراء مراكمة المؤسسة الملكية لأهم السلط: التنفيذية والتشريعية والقضائية والدينية؛ كما لا يقيم فصلا بين الدين والدولة، بل يعمق من هيمنة السلطة الدينية عبر دسترة المجلس العلمي الأعلى ورئاسة الملك له، وجعله مصدرا موازيا للتشريع بواسطة الإفتاء الرسمي.
  • مسه بالاستقلالية الفعلية للقضاء، على اعتبار أن رئيس السلطة التنفيذية هو رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية ويعين جزءا من أعضائه، فيما يتحكم في المحكمة الدستورية عبر تعيين نصف أعضائها من ضمنهم رئيسها، ويوجد بيده حق العفو بدون حدود، الشيء الذي يسمح له بإلغاء الأحكام والمتابعات حتى قبل انتهاء المحاكمات.
  • حصره لمسؤولية الدولة في مجال إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، في التيسير بدل الاحترام والحماية والتوفير.

وإجمالا، فإن الجمعية لن تكل من ترداد أن دستور 2011، من الناحية الجوهرية، لا يقر بالسيادة الشعبية وحق الشعب المغربي في تقرير مصيره، ولا يؤمن الفصل التام بين السلط، وبين الدين والسياسة، وغيرها من المبادئ الأساسية المقررة في القانون الدولي لحقوق الإنسان، والمتطلبة في كل دستور ديمقراطي.

 

الوضع الاتفاقي:

تعززت الممارسة الاتفاقية للمغرب بعد المصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري 2013 والبروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب 2013، وقرار المغرب برفع التحفظات عن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء، وإيداعه لوثائق التصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب والذي رحبت به الحركة الحقوقية المغربية.

ومع ذلك فإن الجمعية سجلت، من جهة، البطء الشديد الذي يشوب عملية التصديق والإعمال؛ ومن جهة أخرى، تلكؤ الدولة في التصديق على العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، وعلى رأسها اتفاقية روما المحدثة للمحكمة الجنائية الدولية، والبروتوكول الأول والثاني الملحقين بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وعدد من اتفاقيات منظمة العمل الدولية، وفي مقدمتها الاتفاقية 87 حول الحق في التنظيم النقابي؛ وتوقفت، في نفس الآن، عند عدم رفع الدولة للتحفظات والإعلانات التفسيرية على الاتفاقيات المصدق عليها، واستمرارها في رفض التصويت على التوصية الأممية بخصوص توقيف تنفيذ عقوبة الإعدام، وتقاعسها عن ملاءمة الترسانة القانونية المحلية مع الاتفاقيات والعهود الدولية، وإعمال مبدأ قاعدة سمو المواثيق الدولية لحقوق الإنسان على التشريعات الوطنية.

 

المجلس الوطني لحقوق الإنسان:

وبخصوص المجلس الوطني لحقوق الإنسان، المحدث في مارس 2011، فبالإضافة إلى عدم استجابته الكاملة، من الناحية التنظيمية، لمبادئ باريس، فإنه لم يستثمر بعد كل الصلاحيات المخولة له، لمتابعة ورصد الانتهاكات الجارية، الماسة بالحقوق المدنية والسياسية وبحقوق الفئات، ولم يقف الموقف الحازم، كما يوجب عليه وضعه ذلك، لاسيما في مواجهة الاعتداءات والتضييقات التي تطال الحركة الحقوقية والمحاكمات المطبوخة، التي ما انفك يتعرض لها المدافعون والمدافعات عن حقوق الإنسان، بل وما لوحظ عليه أحيانا من انزياح عن الحيدة وتماهٍ مع خطاب الدولة؛ وبالرغم من هذا، فإن ما قام به من خطوات في إطار إصدار التقارير الموضوعاتية، والتقرير المقدم أمام أعضاء البرلمان، الذي أقر بوجود تجاوزات وانتهاكات لحقوق الانسان وصلت حد المس بالحق في الحياة بآسا وآسفي، ليعتبر أمرا ايجابيا، وينبغي أن يعزز بتفعيل التوصيات المرفقة بهذه التقارير، من أجل النهوض بالإطار القانوني والمؤسساتي والتدبيري لحقوق الإنسان بالمغرب.

المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان:

اعتمدت المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان في أبريل 2011، كهيئة حكومية تابعة للوزير الأول، مهمتها التعاون والتنسيق مع الهيئات المعنية بالسياسات الحكومية في مجال الدفاع وتدعيم حقوق الإنسان، غير أن الخطوات والإجراءات المتخذة من طرف المندوبية تبقى بعيدة عن تدعيم احترام حقوق الإنسان في مجال تطبيق السياسات العامة بالمغرب، إذ بقيت حبيسة تنسيق مشاركة المغرب في التظاهرات والملتقيات والاجتماعات الإقليمية أو الدولية المتعلقة بقضايا حقوق الإنسان أو القانون الدولي الإنساني وإنجاز التقارير الحكومية الأممية، مع سعي ملحوظ إلى حجب واقع انتهاكات حقوق الإنسان بالمغرب؛ وهو ما يفسر الإقصاء المستمر للجمعية من حضور المنتديات الدولية والآليات الأممية وضمنها مجلس حقوق الإنسان.

توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة:

على الرغم من مرور أكثر من 9 سنوات على مصادقة الملك على التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة، في 06 يناير 2006، وبالرغم من حديث الملك في خطاب 9 مارس 2011 عن دسترة توصيات الهيئة، فإن أهم وأغلب التوصيات الصادرة عنها لم تعرف طريقها إلى التنفيذ؛ ومن ضمنها ما لا يتطلب سوى الإرادة السياسية من قبيل الاعتذار الرسمي والعلني للدولة، وعدم التكرار، وإلغاء عقوبة الإعدام، ومكافحة الإفلات من العقاب، وترشيد الحكامة الأمنية والتصديق على الاتفاقيات والبروتوكولات.

النهوض بثقافة حقوق الإنسان والديمقراطية:

لازالت الأرضية المواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان التي أعلنت عنها الدولة رسميا في سنة 2008 دون تنفيذ؛ كما أن خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان 2011 – 2016 لم يعلن عنها رسميا بعد على علاتها؛ الأمر الذي يطرح السؤال حول الجدوى من إقرار مثل هذه الخطط والأرضيات، وعن طبيعة الأسلوب الذي تتعامل به الدولة معها ومع العديد من المخططات والمشاريع والتوصيات التي تهم تطوير أوضاع حقوق الإنسان، وموقف الحركة الحقوقية من ذلك.

 

ثانيا: الحقوق المدنية والسياسية:

  • الحق في الحياة: تسجل الحركة الحقوقية سنويا العديد من الخروقات التي تمس الحق في الحياة، والتي تتحمل فيها الدولة المسؤولية إما مباشرة أو بشكل غير مباشر؛ وذلك بسبب العنف الذي يمارس على المواطنين، في مراكز الشرطة، وفي الأماكن العمومية، وبالمراكز الصحية نتيجة الإهمال، وفي السجون نتيجة الاكتظاظ وغياب شروط السلامة الصحية وانتشار العنف، وفي بعض الأحداث الاحتجاجية، وأثناء التظاهرات والوقفات الاحتجاجية، وإبان الخضوع للحراسة النظرية أو بمجرد التوقيف من طرف دوريات الأمن…؛ أو بسبب الفيضانات وحوادث السير وانهيار المباني…

عقوبة الإعدام: رغم ما يعرفه إلغاؤها، دوليا، من انتشار متزايد سنة بعد أخرى، إلا أن المحاكم المغربية استمرت في إصدار أحكام جديدة خلال سنة 2014. ولقد سجل التقرير صدور 5 أحكام خلال سنة 2014، إلى جانب تصريحات تراجعية من قبل الحكومة، تستهدف الإبقاء على العقوبة، والاقتصار على التقليص من عدد الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام؛ ينضاف إليها التصويت السلبي للمغرب حول القرار الأممي القاضي بإيقاف تنفيذ عقوبة الإعدام، على الرغم من أنه لم ينفذ هذه العقوبة منذ سنة 1993.

  • الاعتقال السياسي: سجل التقرير أزيد من 251 حالة، مست شرائح متعددة من المواطنات والمواطنين؛ وفي مقدمتهم المدافعات والمدافعون عن حقوق الإنسان؛ وتعد نماذج محاكمة معاد بلغوات، وأسامة حسن، ووفاء شرف، وفؤاد بلبال، وهند بحارتي، ومحمد الدياني، وسعيد الزياني، وحمزة هدي، أمثلة دالة على استعمال القضاء من أجل الانتقام من المناضلين، والحكم عليهم بالسجن في محاكمات غابت فيها شروط المحاكمة العادلة.
  • الاختفاء القسري بالمغرب: إذا كانت الدولة المغربية قد أعلنت عن مصادقتها على اتفاقية حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، فإنها ولحد الآن لازالت لا تحترم التزاماتها الناتجة عن ذلك، ويظهر هذا من خلال واقعتي اختطاف أسامة حسن بالبيضاء ووفاء شرف بطنجة، اللذين توبعا بالوشاية الكاذبة بعدما صرحا بتعرضهما للاختطاف والتعذيب، وهو ما يشكل خرقا سافرا لمقتضيات البروتوكول الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب وبروتوكول اسطنبول.

وسيبقى ملف الاختفاء القسري مفتوحا ما دامت الدولة لم تعمل على إجلاء الحقيقة بشأن العديد من ملفات الاختفاء القسري؛ ومن ضمن الحالات العالقة، تلك التي تضمنها تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة، وعلى رأسها ملفات المهدي بنبركة، والحسين المانوزي، وعبد الحق الرويسي، وعبد اللطيف زروال، ووزان بلقاسم، وعمر الوسولي ومحمد إسلامي وغيرهم.

  • الحق في الحماية من للتعذيب: لا زال التعذيب، رغم مصادقة المغرب على البروتوكول الاختياري، يمثل ممارسة اعتيادية للأجهزة الأمنية؛ وعلى الرغم من محاولات النفي والانكار المتبعة من طرف الدولة، فإن التقرير الذي عرض على مجلس حقوق الإنسان من طرف الفريق الأممي المكلف بالتحقيق في الاحتجاز التعسفي، يؤكد على إخضاع معتقلين للتعذيب من أجل انتزاع اعترافات؛ كما أن التقرير الذي ألقاه رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان أمام البرلمان بتاريخ 16 يونيو 2014 يقر بوجود مجموعة من العوائق البنيوية التي تحول دون الوصول إلى القضاء النهائي على التعذيب.
  • القضاء المغربي: بالرغم من الخطاب الرسمي حول فتح ورش إصلاح منظومة العدالة بالمغرب، فإن واقع الحال يوضح أن ما جرى التوصل إليه بهذا الخصوص لازال لم يتم جعله موضوع التنفيذ، نظرا للمعيقات الهيكلية الدستورية والقانونية، التي تضع قيودا على مختلف مكونات الجسم القضائي من قضاة، ووكلاء الملك، وكتاب الضبط، ومحامين، وخبراء وأعوان قضائيين وغيرهم، ويمكن الوقوف على ذلك من خلال:

ــ الخلاف الذي لازال موجودا بين وزارة العدل والعديد من الهيئات: جمعيات القضاة، سواء الودادية الحسنية للقضاة أو نادي قضاة المغرب، حول القانونين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والنظام الأساسي للقضاة؛ جمعية هيئات المحامين بالمغرب حول التعديلات التي مست منظومة العدالة وأساسا منها قطاع المحاماة، والمتعلق بالقانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية ومسطرة المساعدة القضائية والقانون المنظم لمهنة المحاماة وغيرها؛ النقابة الديمقراطية للعدل والنقابة الديمقراطية للعدول وغيرهما من مكونات الجسم القضائي، والمتعلقة بدفاترهم المطلبية، التي يبقى أي إصلاح في غيابها لا معنى له؛

ــ القرارات التأديبية التي مست عددا من القضاة، بسبب تعبيرهم عن آرائهم في عدد من القضايا المرتبطة بظروف عملهم وبإصلاح منظومة العدالة، من بينهم على سبيل المثال لا الحصر الأساتذة محمد عنبر، ومحمد الهيني، ورشيد العبدلاوي وغيرهم؛

ــ استمرار القضاء في تبييض الانتهاكات التي تتعرض لها الحقوق والحريات، من خلال الأحكام غير العادلة التي يصدرها في القضايا المتصلة بملفات ما يسمى بمعتقلي السلفية الجهادية، ونشطاء ونشيطات الحركة الطلابية وحركة 20 فبراير والنشطاء والنشيطات الصحراويين، والمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، وضمنهم مناضلات ومناضلو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى ملفات ضحايا الحركات الاحتجاجية الاجتماعية بعدد من المدن والقرى؛

ــ انعدام المساواة بين المواطنات والمواطنين أمام القضاء، جراء استغلال النفوذ وغياب الاستقلالية؛

ــ عجز القضاء عن النهوض بدوره في حماية الحقوق والحريات، عبر وضع حد لسياسة الإفلات من العقاب في قضايا نهب المال العام وتغول الدولة، بتجميده الشكايات ضدها وضد ذوي النفوذ، عندما يرفضون الامتثال لحكم القضاء (قضايا نزاعات الشغل، وملفات محاكم الأسرة…)؛

الأمر الذي يوضح استمرار المشاكل العميقة للقضاء المغربي، مما يعيق ويعرقل بناء وتشييد الأسس القوية لدولة الحق والقانون، ومجتمع المواطنة بكافة الحقوق.

  • حماية المدافعين على حقوق الانسان: باستثناء إشارة عامة للحريات الأساسية في وثيقة الدستور، لا يوجد أي قانون وطني ينص صراحة على حماية المدافعات والمدافعين على حقوق الإنسان وعملهم. ولهذا، فإن تواجدهم في الصفوف الأمامية من أجل فضح وتعرية واقع الانتهاكات، يعرضهم في المغرب للعنف والمتابعة القضائية وتشويه السمعة والسجن…

وهكذا سجلت الجمعية عدة حالات من التضييق على عمل المدافعين عن حقوق الإنسان المغاربة (فؤاد بلبال، وهند بحارتي، ومحمد الدياني، وسعيد الزياني، وحمزة هدي، وأمين لقبابي، وفؤاد الباز…)، بل وتعدى الأمر ذلك إلى التضييق على الناشطين الحقوقيين الدوليين (نصيرة دوتور: رئيسة الفدرالية الاوبية لمناهضة الاختفاء القسري، جويل تووتان: الناشطة الحقوقية والمراقبة الدولية، محي الدين شربيب: رئيس اللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان بتونس…).

  • الحريات العامة: يتميز واقع الحريات العامة في المغرب، خلال سنة 2014 (حرية التنظيم والتجمع وحرية الصحافة) بانتهاكات وتراجعات خطيرة، فقد عادت سنوات المنع والتضييق والمحاكمات الصورية للصحفيين/ات، كما وضعت خطوط حمراء قيدت حرية التعبير والصحافة، وعبرها تمت محاكمة العديد من الصحفيين والمواطنين/ات والمدافعين عن حقوق الإنسان، وتم التضييق على الحق في التنظيم والتجمع:

الحق في التنظيم: خلال سنة 2014، سجلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، خروقات بالجملة في هذا المجال. فعلى مستوى القوانين، لا يزال القانون الجنائي وقانون تأسيس الجمعيات، يقيدان حرية تأسيس الجمعيات، حيث يمنع القانون تأسيسها إذا كانت أهدافها وغاياتها تتنافى مع الثوابت، مما يعني أن هناك خطوط حمراء، لا يمكن تجاوزها في عملية التأسيس، وذلك ما يتعارض مع المواثيق الدولية. إضافة إلى هذا، عرفت السنة حملة ممنهجة من طرف الدولة للتضييق على الحق في التنظيم بمبررات واهية، في ضرب واضح للقوانين الجاري بها العمل. وهكذا، شهدت سنة 2014 رفض تسلم ملف الإيداع القانوني لعدد من التنظيمات نذكر منها، جمعية الحرية الآن، وجمعية الحقوق الرقمية، وشبكة محاميات ومحامين ضد عقوبة الإعدام، ونقابة التوجه الديمقراطي، وشبيبة النهج الديمقراطي، والعديد من فروع الجمعية والمكاتب النقابية والجمعيات المحلية…؛ علاوة على استمرار حرمان أطاك المغرب والجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب من وصل الإيداع، وحرمان حزبي الأمة والبديل الحضاري تعسفا من حقهما في الوجود…

الحق في التجمع: لقد شكلت سنة 2014 انطلاقا لسياسة المنع الممنهج، والتضييق على أنشطة وعمل الحركة الحقوقية خاصة، والديمقراطية عامة؛ إذ جرى تسجيل مئات حالات المنع للأنشطة والأشكال الاحتجاجية، ناهزت أكثر من 60 منعا لأنشطة الجمعية وحدها، وعشرات الأنشطة الأخرى لمنظمة العفو الدولية، وترانسبرانسي، والعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، والهيئة المغربية لحقوق الإنسان، والرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، وجمعية عدالة وجمعية الحقوق الرقمية، وجمعية الحرية الآن، والاتحاد المغربي للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل؛ هذا فضلا على منع وقمع المئات من الوقفات الاحتجاجية للمعطلين، والحركات الاحتجاجية والجمعيات الحقوقية.

حرية الصحافة: سجلت الجمعية استمرار تراجع تصنيف المغرب في سلم حرية الصحافة، لمنظمة مراسلون بلا حدود، التي وضعته في المرتبة 136 في تقريرها السنوي حول وضعية حرية الصحافة في العالم الصادر في دجنبر 2014. وهو ما أكده تصنيف منظمة فريدوم هاوس، التي وضع المغرب في الرتبة 147 من أصل 197 دولة، مما جعله يدخل ضمن البلدان غير الحرة. وتعرض خلال هذه السنة عدد من الصحافيين للاعتداء الجسدي، أثناء أداء مهامهم؛ حيث تعرض الصحفيين خالد بورقية وإبراهيم كورو وهشام بوحرورة وياسر مختوم وياسر أروين للاعتداء الجسدي والسب والشتم…، بينما برزت على السطح المتابعات القضائية لعدد من الصحفيين ومتابعتهم باللجوء إلى القانون الجنائي، بدل قانون الصحافة، للنيل منهم ولجم أصواتهم ومنهم (حميد المهدوي – عبد الله الدامون – محمد الرسمي – توفيق بوعشرين- عمر المزين…). كما استمرت متابعة الصحفي “علي أنوزلا” واعتقال الصحفي ” مصطفى الحسناوي ” رغم قرار الفريق الأممي حول الاعتقال التعسفي.

  • حرية المعتقد: تعمل الدولة المغربية على فرض وحدة العقيدة ووحدة المذهب (الإسلام السني، والمذهب المالكي) في جميع مناحي الحياة العامة، مما يجعل المناخ السياسي والاجتماعي والثقافي بالمغرب يتميز عموما برفض ونبذ المختلفين دينيا ومذهبيا، وترويج خطاب التحريض على الكراهية والعنف ضدهم، كما هو الحال بالنسبة للمغاربة المسيحيين أو المسلمين الشيعة أو البهائيين، إضافة إلى استعمال القضاء في ذلك (محاكمة المواطن محمد بلدي نموذجا).
  • الأوضاع في السجون: كل التقارير، الرسمية منها وغير الرسمية، سواء البرلمانية أو الصادرة عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان تجمع على أن أوضاع السجون مأساوية، سواء تعلق الأمر بالإقامة، حيث الاكتظاظ الذي يحول السجن إلى جحيم لا يطاق، ينتج عنه شجار دائم بين السجناء واعتداء بعضهم على البعض، وسوء ظروف الإقامة، من حيث التغذية والنظافة والاستحمام والفسحة ومتابعة الدراسة والزيارة والتطبيب والعلاج؛ وهي الأوضاع التي تؤدي إلى انتشار الأمراض، والوفيات، مع ما يصاحب ذلك من تعذيب ومعاملات قاسية ولاإنسانية ومهينة وحاطة من الكرامة، وتحول السجن إلى مشاتل لتفريخ العصابات الإجرامية والترويج الواسع بداخلها للمخدرات.

ولم تعر القطاعات الحكومية المعنية بقطاع السجون أدنى اهتمام لتوصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان واللجان البرلمانية، وللتوصيات التي تحملها تقارير المنظمات غير الحكومية وضمنها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان؛ في غياب المراقبة القضائية للسجون، وعدم اضطلاع اللجان الإقليمية لمراقبة السجون بمهامها. ويظل الهاجس الأمني المتحكم في تسيير وتدبير المؤسسات السجنية؛ لذا، تمنح الدولة المشرفين صلاحيات واسعة في تدبير المؤسسات السجنية وتضمن لهم الإفلات من العقاب.

ولقد تابعت الجمعية أكثر من 30 حالة إضراب عن الطعام داخل السجون، من أجل مطالب وحقوق متضمنة في القانون المنظم للسجون والمعايير الأساسية الواردة في القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (الحق في الفسحة، متابعة الدراسة، التطبيب، عزل المعتقلين السياسيين عن معتقلي الحق العام، ضمان الاستفادة من المقصف والحمام…)، وهي الإضرابات التي أنتجت عاهات وثلاث حالات وفاة؛ هذا عدا أربعة عشر حالة وفاة أخرى مرتبطة أساسا بالوضعية الكارثية للسجون المغربية.

  • الحق في الاحتجاج السلمي: تميزت هذه السنة، بمواصلة الدولة لانتهاك حقوق المواطنين\ت، سواء المدنية أو السياسية، عبر اعتداء السلطات على الحق في التظاهر السلمي، وفي التجمع وعقد الاجتماعات والحق في الإضراب والعمل النقابي، مع الاستمرار في المس بالحقوق الاقتصادية الاجتماعية والثقافية، كما يتجلى ذلك من خلال عمليات الإخلاء القسري من المساكن وهدمها بدون إيجاد بدائل، وغياب فرص الشغل، والسطو على أراضي الجماعات، وأراضي المواطنين من طرف مافيات العقار، والزيادات في الأسعار، وتدهور الخدمات العمومية، وهشاشة البنيات التحتية، وما تسببت فيه موجة الأمطار والفيضانات وحوادث السير من خسائر في الأرواح والممتلكات؛ الأمر الذي أدى إلى موجة من الحركات الاحتجاجية شملت العديد من المناطق واجهتها الدولة بالقمع واللامبالاة. أما العاصمة الرباط، فلا يكاد يمر يوم دون أن نجد وقفات احتجاجية لمجموعات مختلفة من حملة الشهادات ومن الأطر العليا، والتي غالبا ما تقمع وينقل ضحاياها إلى المستشفيات أو مراكز الاعتقال…

 

ثالثا: الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية:

سجلت سنة 2014 على غرار سابقاتها، استمرار نفس الأوضاع على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، بحيث لم تعرف أهم المؤشرات أي تحسن ملموس، بل أحيانا سجلت تراجعا خطيرا؛ حيث لم تعمل السياسات الاقتصادية والاجتماعية المعتمدة من قبل الدولة، خلال السنة سوى على استدامة نفس الاختلالات المسجلة في السنوات السابقة، بل وزادت من تعميقها، استجابة لإملاءات الدوائر المالية العالمية وسعيا وراء تدبير التوازنات الماكرواقتصادية عبر التضحية بالحاجات الاجتماعية الملحة، وتحميل فئات الأجراء والمنتجين، ومعهم شرائح واسعة من الفئات المهمشة والفقيرة، عبء اختيارات تعمق الفوارق الاجتماعية والاقتصادية والمناطقية، وتولد الإقصاء والاستبعاد.

  • الحقوق الشغلية: وقف التقرير على اتساع دائرة خرق الحقوق، وفي جميع القطاعات خلال هذه السنة؛ وقد عرف القطاع الخاص النصيب الأوفر من الانتهاكات منها: تسريح الآلاف من العمال ومحاربة العمل النقابي عبر طرد المكاتب النقابية ومتابعة العشرات من العمال بالفصل 288 من القانون الجنائي. هذا في ظل انحياز تام وتواطؤ مكشوف للسلطات المحلية ومندوبيات الشغل ومديريات الضمان الاجتماعي، دون الحديث عن جدوى اللجوء إلى القضاء ( طول جلسات الحكم، الأحكام الفاسدة، عدم تنفيذ الأحكام الصادرة لفائدة العمال: نموذج عمال مطاحن الساحل بالرباط، الذين أصدرت المحكمة حكما قضائيا نهائيا منذ 2002 لم يتم تنفيذه لحدود الآن…).
  • الحق في السكن: بالإضافة إلى أنه حق غير منصوص عليه بشكل صريح في الدستور المغربي، فإن النصوص التشريعية التي تنظم القطاع (مدونة التعمير أو قانون تقسيم العقارات) لا تحمي الحق في السكن في شتى أشكاله، كالحق في السكن للنساء المطلقات، والأرامل والأمهات العازبات…، ولا يمكن الاعتداد بها في اللجوء إلى القضاء لطلب الانتصاف. أما مشاريع السكن الاجتماعي والبرامج المتعددة للقضاء على الأحياء الصفيحية والدور الآيلة للسقوط، وتجربة المدن الجديدة للحكومات المتتالية لم تؤت النتائج المسطرة رغم الادعاءات والمبالغ الضخمة المرصودة لها؛ حيث يكذب واقع المدن المغربية، التي تعج بأحياء الصفيح والحركات الاحتجاجية للمواطنين، تصريحات الوزراء المتعاقبين على القطاع، بخصوص إعلان بعض المدن مدنا بدون صفيح.
  • الحق في الصحة: يعتبر المغرب من بين الدول التي تعاني من خصاص كبير في الموارد البشرية، سواء على مستوى الممرضين أو الأطباء، إضافة إلى خصاص مهول في الأجهزة. فقد أورد التقرير، على سبيل المثال، أن اثنتي عشرة جهة وهي: الشاوية/ورديغة، دكالة/عبدة، العيون/بوجدور، الساقية الحمراء، كلميم/السمارة، مكناس/تافيلالت، الجهة الشرقية، واد الذهب/الكويرة، سوس ماسة/درعة، تادلة/أزيلال، طنجة/تطوان، تازة/الحسيمة/تاونات، لا تتوفر على جهاز للفحص بالصدى. كما أن جهتي كلميم/السمارة، وواد الذهب/الكويرة لا تتوفران على مختبر للتحليلات؛ الأمر الذي يؤكد أن الدولة المغربية، تبتعد سنة بعد أخرى عن إنجاز مهمتها المتعلقة بالحق في الصحة، كحق أساسي للجميع، سواء مواطنين أو مقيمين، بل بالعكس من ذلك تسير في اتجاه ضرب هذا الحق من خلال القوانين التي تسن والاتفاقيات التي توقع، والاعتمادات الهزيلة التي تخصص، والبنيات التحتية الرديئة والهشة التي يلج إليها أو يستعملها طالب العلاج.
  • الحق في التعليم: إن واقع التعليم بالمغرب، وباعتراف المسؤولين عن القطاع، واستنادا إلى تقرير المجلس الاقتصادي الاجتماعي والبيئي الصادر في يونيو 2014، مأساوي، يجعل المغرب يتبوأ مراكز مخجلة على الصعيد الدولي وحتى على الصعيد الإقليمي. كما اعترفت الدولة، على أعلى مستوياتها، بفشل كل المخططات في المجال، وبالأزمة الخطيرة لقطاع التعليم، رغم ما التهمته تلك المخططات من ميزانيات ضخمة؛  وفي هذا السياق تابعت الجمعية الظروف المزرية للقطاع التعليمي بالمغرب وما جاءت به التقارير الدولية، حيث دق البنك الدولي ناقوس الخطر بالنسبة لمستوى النظام التعليمي في المغرب، واصفا وضعيته بالكارثية والقاتمة في دراسة أنجزها حول التعليم في المغرب، تبين أن 76 في المائة من التلاميذ مستواهم ضعيف جدا، فيما يتعلق بـ”المواد العلمية”، في حين أن 81 في المائة من الفتيات في العالم القروي لا يتابعن دراستهن الثانوية حسب تقرير لمنظمة اليونيسيف.

كما فشل المغرب في تنفيذ التزامه بتحقيق الأهداف التي سطرتها البرامج الأممية للقضاء على الأمية. فنسبة 30% التي تعلن عنها مديرية محاربة الأمية، تتناقض ونتائج الدراسات والأبحاث الميدانية التي تعتبر أن نسبة الأمية أكبر من ذلك علما أن النسبة الرسمية في حد ذاتها إدانة للسياسة المتبعة في مجال التعليم ومحو الأمية…؛

أما التعليم الجامعي، فهو الآخر يسجل نقصا مهولا في التجهيزات والمرافق والأطر، وعجزا في استيعاب كل طلبات التسجيل؛ فيما تسود المقاربة الأمنية في مواجهة احتجاجات ومطالب الطلبة، عوض معالجة الاختلالات في المجال التعليمي عبر مقاربة اجتماعية وحقوقية، وتتجه سياسات الدولة نحو ضرب مجانية التعليم العالي.

  • الحقوق الثقافية: تعاني الحقوق الثقافية من التهميش والإقصاء من طرف الدولة، وضعف الاهتمام من طرف المجتمع المدني والحقوقي، لذا فإنه غالبا ما يجري تجاهل الانتهاكات التي تطالها وتحول دون تطورها والتمتع الكامل بها. ورغم ذلك، لم يفت التقرير أن يتوقف عند بعض الخروقات المرتبطة بها، وخاصة الانتكاسة الحاصلة في هذا المجال والتعاطي غير الجدي مع الحقوق اللغوية والثقافية وذلك من خلال عدة معطيات منها:

بالنسبة للسياسة الثقافية للدولة:

  • ضعف الميزانية المخصصة للثقافة من قبل الدولة والجماعات الترابية، حيث لا تتعدى نسبتها 0.52 في المائة من الميزانية العامة، وهي الأضعف ضمن ميزانيات القطاعات الوزارية؛
  • الخصاص والعجز الكبيران في المركبات والفضاءات الثقافية، وضعف المشاريع الخاصة بإحداث البنيات والتجهيزات، كالمتاحف والمعارض والمسارح والمركبات الثقافية والخزانات وغيرها، بل إن المتواجد منها كثيرا ما يلحقه الإهمال والتدهور؛
  • غياب الاهتمام بالأوضاع المادية للمبدعين؛
  • التضييق على الفنانين والمثقفين (استمرار التضييق على الفنان أحمد السنوسي: بزيز)، ومظاهر التحريض ضدهم في غياب الحماية القانونية لهم (حالات التهديدات الموجهة لكل من أحمد عصيد، والتشهير بالفنانتين نعيمة زيطان ولطيفة أحرار…)، واستمرار المنع والاعتقال في حق الفنان معاذ الحاقد… (أكمل مدة الحكم)؛
  • تهميش الحقل الثقافي والمثقفين ضمن برامج الإعلام العمومي، والإجهاز على بعض البرامج القليلة الجادة في المجال؛
  • عدم الاهتمام اللازم بالفنون الشعبية المغربية وحصرها في مناسبات خاصة تميل إلى الفلكرة وخدمة المستثمرين في مجال السياحة؛
  • تهميش مادة الفنون في البرامج التعليمية والمدارس المغربية وعدم توفير الشروط والأطر لتدريسها؛
  • الخطر الذي يتهدد ما تبقى من بعض المآثر التاريخية ذات العمق التاريخي والثقافي التي يزخر بها المغرب بسبب الإهمال؛

بالنسبة للحقوق الثقافية واللغوية الأمازيغية:

ظل ترسيم اللغة الأمازيغية معطلا بسبب رهنه بقانون تنظيمي، ولا زالت المسافة بين الخطاب المعلن وبين الإعمال والتنفيذ كبيرة، إن على مستوى الممارسات التمييزية تجاه الأسماء الأمازيغية، أو على مستوى الإعلام العمومي، المرئي منه والمسموع، باعتباره القطاع الذي جعل منه المغرب نموذجا لاهتمامه بالأمازيغية بعد نشأة القناة الثامنة، والذي ظل رمزا للسياسات العمومية في مجال غياب العدل وللمساواة اللغويتين.

وفي ما يتصل بالتعليم، فإن تدريس اللغة الأمازيغية – على علة المضامين والاكتفاء بتدريس اللغة لا التعلم بها- قد توقف في العديد من المؤسسات، وتراجع التكوين المخصص للطاقم التربوي؛ ناهيك عن الاستمرار في سياسة التمييز بين اللغات، بحيث لا زالت الأمازيغية غير إجبارية، وغير معممة، أضف إلى ذلك غيابها شبه التام داخل المؤسسات الخصوصية. إضافة إلى العديد من المؤشرات عن عدم جدية الدولة في تفعيل ترسيم اللغة الأمازيغية ومنها:

  • تخلي المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية عن دوره في متابعة تنفيذ الاتفاقيات التي أبرمها مع مختلف القطاعات ذات الصلة بالمجال وتقييم حصيلة أثارها الفعلي والواقعي وتعميم خلاصتها على الرأي العام عبر كل الوسائل المتاحة وفي مقدمتها الإعلام السمعي البصري؛
  • عدم تنفيذ وزارة الاتصال ما جاء به دفتر التحملات الخاص بالقنوات التلفزية والقاضي ببث ما يقل عن 30% من البرامج باللغة الأمازيغية؛
  • تحريف أسماء الأماكن الجغرافية؛
  • الصعوبة والعراقيل التي يجدها المواطنون والمواطنات في ولوج العدالة والإدارات العمومية بسبب عدم إدراكهم للغة العربية والفرنسية…

 

رابعا: حقوق المرأة:

على الرغم مما تدعيه الدولة من تنصيص للدستور المغربي على تمتع الرجل والمرأة على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية، فإن التمييز لا زال قائما سواء في القوانين أو الآليات. كما أنه، ورغم إقراره بمسؤولية الدولة للسعي إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء، فإن مشروع القانون المتعلق بإحداث هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز الذي حددت سنة 2013 كآخر أجل للمصادقة عليه، لم يعرف طريقه إلى الوجود بعد؛ ولنا في تراجع عدد النساء بالبرلمان دليل على أن المناصفة لا زالت بعيدة التحقق. كما أنه، ورغم تجريم العنف ضد النساء دستوريا، فإن مشروع القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء والذي كان آخر أجل لإصداره هو 2013، لم يخرج للوجود بعد. كما أن مشروع قانون عمال البيوت، بالصيغة التي صادقت عليه الغرفة الثانية، يؤكد عدم وجود إرادة سياسية حقيقية للقضاء عليه ذلك أنه أجاز تشغيل الأطفال والطفلات في سن 16 عوض 18. وأما بالنسبة لمعالجة الأوضاع الهشة لفئات من النساء والأمهات، فإن المشاريع التنموية (تربية النحل والأرانب…) التي أطلقتها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، جرت العديد من النساء إلى المحاكم والاعتقال، بسبب تراكم الديون وعجز هذه المشاريع على تلبية الحاجيات الضرورية لهن.

وعموما، فإن المغرب لا يزال في مرتبة متأخرة في مجال الفوارق القائمة على أساس النوع، وهي الرتبة 129 من أصل 136 بلدا، وذلك خلال السنوات الثلاثة الأخيرة؛ مما يؤكد بطء مسلسل الحد من الفوارق بين النساء والرجال؛ كما أن مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تبقى محدودة، في ظل تبعية السياسة الاقتصادية لإملاءات صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، ويبقى الإقرار بدورها في تنمية الناتج الداخلي الخام مجرد شعار ليس إلا.

 

خامسا: حقوق الطفل

إن أبرز ما اتسمت به وضعية حقوق الطفل هو عدم التزام الدولة المغربية بتعهداتها في مجال حقوق الطفل، وعدم الأخذ بالمصالح الفضلى للطفل في رسم السياسات العمومية، وتغييب المجتمع المدني في صياغة الخطط والبرامج للنهوض بأوضاع الطفولة؛ هذا إلى جانب انفجار انتهاكات خطيرة مست الحق في الحياة والتسمية والتعليم والصحة؛ بالإضافة إلى التعذيب وسوء المعاملة والاعتداءات الجنسية، والتزايد المقلق لجرائم الاغتصاب وتساهل القضاء عموما مع المتورطين فيها؛ كما أن هناك مؤشرات تبين أن الاستغلال الجنسي للأطفال يتفاقم  في إطار ما يسمى بالسياحة الجنسية، حيث تنشط الشبكات الإجرامية المتاجرة في الأطفال؛ فضلا عن استغلالهم الاقتصادي في الحقول والمعامل والصناعة التقليدية وكخادمات في البيوت، بالرغم من الرفع للحد الأدنى لسن تشغيل الأطفال إلى 15 سنة في مدونة الشغل. ويكفي هنا الاطلاع على الملاحظات والتوصيات الختامية للجنة حقوق الطفل في دورتها 67، والتي عبرت عن قلقها تجاه استمرار سوء معاملة الأطفال، ولا سيما أطفال الشوارع، وتواتر حالات العنف في دور الأطفال وغيرها من المؤسسات الحكومية كإجراء تأديبي؛ مع استمرار ضعف التنسيق في تنفيذ الاتفاقية، وضعف الموارد البشرية والتقنية، وانخفاض حصة الميزانية المخصص للوزارة المكلفة بالتنسيق، إضافة إلى عدم وجود سلطات تنسيق على الصعيدين الإقليمي والمحلي؛ لذلك فإنها أوصت أن تنسق الدولة بفاعلية وكفاءة تنفيذ جميع أحكام الاتفاقية، وأن توفر الموارد اللازمة لهيئة التنسيق، وأن تعمل على خلق هيئات إقليمية ومحلية لهذا الغرض.

 

سادسا: حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

وفي ما يتعلق بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، فعلى الرغم من مصادقة المغرب على الاتفاقية وﺑﺮوﺗﻮكوﻟﻬﺎ الاختياري، في 14 أبريل 2009، والتزامه بتطبيق مقتضياتها، إلا أن الحصيلة تبين أن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، الاقتصادية والاجتماعية منها على الخصوص لا تزال بعيدة المنال. فالقوانين الجاري بها العمل هي قوانين سابقة على صدور الاتفاقية وغير متلائمة معها، وقاعدة البيانات الخاصة بالمعاقين لم يجر تحيينها منذ 10 سنوات؛ هذا إلى جانب وضع خطط عمل مرتجلة وبدون تراكم أو تنسيق، الأمر الذي يؤدي حتما إلى إنجازات هزيلة ودون مستوى الالتزامات الدولية.

 

سابعا: حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء:

وبخصوص وضعية الهجرة واللجوء، واعتبارا لتحول المغرب من بلد للعبور إلى بلد استقرار لأعداد متزايدة من المهاجرين وطالبي اللجوء، ومعاناته من آثار السياسة الصارمة التي تعتمدها الدول الأوربية لمراقبة حدودها، خصوصا وأنه مقيد من جهة بتنفيذ سياسات الاتحاد الأوروبي في مجال الهجرة، وبتطبيق التزاماته الدولية الواردة في الاتفاقيات الدولية، فإن وضعية اللجوء والهجرة ازدادت سوءا؛ إذ حسب أرقام وزارة الداخلية المغربية، تمت الموافقة على تسوية 17916 طلب فقط من مجموع عدد الطلبات البالغ 27322 طلبا ما بين يناير 2014 و31 دجنبر 2014. ومن جهة أخرى، لا يزال العنف يمارس على نطاق واسع اتجاه المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء خاصة الموجودين قرب المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية؛ إذ يتم اعتقالهم تعسفيا لفترة معينة، في شروط لا إنسانية، ودون محاكمة أو إجراءات قانونية/ وبعد ذلك يجري ترحيلهم القسري إلى مدينة الرباط ومدن أخرى؛ هذا بالإضافة إلى الوضعية المزرية التي يعاني منها آلاف السوريين الفارين من جحيم الحرب الدائرة في بلادهم والتي تزداد حدة مع إغلاق الحدود المغربية الجزائرية مما يجعل العابرين للحدود من اللاجئين رهائن للصراع السياسي بين البلدين.

أما المهاجرون المغاربة، فهم يعيشون وضعية هشاشة ويتعرضون للتمييز والعنصرية والاستغلال وسوء المعاملة، خصوصا بعد ظهور الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، ومحاولات دول الاستقبال تحميلهم تبعاتها، في غياب سند لهم من طرف القنصليات والسفارات المغربية، التي تقابلهم باللامبالاة والإهانة والابتزاز وتحرش بعض موظفيها.

 

ثامنا: الحق في البيئة السليمة:

وبالنسبة للحقوق البيئية للمواطنين، فقد طالتها انتهاكات عديدة، سواء تعلق الأمر بمياه الشرب أو تدهور حالة الهواء أو تدمير التربة الزراعية والثروة الغابوية، هذا بالإضافة إلى سوء تدبير النفايات الصلبة المنزلية وعدم وجود إدارة حقيقية للنفايات الطبية الخطرة، الأمر الذي يؤدي إلى انتهاكات خطيرة تؤثر على حالة الموارد البيئية من ناحية، وعلى حياة المواطنين من ناحية أخرى، سواء بانخفاض فرص المواطنين للحصول على قوت حياتهم أو تمسهم في صحتهم ذاتها. ومن البديهي أن هذه المخاطر يصاب بها بدرجة أساسية الفقراء والمهمشون، رجالاً ونساء وأطفالاً.

 

المكتب المركزي

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*