swiss replica watches
السياسي المغربي …و المواقف المنتهية الصلاحية…! – سياسي

السياسي المغربي …و المواقف المنتهية الصلاحية…!

يمكن القول إن السياسي المغربي اليوم بات كياناً واضح المعالم مكتمل البناء بشروط ومواصفات وأنماط أداء محددة، فقد أورثه الاستبداد السياسي ومعه التسلط المستمد قوته من التفسير الخاطئ للدين وسلطة العوام خوفاً تقليدياً يمكن تفهمه خصوصاً وقد تعرض سياسيون حقيقيون من خيرة صناع المواقف لهجمات شرسة مريرة استهدفت حياتهم أو أودعتهم السجون أو ألجأتهم إلى المنافي وحطت من شأنهم بين العوام، وبات قطاع من ”سياسي الارتزاق”، إلى ذلك مأخوذين بالتطور الاقتصادي المادي في نزعاته الاستهلاكية التي شهدت حدوداً قياسية من السفه والجنون أحياناً، فلجؤوا إلى توظيف أرصدتهم النضالية لزيادة نفوذهم الاجتماعي وتعظيم مردودهم الاقتصادي أو تحسين أوضاعهم السياسية فانتهوا إلى عكس كل ما بدؤوا به،فبعدما كانوا مضرباً للمثل في الوطنية أحياناً صاروا جديرين بالاحتقار الذي ما لبث أن عزّ عليهم حصده فلم يبق لهم سوى الشفقة ومن بعدها الرثاء، وعف آخرون فقبضوا على مواقفهم تجاه السلطات الثلاث بعضها أو معظمها وراحوا يمولون بقاءهم من مصادر أخرى من منظمات أجنبية وجمعيات مشبوهة تحت عناوين براقة، وفي الأحوال كلها حافظ معظم سياسيينا على خطاب دائري عقيم ولغة تسفيهية وجدل أجوف مستخدمين مصطلحات العمالة والتخوين وعازفين عن أي فعل إيجابي يمكن أن يطرح بديلاً لائقاً لتبنيه والبناء عليه، وبالإضافة إلى تلك بات ”سياسي الارتزاق” متمرساً في أيديولوجيته طالباً من نظرائه الاصطفاف خلف تياره وإعلان هوياتهم لا إعلان مبادئهم، يعاملك كتابع مفترض ذليل ويفترض فيك الانضمام إليه والحديث برأيه وربما استخدام تعبيراته وهو جاهز باتهامك بـالبيع أو الانتهازية أو العمالة وفي أفضل الأحوال بـالاستلاب والسفه إن أنت لم تتفق مع طروحاته وأفكاره.

ونسأل بكل هدوء لماذا هذا الغياب الآثم لعدد من سياسيينا عن أوجاع وطنهم و شعبهم ومستقبل أبنائه وبناته فلذات الأكباد؟ ولماذا هذا الانكفاء عن ممارسة دورهم التعبوي مع أنّ غالبيتهم كانوا ـ ما شاءَ اللهُ ”نجومَ الساحة السياسية بلا حسدٍ”، فلا تفتح صحيفة أو مجلة إلا وتجد أسماءهم وصورهم لمّاعة مُتصدّرة إضافة لحضورهم ”عالي المقام” بهذه الفضائية أو تلك وبهذا المركز الثقافي أو بتلك الندوة الحوارية وهم يتشدّقون وينظّرون عن السياسة وقيمتها العالية بحياة الأمم والشعوب وعن دور السياسي الرّائد بمجتمعه ووطنه وأمته، لكنّ العقوق والسّمسرة والسّكوت عن قول الحق لم تكن يوماً من أدبيّات ولا من أخلاقيات السياسيين البتّة!والسؤال المتكرّر أين موقفهم الصادق من القضايا الوطنية أولاً وبالسّاحات العربية تالياً؟ وأيّ مستقبل للسياسة المغربية برمّتها في عالمٍ عوْلميّ متغيّر إنْ لم ننتبه ونتيقظ؟!ويؤكدون بلقاءاتهم وندواتهم، أنّ من واجب السياسي الغَيور، وبدواعي شرف المهنة والخلق أن يكون مدافعاً بقلمه وصوته عن قضايا وطنه أولاً وهو يتحدّى أشرس فكر ”صهيونيّ ـ ماسُونيّ ـ غربيّ” حاقد عرفه العالم منذ بدء الخليقة حتى الآن! ولكنّ الناقد العاقل يرى أنّ هذا السياسي ”المُوْجَز” كاذبٌ على نفسه أولاً وعلى مجتمعه ووطنه ثانياً وعلى حاضر السياسة ومستقبلها ثالثاً لأنه لم يحترم حرفة السياسة ولم يكن أميناً عليها نِتاجه الذي تنكّب دربه سنوات، ، وكان ينبغي أن يقصر اهتمامه على ما يدخل ضمن النطاق الوطني و العروبي والإنساني من فضائل وحقائق ومواقف مبدئية وأن يعرف أنّ كلّ الشعوب تسعى وراء الممارسات السياسية لجعل وجودها أكثرَ ديناميكية وحياة ومعنى، فإذا لم يكنْ دوره كذلك فإنه لا قيمة لما يصدر من مواقف الرنانة ويكون كَمَن يحرث البحرَ تماماً.

لقد تجلت أزمة السياسيين المغاربة بوضوح خلال العدوان الغربي والعربي القطري الخليجي الهمجي على ليبيا… وعلى سورية اليوم…، فكرست حالة “سياسي الارتزاق”، الذي اصطف أيديولوجياً واتخذ مساراً مبدئياً لم تغيره تتابعات الأحداث أو انكشاف الحقائق أو تدفق المعلومات، فظل محتكراً وحيداً للحقيقة و نبياً وطنياً نبيلاً في مواجهة عملاء وخونة وأسوأ من القصف والإرهاب والتقتيل الذي تمارسه العصابات الممولة عربياً بأموال الخليج والمدعومة بإعلام النفط الخليجي ،فمقالات بعض السياسيين المغاربة الذين يغذون أفكارهم بمص الدماء العربية النقية والطاهرة يقبضون من قطر والسعودية بالعملة الصعبة فقد جذبتهم المؤثرات الصوتية الصاخبة التي تضرب طبول الديمقراطية أو تنفخ في أبواق الحرية أو تعزف على وتريات التغيير من دون التدقيق في حقيقة أهداف هذه الموسيقى التصويرية لمشاهد القتل والتخريب والفتنة،فبالتأكيد لا يليق بالسياسيين وهم الذين يشكلون على الفضائيات المتورطة الطبل والزمر لهذا المخطط المدمر أن يظهروا على هذه الدرجة من السطحية بحيث تأخذهم الظواهر بعيداً عن الوقائع. ولا أدري كيف تنبذ هذه النخبة المفترضة الوقائع وتتمسك بفبركات الشهود والمحللين المزيفين وتستند إلى شهاداتهم المتخيلة لإضفاء الشرعية الوطنية على شريعة المصالح الأمريكية وفوضاها الخلاقة وباختصار فـ”سياسي الارتزاق” مأزوم حقيقي لا يعول على أحد إلا ذاته ولا يثق بأي كائن خارجها يطرح يأساً وتفسيرات مجترة لوقائع يختارها مآساوية ومغلقة فيما توقف عن إبداع الحلول وطرح البدائل وتخيل السيناريوهات وكف عن احترام العمل الجماعي والإيمان بنظرائه وقدرتهم على القيام بأدوارهم المفترضة وإنتاج الأفكار والرؤى المعتبرة حتى في حال تصادمت مع تحليلاته أو معتقداته ومواقفه.

فالملاحظة المؤلمة أن أكثر الناس استدعاءً للتاريخ بجانبه السلبي هم أمثال هؤلاء السياسيين المرتزقة وأغلب هؤلاء تراهم وهم يتكلمون يحاولون إخفاء أفاعي التاريخ ولكن لا يستطيعون لأن فحيحها الذي يخرج مع كلماتهم يفضحهم،
فالسياسة الوطنية حتى لا نقول الدينية يجب أن تفرض واقعاً جديداً آخر مختلفاً يحرر البلاد والعباد من ذهنية الوصاية والتبعية والاستنجاد بالمستعمر القديم أو حتى إسقاط كل اتفاقيات الإذعان بكل تفاصيلها وبنودها وهذا واجب السياسيين الحقيقيين في المغرب،فكان الأولى لكل مدع من أولئك المرتزقة الذين يتموقون تحت الطلب أياً كانت حصيلتهم العلمية والمعرفية أن يتخلصوا من ادعاءاتهم ويقفون وقفة المعارض لكل عِلم ومعرفة كريهة والحرب في مقدمتها لأنها تهدد بالكوارث والويلات التي لا حصر لها، فالحياة على الأرض اليوم كما بالأمس تنطوي على الأصالة والزيف وما الأصالة إلا الفاعلية الإنسانية والتمهيد لها والمساهمة فيها لكل ما يؤسس للأصالة ويستبعد التقليد لأن التقليد نوع من الزيف الذي يوفر لصغار القوم من السياسيين فرصة الثرثرة المأجورة التي تبغي الشهرة والمال على حساب الرأي الحر الذي يشرع لخير الإنسان،فنحن لا نريد لسياسيينا أنْ يكونوا ”يانوس” إله البوابات الزمنية لدى الرّومان تقول الأسطورة: (إنّ ”يانوس” كان يحرس بواباتِ روما وأقواسَها وَصُوِّر فنيّاً على هيئة رجلٍ بوجهين ينظر كلّ وجهٍ لناحية) ،فهل من التعقل أن يشبه أحد من سياسيي هذا الوطن ”يانوس” صاحب الوجهين المُوَارَبَيْن؟! ومثل بعضهم بذلك مثل كثير من المسلسلات التلفزيونية التركية ـ الأرْدوغانيّة ذات الحلقات المئوية التي تملأ ـ بأسفٍ بالغ ـ شاشاتنا ممّا ينهض على التفاهة والجهالة وتضييع أوقات العباد والبلاد سَرَاباً وهذا نِتاج لما تروّجه جائِحة العوْلمة من تسليعٍ جائرٍ ظالمٍ لكلّ شيء ومن إفقارٍ روحيّ حقيقيّ .

اليوم، لم يعد ثمة وقت للتسكع ثقافة أو فكراً ولا حتى في المقاهي وعلى الأرصفة ولم يعد ثمة جدوى لمراكمة المزيد من المواقف فوق ما تراكم منها ويكاد أن يتعفن ولم يعد ثمة هوامش وأرصفة للحياد أو الصمت واستخدام حاسة النظر فحسب في تأريخ ما يجري وتسجيل وقائعه كما لو أنه يدور في بلاد الواق واق،لا وقت لحياد المؤرخ ولا لحكمة الفيلسوف ولا لعزلة المتصوف الزاهد، يمنع كل من انتخب نفسه أو انتخبه الآخرون سياسيا من أن ينخرط غوصاً حتى أذنيه في نقاش حول ما يجري وحوار حوله بخاصة أن موضوعة النقاش والحوار إياه هي الوطن وبكل ما تعنيه هذه الموضوعة من فلسفة أن نكون جميعاً أو لا نكون،فثمة لحظات فقط لمحاكمة عقلية يجريها كل منكم بينه وبين ذاته بين أن يكون سياسيا ملتزماً مبدعاً ورائداً ومبادراً وبين أن يتحول إلى قرص مضغوط على رف مهمل ومغبر أو في جهاز كمبيوتر لا يجيد سوى اللغو والتكرار والاجترار،فثمة لحظات فقط ليصوب كل منكم المواقف والرؤى فلا تعود الثورة فوضى من دم وركام بل حياة جديدة متجددة ولا تعود الديمقراطية صناديق وطوابير وأوراقاً بيضاء بل وعياً وسلوكاً أولاً ولا يعود الوطن سوق بازارات ومساومات بل حرية وسيادة واستقلالاً.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*