swiss replica watches
إخفاق سياسي في توظيف النجاح الإيراني – سياسي

إخفاق سياسي في توظيف النجاح الإيراني

جاء تفنيد وزير الخارجية التونسية الطيب البكوش لخبر عودة العلاقات الديبلوماسية بين تونس والنظام السوري ليضع حدّا ليوتوبيا سياسية تبنّاها البعض ممّن يحرصون على الشدّ من أزر نظام بشار الأسد الدموي والدفع به مجدّدا إلى موقع الرضاء الدولي عليه وهو الأمر المستبعد حصوله في أي حال من الأحوال مهما أبدى هذا النظام حاجة المجتمع الدولي إلى “خدماته” خاصة في ما يتعلّق بمحاربة الإرهاب وتحديدا القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية، ومهما حاول إقناع القوى الكبرى بأنه لا مستقبل للأمن في المنطقة إلاّ بوجوده وديمومته.
خبر عودة العلاقات الديبلوماسية بين تونس ونظام الأسد الذي فنّده البكوش بشكل قاطع على هامش مؤتمر صحفي عقد بمقرّ وزارة الخارجية التونسية صنعته ظرفيّة سياسية دولية تمثّلت في نجاح المفاوضات الإيرانية الغربية حول النووي الإيراني حيث روّجت الأذرع الإعلامية للنظام السوري للانعكاس الإيجابي لنجاح تلك المفاوضات على مستقبل نظام بشار الأسد المدعوم من غطائه الطائفي الأكبر إيران، واعتبرت هذه الأذرع الإعلامية أنّ بنود الاتفاق النووي تضمّنت –هكذا- دعم بشار الأسد للبقاء في السلطة وإنهاء عزلته الدولية المفروضة عليه، وهو بلا شكّ مجرد خيال لا علاقة له بالواقع الذي يقول إنّ الاتفاق النووي الإيراني مع الدول الغربية الكبرى لم يتضمّن ما هو سياسي بما في ذلك علاقات إيران الدولية، ولم يتطرّق إلى وضعيّة النظام السوري وبالتالي فإنه من الواضح أنّ الخبر الذي وقع ترويجه مباشرة عقب الإعلان عن “النصر الإيراني” عار عن الصحة منذ بداية تسريبه في وسائل الإعلام الموالية لنظام الأسد الطائفي. يتعلّل المدافعون عن عودة العلاقات الديبلوماسية بين تونس والنظام السوري بحاجة ستة آلاف تونسي مقيمين في سوريا إلى هيكل ديبلوماسي يرعاهم وييسّر ظروف إقامتهم، وهي مسألة مهمّة جدّا وكان بإمكانها فعلا أن تمثّل مشكلا كبيرا في حال عدم معالجتها سابقا، ولكن من المعلوم أنّ الخارجيّة التونسيّة وجدت لها الحلّ منذ قطع العلاقات الديبلوماسية مع نظام الأسد حيث وقع إسناد مهامّ رعاية الجالية التونسية بسوريا إلى السفارة التونسية بلبنان وكانت الخارجية التونسية قد أكّدت أنّ هذا الإجراء لم يطرح أيّة تشكّيات لدى الجالية المقيمة بسوريا كما أنّ هذا الإجراء تدعّم بفتح قنصليّة تونسية بالعاصمة السورية دمشق وهو ما يضع كل شؤون الجالية تحت الرعاية. هناك إشكال سياسي في ما يتعلّق بعلاقة تونس بسوريا، وهو يتمثّل في المزايدة السياسية والتوظيف السياسي الرخيص الذي تعرّض له هذا الملفّ أيّام حكم الترويكا، وهو توظيف مارسته، آنذاك، المعارضة التي يقود جزء مهمّ منها الحكم في الفترة الحالية
.. وزير الخارجية الطيّب البكوش كان من أشدّ المنتقدين لقطع العلاقات مع النظام السوري ولاستضافة تونس لما وقع تسميته بمؤتمر “أصدقاء سوريا”، وهو إلى جانب ذلك كان قد وعد بعودة العلاقات التونسية السورية في حال فوز حزبه نذاء تونس بالسباق الانتخابي.. المفارقة العجيبة أنّ هذا الفوز قد حصل على المستويين التشريعي والرئاسي وقد مضى على ذلك أكثر من نصف عام ولكنّ لا شيء تغيّر في الموقف الرسمي التونسي من نظام بشار الأسد. لقد ظلّ هذا النظام الدموي يرتكب جرائمه اليومية في حقّ السوريين للبقاء في السلطة كلّفه ذلك ما كلّفه، وظلّت القوى الدولية ترفض مجرّد التحاور معه أو التفاوض حول بقائه في منصبه أو رفع العزلة عنه.
وبالتوازي مع ذلك بقي الموقف الرسمي التونسي من هذا النظام مبنيا على موقف القوى الدولية الكبرى منه، ولا يمكن للنصر السياسي الإيراني المحقّق مؤخرا في الساحة الدولية أن يغيّر من هذا الواقع شيئا أمام نظام فقد مصداقيّته وأضحت كل المؤشرات تدلّ على أنه ارتكب جرائم حرب منذ بدء الثورة السورية.. الموقف الرسمي التونسي من نظام الأسد يبقى مرتبطا بما تمليه القوى الدولية وما تصنعه من خرائط للعلاقات الديبلوماسية خاصة في منطقة الشرق الأوسط.. وسواء أ كان الطيب البكوش في المعارضة قبل أشهر أو في الحكم في القترة الحالية فإن هذا الملفّ لا يمكن أن يتغيّر بتغيّر الأشخاص لأنه، وعلى عكس ما ادّعاه البكوش في المؤتمر الصحفي الأخير الذي عقده بمقرّ وزارته، لا يمكن للقرار السياسي التونسي أن يكون بمنأى عن تجاذبات وتوصيات دولية من هذا الطرف أو ذاك خاصة إذا كان ذلك الموقف متعلّقا برسم السياسات الإقليمية والعلاقات الخارجية للدول المغلوبة على أمرها مثل تونس. كما أنّ إيران المنتشية هذه الأيام بنتائج مفاوضاتها النووية والتي لا يمكن نكران تأثيرها الإقليمي غير قادرة على فرض سياسة جديدة على دول المنطقة بخصوص إعادة “تطبيع” العلاقات مع حليفها الاستراتيجي و”الطائفي” نظام بشار الأسد مهما حاولت أذرعهما الإعلامية الإيهام بعكس ذلك.


Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*