swiss replica watches
كذبة الأصالة والمعاصرة – سياسي

كذبة الأصالة والمعاصرة

أستأذن أصدقائي بالحزب الإداري رقم 1 المسمى “الأصالة والمعاصرة” لأُساهم بهذه الورقة المتواضعة، وأدلي بدلوي في حزبهم الذي يحمل من المتنافضات ما لا حمله حزبٌ قبلهم في التاريخ السياسي المغربي، وهو ينتخب اليوم في مؤتمره العام الثالث اسما أثار الكثير من القيل والقال أمينا عاما له، والذي أعلن بوضوح أجندته المستقبلية مُبديا تعففه وتبرمه من أن يكون منصب رئيس الحكومة هدفه وهو ما لا نصدقه ونُقسم (ولو ليس ديدننا) أنها فقط واحدة من مناورات عرف بها الرجل من قبل.

ولسنا هنا لمحاسبة نوايا أحد كما لسنا في حاجة إلى إعادة التذكير بالطريقة المتهافتة والمثيرة للتأسيس الأقرب إلى الولادة الاصطناعية التي توفرت فيها كل الإمكانيات المادية واللوجيستية لإنجاح عملية الولادة، إلا المرجعية الضرورية لأي مولود حزبي فقد غابت وعندما حاولوا اقناعنا بوجودها فقد كانت مشوهة وذميمة وعصية على الفهم والتقبل لكونها جمعت ما لا يجتمع من يسار ويمين وأعيان لا مرجعية لهم ولا هم يحزنون على اعتناق هذا المذهب أو ذاك إذا كان يضمن لهم مقاعد في هذا المجلس الانتخابي أو ذاك !

إن حزبا سياسيا ما يزال أصحابه بعد ثمانِ سنوات عن الولادة تلك غير الطبيعية يصرون على أن الداعي لتأسيسهم هذه المنظمة الحزبية هو “الصراع” و”المواجهة” مع منظمة حزبية أخرى، لن يستطيع الواقفون من وراء إخراجه إلى الوجود نيل ما يسمى “الشرعية الشعبية” المفقودة لديه مهما حاولوا تبرير ذلك، سواء من خلال محاولاتهم إظهار خطر داهم للمكتسبات ولنظام الحكم يتجلى في هذا الحزب أو التيار الديني الذي نال ما نال من “تزكية” شعبية ووصل إلى الحكم بعدما خرج إلى حيز الوجود من رحم المجتمع وإن بتدخلات أو مباركة أقل من الإدارة، أو سواء تمادى القيمون عليه كمشروع لخلط أوراق الساحة الحزبية في دعمه بالمدد والرعاية !

وحدُها كأهدافٍ توعيةُ الشعب وتأطيره وتلقينه مبادئ واجب المشاركة في بناء الوطن بعيدا عن الاقصاء والتخندق في خندق القبلية والعصبية المقيت والانتهازية والوصولية، هي الكفيلة بجعل هذا الحزب أو ذاك حزبا وطنيا تحركه الروح الوطنية وهاجس المصلحة العامة لا الشخصية.

ويعتبر من نافل القول التذكير بأن أي منظمة حزبية بغض النظر عن الطريقة التي تم تأسيسها والإعلان عنها، لن تقوم لها قائمة سليمة وتحظى بمصداقية ما لم تعتمد صناديق الانتخاب وسيلة أساسية بل ووحيدة لبناء هياكلها بدءا من القواعد ومرورا بالأجهزة الموازية ووصولا إلى رئاستها.

وما رأيناه نهاية الأسبوع الماضي في مدينة بوزنيقة عند التئام ما سمي مؤتمر “الأصالة والمعاصرة” الثالث، كان مشهدا واضحا لا يحتاج إلى كبير عناء أو تردد لوصفه والقول إن المنظمة الحزبية التي سِيق الناس إلى تجمعها سوْقا على أنهم منتدبون أو مؤتمرون يعكس “نموذجا” لحزب التسلّط (حتى لا نقول التحكم إسوة بالحزب الخصم) وحزب الديكتاتورية والشمولية الذي يعتمد التصفيق والمباركة بدل الانتخاب في اختيار الهياكل.

وكم كان مقلا للاحترام وربما مثيرا للشفقة أن نتابع كيف أن بعد المنظرين والمفكرين والكُتاب المنتسبين لهذا الحزب تواروا خلف عامة “المناضلين” بل وذابوا في صفوفهم ولم يتجرأ أحد من هؤلاء الذين ملأوا بياض الصحف والمواقع الإلكترونية عشية المؤتمر بمقالات طويلة وممططة تدعو فيما تدعو إليه إلى ضرورة اتضاح الرؤية الإيديولوجية والابتعاد عن “القبلية الحزبية”، على أن يتقدموا كمترشحين للرئاسة، وهو ما يعكس ليس فقط الخوف من هزيمة محسومة أمام الرجل القوي في الحزب، ولكن ينم ذلك أيضا عن افتقاد هؤلاء لأي حس ديمقراطي رغم كل ما قالوه في مقالاتهم ويقولونه في تصريحاتهم؛ بحيث كيف يعقل لمن يزعم أنه مؤمن بالديمقراطية أن لا يتوفر لديه حتى “أضعف الإيمان” بهذه الديمقراطية ويتقدم من باب الترشح النضالي أو الديمقراطي لمنافسة الرئيس المنتخب بالإجماع، وليظل هؤلاء يكتفون بالتصفيق والتهليل وترديد الزغاريد كعامة الناس ترحيبا بمشهد الكرنفال الاحتفالي ذاك؟ !

صحيح أن “الأصالة والمعاصرة” شِعارٌ برّاق يخطف الأنظار، ولكنه كعنوان حزب ينبغي أن يراعي ويحترم حدا أدنى من ذكاء الناس، فـ”الأصالة” عندما تتعلق بمنظمة حزبية فهي تعني التشبث بركائز الناس ومبادئهم ومن ذلك تنوعهم واختلافهم، والذود عن الأسس الديمقراطية، وهو ما لا نجد له أثرا لحد الآن –على الأقل- في هذا الحزب حيث يسود فيه منطق الولاء للقبيلة والأشخاص من جهة ومن جهة أخرى يضرب بعرض الحائط أهم أسس الديمقراطية التي تتجلى في الاحتكام إلى صندوق الاقتراع لاختيار الأصلح والأنسب. وأما “المعاصرة” فالذي نعرف –والله أعلم- أن العصر والعالم يسيران في اتجاه مزيد من الانفتاح والشفافية والاعتراف بالاختلاف والتنوع، وليس في اتجاه الرغبة في محو الآخر والاستحواذ على كامل رقعة الملعب حيث يصبح من غير الممكن ممارسة اللعبة الديمقراطية داخل هذا المناخ..

وكمِسك ختام هذه فقط صرخة من مواطن وليست دعوة لمزيد من التيئيس الذي يذب أكثر فأكثر في جسد هذا المجتمع الفتي ! والحسابات الخاصة التي يوليها نظامنا السياسي -إسوة بما تفعله باقي أنظمة العالم- أولويتَه القصوى لا ينبغي بأي حال من الأحوال أن تحيده عن سكة عصرنة الأدوات والوسائل تماشيا وما يجري حوله في هذا العالم الذي بات قرية صغيرة بعد تفجّر الثورة الاتصالاتية، وكل نكوص أو تراجع إلى الخلف لن يقود البلاد والعباد إلا إلى مزيد من الضبابية والانتظارية بل وربما إلى ما سمي مِن ذي قبل بـ”السكتة القلبية”.

لم ينته الكلام بعد وسنعاود الكتابة في الموضوع..

https://www.facebook.com/nourelyazid

nourelyazid@gmail.com

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*