swiss replica watches
البام…خطيئة الولادة وأخطاء الاستمرار – سياسي

البام…خطيئة الولادة وأخطاء الاستمرار

ياسر عياد
لا ندري إن كان إلياس العماري قد قرأ شيئا لبرنارد شو، لكنه قد يكون سمع بقولته الشهيرة وهو يصف الجانب المظلم من الديمقراطية قائلا إن من عيوبها أنها “تجبرك على الاستماع إلى رأي الحمقى”، وماذا لو عاش بيننا ليرى هاته الديمقراطية العرجاء، تتوكأ على عكازها المعوج لتصل بر الأمان دون أن تصل.
لقد حجب الكثيرون أنفسهم عن الدلو بأي شيء في فترات كان يجب فيها ذلك، فما كان الحديث لحظة وصول رجل لم يعرف سوى بالنكبات والمشاركة في كل وبال يصيب هذا الوطن، مذ فر في ثمانينيات القرن الماضي بعد حرق العلم الوطني، ليندس وسط اليسار في الجامعة، هذا اليسار الذي لا يزال يحركه في إشعال الحروب بين الطلبة في الجامعات وفي التجييش للوقفات ضد الخصوم باسم الماركسية واللينينية المعادية للإسلاميين.
وقد أثنوا أنفسهم عن الحديث لأنهم لا يرون وصول العماري إلى رئاسة جهة وضع كل جهده للوصول إليها منذ كان يغري مزارعي الكيف بالدفاع عنهم، ولأنه كان سيصل لا محالة بسبب اتقانه الابتزاز، وقدرته على توظيف المعلومة.
وعلى ذكر المعلومة، هل يتذكر العماري ما قام به في الانتخابات الجزئية بسيدي إيفني التي جرت بتاريخ 24 أبريل 2014، حين جاءت هذه الانتخابات بموازاة تقديم طلب من جهات حكومية للعفو على مجموعة من المتابعين في أحداث سيدي إيفني، ولأن العماري يمتلك “حق الوصول إلى المعلومة” استطاع توظيف هذه المعلومات بالنزول رفقة بنشماس والباكوري إلى قبائل سيدي إيفني وإقناعهم بالإفراج عن أبنائهم مقابل التصويت لفائدة حزب الأصالة والمعاصرة وكذلك كان.
ولأن هذا التحكم يملك كل شيء، ويملك الإعلام أيضا، فقد تم تسويق “فوز” البام على أنه عقاب لحزب العدالة والتنمية، وابتلع الجميع ألسنتهم بعدها، ولا أحد بحث لمعرفة ما الذي حصل حتى يحدث ما قيل عنه حينها “اكتساح”.
ولا حتى اختيار إلياس العماري أمينا عاما لحزب الأصالة والمعاصرة يستحق كل تلك التغطية الإعلامية والآراء التحليلية والتوقعات القبلية، لأن هذا الحزب لم يؤسس ليكون حزبا سياسيا، يمتح من التجارب الديمقراطية للأحزاب السياسية بما هو متداول عالميا، فطريقة تجميع أعضائه المؤسسين وحدها كفيلة بالإجابة على أن التأسيس بني على الخوف المشترك من العدو المشترك، وهو الإسلاميون، وهو الخوف الذي سيحكم النشأة والتطور، ويحكم توظيف كل شيء لتحقيق الغرض من التأسيس وهو فرملة حزب العدالة والتنمية بسبب صعوبة مواجهته بالأساليب التقليدية.
أما اللحظة التي تستحق الكتابة فهي ذكرى ميلاد عبد الكريم الخطابي، الذي قاد جبال الريف ومداشرها في مقاومة شرسة للمستعمر، وإني لا أعتقد أن العماري وهو من أكثر المساهمين في محاولات محو آثار الخطابي من المنطقة يتذكر أن هذه الذكرى تصادف اليوم.
لقد انتظرنا ما يناهز نصف قرن لتتمخض جبال الريف، وانتظرنا تكرار القيم في شخص ما، يوما ما، لأن سنة الكون عودتنا على أن الشموخ وليد بيئته، وأنا جبال الريف الشامخة ستزخر بمن يكرر أو يتبنى صورة الخطابي مدافعا شرسا عن الوطن.
لكن الصدمة والإحباط لا تخطئهم العين ونحن نحاول التطبيع مع الصورة الجديدة لرجل يمكن أن يفعل أي شيء من أجل المصلحة الشخصية، ومصالح يوزعها كما توزع صكوك الغفران على المريدين، فخرج ليعلن الحرب على الإسلاميين، وكأنه يتوجه لمجتمع آخر غير هذا الذي أثقلت كاهله الحروب والمعارك الضارية بين كياناته، وهو يبحث عن الرقي، لا عن معارك يتم ركوب صهوتها لأغراض أخرى.
ليس ما يثير فقط في هذا الحزب هو طريقة الولادة، وخطيئة النشأة، بل أخطاء الإستمرار، حتى بدأ رجل يعتلي رأس حزب سياسي، لكي يبدأ في التدبدب من الحديث عن محاربة الإسلاميين إلى محاربة المتطرفين، وحتى في هاته يتساءل المتابع ما دور وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية إن كان إلياس العماري سيحل محلها في محاربة أي كان.
إن استمرار حزب سياسي أنشأته الدولة في ظروف سياسية معينة لا يعني سوى مزيدا من الامعان في ارتكاب الأخطاء، وبالتالي مزيدا من الأعطاب في حق ديمقراطية منهكة.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*