swiss replica watches
حكاية وجدة… – سياسي

حكاية وجدة…

عادل بنحمزة
في كل دول العالم، لا يمكن التمييز بين الحضور الخاص لرؤساء الدول أو رؤساء حكوماتها، وبين حضورهم العام..فكل حضور لهذه الشخصيات يجب أن يحظى بالتدابير الأمنية الاعتيادية حتى لو تعلق الأمر بمناسبة حزبية أو عائلية، لأن السلامة الجسدية لشخصيات بهذا الحجم لا يجب تركها لتقديرهم الشخصي، فمتى قبلوا بتحمل تلك المسؤوليات الى رأس دولهم، وجب عليهم الحد من الحياة الخاصة والحرية الشخصية كما يعيشها بقية الشعب، وهذا ما يبرر بعضا من الإمتيازات التي يتمتعون بها، فتهديد السلامة الجسدية لرئيس الدولة أو رئيس الحكومة، تكون تبعاته خطيرة على أمن البلاد بصفة عامة.
ما شهدته وجدة أول أمس من محاولة “إعتداء جسدي ” على رئيس الحكومة حسب رواية مقربين منه – لأن شريط الفيديو الذي تم بثه للواقعة لحد الآن لا يسمح برؤية لا رئيس الحكومة ولا الإعتداء المتحدث عنه – ، تذكرنا بالورطة التي وضع نفسه فيها رئيس الحكومة قبل حوالي سنتين في قلب شارع محمد الخامس وسط العاصمة الرباط، حيث أصر على قضاء أمور عادية بنفسه، وتزامن ذلك مع مسيرة للمعطلين في أوج تعنت رئيس الحكومة في تنفيذ إلتزامات حكومة الأستاذ عباس الفاسي مع المجموعات الموقعة على محضر يوليوز، والتي تم تضمينها في آخر قانون مالي لحكومة لحكومة عباس الفاسي والذي كان جاهزا في شتنبر 2011 قبل أن تعمد حكومة الأستاذ بنكيران إلى سحبه وتعديله..
في واقعة شارع محمد الخامس شكلت إبتسامات رئيس الحكومة، إستفزازا وسوء تقدير كبير في وجه شباب يعتبرونه سارقا لأحلامهم، لكن الألطاف الإلهية حالت دون حدوث واقعة مؤلمة كانت عناصرها متوفرة..وكان رئيس الحكومة أول من يتحمل المسؤولية في ذلك، فتهور أحد المعطلين الشباب في لحظة يأس، أمر أكثر من ممكن..لكن من يعتبر الرجل الثاني في الدولة لا يجب عليه أن يساهم في خلق تلك الوضعية تحت أي ظرف وتحت أي مبرر.
أول أمس بوجدة خاطب رئيس الحكومة حشدا غاضبا من الشباب، منهم الطلبة، ومنهم المعطلون، ومنهم الأساتذة المتدربين..وحيث أنه لكل مقام..مقال كما يقول المثل، فرئيس الحكومة كان عليه أن يتحلى بكثير من الحكمة وهو يواجه شبابا غاضبا، طبعا ليس مطلوبا منه أن يغير قناعاته أو يتنكر لإختياراته، لكن من واجبه أن يخاطب ضحايا تلك القناعات والإختيارات بحد أدنى من الكياسة والإحترام، أما أن يكرر على مسامعهم “أنتم صغار” ، ويضيق صدره من إعتراضاتهم على مضامين خطابه..فهنا يجب تذكير السيد رئيس الحكومة، بأن خطبة التجمعات الحزبية والعامة، ليست كخطبة الجمعة…
قلنا سابقا أن العنف اللفظي هو فقط مقدمة للعنف المادي، و أن أشكال العنف متعددة ومتنوعة..وأحد وجوهها هو ربط ” الإعتداء ” على رئيس الحكومة بالأساتذة المتدربين، في محاولة بئيسة للقتل المعنوي لهذه الفئة التي صنع منها تعنت رئيس الحكومة، كتلة احتجاجية تشهد تعاطفا مستمرا من قبل كثير من المواطنين..
في الدول الغارقة في الديمقراطية، لازالت الإحتجاجات العمالية والطلابية عندما تندلع،فإنه يترتب عنها حرق الإطارات المطاطية وغلق الجسور والأنفاق والإعتداء على قوات الأمن بالملوتوف وتخريب الشبابيك البنكية، كما يتم فيها الإعتداء على المسؤولين العموميين سواء بالبيض و الحلوة بالقشدة والطحين في أحسن الأحوال ، أو في أسوئها بآلة حديدية كما حصل مع رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق بيرلوسكوني..لهذا ليس على أي مسؤول عمومي أن يتعامل بإستخفاف وتحدي مع حالة الغضب التي تصيب الحشود، فما يجرأ الفرد أن يقوم به وسط الجماعة، قد لا يستطيع القيام حتى بربعه مفردا..هذا ما يقوله درس سيكلوجيا الجماهير.
إن أي إعتداء على شخصية عمومية.. هو محط إدانة، لكن من واجب تلك الشخصيات أن لا تخلق شروط تلك الإعتداءات خاصة عندما يتعلق الأمر بفئات إجتماعية توجد على هامش السياسات العمومية.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*