swiss replica watches
تونس: هل تؤدي “أزمة” الائتلاف الحاكم إلى انفراط عقد الحكومة وأغلبيتها ؟ – سياسي

تونس: هل تؤدي “أزمة” الائتلاف الحاكم إلى انفراط عقد الحكومة وأغلبيتها ؟

(عزيز لمسيح)

هيمن موضوع تغيير محتمل لخريطة الائتلاف الحاكم في تونس على دائرة النقاش السياسي والإعلامي المحلي مؤخرا ، في ظل خلافات متنامية بين أطراف الرباعي الحاكم دفعت بالحزبين الرئيسيين فيه “نداء تونس” و”حركة النهضة” إلى تعزيز تحالفهما تحسبا لأية تغييرات مرتقبة.

فالحديث عن احتمال تغيير خريطة هذا الائتلاف لم يعد منحصرا في الصالونات السياسية والبرامج التلفزية أو على أعمدة الصحف والمواقع الالكترونية،بل شكل محور اللقاءات والتجاذبات الحزبية في الآونة الاخيرة ، وآخرها اللقاء الذي جمع بين قيادات من الحزبين الرئيسيين لتنسيق مواقفهما، والرد على الحزبين الآخرين في الائتلاف (آفاق تونس، والوطني الحر)، اللذين يتهمان “بضرب التضامن الحكومي والسعي لتحالفات جديدة خارج الأغلبية البرلمانية تمهيدا للانقلاب على المعادلة الحكومية الحالية”.

وبحسب العديد من المحللين فإن نقط الاختلاف بين مكونات هذا الائتلاف الحاكم ليست وليدة اليوم بل تعود إلى الفترة التي تلت مباشرة الانتخابات التشريعية 2014 التي أعطت الفوز لأحزاب تختلف على المستوى الإيديولوجي والسياسي، مما انعكس في البداية على مفاوضات تشكيل الحكومة، وبعدها على وتيرة وانسجام ونسق العمل الحكومي الذي لطالما وجهت إليه الانتقادات من المعارضة ، بل وحتى من داخل هذه الأغلبية.

غير أن النقطة التي أفاضت الكأس وعجلت بتأجيح “الأزمة” الحالية هي إقدام نواب من كتلة حزب “آفاق تونس” (أغلبية) على رفض التصويت على القانون الأساسي للبنك المركزي في سابقة مست بمبدإ التضامن الحكومي وأحرجت قائدا سفينة الأغلبية، وكذا سعي هذا الحزب الذي يقوده وزير التنمية والتعاون الدولي ياسين إبراهيم إلى تشكيل “جبهة برلمانية جديدة” تضم نواب الحزب و”الكتلة الحرة” (الموالين لمحسن مرزوق الأمين العام السابق لنداء تونس، والمنشق عنه قبل شهرين) و”الاتحاد الوطني الحر”، ومستقلين.

وهي التطورات التي اعتبرها المحللون وسيلة تهدف إلى إضعاف حكومة الصيد في البرلمان، كمقدمة لإسقاطها وعزل حركة النهضة ، في ظل عودة الاحتجاجات الاجتماعية والنقابية بوتيرة ونسق مرتفعين، واتساع دائرة الانتقادات الموجهة لرئيس الحكومة التقنوقراطي، يمينا ويسارا ووسطا.

رد فعل الحزبين الرئيسيين في الائتلاف لم يتأخر ، فقد وصف رئيس كتلة “نداء تونس” تصويت “آفاق تونس” ضد مشروع البنك المركزي ب”الطعنة في الظهر ” ، وشكك لطفي زيتون مستشار رئيس “حركة النهضة” في استمرارية هذا الائتلاف، وهو ما عجل بعقد لقاء ثنائي بين قيادات “النداء” و”النهضة” من دون المكونين الآخرين للائتلاف بعد لقاء آخر جمع قبل أربعة أيام الباجي قائد السبسي وراشد الغنوشي ، شددا خلاله على أن حزبيهما يشكلان “موقع القرار والقوتان الأساسيتان في القاطرة”، وأن تحالفهما متماسك ولن يتأثر بأي مسعى لإضعافهما.

ومن أجل تجاوز هذه الوضعية التي تهدد بانفراط عقد الائتلاف الحاكم اجتمعت يوم الخميس الماضي تنسيقية الائتلاف الحاكم ، حيث أجمع عدد من قيادات مختلف الأحزاب “على ضرورة تماسك الائتلاف عبر مزيد من التنسيق بين مواقف الرباعي، في حين أبدت “النهضة” و”النداء” تحفظاتهما بشأن “الكتلة الكبيرة” التي راهن عليها “آفاق تونس” لقلب التوازن داخل مجلس نواب الشعب ، باعتبار ذلك، كما صرح القيادي بالنهضة عماد الحمامي ، “انقلابا على قواعد الديمقراطية التي تؤسس على الأغلبيات ، والمبادرات على أساس نتائج الانتخابات..حيث لا يمكن للحزب الرابع أو الخامس في أي انتخابات قيادة تشكيل الأغلبية، وهو ما لم يحصل قط سواء في البلدان العريقة في الديمقراطية أو في تونس ما بعد الثورة”.

لقد هدأت العاصفة قليلا وعاد الائتلاف الحاكم إلى تنسيق المواقف والاتفاق على العمل في إطار التضامن الحكومي ، لكن المتتبعين يتساءلون عما إذا كان بإمكان هذا الائتلاف الصمود أمام تصاعد الاحتجاجات الاجتماعية واستفحال الأزمة الاقتصادية والمالية، واستفحال الوضعية الداخلية للحزب الحاكم، وعدم انسجام مكونات الأغلبية وضعف مردودية العمل الحكومي، إضافة إلى الوضع الإقليمي الحساس والظرفية العالمية الصعبة. فهل يصمد الحزبان الرئيسيان في الائتلاف ، اللذين كانا على طرفي النقيض قبل نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة ، ويتمكنا من تعزيز تحالفهما الذي قد يشمل الانتخابات المحلية المقبلة والتصويت معا على “قانون المصالحة الوطنية” الذي يشكل إحدى الرهانات القوية للحزب الحاكم وحليفه “النهضة” لتجاوز حالة الاحتباس وإعادة ضخ دماء جديدة في شرايين اقتصاد هش، أم أن هذه التطورات ستفضي الى انفراط عقد هذا الائتلاف الذي تمخض عن مسار سياسي صعب وعسير ، وبعد سنوات “حالمة” من الثورة التي ما تزال تسعى لتحقيق ما بشرت به.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*