swiss replica watches
استبداد إيديولوجي – سياسي

استبداد إيديولوجي

يونس مجاهد

يناقش حاليا، في مجلس النواب، مشروع قانون يتعلق بإعادة تنظيم الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، قدمته الحكومة، بشكل مستعجل، وهي على مشارف انتهاء ولايتها، رغم ما لهذا القانون من أهمية بالغة، في كل الدول، تقام الدنيا حوله ولا تقعد، نظرا لما يتضمنه من مقتضيات ذات حساسية بالغة، في تقنين وتنظيم كل ما يتعلق بالقنوات التلفزية والمحطات الإذاعية.
فلماذا لجأت وزارة الاتصال لهذا النهج في تمرير هذا المشروع؟
لا يتضمن المشروع تعديلات كثيرة على مضمون القانون الحالي، فقد احتفظ بنفس الهيكلة في هذه الهيئة وبنفس مسطرة تأليف مجلسها ومهامه والصلاحيات الموكلة إليه. التعديلات التي تم إلحاقها تكتسي طابعا إيديولوجيا، في أغلبها، خاصة ما يتعلق بفتح الباب أمام ملايين الناس، للتقدم بشكل فردي، بشكايات ضد وسائل الإعلام السمعية البصرية. كما تم إلحاق مقتضيات أخرى حول الأخلاق العامة وصورة المرأة…
كان من المفترض، انطلاقا من المبادئ الواردة في الدستور، أن يخضع هذا القانون لإصلاح جذري، سواء بكل ما يتعلق بمفهوم المرفق العام وكيفية تصريف وترجمة مبدإ الخدمة العمومية، ومقومات الجودة والتعدد والاختلاف والتنوع، وكذا تركيبة مجلس الهيئة وصلاحياته والمعايير التي ينبغي توفرها في الحكماء، وإمكانية فتح الباب لتمثيلية الهيئات المهنية ومنظمات المجتمع المدني، ذات الصِّلة بالموضوع، كما يحصل في عدة بلدان ديمقراطية.
غير أن كل هذا، لا يهم وزارة الاتصال، ما يهمها هو هاجسها الإيديولوجي، منذ أن جاءت بدفتر التحملات الشهيرة، لأنها تنظر للقطاع السمعي البصري، من نافذة «الماخور المكسيكي». لذلك تغاضت عن كل المطالب الديمقراطية، في إصلاح الهيئة، مقابل السماح لها بتمرير مقتضى شبيه بنظام الحسبة، الذي يتيح لكل من شاء من العباد، التقدم بشكاية ضد القنوات والمحطات، لأنه اعتقد أنها لم تحترم «القوانين والأنظمة المطبقة في الاتصال السمعي البصري»، كما ورد في نص المشروع، في الوقت الذي يتيح فيه القانون الحالي للأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني، هذه الإمكانية، وهي هيئات مكونة من مواطنين منظمين، تجمعهم رؤية مشتركة، ونشاطهم منظم بقانون وخاضع للمحاسبة الداخلية والخارجية، وتلعب مثل هذه التنظيمات دور الوسائط بين الناس ومختلف المؤسسات.
انطلاقا من هذا، يمكن لحزب العدالة والتنمية، وجمعياته، تقديم شكايات إلى هذه الهيئة، لكنه لا يريد ذلك، بل يريد أن يظل مختفيا، حتى لا يكشف عن وجهه، ويحرض الناس، باسم الأخلاق والدين، ليتولى من بينهم، من يقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*