نوفل بلمير يكتب: الجزء الخفي من جبل الجليد

نوفل بلمير

الجزء الخفي من جبل الجليد

الأزمة السياسية التي تطبع مسلسل تشكيل الحكومة، ليست وليدة اللحظة، بل إن كل المؤشرات، كانت تدل على أن تداعيات إنتخابات 07 أكتوبر، كانت ستكون إنعكاسا واضحا لللأزمة التي تعيشها عملية الإنتقال الديمقراطي في البلاد، أما الصراع الحزبي الضيق المتعلق بتشكيل التكتلات و تلافق الاتهامات بين هذا و ذاك، ما هي إلا تمظهرات سطحية لأسباب أزمة حقيقية و عميقة.
و لا بد أن التحول الحاصل في طبيعة النخبة السياسية مقارنة بالسنوات التي تلت إستقلال البلاد، من خلال ظهور فاعلين سياسيين جدد إلى جانب الفاعلين القدامى، جعل الديمقراطية المسطرية غير قادرة على إستيعاب كل مكونات الحقل السياسي، خصوصا و أن المشروع الإقتصادي لهؤلاء الفاعلين الجدد لا يختلف عن سابقيه و لا يطرح نفسه كبديل و كحل للمعضلات الاجتماعية، كما أن عملية إحتواء هذه النخبة الجديدة لم تتعدى البيروقراطية السياسية إلى جوانب أخرى تتعلق بالإقتصاد و مجالات الدولة التقليدية.
هذه الوضعية المتشنجة و المعقدة، غير منفصلة عن طبيعة النظام السياسي و الذي يعتمد على منطق التعايش داخل ثنائية الجهاز التنفيذي وهو توافق غير تابث بل متحرك حيث أن التداول على السلطة يحكمه مبدأ التناوب.
إلى أي حد، ممكن لمفهوم الأقطاب أن يغير من سلوك الدولة في التعامل مع نصفها الآخر؟ إلى أي حد، الدولة مستعدة للتخلي عن مبدأ التناوب؟ و إلى أين، سيستمر هذا الصراع ؟
إن التفكير الخفي و السائد لا يخرج عن هذه الأسئلة، كما أنه بالأساس يكسر طابو دستور 2011 الذي أبان عن محدوديته في إستيعاب الثقافة السياسية للدولة المغربية.