swiss replica watches
كفى تملصا من مسؤولياتنا – سياسي

كفى تملصا من مسؤولياتنا

كفى تملصا من مسؤولياتنا

بكثير من التبرم والتذمر، تابع المغاربة ومعهم كافة وسائل الإعلام الوطنية والدولية، أطوار الصراع السياسي الدائر حول اقتسام “غنيمة” المناصب والحقائب، بعد أن وضعت معركة تشريعيات السابع أكتوبر أوزارها منذ حوالي خمسة شهور، وما بلغه المشهد السياسي من عبث وحالة انسداد أو كما يحلو للكثيرين تسميته “البلوكاج”، ووصول مشاورات ومفاوضات تشكيل حكومة جديدة الباب المسدود، جراء إخفاق رئيس الحكومة المعين في إقناع حلفائه المفترضين، بالرضوخ إلى شروطه…

ولأن كل طرف من الأطراف المتناحرة، استمر في التمسك بوجهة نظره مبديا رغبة جامحة في فرض هيمنته على الآخر، لاسيما بين عبد الإله بنكيران باعتباره الأمين العام لحزب “العدالة والتنمية” المتصدر لنتائج الانتخابات البرلمانية، ورئيس حزب “التجمع الوطني للأحرار” عزيز أخنوش الملياردير الشهير بقربه من محيط القصر. ولأن حلقات مسلسل تبادل الاتهامات تواصلت بشكل استفزازي، وألا أحد يريد ترجيح كفة المصلحة العليا للوطن دون تلقي أوامر عليا والإقرار بنصيبه من المسؤولية في هذا “الانحباس”، كان طبيعيا أن تنعكس تبعاته على الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتساهم في تعطيل سير المؤسسات الوطنية وتأخير المصادقة على مشروع القانون المالي لعام 2017، وأن يعم السخط والاستياء مختلف الأرجاء.

بيد أن هذه المنازعات السياسوية لا تعفينا نحن أيضا من مسؤوليتنا كمواطنين، يتطلعون إلى الإصلاح والتغيير ويأملون في الاستجابة لانتظاراتهم، حين نظل مصرين على عدم الانخراط في الحياة السياسية والعزوف عن المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية، والدعوة إلى مقاطعتها بدعوى أنها “مغشوشة” ولا تعبر عن الإرادة الشعبية الحقيقية. فكيف يا ترى يحق لنا انتقاد النخبة السياسية ومؤاخذتها، إذا ما علمنا أن من بين أكثر من 33 مليون مواطن مغربية ومغربي، يوجد فقط حوالي 16 مليون مسجلين في اللوائح الانتخابية، ولم يصوت سوى قرابة ستة ملايين ضمنهم مليون و100 ألف صوت ملغى؟
مشكلتنا نحن المغاربة أننا رغم كوننا نعيش في بلد ينص دستوره على أن الإسلام دينه الرسمي وملكه يحمل صفة أمير المؤمنين، عوض التشبث بتعاليم ديننا وسنن الرسول الكريم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، الذي قال في أحد أحاديثه الشريفة: “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته…”، نشأنا للأسف الشديد على ثقافة “اللامسؤولية” وتبرير إخفاقاتنا وأخطائنا وافتعال الأعذار الواهية، من خلال إبعاد المسؤولية عن أنفسنا وإلقائها على الآخرين، وهي ثقافة رديئة أساءت إلى أجيالنا ودمرت سياساتنا العامة ومجتمعنا. ذلك أن مبدأ تحمل المسؤولية في القول والفعل، ممارسة يتعين على الإنسان التشبع بها منذ نعومة أظافره، مما يحتم على الأبوين غرس بذورها في أذهان أطفالهم والحرص على تنميتها لديهم، عبر الالتزام بمجموعة من القيم ومنحهم الحرية في انتقاء واقتناء لعبهم وملابسهم، وتحميلهم وزر الحفاظ عليها دون تكسير أو تمزيق أو إتلاف، حتى يشبوا ويترعرعوا عليها، ويكونوا قادرين على إدراك المعنى الحقيقي للمسؤولية، والتمتع باستقلالية القرار…

والمسؤولية حتى وإن لم ترد بهذا اللفظ في القرآن الكريم، فإنها جاءت بمعاني متعددة وأكثر تكرارا، سواء حول ما يجب على العبد أداؤه حيال ربه أو نفسه والآخرين من بني جنسه وغيرهم، وقد تعني أيضا الأمانة كما في قوله تعالى: ” إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها، وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا” (الأحزاب: 72). وعندما ننادي بوجوب تحمل المسؤولية، بأن يقوم كل واحد من موقعه باحترام واجباته، فإننا لا نسقط عن الدولة مسؤوليتها في ما آلت إليه الأمور من فوضى وتسيب، وما بات يعتري مسارنا التنموي من نقائص واختلالات. ولا نبرئ الحكومات المتعاقبة وسياساتها العامة، إذ أن مسؤوليتها مضاعفة مادام الحاكم ملزما بخدمة الشعب وتلبية مطالبه في العدالة الاجتماعية والحرية والعيش الكريم. من حيث تخليق الحياة العامة، النهوض بمنظومة التربية والتكوين، وتطوير آليات المراقبة وتطبيق مقتضيات الدستور في الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، والسعي إلى الحد من الفوارق الاجتماعية والتصدي لمختلف مظاهر الفساد والرشوة والمحسوبية والإثراء غير المشروع، وعدم إسناد المناصب لغير مستحقيها من ذوي الخبرة والكفاءة…
وفي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى أننا كمواطنين لنا نحن أيضا حظنا من المسؤولية، ليس فقط في اختيار منتخبينا، بل كذلك في تصرفاتنا داخل البيت وخارجه، حيث أن كل إهمال أو انشغال عن أبنائنا في تربيتهم أو كل سلوك مناف للقانون والأعراف في الشارع، أو تقصير في القيام بالواجب المهني… سيؤثر سلبا على المجتمع…
من هذا المنطلق نحن مدعوون جميعا أمهات وآباء، مدرسون وسياسيون وأمنيون وأطباء وقضاة وإعلاميون وعلماء ومثقفون… إلى التحلي بروح المسؤولية، وجعلها شعورا عاما وسلوكا يوميا لدى أفراد المجتمع. ذلك أن أي تقاعس في أداء واجباتنا، سيفضي حتما إلى ضياع حقوق الغير أو تعطيل أشغال أو عرقلة مشاريع تنموية، ويحكم على بلادنا بمزيد من التخلف والانحطاط. ولعل ما أوصلنا اليوم إلى ما نتخبط فيه من أزمات أخلاقية وسياسية واجتماعية واقتصادية وبيئية وثقافية ورياضية، أننا فرطنا كثيرا في التربية على القيم وعدم الالتزام بمسؤولياتنا. فهل نحن منتهون؟
اسماعيل الحلوتي

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*