swiss replica watches
رمضاني: النشطاء بالحسيمة ارتكبوا أخطاء – سياسي

رمضاني: النشطاء بالحسيمة ارتكبوا أخطاء

محسن فكري حياة وضعت في سوق”الدلالة”

رمضاني فتح الله

اعتقل ناصر الزفزافي، وأصبحت نوال بنعيسى أبرز وجه في ما بات يسمى قسرا ” حراك الريف”، والمقصود به الحركة الاحتجاجية التي تعرفها مدينة الحسيمة وبعض المدن الأخرى القريبة منها، قبل أن تنتقل روح الاحتجاج، إلى مجموعة من المدن المغربية الأخرى، في إطار التضامن مع مطالب الساكنة هناك، أو في إطار التنديد بالمقاربة التي تعاملت بها الحكومة مع الأشكال النضالية التي عرفتها المنطقة…

طفت نوال على سطح المشهد، كإعلان على استمرار الاحتجاج إلى حدود تلبية جميع المطالب، التي لا يختلف إثنان على مشروعيتها.
استطاعت أحداث الحسيمة منذ شهر أكتوبر الماضي، أن تلفت الانتباه إلى أن هناك بالحسيمة ونواحيها، مغاربة احتلوا الشوارع وفي إطار سلمي وحضاري، ليرفعوا مطالبهم المشروعة إلى من يهمهم الأمر، ويعلم الجميع، أن مقتل السماك محسن فكري، وبتلك الطريقة المهينة، كان هو نقطة انطلاق الحركة الاحتجاجية التي استمرت لشهور.

ونتذكر جميعا، واقعة وفاة محسن، نتذكر كل ما صاحبها من تعليق وتنديد و تشويش و تهييج واحتجاج و مطالبة بمحاسبة المسؤولين عنها، ونعلم أن ما جعل الاحتجاج على مقتله، يتحول إلى حركة تحمل مطالب اقتصادية واجتماعية، هو عدم رضا النشطاء هناك، على مسار و نتائج التحقيقات التي باشرتها النيابة العامة بخصوص الواقعة، تماما كما يعلم الجميع، أن نقطة التحول في مسار الاحتجاج بالحسيمة، والذي حافظ لشهور على سلميته، وحضارية أشكاله،كان هو عدم رضا النشطاء دائما على مقترحات الحكومة، التي قامت لجنة مكونة من بعض وزرائها، بزيارة المدينة، قبل أن تعلن عن خطة تجيب من خلالها على مطالب الساكنة، التي عبروا عنها من خلال وقفاتهم و مسيراتهم و شعاراتهم.

قد يظهر للقارئ، أن الفقرة الأخيرة، تحمل تحاملا على نشطاء الحراك، أو اتهاما مباشرا لهم، بأن عدم رضاهم و رفضهم، سواء لنتائج التحقيق حول مقتل محسن، أو لمقترحات الحكومة بخصوص الإجابة على مطالبهم، واستمرارهم في الاحتجاج، الذي عرف بعض الخطوات غير المسؤولة، سبب مباشر في ما آلت إليه الأوضاع هناك، ولنقل أن ما ظهر له هو المقصود و المرغوب إيصاله، فمسؤولية كل واحد منا، تفرض عليه اليوم، أن يتجرد من عواطفه، و ألا يتعامل مع الأحداث بخلفية تحكمها أرضية مطالب و تصورات جامدة، أو من منطلق تقاطب سياسي معين ومحدد، يحدد الخصوم والأصدقاء، فكل الحركات الاحتجاجية المماثلة في عفويتها، تثبت أن جميع نشطائها كانوا ينشدون تحقيق مطالبهم في وقت قياسي، خشية أفول الحركات التي يقودونها، أو من منطق اللا ثقة أو الحيطة، كانوا يدفعون في اتجاه فرض مطالبهم، مستغلين دائما الزخم الذي حققته الحركات التي يقودونها..هو سلوك عادي و مفهوم على أية حال..لكن هذه التجارب تثبت أنه سلوك وتكتيك غير منتج، ولا يؤدي إلى نتائج إيجابية غالبا، والتي تتمثل في تحقيق المطالب الاي رفعت.

المعنى هنا، هو أن النشطاء بالحسيمة ارتكبوا خطأ، ارتكبه كل من نشط في حركة احتجاجية عفوية، ذلك حينما حاولوا فرض حلول آنية، في مقابل الحلول الاستعجالية المطروحة من طرف الجهات المسؤولة.

وفي إطار المسؤولية دائما، يمكن القول بأنه لم يكن الخطأ الأول، فالشعار المركزي، الذي رفعه نشطاء الحركة الاحتجاجية بالحسيمة، كان خطأ، رفع شعار ” عاش الريف ولا عاش من خانه ” شعار مغلوط، فالريف ليس هو إقليما أو إقليمين، والتشبث بهذا الشعار، أعطى فرصة لجيوب المقاومة، ولمناهضي التغيير، في أن يجعلوا احتجاجات الحسيمة، احتجاجات ذات طابع شوفيني تحكمه خلفيات سياسية، وما ساعدهم في مساعيهم، هو تلك الأعلام الحمراء التي تتوسطها مربعات بيضاء بداخلها هلال ونجمة سداسية، والتي رفعت خلال كل الأشكال النضالية التي شهدتها المنطقة، والصورة لا تحتمل أي تبرير، على شاكلة أنها أعلام ذات دلالة تاريخية، تعكس اعتزاز جزء من المغاربة بوقائع مرحلة تاريخية معينة، فقد كان لزاما على الطامحين إلى الحق، قطع الطريق على كل المشوشين المتشبثين بالباطل.

نحن لا نلقي بكامل المسؤولية في ما آلت إليه الأوضاع اليوم، على قيادات الحركة الاحتجاجية بالحسيمة ، فالأصل أنهم شباب، لم يخرج إلا طلبا لحقوقه، شباب كان ضحية لردود أفعال متعددة، ولتمثلاته للطريقة السليمة من أجل إدراك التغيير و تحقيق المطالب، فالمسؤولية قائمة على الساسة الذين اتهموا جميع النشطاء بالانفصال، وقائمة أيضا على كل صحافي، صور للرأي العام أن الحكومة لا ترى في احتجاجات الحسيمة إلا نزعات انفصالية، وهي مسؤولية كل من لم يتفطن إلى أن هناك من يجد في مثل هذه الحركات الاحتجاجية، فرصة لتصريف اختياراته المعادية للوطن، قد يظهر الأمر و كأنه استسلام لنظرية المؤامرة، هوس وفقط، لكن الموضوعية المستندة على قراءة واقعية لما عرفه العالم، وخصوصا منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا، وما قيل حولها وحول من حركها، بطريقة انبنت على استغلال دوافعها الحقيقية، تجعل كل مهتم بأي حدث ميداني، مهتما بتفاصيل الأمور التي تحيط به، شعاراته، لباس نشطائه، حركاتهم، طريقة كلامهم، مرتكزاتهم وهم يدافعون عن طروحاتهم، تقنيات تواصلهم..وهو أمر بعيد عن التخوين، لكنه مرتبط أساسا بدراسة الفعل قبل الفكرة التي يجسدها المطلب.

فإذا كان الانخراط مفروض في كل الأساليب النضالية التي ترفع شعارات ومطالب مشروعة، فإن ضبط التواجد داخل هذه الأساليب، بشكل يحصنها و يضمن استمراريتها على النهج الذي بدأت به، و بصورة مقرونة و مشروطة بعدم انزياحها عن نفس النهج ونفس المطالب و نفس الشعارات و نفس الغايات، وهي النقط التي كانت دائما محط اختلاف بين الإطارات المناضلة من داخل كل أسلوب نضالي، فالمطلوب اليوم، هو الدفع في إيجاد حلول لوضع أصبح يشكل أزمة حقيقية، حلول لا رابح فيها غير الوطن، حلول غير خاضعة لمنطق المزايدات، ولا لتصفية الحسابات، تجعل مطالب المغاربة، وصراعهم من أجل الحق، مطية وتمويها لصراع حول السلطة.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*