swiss replica watches
الرئيس الذي لا يعرفونه!! – سياسي

الرئيس الذي لا يعرفونه!!

محمد فتوح مصطفى

اندهشت من طريقة تعليقات البعض على ما ورد على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي، في خطابه قبل إسبوع، خلال احتفال مصر بإطلاق إستراتيجية التنمية المستدامة “رؤية مصر 2030″، التي تطمح منها مصر إلى تحقيق نقلة نوعية تتيح لها أن تكون ضمن أفضل 30 دولة على مستوى العالم، خلال الخمسة عشر عاما المقبلة.
تحدث الرئيس في هذا الخطاب عن استعداده لفعل أي شيء من أجل مصر، وهو أشار إلى ذلك مرارا وتكرارا، ولكنه قالها هذه المرة بالروح المصرية، لأنه كان يخاطب مصريين وليس أجانب، متحدثا عن استعداده لأن يبيع نفسه من أجل مصر.
يعلم المصريون، ومن يعرفون مصر جيدا، أن هذا التعبير يعني أقصى قيم الإخلاص والتضحية من أجل أعز الناس في حياتنا، كأن يقول الأب لابنه: لو أستطيع أن أبيع نفسي لأحقق لك كل ما تريد، سأفعل.
من تحدثوا عن جملة الرئيس باستنكار، لا يعرفون الرئيس ولا يعرفون السياق الذي تولى فيه المسؤولية؛ في إطار شرعية لا تستند إلى نتائج صندوق الانتخابات فحسب، بل إلى مسؤولية وطنية لإنقاذ الوطن والإبحار بسفينته إلى بر الأمان؛ في مواجهة أوضاع وتراكمات وتحديات معقدة، وسياق خارجي أكثر تعقيدا، تبدو فيه مصر مستهدفة ومطالبة بدفع أثمان عدم وقوعها في السيناريو المظلم الذي خطط له واستثمر فيه الكثيرون!!
تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي عقب ثورة 30 يونيو، مسؤولية إنقاذ البلاد من انقسام مجتمعي خطير؛ كان ينذر بحرب أهلية، بعدما حاول الكثيرون تحويله إلى صراع عقائدي، وفي ظل أوضاع اقتصادية وأمنية متردية، وتساؤلات مريرة عن مصير “أم الدنيا”، والآن بعد نحو أقل من عامين، وتحديدا بعد 20 شهرا منذ توليه المسؤولية، ماذا تحقق؟
الأرقام والمؤشرات تقول إن ما تحقق كان كبيرا، أجهضت مصر مؤامرة استهدفت وجودها وسلامتها، واستعادت جانبا كبيرا من وجهها الحضاري، وأصبحت بها مؤسسات ديمقراطية منتخبة، ومجتمع متماسك، وأوضاع أمنية مستقرة ومتطورة، ومسار هادئ ومتوازن في العلاقات مع مختلف دول العالم، وخطط طموحة للتنمية في كافة المجالات، والأهم أن ثقة المواطن تعززت في مستقبل بلاده، وفي قدرتها على صياغة مشروعها الوطني في الديمقراطية والتنمية، بالاستناد إلى قدراتها الذاتية، كبلد صاحب تاريخ وحضارة، يمتلك مقدرات راسخة، وتعددية سياسية، ومؤسسات دستورية وقضائية عريقة، وصناعة إعلامية متطورة، واقتصاد متنوع.
أخذ الرئيس على عاتقه وضع خارطة طريق للانتقال الديمقراطي الآمن، بمسار واضح حقق انتقالا هادئا؛ رغم التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية، من خلال خارطة المستقبل التي توافقت عليها القوى السياسية والمجتمعية، بعد ثورة 30 يونيو، واستندت إلى اعتبارات وطنية تتناسب وظروف المجتمع وتطلعاته، وتم بمقتضاها صياغة دستور جديد، وانتخاب رئيس للجمهورية، ثم انتخاب برلمان جديد به تمثيل غير مسبوق للمرأة والشباب والإخوة المسيحيين، بدأ جلساته مطلع العام الجاري.
حققت مصر استقرارا أمنيا لم تشهده منذ ثورة 25 يناير، وعادت معدلات الجريمة الجنائية إلى معدلاتها الطبيعية، واستقرت أوضاع الشارع المصري، وتعزز الإحساس بالأمان والثقة لدى المواطنين والزائرين.
وانتصرت مصر في معركتها الصعبة ضد قوى الإرهاب التي استغلت أجواء الانفلات الأمني بعد ثورة 25 يناير، في تدعيم مواردها ونقاط تمركزها، ولم يتبق إلا جيوب صغيرة يتم التعامل معها بحرص في حدود القانون وواجب حماية أرواح المدنيين.
تمكنت مصر أيضا من استعادة دورها الخارجي، ونسج علاقات متينة مع مختلف دوائر السياسة الدولية، وإحياء علاقاتها الخارجية السابقة؛ دعما للاستقرار والسلام ولخطط التنمية الطموحة بها، من خلال 31 زيارة خارجية قام بها الرئيس، بجانب مشاركته في 6 لقاءات دولية، شملت ثلاث قمم أفريقية، والدورة 67 للجمعية العامة للأمم المتحدة، ومنتدى دافوس الاقتصادي بالأردن، وقمة الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية بالرياض، وقمة الهند وأفريقيا.
وتوجت هذه الجهود بعودة مصر لعضوية الاتحاد الأفريقي، وانتخابها عضوا غير دائم في مجلس الأمن، بأغلبية أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتطور علاقاتها مع معظم دول العالم.
حققت مصر معدلات نمو اقتصادي بلغت نحو 4.5% عام 2015، مقابل 2% خلال السنوات السابقة، وأدت إلى انخفاض معدلات البطالة من 13.4% إلى نحو 12.%، وتحسن ترتيبها في مؤشر التنافسية العالمية الذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي للمرة الأولى منذ خمس سنوات؛ وهو اعتراف دولي صريح بتحسن مؤشرات التنمية الاقتصادية والبشرية بها.
وجاءت إستراتيجية التنمية المستدامة “رؤية مصر 2030″، كخطوة متقدمة في سياق هذا التوجه الاقتصادي الطموح، باعتماد خارطة طريق اقتصادية تمكن الوطن من الاستغلال الأمثل لمقوماته، وتمنحه القوة والمرونة لاجتياز تحدياته الراهنة والمحتملة، وتحقيق نقلة نوعية في مؤشرات التنمية البشرية والاقتصادية خلال الخمس عشرة عاما القادمة، من خلال إقامة نظام اقتصادي تنافسي ومتوازن يعتمد على الابتكار والمعرفة، لمواجهة تقلبات الاقتصاد العالمي، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتحسين مستويات المعيشة.
وتطمح مصر من خلال تلك الإستراتيجية إلى رفع معدلات النمو الاقتصادي الى 10%، وخفض نسبة الفقراء تحت خط الفقر المدقع إلى صفر في المائة، ورفع نسبة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي من 60% إلى 75%، وتنفيذ 200 مشروع قومي عملاق، من بينها المشاريع القومية التي بدأ العمل فيها بالفعل كمشروع تنمية محور قناة السويس، وإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، وتنمية 4 ملايين فدان، وتنمية الساحل الشمالي الغربي، وبناء مليون وحدة سكنية، وبناء محطات الطاقة النووية في الضبعة، وتنمية حقول “شروق” التي تمثل أكبر كشف للغاز الطبيعي في مصر، ومشروعات الشبكة القومية للطرق، وأيضا إنشاء الأنفاق عبر قناة السويس والتي ستحقق ربط سيناء بالوادي.
هذا ما تحقق وغيره الكثير، وبقى الكثير أيضا، لكن البعض لا يرى، أو لا يرغب في رؤية ما تريده مصر من مصير لائق بها، يحدده شعبها والمخلصون من أبنائها.
جاء حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي من القلب، وعبر بصدق عما يؤمن به، ومن يعرف الرئيس، يعلم أن لا شيء يمكن أن يثنيه عن استكمال رؤيته لمستقبل مصر، وتحقيق طموحات شعبها في الاستقرار والتنمية، ومن يعرفه يعلم أيضا أنه لا يرضى بأي تجاوز ضد أي مواطن مصري، والدليل هو الإجراءات اليومية التي يتخذها أو يأمر باتخاذها ضد أي انتهاكات لحقوق الإنسان تقوم بها سلطات تطبيق القانون، ويلتزم بأطر ديمقراطية وقانونية كاملة تتيح لوسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني كشف أي انتهاكات، وتحولها إلى قضايا رأي عام، ويتم اتخاذ إجراءات فورية وقوية بشأنها، كما يحدث في دول العالم المختلفة، التي شاهدنا كيف تعاملت أكثرها ديمقراطية مع حقوق الإنسان عندما ضربها الإرهاب، وكيف أن دولة أخرى تستحوذ؛ حسب تقرير للمركز الدولي لدراسات السجون، على ربع سجناء العالم، إضافة إلى 7 ملايين شخص يعيشون تحت الرقابة الإصلاحية، ويزيد فيها عدد المعتقلات والسجون عن عدد الكليات والجامعات التي تمنح درجات علمية!!
محمد فتوح مصطفى (رئيس المكتب الإعلامي المصري بالرباط)

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*