swiss replica watches
المستهلك و المنتج… أية علاقة ؟… – سياسي

المستهلك و المنتج… أية علاقة ؟…

المستهلك و المنتج… أية علاقة ؟…

الدكتورة عائشة العلوي
أستاذة جامعية-باحثة في الاقتصاد القياسي و التحاليل و التوقعات الاقتصادية بجامعة السلطان مولاي سليمان – بني ملال.
عضوة الهيأة التأسيسية لحركة قادمون و قادرون- مغرب المستقبل.

يعتبر آدم سميث الأب الروحي الذي وضع اللبنات الأساسية للنظام الاقتصادي الحالي، لكن ما لا يعرف عن هذا المفكر أنه كان مدرسا للأخلاق و أسس نظريته في الاقتصاد مرتكزا أيضا على الأخلاق…

فسقطت الأخلاق من الاقتصاد في التطورات الفكرية البعدية لأنها تعيق الاستثمار و تجمح روح التنافس الحر و النزيه كقاعدة أساسية بين الطلب و العرض، أي المنتج و المستهلك… كيف يمكن تحقيق مناخ تنافسي حر و نزيه داخل منظور تتحكم فيه مصلحة الفرد الذي يريد أن يظل هو المسيطر و المتحكم في كل مراحل السلسلة الإنتاجية… توالت الأزمات و تعددت أسبابها… لكن، استطاع هذا النظام أن يتجدد ويجدد صيغ تطوره و بقائه…

تمخضت أولى أزمات هذا النظام الاقتصادي على خلق ما يسمى الاقتصاد التضامني و الاقتصاد الاجتماعي.

منذ البدايات الأولى لأزمات اقتصاد السوق و المتمثلة في استغلال الإنسان و اعتباره مجرد آلة للعمل؛ اتحد العامل و المستهلك في تنظيمات جماعية تنظم الإنتاج والاستهلاك وعلاقة العمل، فكانت أولى البدايات للتنظيمات التضامنية و الاجتماعية… لعوامل عدة لم يكتب لها الاستمرار؛ بل استمرت في مجالات معينة تعنى بمنتوج اجتماعي أو تضامني ذو مردودية ضعيفة أو منعدمة، حتى أنه تلاشى من الوجود الاقتصادي لأنه لم يستطع البقاء مع منافسة شرسة من طرف اقتصاد السوق، بل تحول بدوره إلى اقتصاد الفرد/السوق بدل اقتصاد الجماعة… لتعود الأزمة من جديد، تكدست على اثرها المنتوجات و غاب المستهلك، ليس بسبب المقاطعة بل لضعف القدرة الشرائية كنتيجة حتمية لأجور زهيدة لا تسد رمق الأسر بعدما أصبح أغلبيتهم يعيشون في المدن و يعملون كأجراء في المصانع؛ حدد الأجر في عدد الوحدات المنتجة مع ساعات طويلة للعمل… رغم تنبيهات المفكر هنري فورد و مطالبته برفع الحد الأدنى للأجر إلى 5 دولارات في اليوم مع نقصان ساعات العمل (كان الأجر يساوي تقريبا 2.34 دولار في يوم العمل المقدر بتسعة ساعات)؛ و هو قرار لم يقتنع به باقي المنتجين…

لم يكن هدف فورد أخلاقيا، بل كان لتشجيع اقتناء السيارات حيث كان يعتبر مؤسس شركة فورد لصناعة السيارات. هذا القرار مكنه من تسويق المنتوج و أكد للمنتجين أن نجاح المنتج و استمراره في السوق مرهون ببيع المنتوج ؛ بعبارة أخرى كلما تحسنت وضعية المستهلك/العامل كلما زاد الربح و الإنتاج… يظل السؤال العالق في كل مرحلة من التطور: كيف يمكن تحسين ظروف المستهلك؟ إذا كان الأجر هو الأساس في دخل المستهلك، كيف يمكن تحديد الأجر؟ كيف يمكن جعل الأجر عامل محرك و مشجع في العملية الإنتاجية ؟ ألا يمكن وضع نظام أجري يضمن زيادة مقننة و دورية للأجر دون إهدار للطاقات و للإنتاجية؟ ألا يمكن وضع نظام أجري يضمن توزيعا عادلا و متوازنا للثروات المنتجة ؟ ألا يمكن وضع نظام أجري يضمن حماية اقتصادية و اجتماعية للجميع؟… ما هو الدور المنوط بالدولة في المسلسل الإنتاجي و في عملية تحديد الأجر؟…

طالب المفكر الاقتصادي كينز بضرورة تدخل الدولة، موضحا أنه لا يمكن للاقتصاد أن يستقيم فقط بالإرادة الفردانية، أي أن منظومة “دعه ينتج دعه يمر” في علاقة تنافسية حرة و نزيهة لا يمكن أن تحقق التوازن و الرضى الجماعي… تدخل الدولة في الاقتصاد أصبح المحدد لضبط كل العلاقات، لم تعد مجرد الحارسة للحدود الترابية أو لأرواح الناس و ممتلكاتهم، بل أصبحت القلب النابض للاقتصاد؛ أصبحت المنظمة والضابطة و المراقبة و الساهرة على ضمان التوازنات خصوصا بين المنتجين والمستهلكين… لكن، روح الفردانية لذى المنتجين لا تستسلم، رافضة التدخل بشتى الأساليب. رغم حدة التنافس و عدم نزاهته، استطاعت أن تتوحد بصيغ مختلفة حتى تتمكن من تنظيم علاقاتها التنافسية و السيطرة على الأسواق و خلق رؤى مشتركة للإنتاج… الربح و السيطرة يظلان المحركان لنجاح التعاقد فيما بينهم… العملية الإنتاجية تبدأ من خارج المعمل/المصنع/ الشركة لتنتهي أيضا خارجه، أي هناك ضوابط و عوامل تتحكم في هذه العملية، كل منتوج يؤثر و يتأثر بمنتوج آخر بشكل مباشر أو غير مباشر داخل ضوابط و قيود تشكل المناخ العام للاقتصاد… للتحكم بهذا المناخ رغم صعوبته، استطاعت بفضل تكتلاتها اقتحام كل المؤسسات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الدفاع عن سمو عقيدتها و صفاء منتوجاتها حتى يتم اقتناءها من المستهلك مرفوق بابتسامة عريضة من المنتج، مقدما له عروضا تفضيلية و هدايا قيمة… لكن الشراء/الطلب لن يتحقق إلا إذا كان المستهلك قادرا على الدفع في علاقة ثقة و احترام… كيف يمكن حماية المستهلك اقتصاديا و اجتماعيا و صحيا؟… ألا يمكن بناء نظام اقتصادي من أجل الإنسان ؟… ألا يمكن بناء نظام اقتصادي يراعي مصلحة المستهلك/المواطن ؟…

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*