swiss replica watches
التكوين و البطالة…من أين نبدأ؟ – سياسي

التكوين و البطالة…من أين نبدأ؟

 

بقلم: عادل بن حمزة

لا أدري إذا ما كانت حكومة السيد سعد الدين العثماني جادة و هي تلتزم أمام الملك بأنها ستعد خطة قابلة للتنفيذ تتعلق بالتكوين المهني بما يسهل إدماج خريجيه في سوق الشغل في ظرف ثلاثة أسابيع…!

إذ مثل هذه الإلتزامات و هذه السرعة التي لا تعني في النهاية سوى التسرع، هي ما أنتج لنا كثيرا من الكوارث في قطاعات مختلفة، زد على ذلك أن الحكومة لا تجد أي حرج وهي تخوض في قضايا لا تملك بخصوصها أية رؤية، أو أنها مستعدة دائما لتقلب المنطق الذي يؤطر نظرتها لموضوع معين.

التكوين المهني منذ حكومة السيد ابن كيران الثانية خرج من وصاية وزارة التشغيل إلى حضن وزارة التربية الوطنية و ذلك بعد إحداث كتابة دولة خاصة بالتكوين المهني لدى وزير التربية الوطنية، هذا التحول في الهندسة الحكومية كان من المفروض أن يكون مسنودا بتحول في سياسات التشغيل التي تظهر عبر نوعين كلاسيكيين مختلفين الأول يسمى “من المدرسة إلى العمل” و الثاني يسمى “السياسات النشيطة للتشغيل”، النوع الأول يدمج المدرسة في الحياة الاقتصادية منذ السنوات الأولى بحيث يتم الانتقال بين مؤسسة المدرسة و مؤسسة المصنع بكثير من اليسر و السهولة، و في هذا النموذج تنخرط المؤسسات الاقتصادية في العملية التعليمية لا من حيث طرق التكوين و لا من حيث البرامج، و في هذا النظام يتم تتبع التلاميذ و الطلاب منذ المرحلة الأساسية، و يتم توجيههم بشكل مستمر حيث يتم تحديد الطلاب الذين سيكملون التعليم العام المتميز بالجانب النظري، و باقي الطلاب ممن سيكملون التعليم ذو الطابع المهني و هم الأكثرية على أنهم يحتفضون بإمكانية الحصول على شواهد أكاديمية عليا لأن المسارات غير مغلقة بشكل نهائي،

أما في النوع الثاني و هو الذي يعتمده المغرب منذ سنوات طويلة فيقوم على إعداد برامج للتشغيل تخصص لها حوافز مادية من أجل تمكين الخريجين من حاملي الشهادات من تجربة مهنية أولى عبر عقود تدريب في الشركات، و هو نموذج يتسم بإهدار كثير من الموارد المادية و يشرع للهشاشة في سوق الشغل بالنظر إلى الشروط التي تتضمنها عقود التدريب، إضافة إلى ذلك فهذا النوع من سياسات التشغيل ليست له القدرة الإستباقية لمعالجة اختلالات سوق الشغل و لا المشاكل التي تعرفها المدرسة، بحيث يتم وضع برامج لتصحيح اختلالات التكوين و هو أمر في غالب الأحيان يبقى دون جدوى.

نقل قطاع التكوين المهني إلى قطاع التربية و التكوين كان من المفروض أنه يعني تبني المغرب اختيار نهج “من المدرسة إلى العمل” أي ربط مسارات التكوين منذ المرحلة الأساسية..لكن الواقع أنه لا مع حكومة ابن كيران الثانية و لا مع حكومة العثماني الحالية، فإن الهندسة الحكومية ليس لها أي إرتباط بمضمون السياسات التي تصدر عن الحكومة.
هناك سرديات كلاسيكية تقول بأن التعليم ينتهي بدرجة الدكتوراه، و أن النمو يخلق الشغل بحيث نقطة في معدل النمو تحدث مابين 30 و 35 ألف منصب شغل، و أنه يجب ربط التعليم بسوق الشغل…، هذا الكلام لم يعد يملك القدرة التفسيرية الكاملة لواقع البطالة ليس فقط على المستوى الوطني، بل أيضا و أساسا على المستوى الدولي، إذ أن الدروس المستفادة من الثورة الصناعية الرابعة و الصعود اللافت للربوتات و الطابعات ثلاثية الأبعاد و الذكاء الاصطناعي، تؤكد أننا يجب أن نربي أبنائنا على أن المعرفة لا تنتهي؛ فما يحققه العلم اليوم من تطور خلال ساعات؛

كان يتطلب قبل ذلك مئات السنوات، لذلك عليهم أن يفهموا أن طلب المعرفة مثل استهلاك الأوكسجين لا ينتهي سوى بالموت، و أنه من الضروري إزالة ترسبات قيمة الشواهد العلمية كرمز لنهاية مسار التعليم، الاقتصاد الجديد المبني على المعرفة يؤكد لنا بالملموس أن النمو لا يعني بالضرورة التشغيل، فالمصانع التي كانت تعج بالعمال، أصبحت اليوم مكانا للروبوتات و الذكاء الاصطناعي و بإنتاجية أكثر، بل إن المناصب الجديدة التي يحدثها الذكاء الاصطناعي تتطلب شروطا غاية في التعقيد، فلم تعد الصناعات الجديدة بحاجة إلى أعوان تنفيذ و لو بدرجة مهندس، بل إلى مبدعين و مبرمجين و علماء بكل ما تحمله الكلمة من معنى و هو ما يفرض تحديات كبيرة و ضغوطا متواصلة على سوق الشغل على المستوى الدولي، و نظرا للتطور السريع للعلوم و التكنلوجيا فإنه يصبح من المستحيل تحقيق شيء إسمه ربط التعليم بسوق الشغل، فالتعليم يعطي المعارف العامة الأساسية التي تمنح للطلاب الكفايات اللازمة للتأقلم مع ما تحمله التكنلوجيا من جديد مع الإلتزام بالتكوين المستمر المواكب لتطور العلوم.
بلادنا يجب أن تراهن على التعليم دون تمييز بين التعليم العام النظري و بين التعليم المهني، و عليها أن ترصد موارد كافية لأسرة التعليم و لكل الوسائل البيداغوجية في المؤسسات التعليمية، و عليها أن ترسم حدودا للقطاع الخاص في إتجاه جعله مسألة اختيارية لدى الأسر و ليس مهربا من جحيم المدرسة العمومية، كما عليها أيضا أن تواكب الدراسات و الأبحاث العالمية عن المهن التي ستختفي في غضون سنوات قليلة بينما لازالت تلك الوظائف تشكل حلم لأطفال و لأسر…،

فأي تعاطي تجزيئي مع التكوين المهني سوف لن تكون له نتائج بعيدة المدى خاصة إذا إقتصر الأمر على إعداد جيوش من الشباب لتقوم بما يشبه السخرة في معامل “السيارات” و “الحبال الكهربائية” و “مراكز النداء” .

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*