swiss replica watches
فصل المقال فيما بين العثماني و أخنوش حول التجار من اتصال – سياسي

فصل المقال فيما بين العثماني و أخنوش حول التجار من اتصال

أحمد يحيا : عضو اللجنة الإدارية
الوطنية للنقابة الوطنية للتجار والمهنيين بالمغرب

تجار المغرب: استيقاظ متأخر أم قضية وجود على ضوء القانون المالي لسنة 2019
فصل المقال فيما بين العثماني و أخنوش حول التجار من اتصال.
———————-
و أنا أكتب هذه المساهمة المتواضعة حول التداعيات السلبية للمادة 145 من م.ع.ض تصل كل مرة أخبار إضرابات للتجار من هناك و هنالك و تزيد هذه الإضرابات كل مرة في إرباك رئيس الحكومة و إرباك وزارة التجارة و الاقتصاد الرقمي التي رفض دائما وزيرها استقبال ممثلي التجار و المهنيين قبل أن يتحول إلى مغرم بالتجار و المهنيين ببوزنيقة قبل أيام و إرباك مديرية الضرائب لأن التجار و المهنيين بكل بساطة قلبوا المعادلة المعروفة بمول الحانوت الذي لا حول و لا قوة له و أحسوا بوجودهم و بالتالي أدركوا أن قوتهم في وحدتهم دون حاجة لأدبيات النضال المفخخة و المزيفة فلهم يرجع الفضل في إنقاذ المغرب من كارثة حقيقية بعد أن كان الفضل للإضرابات الأولى بالدار البيضاء في إيقاف صدور المذكرة التنظيمية لتنزيل مستجدات المدونة العامة للضرائب في صيغتها لسنة 2019 كما يرجع الفضل لهذه الإضرابات في فرض سياسة الأمر الواقع على الحكومة للبحث عن حل سريع لاحتواء نتائج قراراتها الخاطئة و الغير مسؤولة و إضرابات عمالات آكادير الكبرى و إنزكان و آيت ملول و النواحي و إقليم اشتوكة آيت باها زادت من حدة إرباك الحكومة و أثمرت نتيجة صدور مذكرة تفاهم لإكمال الحوار حول مواضع الخلاف بين النقابات المهنية و مديرية الضرائب و مديرية الجمارك و الضرائب الغير المباشرة..
فهنيئا لإخواننا التجار و المهنيين على روحهم الوحدوية العالية و تكتلهم دفاعا عن وجودهم قبل أي شيء آخر و هنيئا لهم إدراكهم لوجودهم و إدراكهم لقوتهم و قدرتهم على إثبات ذلك الوجود و تلك القوة..

بسبب حملات تفتيش محلات تجارية قامت بها الجهات الإدارية المختصة و حجز سلع اعتمادا على مقتضيات القانون المالي لسنة 2019 في شقه المتعلق بالمدونة العامة للضرائب قبل حتى دخول سنة 2019 انتفض يوم 03 يناير 2019 و تحت شعار ” يدا في يد من أجل هدف واحد ” تجار العاصمة الاقتصادية بالمغرب و انطلقت إضرابات و احتجاجات و بدون سابق بالمراكز التجارية ” درب عمر و بن جدية و كراج علال و القريعة ” انتهت بوقفة احتجاجية للتجار المضربين بساحة النصر صباح نفس اليوم، و سرعان ما امتدت إلى باقي تجار المغرب على مختلف مستوياتهم بمجموعة من المدن و المراكز المغربية التجارية بالمغرب التي انطلقت منها الاحتجاجات بالدار البيضاء هي عصب التجارة إن لم نقل عصب الاقتصاد الوطني بالمغرب لكونها المراكز التي تزود الأسواق المغربية بمختلف البضائع و السلع بكل أشكالها بدءا بالمواد الأساسية في كل القطاعات و انتهاء بمواد التجميل و غيرها من الكماليات مع استثناء المواد المتعلقة بقطاعات الخضر و الفواكه و اللحوم الحمراء و الأسماك و الحليب و الألبان..
و عندما نتكلم عن هذه المراكز بالبيضاء فإننا نتكلم عن شبكة عنكبوتية معقدة و مشفرة تمتد لتغطي كامل التراب الوطني و يقع بين هرمها و قاعدتها السفلى العريضة آلاف وسائل النقل و التوزيع من شاحنات و عربات نقل …
الاحتجاجات و الإضرابات التي بدأ تنفيذها ببعض المدن و بشكل غير منسق و غير موحد دفعت الحكومة المغربية للإسراع لتطويق الموقف و إصدار بيانات و بلاغات لاحتواء الموقف انتهت بكلمة رئيس الحكومة الدكتور سعد الدين العثماني أعلن فيها عن توقيف العمل بالإجراءات الضريبية سبب هذه الاحتجاجات و هذه الإضرابات إلى غاية عقد لقاءات مع ممثلي القطاعات المعنية و تم ضرب يومي 14 و 16 يناير 2019 للقيام بذلك بين ممثلي التجار و مديرية الضرائب و وزارة التجارة و الاقتصاد الرقمي و وزارة الداخلية ..
و في كلمته قال سعد الدين العثماني عند افتتاحه اجتماع المجلس الحكومي يوم الخميس 10 يناير 2019 إن التجار الصغار الموجودين تحت نظام التصريح الجبائي الجزافي غير معنيين بالمقتضيات الجديدة للمادة 145 من المدونة العامة للضرائب و أنها تهم فقط التجار أصحاب التصريح الجبائي المبني على نظام المحاسبة …
و بشكل صبياني و في ظرفية صعبة حاول عزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يمسك أهم الحقائب ذات العلاقة بالتجارة ككل و المالية و الضرائب أن يجعل من المادة 145 من م.ع.ض أساس حملة استقطاب للتجار و المهنيين لمنظمته الحزبية للتجار و المهنيين التي تأسست مؤخرا ببوزنيقة على أرضية هذه المادة فيما يمكن أن نسميه ابتزازا سياسيا واضحا للتجار و المهنيين فحاول من أجل ذلك التنصل من مسؤولياته العظمى في تنزيل القانون المالي لسنة 2019 رغم أن وزير المالية من حزب الأحرار كما هو الشأن بالنسبة لوزير التجارة و الاقتصاد الرقمي الذي لم يسبق له أن التفت إلى التجار و المهنيين على مدى تحمله لمسؤولية هذه الوزارة …..
غير أنه كما يقول المغاربة راه التاجر و المهني عاق و فاق…
انطلاقا من هذا التقديم المختزل سأحاول تناول هذا الموضوع بناء على خمسة عناصر وهي:
01 – التاجر الصغير من هو ؟؟؟
إن التجار أصحاب الدكاكين و المحلبات، وغيرهم من التجار الصغار، غير معنيين بالإجراءات الأخيرة، هذا كلام رئيس الحكومة في مستهل عرضه يوم الخميس الماضي عند انطلاق أشغال المجلس الحكومي الذي ترأسه، فمن هو التاجر الصغير الذي يتكلم عنه الدكتور سعد الدين ؟؟؟
عند تفحص القانون 95-15 المتعلق بمدونة التجارة و هو القانون المنظم للمعاملات التجارية و المحدد للأشخاص الطبيعيين و الاعتباريين اللذين تجري هذه المعاملات بينهم و هي التي تضبط بنصوص قانونية واضحة ما يترتب عنهم من منازعات لن تعثر على كلمة التاجر الصغير و كل ما هناك هو ما جاء في المادة الأولى منها التي تقول: ينظم هذا القانون القواعد المتعلقة بالأعمال التجارية والتجار، ثم ما جاء في فقرات المدونة الأولى المتعلقة باكتساب صفة التاجر على غرار التسجيل في السجل التجاري و شكلياته أما ما تبقى فكله متعلق بالمنازعات و بالمقاولات و صعوبتها إلى غير ذلك و لكن المؤكد بصفة اليقين هو أنه ليس هناك شيء اسمه ” التاجر الصغير ” في هذه المدونة…
أهمية طرح السؤال أساسية في هذه اللحظة بالضبط لأن النقابات المهنية و الجمعيات المهنية تتكلم دائما دفاعا عن التجار الصغار لذلك سار على دربهن رئيس الحكومة في خطابه و رسائله… بل أكثر من ذلك لا تحديد و لا وجود في مدونة التجارة للتعريفات السائدة و الشائعة وسط التجار التي كانت سابقا في القانون التجاري المغربي في عهد الحماية و التي كانت تدقق و تفصل بين تجار الجملة و نصف الجملة و الباعة بالتقسيط…
و هنا لا بد من فصل المقال في هذا الجانب وتنبيه النقابات و الجمعيات المهنية إلى أن الجواب عن هذا السؤال موجود في المدونة العامة للضرائب و ليس في مدونة التجارة و أن المواد ( 39-40-41 ) من المدونة العامة للضرائب هي التي تفصل و تضبط الحدود بين كل ما هو متعلق بالأشخاص الطبيعيين و الاعتباريين انطلاقا من أرقام معاملاتهم و ليس انطلاقا من دكاكينهم أو موضوع تجارتهم و تتناول هذه المواد الثلاثة بصفة عامة ثلاثة أنواع من الفاعلين في المجال التجاري و الملزمين بالنسبة لمديرية الضرائب وهم الملزمون الخاضعون المشمولون بالتصريح الجبائي بنتيجة الربح الصافي الخالص، ثم الملزمون الخاضعون لنظام المحاسبة المبسطة و في النهاية الملزمون الخاضعون للتصريح الجبائي الجزافي …. و تلخيصا لكل هذا فإن الخاضعين لنظام التصريح الجبائي الجزافي هم أصحاب أرقام المعاملات التي تقل عن 1.000.000 درهم ( مليون درهم ) أما ما فوق رقم المعاملات هذا فوجب عليه الانتقال للتصريح الجبائي بنتيجة الربح الصافي الخالص التي تقتضي مسك محاسبة دقيقة و كل ما يترتب عليها من آثار قانونية و جبائية مالية….
و تلخيصا فإن مبلغ 1.000.000 كرقم للمعاملات السنوية الذي يجب أن لا يتجاوزه المشمولون بالنظام الجزافي استعملته مديرية الضرائب بطريقة احتيالية ما يجردها من صفة الإدارة المواطنة إذ لم تقدر في ذلك ارتفاع الأسعار و التكاليف بشكل صاروخي غير قابل للمقارنة منذ إقراره سنة 1985 في القانون المالي لسنة 1986 في إطار التشريع الضريبي آنذاك لإدخال الضريبة على القيمة المضافة ضمن المستجدات المالية و الضريبية بالمغرب التي تم فعلا الشروع في تنزيلها و تطبيقها سنة 1986 و شتان ما بين ( مليون درهم ) سنة 1985 و ( مليون درهم ) سنة 2019 من حيث القيمة بسبب معدلات التضخم و غلاء و تكاليف و مصاريف المعيشة بصفة عامة و مزاولة التجارة بصفة خاصة و يعلم الجميع أن مصالح وزارة المالية و على رأسها مديرية الضرائب تستعمل جدول تآكل العملة عند تحديد قيمة الرسوم و الضرائب الواجب أداؤها بالنسبة للعقارات و غيرها و إذا انطلقنا من هذا الجدول الرسمي لوزارة المالية الذي يحدد نسبة احتساب تآكل العملة فإن نسبة التآكل النقدي في المغرب الواجب احتسابها بالنسبة للدرهم الواحد ( 01 درهم ) رسميا و قانونا هي بالنسبة لسنة 1985 هي 1.716 و 1.621 بالنسبة لسنة 1986 في انتظار تحديد المعامل الجديد بالنسبة لسنة 2019 …
فلماذا نهجت مديرية الضرائب و معها الحكومات المختلفة سياسة تحايلية تجاه هذا الموضوع إذ أن المسألة تتعلق بأرقام متحركة و متغيرة من سنة إلى أخرى كان يجب عليها أن تخضع نظام تصريح التجار و المقاولات التجارية الخاضعين لنظام التصريح الجزافي لتغير قيمة الدرهم المغربي و عليه عليها أن ترفع الحدود الفاصلة بين هذا النظام ونظام التصريح الجبائي بنتيجة الربح الصافي الخالص الذي يقتضي مسك محاسبة دقيقة إلى مبلغ 1.621.000 على الأقل و تطبيق مبدأ القاعدة المتحركة لتآكل الدرهم المغربي …. و هي القاعدة التي تؤسس عليها مديرية الضرائب احتساب فوائد التأخير و الذعائر و فوائد التحصيل و هو ما يجعلها تضرب شعار ” الإدارة المواطنة ” لتعتمد شعار عوضه حلال علينا حرام عليكم بشكل فج و احتيالي …..
02 – مشكلة المادة 145 من مدونة الضرائب أو نظام الفاتورة الرقمية.
إن ما يصطلح عليه بالفاتورة الرقمية الملزم للتجار و المقاولات التجارية الخاضعين للتصريح الجبائي بنتيجة الربح الصافي الخالص القاضي بمسك محاسبة دقيقة و غير مبسطة ابتداء من السنة المحاسبية و المالية 2019 يجعل رقم المعاملات الحقيقي لكل الزبناء و المتعاملين مع التجار و المقاولات التجارية الخاضعين للتصريح الجبائي بنتيجة الربح الصافي الخالص تحت الكشف المجهري لأرقام معاملاتهم و بالتالي ستترتب على هذا الكشف أثار قانونية تترتب عليها من جانب آخر آثار جزائية مالية بالدرجة الأولى خصوصا كل التجار اللذين يتجاوز رقم معاملاتهم مليون درهم و ما زالوا يقدمون تصريحاتهم المالية لمديرية الضرائب وفق النظام الجزافي.
فأساس المشكل هو المادة 145 من المدونة العامة للضرائب الذي يفرض على تجار الجملة… نظام فوترة رقمي جديدة و يلغي بل يمنع الفوترة و الفاتورة بشكلها القديم تحت طائلة متابعات قانونية و غرامات مالية ….
فالنظام الجديد للفاتورة الرقمية يشترط فيها أن تكون رقمية متصلة و متسلسلة و أن تضم كل المعلومات المتعلقة بتاجر التقسيط أو زبناء تجار الجملة سواء الشخصية أو الجبائية و يجب أن تتضمن رقم التعريف الموحد للمقاولات الذي حل محل التعريف الجبائي أو الضريبي و أن تتضمن كذلك البريد الإلكتروني للملزم، إضافة إلى إلزامية الأداء بالأوراق البنكية عوض الأداء نقدا الذي أنزل سقفه لمبلغ خمسة آلاف درهم عوض عشرة آلاف درهم و ربط النظام المعلوماتي المحاسبي لتجار الجملة بالوحدة المعلوماتية المركزية لمديرية الضرائب….
الفاتورة الرقمية إذا ستكشف المستور و ستمنح مديرية الضرائب بناء على ذلك الحق في مراجعة ضريبية لكل من سيظهره هذا الكشف خارج مقتضيات مدونتها العامة و ستمتد هذه المراجعات للسنوات الأربعة الاخيرة الغير المشمولة بالتقادم الجبائي و المالي و بذلك ستضخ مبالغ كبيرة و ضخمة لم تكن في الحسبان في الخزينة العامة للمملكة كما سيتم توسيع الوعاء الجبائي للمنظومة الضريبية بالمغرب و لاسيما في الجانب المتعلق بالضريبة على القيمة المضافة و كل هذا بناء سياسية لا تمت للمواطنة و حقوقها من طرف الحكومة المغربية و وزارة المالية و مديرية الضرائب التي لم تكلف نفسها عناء التواصل مع الشبكة الواسعة للتجار و المقاولات اللذين سيشملهم تنزيل مقتضيات المادة 145 من المدونة العامة للضرائب أما إشراكهم كما ينص على ذلك دستور المملكة المغربية لسنة 2011 في وضع السياسات المالية التي تعنيهم فيبقى من ضرب الخيال و هنا لا بد من التذكير و التسطير بالبند العريض أن “دولة” الكونفدرالية العامة للمقاولات بالمغرب لا تعامل بنفس الطريقة بل بالعكس فهي تساهم في صنع و صياغة القانون المالي منذ عقد من الزمان و لا يمكن لأي قانون مالي أن يخرج لحيز الوجود قبل مصادقتها و موافقتها على مضامينه….
ملخص القول أن نظام الفاتورة الرقمية الجديد في حال تطبيقه سيخرج الغالبة العظمى بقوة القانون من التصريح الجبائي الجزافي إلى نظام التصريح بنتيجة الربح الصافي الخالص المبني على المحاسبة مع ما سينتج على ذلك من إلزامية التسجيل في نظام التصريح بالضريبة على القيمة المضافة و الخضوع لمراجعة ضريبية للأربع سنوات الأخيرة الغير المشمولة بالتقادم الجبائي أو الضريبي..

03 – المادة 145 من م.ع.ض الحكومة و السياق ؟

إن هذا السؤال يستمد مشروعيته لكون الإجابة عليه تعطينا حدود و هامش مناورات الحكومة لإيجاد صيغ للحل الممكن انطلاقا من كلام السيد رئيس الحكومة و انطلاقا من حملة عزيز أخنوش وزير الفلاحة و رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار اللا أخلاقية الذي وجد في معاناة التجار و بؤسهم و مآسيهم التي تنضاف إلى أوضاعهم الاجتماعية المزرية و الصعبة أصلا مناسبة لاستقطاب حزبي في أفق الانتخابات المقبلة بشكل لا يمكن لمن له ذرة غيرة على هذا الوطن و مؤسساته إلا أن يدينه..
اعتمد قانون المالية لسنة 2019 على أربعة شعارات تبريرية لعنواوينه الرئيسية، و هي:
– إنجاح الحوار الاجتماعي و دعم القدرة الشرائية للمواطنين
– مواصلة الأوراش الكبرى للبنية التحتية والاستراتيجيات القطاعية لتوفير ظروف الإقلاع الاقتصادي ودعم الاستثمار والمقاولة.
– الحفاظ على التوازنات الاقتصادية الكبرى.
– مواصلة الإصلاحات المؤسساتية و الهيكلية الكبرى.
وعلى هذا الأساس يطمح قانون مالية سنة 2019 إلى تحقيق نمو اقتصادي في حدود 3,2 في المائة ، و معدل عجز للميزانية يقدر ب 3,7 في المائة من الناتج الداخلي الخام، فيما تتوقع الحكومة المغربية، أن تصل نفقات التسيير إلي 205 مليار درهم مقابل 188 مليار درهم برسم سنة 2018 بزيادة قدرها 8,67% يخصص منها مبلغ 73,37 مليار درهم لنفقات الاستثمار، مقابل مبلغ 68,23 مليار درهم سنة 2018.
من جانب الموارد تتوقع الحكومة الوصول إلى مبلغ 242 مليار درهم، مقابل 227 مليار درهم لسنة 2018، و ستحتل الضرائب المباشرة المرتبة الأولى في موارد ميزانية الدولة بنسبة 41.45 %، و تأتي الضرائب غير المباشرة في المرتبة الثانية بنسبة 36.98 %، ثم رسوم التسجيل بنسبة 7.49%، و عائدات مؤسسات الإيداع و الإدخار بنسبة4,71 %، فالرسوم الجمركية ب 3.87 %، فمبالغ تفويت مساهمات الدولة بنسبة 2.06%، فالهبات في النهاية بنسبة 0.49%.
و ستخصص الحكومة مبلغ 195 مليار درهم للاستثمار العمومي و توقعت الحكومة توزيعها على الشكل التالي: 1- استثمار الميزانية العامة بمبلغ 77,5 مليار درهم، 2 – المؤسسات والمقاولات العمومية 99 مليار درهم، 3 – الجماعات التربية ب 18,5.
إذا هذه هي بعض العناصر الرئيسية التي بنت عليها الحكومة قانون ماليتها لسنة 2019 ما يجعل تنفيذه ضربا من الوهم و الخيال علما أن ثقل المديونية الخارجية التي فاقت مبلغ 36 مليار دولار يجعل المسألة مستحيلة دون اللجوء لمصادر تمويلية لا يبقى منها سوى خيار توسيع الوعاء الجبائي و الضريبي كحل وحيد و لذلك فإن الأداة السحرية و التقنية الوحيدة على هذا الفعل هي تفعيل المادة 145 من المدونة العامة للضرائب و لو جزئيا عند الاقتضاء، حتى يكشف تطبيقها ( حسب منطق وزارة المالية ) المختبئين دون وجه حق في التصريح وفق النظام الجزافي و ترتيب الآثار القانونية على ذلك ( المراجعات الضريبية ل 04 سنوات ) و قبل ذلك ضبط الأرقام الحقيقية لكبار التجار و الموزعين عبر نظام و برنامج معلوماتي رقمي دقيق، سيرتب من جهة أخرى آثارا قانونية جزائية مالية على تصريحاتهم السابقة الغير مشمولة بالتقادم الجبائي و الضريبي فتوسيع الوعاء الضريبي على أساس المادة 145 من م.ع.ض أو الفاتورة الرقمية و لو بشكل جزئي سيمس كل من الضريبة على القيمة المضافة و الضريبة على الدخل و الضريبة على الشركات و هو ما يعني ضخ مبالغ مالية ضخمة في الخزينة العامة للملكة ستجعل جزء من برنامج الحكومة السابق قابل للتطبيق…
لقد دعا الملك مخمد السادس في خطاب العرش الأخير إلى: ( الإسراع بإنجاح الحوار الاجتماعي، حيث ندعو مختلف الفرقاء الاجتماعيين، إلى استحضار المصلحة العليا، والتحلي بروح المسؤولية والتوافق، قصد بلورة ميثاق اجتماعي متوازن ومستدام، بما يضمن تنافسية المقاولة، ويدعم القدرة الشرائية للطبقة الشغيلة، بالقطاعين العام والخاص )
و هذه الدعوة الملكية للإسراع بإنجاح الحوار الاجتماعي هي حمل ثقيل على حكومة ضغيفة لم تجد لتلبيتها إلا نظام الفاتورة الرقمية المحدد في المادة 145 من م.ع.ض كأحد أكبر الاجتهادات لإنجاح الحوار الاجتماعي و بذلك قد ترمم أوضاعا اجتماعية ترميما خفيفا و لكنها ستزلزل بحلولها الوضع الاجتماعي لفئات اجتماعية واسعة و عريضة …
لقد عرضت هذه الإطلالة المقتضبة عن السياق الذي فرض تفعيل المادة 145 من المدونة العامة على الضرائب لأظهر لمن يعنيه الأمر أن مطلب إلغاء المادة 145 من م.ع.ض يبقى أمرا مستبعدا في ظل حكومة ضعيفة و غير متجانسة و عاجزة عن مواجهة الإكراهات الاقتصادية و المالية الداخلية و الخارجية بسياسات عمومية واضحة و شفافة تأخذ البعد الاجتماعي في إطاره التشاركي الحقيقي عند وضعها و ليس بعد ذلك مع كل الشرائح الاجتماعية المعنية …. و نذكر هنا بأن الضريبة على الثروة كانت في مقدمة البرنامج الانتخابي لحزب العدالة و التنمية غداة دستور 2011 و لو أنها طبقت لاستطاعت خزينة الدولة الانتعاش دون اللجوء لخنق الفئات المجتمعية الهشة أصلا و لكن للأسف تراجع رئيس الحكومة السابق عند أحد أهم ركائز برنامجه الإنتخابي…
و عل هذا الأساس فإن تطمينات الإطفائي الدكتور سعد الدين العثماني للتجار و المهنيين لن تصمد طويلا أمام واقع مرير و على المعنيين من التجار و المهنيين البحث عن صيغ حلول واقعية و ممكنة لا تمس بحقوقهم و لا بمكتسباتهم و يبقى السؤال هل هناك فعلا حلول ممكنة من هذا النوع ؟؟؟

04 – هل هناك حلول واقعية ممكنة في ظل الإكراهات المالية و الاجتماعية للحكومة المغربية ؟؟؟
و هذا السؤال موجه بالدرجة الأولى للتجار و المهنيين لأنهم في نهاية المطاف هم موضوع التطبيق و تقديرهم لكل هذا أساسي درأ لكل مطالب أو مشاكل بعد فوات الأوان.
قد يوحي التطبيق التدريجي بعد التفاوض مع القطاعات الاستراتيجية التجارية و المهنية الحرة للمادة 145 من م.ع.ض أو تجميد العمل به مؤقتا بأن المشكل قد انتهى و كذلك الشأن بالنسبة للتراجع عن إلزامية الإدلاء بالتعريف الوطني للمقاولة و لكن ذلك و تحت ضغط واقع وفاء الحكومة ببرنامجها المضمن في الخطوط العريضة لقانونها المالي، سيفرض على مديرية الضرائب تغيير خطتها التي كانت ستعتمد التجميع المعلوماتي الرقمي للبيانات و المعطيات الصادر من عند التجار أنفسهم إلا أنه في هذه الحالة ستقوم مضطرة و مكرهة على تجميع هذه المعطيات و أرقام المعاملات للعمليات التجارية بالطريقة القديمة بالاعتماد على التعريف الجبائي الضريبي و بشكل أفقي حسب مسالك التوزيع و ليس بشكل رقمي عمودي آني و رقمي و في النهاية ستصل لمبتغاها إذ وظفت لذلك خصيصا أكثر من 900 ( تسعمائة مفتش مالي ) مهمتهم مراقبة مسالك العمليات التجارية و كشف الوضعية الحقيقية للملزمين تجاهها الخاضعين للتصريح الجبائي المالي الجزافي انطلاقا من أرقام معاملاتهم التجارية و هذا هو الهدف من كل هذا نظرا لما سيكون لهذا الكشف من آثار تعود على خزينة الدولة بمبالغ كبيرة لم تكن في الحسبان ….
لذلك على التجار و المهنيين أن يعلموا أن مشكلهم الحقيقي ليس فقط في المادة 145 من المدونة العامة للضرائب و إنما يكمن مشكلهم الحقيقي في المواد 39 و 40 و 41 من هذه المدونة و لا سيما المادة 41 التي على التجار و المهنيين أن يناضلوا لتغييرها برفع سقف رقم معاملات المستفيدين من نظام التصريح الجبائي الجزافي إلى مبلغ 2.000.000 درهم ( مليونا درهم ) كأقل تقدير أو اعتماد معامل يتغير مع تآكل الدرهم المغربي كما أوضحت ذلك سابقا و بهذا سيكون الضرر اخف بكثير في حال التطبيق الكلي أو الجزئي التدريجي للمادة 145 من م.ع.ض مع إبقاء المواد 39 و 40 و 41 على وضعن الحالي.
و عليه و باختصار فإن أهم ما يجب أن تناضل عليه شرائح التجار و المهنيين بالنسبة لتداعيات القانون المالي لسنة 2019 في علاقته مع المدونة العامة للضرائب يتلخص في:
– فتح حوار جدي مع مديرية الضرائب انطلاقا من تطبيقها لشعار الإدارة المواطنة مع التجار و المهنيين باعتبارهم مواطنين في إطار تلازم الواجبات و الحقوق و إصدار إعفاء ضريبي عام لما قبل التنزيل التدريجي و الجزئي للمادة 145 من المدونة العامة للضرائب بموجب نص قانوني تشريعي أو تنظيمي.
– التنزيل الجزئي و التدريجي الاختياري للمادة 145 من م.ع.ض مع وضع الآليات التواصلية و التقنية للبرمجة المعلوماتية الرقمية و مواكبة التجار بالتكوين في المجال الرقمي المعلوماتي و الدعم المادي لمن اختار من التجار الانخراط في نظام الفوترة الالكترونية الرقمية لأن هذا النظام يستوجب هيكلة كلية جديدة لنظام التجار المعلوماتي المحاسباتي الرقمي مع ما يتطلبه ذلك من توظيف لمتخصصين في المحاسبة اللذين يحتاجون بدورهم لتكوين في الموضوع و ما سيترتب عن هذه التوظيفات من التزامات قانونية يفرضها القانون.
– رفع سقف رقم معاملات المستفيدين من نظام التصريح الجبائي الجزافي إلى مبلغ 2.000.000 درهم ( مليونا درهم ) على أقرب تقدير أو اعتماد معامل تآكل الدرهم المغربي المعتمد رسميا
– نفس الشيء بالنسبة للضريبة على القيمة المضافة التي يجب أن يرتفع رقم الخضوع لها من مبلغ 2.000.000 درهم ( مليونا درهم ) إلى مبلغ 4.000.000 درهم ( أربعة ملايين درهم ) كأقل تقدير أو اعتماد معامل تآكل الدرهم المغربي المعتمد رسميا.
و يبقى إشراك القطاعات التجارية مسألة أساسية في إطار مقاربة تشاركية عند وضع كل القوانين و السياسات العمومية ذات العلاقة بميدان التجارة بكل أشكالها و ليس بعد وضعها لتفادي هذا النوع من الارتجالية التي ولدت ردود فعل لا أحد يعلم انعكاساتها و لا المدى الذي ستصل إليه ارتداداتها بعد أن انتفض التجار و المهنيون و تجاوزوا كل
التقديرات التي لم تكن في حسبان الحكومة و الأحزاب و النقابات التي انحرفت عن أداء مهامها النضالية …
05 – تنظيم قطاع التجارة الداخلية كأولوية الأولويات في سقف المطالب
* إلا أن الملف المطلبي للتجار و المهنيين يجب أن يكون له سقف و خط أحمر لا تراجع عنه و هو المتعلق بتنظيم التجارة الداخلية بهدف الوصول لإقرار الحق في تكافؤ الفرص بين التجار و المهنيين و غيرهم من المقاولات التجارية الكبرى المنظمة و المهيكلة من جهة و القطاعات الغير مهيكلة سواء المتعلقة بالباعة المتجولين أو أسواق القرب التي ظهرت مؤخرا و انتشرت بشكل سرطاني في جل المدن المغربية و يقتضي مفهوم الدولة الوطنية الاجتماعية العادلة وضع حد لكل هذا بإنصاف التجار و المهنيين ( و هذا من حقهم بقوة القانون ) من كل هذه الأشكال و غيرها من المنافسة الغير الشريفة و الغير المشروعة …
إن هذا المطلب الرئيسي لن يتأتى إلا بالعمل على إصدار قانون خاص منظم للتجارة الداخلية و تجارة القرب و أولوية هذا المطلب تكمن في كونه سيلزم السلطات العمومية بحماية التجار الصغار من المنافسات الغير الشريفة و الغير المشروعة التي تسحق أعدادا هائلة من التجار و تحيلهم من الطبقة الوسطى إلى الطبقات و الشرائح الاجتماعية الأكثر هشاشة و لا بد هنا من التسطير و بالبند العريض على أنه و طالما لم يتم إخراج مدونة للتجارة الداخلية تحدد بدقة الماهية القانونية للتاجر و تضع الفواصل و الحدود القانونية بين التاجر الصغير و التاجر المتوسط و تاجر الجملة و في نفس الوقت تفصل بين التاجر الشخص الذاتي في الحالات الثلاثة و المقاولة التجارية المهيكلة فإنه يصعب بل سيبقى مستحيلا وجود أرضية صلبة للحماية القانونية و الاجتماعية لهؤلاء التجار و المهنيين من المنافسة الغير المتكافئة و الغير المشروعة كما أن حمايتهم الاجتماعية رهينة بإخراج هذا القانون المنظم للمهن التجارية ….
كما أن أولوية إصدار قانون منظم للمهن التجارية و التجارة الداخلية و تجارة القرب سيفرض على التجار من تلقاء أنفسهم التنظيم في إطار تمثيلي واحد لأن تنظيم قطاع التجارة الداخلية بقانون سيجعل للتجار إطارا تمثيليا واحدا ينص عليه بشكل صريح في هذا القانون كما هو الشأن بالنسبة للصيدلة و غيرها من المهن المنظمة بقانون..
و قبل اختتام هذه المقالة المتواضعة أذكر التجار و المهنيين أن لا يوقفوا نضالاتهم حتى تحقيق المطلب الأسمى و الملح الذي ليس إلا إخراج قانون منظم للتجارة الداخلية و تجارة القرب و التاجر الذي على أساسه يمكن مستقبلا أخذ مطالب و أوضاع التجار و المهنيين بالجدية المناسبة لحجمهم و عددهم و مشاكلهم حتى يعاملوا كهيئة منظمة بقانون على غرار دولة الكنفدرالية العامة للمقاولات بالمغرب..
و في النهاية و في انتظار سياسة حكومية جبائية عادلة تجاه عموم المواطنين و التجار و المهنيين بصفة خاصة أحيل حكومتنا الموقرة على مقولة صاحب العمران البشري المؤرخ و عالم الاجتماع الذي خبر سقوط الدول و حلل أسباب ذلك فكتب في مقدمته قولته المأثورة المبنية على دراساته و ملاحظاته لنشأة الدول الإسلامية و انهيار العديد منها و جعل من بين الأسباب الكبرى لذلك ما تلخصه مقولته: (عنـدمــا تـكثــر الجبــايـة تشرف الدولة على النهـايــة)

أحمد يحيا : عضو اللجنة الإدارية
الوطنية للنقابة الوطنية للتجار والمهنيين بالمغرب

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*