نوفل بلمير: إلى الاصدقاء في حزب الاصالة و المعاصرة
الى الأصدقاء في حزب الاصالة و المعاصرة
نوفل بلمير
قرأت في إحدى الصحف أن حزب الأصالة و المعاصرة ينوي القيام بمبادرة الغرض منها فتح نقاش بين الأحزاب السياسية تتوخى تعديل المادة 47 من الدستور حتى يتم تصحيح المنهجية الديمقراطية من القدرية المفروضة كما سموها داخل حزبهم.
أولاً أشكر و أحيي الأصدقاء في حزب الأصالة و المعاصرة على إنشغالهم المستمر في فتح النقاش السياسي الذي يطمح إلى تجويد النص الدستوري و عن طريقه إصلاح الحياة السياسية بشكل يجعلها أكثر إنسجاماً و تلاؤماً مع ما تقتضيه القيم الديمقراطية.
و صحيح أن هذا العيب الدستوري لا يتماشى مع منطق الشرعية الانتخابية التي تفترض الحصول على أغلبية الأصوات المعبر عنها و ليس الحصول على المركز الأول خلال الانتخابات التشريعية، إلا أن هذا المطلب يأتي متأخراً و منعزلاً عن السياق الذي يعيشه المشهد السياسي حالياً.
متأخراً، لأنه ما فتأت بعض الأصوات السياسية و الحزبية تنادي به منذ فترة طويلة ولا سيما بعد خروج حزب الاستقلال من حكومة عبد الإلاه بنكيران و كان هذا المطلب الاستباقي في حينه كافياً لإسعاف المغرب من تجاوز قرابة 06 أشهر من بلوكاج تشكيل حكومة 2016، لذلك فطرحه اليوم بهذه الطريقة قد يبدو و كأنه تعديل قانوني بسيط يخضع لحسابات و ترتيبات مسبقة بدل أن يكون توجه سياسي قادر على استثمار الجوانب الإيجابية في الدستور.
و منعزلاً، لأن الانغلاق الذي يعيشه المشهد الحزبي حالياً في المغرب لا يرتبط بالقوانين بل يرتبط بالسياسة بشكل عام، الحديث عن “شرعية التمثيلية” اليوم يطرح سؤال: من يمثل من؟ و هل الأحزاب كتنظيمات سياسية هي وحدها الكفيلة بممارسة السياسة؟ أم يجب توسيع وعاء السياسة في المغرب؟
بطبيعة الحال، الجواب على هذه الأسئلة البنيوية يحتاج الإسراف في المناظرة والمجادلة الفكرية، التاريخية، الثقافية و الفلسفية، أما هذا المقال فهدفه يرمي إلى توضيح مغالطة مفادها أن هذا التعديل الدستوري كتدبير أحادي بهذه الطريقة سيعالج الوضع السياسي الحالي.
فإن كان النقاش سيقتصر على الأحزاب السياسية فقط، و ستكون هي المحاضر و المخاطب و المشرع و المقرر في الوقت نفسه فذلك حقها. علماً أن نقاشا مثل هذا يستدعي مشاركة أوسع و لا أعني بها الحضور حول طاولة النقاش بل توسيع منطلقات الإصلاح السياسي بشكل عام، تكون فيه الأحزاب مشاركة من ضمن مشاركين آخرين، مساهمة من ضمن إسهامات معرفية أخرى و لا يجب أن ينتظر من مخرجات هذا النقاش تحقيق مصلحة طرف أو ذاك، بل تحقيق المصلحة العامة التي تسعى للارتقاء بالحياة السياسية ككل و بغيرة وطنية تكون هي الأساس.
فإصلاح المنظومة السياسية كلٌ لا يتجزأ، لا يقتصر على تعديل الدستور بل يتعدى ذلك إلى ما هو إصلاح المنظومة الانتخابية بشكل عام و إصلاح القوانين التنظيمية المتعلقة بالمؤسسات التمثيلية و القوانين المتعلقة بالأحزاب السياسية و النقابات، إصلاح شامل يجيب على سؤال واحد: ماذا نريد؟
في الأخير أجدد تحياتي للأصدقاء في حزب الاصالة و المعاصرة، و أرجو أن تتاح للجميع فرصة أخرى و أوسع لتطوير النقاش و التفاعل الجدي و الإيجابي في هذا الموضوع البالغ في الأهمية.