swiss replica watches
برنامج “أوراش”: خطوة إلى الأمام – سياسي

برنامج “أوراش”: خطوة إلى الأمام

لن نفشي سرا إذا ما قلنا بأنه من بين أبرز الخطوات الإيجابية، التي نادرا ما نرى الحكومات المتعاقبة تقدم على مثلها عند بداية ولايتها، هي تلك التي تحققت يوم الأربعاء 12 يناير 2022 على بعد يوم واحد فقط من حلول السنة الأمازيغية الجديدة، بإعلان حكومة عزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، قائد التحالف الحكومي الثلاثي، خلال الشهور الثلاثة الأولى من عمرها عن شروعها في تنفيذ أحد الالتزامات العشرة الواردة في برنامجها. ويتعلق الأمر هنا ببرنامج أطلق عليه اسم “أوراش”.
وبرنامج “أوراش” هذا حسب ما ورد على لسان رئيس الحكومة خلال اجتماع المجلس الحكومي المنعقد يوم الخميس 13 يناير 2022، ليس سوى واحدا من بين أهم المشاريع الاجتماعية والتنموية التي ما فتئ ملك البلاد محمد السادس يوصي باعتمادها في إطار تحقيق التنمية المستدامة، انسجاما مع اهتماماته البالغة ورعايته الخاصة بالعنصر البشري، الذي ظل على الدوام يحث على جعله في قلب السياسات العمومية والنهوض بأوضاعه عبر المبادرات التنموية وغاياتها الأساسية، وخاصة في ظل الظروف الاستثنائية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا المستجد، وما فرضه من قيود وخلفه من تداعيات اجتماعية واقتصادية صعبة ومؤلمة…
وجدير بالذكر أن البرنامج خلف ردود فعل كثيرة ومتباينة، إذ بقدر ما رأى فيه البعض مجرد برنامج لامتصاص الغضب الشعبي المتأجج من فرط الغلاء وارتفاع معدل البطالة وخفض منسوب الاحتقان الشعبي، بقدر ما خلف ارتياحا واسعا في أوساط الأقاليم والفئات المستهدفة…
فالإيجابي في هذه الخطوة الفريدة من نوعها، أنها جاءت في وقت مبكر وغير معهود من ذي قبل، وتترجم إلى حد ما نية الحكومة في الوفاء بما تعهدت به من وعود والتزامات خلافا للحكومات المتوالية، خاصة منها حكومتي حزب العدالة والتنمية السابقتين.
إذ أنها قررت أن تبدأ في التنزيل الفعلي لبرنامجها، وذلك عبر إعطاء انطلاقة مشروع يهدف إلى تشغيل عدد كبير من الباحثين عن فرص عمل على مراحل.
ورصدت له ميزانية ضخمة تقدر بحوالي مليارين ونصف مليار درهم، على أن يستهدف بالدرجة الأولى ودون اشتراط مؤهلات الأشخاص الفاقدين عملهم بسبب جائحة “كوفيد -19″، أو الذين تعترضهم صعوبات في ولوج فرص الشغل، ضمن عقود تبرمها جمعيات المجتمع المدني والتعاونيات والمقاولات معهم، من خلال عقد شراكة تشمل القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية، والسلطات المحلية والجماعات الترابية، بالإضافة كذلك إلى مقاولات القطاع الخاص….
والبرنامج سيهم في مرحلته الأولى عشرة أقاليم وهي: المضيق الفنيدق، والحاجب، والرشيدية، وأزيلال، والنواصر، الحوز، فكيك، وادي الذهب، سيدي قاسم وتارودانت. ويهدف بالأساس إلى تقديم أجوبة شافية وذات أثر فوري على المواطنين المتضررين من تداعيات الفيروس التاجي، بإحداث ربع مليون فرصة شغل مباشر في بحر السنتين الحالية والقادمة 2023/2022، من خلال فتح أوراش عامة مؤقتة سيتم تفعيلها تدريجيا، وهي تلك الموجهة إلى حوالي 80 في المائة من العدد الإجمالي للمستفيدين من البرنامج، وتهدف إلى تلبية حاجيات المواطنين على مستوى البنيات التحتية والقيام بأشغال وأنشطة ذات طابع مؤقت، تهم المنفعة العامة والتنمية المستدامة من قبيل إنجاز مسالك طرقية، ترميم المآثر والمنشآت العمومية، التشجير وإعداد المساحات الخضراء، محاربة التصحر وزحف الرمال، رقمنة الأرشيف، التنشيط الثقافي والرياضي والتأطير التربوي العرضي. وأوراش أخرى ترتبط بدعم الإدماج المستدام، موجهة إلى حوالي 20 في المائة من المستفيدين وترمي إلى تحقيق عدد من الأهداف على صعيد بعض المناطق من قبيل محو الأمية والتعليم الأولي، الاعتناء بالأشخاص المسنين، الأنشطة الرياضية والثقافية، المطعمة المدرسية والخدمات الشبه الطبية. وأن البرنامج سيمكن الأشخاص المستفيدين من دخل شهري لا يقل عن الحد الأدنى للأجر خلال فترة الورش، ويمكنهم أيضا من التغطية الاجتماعية بما فيها التعويضات العائلية، حسب القوانين والأنظمة الجاري بها العمل.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن الدولة ستحرص من جانبها على دعم الجهات المشغلة بواسطة منحة خاصة في حدود 1500 درهم شهريا لمدة 18 شهرا عن كل مستفيد”ة” لتحفيزها على التشغيل. وأن هذا البرنامج الواعد سيشمل كذلك التأطير داخل الأوراش المفتوحة بهدف تطوير مهارات وكفايات الأشخاص المستفيدين، فضلا عن أنهم سيحصلون عند نهاية تلك الأوراش على وثيقة إدارية مسلمة من قبل المشغل، من شأنها تعزيز حظوظهم في الإدماج مستقبلا في إطار أنشطة اقتصادية أخرى مماثلة واكتساب تجربة مهنية.
إننا إذ نقدر بحق حسن نوايا الحكومة ونثمن عاليا هذه الخطوة التي تندرج في إطار تطويق تداعيات جائحة كورونا، ودعم الشرائح والفئات الاجتماعية المتضررة في بعض الأقاليم بفعل تدابير الحجر الصحي الشامل وإفلاس الكثير من المقاولات، فإننا نأمل ألا يكون برنامج “أوراش” مجرد نسخة سيئة لبرنامج الإنعاش الوطني وغيره من البرامج ذات الوظائف المؤقتة، التي لا تحل معضلة البطالة المتفاقمة. وأن تعقبه برامج أخرى لا تقتصر غاياتها الكبرى على ضمان الخروج الآمن من الأزمة الصحية وحسب.
وإنما نحن بحاجة أكثر إلى برامج حقيقية وذات مصداقية وفاعلية، تكون قادرة على تلبية انتظارات الجماهير الشعبية، من حيث السهر على الحد من معدلات الفقر ومحاربة الفساد والإقصاء الاجتماعي، تحسين الخدمات الصحية والنهوض بقطاع التعليم وتوفير فرص شغل ملائمة لذوي الشهادات العليا.
والحرص كذلك على الزيادة في حجم استثمارات القطاع العام، ثم جلب الاستثمارات في القطاع الخاص والرفع من وتيرة التصنيع، دون إغفال التنزيل الأمثل لمشروع الحماية الاجتماعية.
اسماعيل الحلوتي

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*