swiss replica watches
أضواء على حزب الأصالة و المعاصرة عشية المؤتمر الوطني الثالث – سياسي

أضواء على حزب الأصالة و المعاصرة عشية المؤتمر الوطني الثالث

المريزق المصطفى/فاعل سياسي

يقترب موعد المؤتمر الوطني الثالث لحزب الأصالة و المعاصرة من تاريخ انعقاده (أيام 22/23 و 24 من الشهر الجاري)، في جو من التحضير الجاد و المسؤول، يوحي بالحرص على سلامة كيان الحزب وطنيا ووحدة صفوفه على قاعدة التلاحم الوطني، و سط ترقب و تطلعات منقطعة النظير.
و إذا كانت رحى المناقشات تدور حاليا حول الدور المنوط بهذا الحزب و القيمة المضافة التي سيأتي بها المؤتمر الثالث، فإن مشاريع خططه و برامجه و أدبياته تثير الجدل و الترقب و الحماسة.
و رغم ما تعرض له “البام” من حملات تشويه و تشهير، إلا أن استحقاقات 2015 أبانت عن جاذبية كبيرة يتمتع بها أنصاره و عن تجذر في صفوف الجماهير الشعبية التواقة للتغيير، في انتظار ما ستسفر عنه استحقاقات 2016 و ما سيترتب عنها من تحولات سياسية و اجتماعية لا يمكن إغفالها.
و ينظم الحزب مؤتمره الثالث لجنة تحضيرية تعكس مختلف مكوناته و هيئاته و منتدياته، ما سيمكنه من إعمال كل التدابير و الإجراءات المتعلقة بالانتداب و تهيئ مشاريع الوثائق الفكرية و السياسية و القوانين المهيكلة للحزب، و بالتالي رفع كل التحديات و تنفيذ خطة الطريق التي رسمها المجلس الوطني الأخير بتاريخ 14 نونبر من العام الماضي.
و بعيدا عن أي اصطياد سياسي مناسباتي، و قبل الخوض في ما ينتظر الحزب من تحديات داخلية و خارجية و المساحة التي يجب أن يغطيها في المستقبل بعد نجاته من العزلة و اللافعالية بسبب المواقف الجريئة التي تبناها سياسيا و تنظيميا حفاظا على خطه الحداثي الديمقراطي؛ من الضروري أن لا ننسى ما تحتمه علينا ظروف النضال الموضوعية لكي لا نتيه وراء تفسير التطورات الجماعية لمكونات الحزب و ديناميتها من دون أن نكلف نفسنا عناء طرح الأسلة المقلقة، و من دون أن نستحضر أهمية البنيات و الهياكل و دورها في تحقيق غايات متميزة و خدمات ذات طابع استشاري أو بحثي أو ترويجي.

إن الأزمة الحالية التي تجتازها بلادنا تقوم على قاعدة أوسع بما لا يقاس، و هو ما يفرض علينا اليقظة و الوعي النشيط، الجريء و المقدام، بدل تبرير الواقع العنيد بمساجلات حول الألقاب و الأنساب و الأسر و القبائل و استعادة الأدوار النضالية السابقة، و حتى يكون المؤتمر الثالث فاصلا في تاريخ حزب الأصالة و المعاصرة و من تم في التاريخ السياسي المغربي الحديث.
وإذا كان امتعاض المغاربة من طول انتظار ترجمة دستور 2011 إلى قوانين و نصوص تؤسس لدولة الديمقراطية الجهوية يعتبر من التحديات الكبرى التي تنتظر الأصالة و المعاصرة، فإن الوضعية الاجتماعية المزرية لعموم الجماهير تضع الحزب و مناضليه وجها لوجه أمام الحقيقة و أمام اختبار مصداقية الفاعل السياسي و فعله.
لقد عانى المشهد الحزبي المغربي كثيرا من اتساع الهوة بين القواعد و القيادات و من فقدان الثقة في الإطارات و المنظمات و النقابات و من النضال السياسي بشكل عام، نتيجة سنوات السلطوية و الاستبداد التي أرهبت المواطنين و جعلتهم مرتبطين بالأشخاص (و الخوف في بطونهم) و ليس بالوطن كقضية.
إن القيادة المنتظر فرزها في المؤتمر الثالث، أمامها مسؤوليات جسيمة تفرضها حالة الانتقال من مرحلة النشوء و التأسيس إلى مرحلة التطور و المأسسة في ظل مناخ سياسي عام يطبعه احتقان الصراع الديمقراطي المنظم، و المنافسة الشريفة و الحوار المفتوح و المثمر و حرية الرأي و الانتماء و التعبير.
إنها قيادة الخيار الديمقراطي المؤمن بالنضال الطبقي و بناء حزب سياسي شديد اللحمة، ثابت مبدئيا، و منفتح على كل النجاحات الجماهيرية. و هذا لن يتأتى إلا بكسر القاعدة التقليدية المتبعة في مثل هذه المؤتمرات و التي تؤجل النقاش الحقيقي و الحوار الوطني حول مشروع الحزب و خصوصيته إلى أجل غير مسمى.
لقد كان تحديد مطلع سنة 2016 تاريخ المؤتمر الثالث لحزب الأصالة و المعاصرة مفاجأة لكافة القوى السياسية التي كانت تعتقد استحالة جمع و لم مناضلات و مناضلي الحزب مباشرة بعد نهاية استحقاقات 2015 و ما خلفته من نزيف في الفضاء العمومي و السياسي، و هو ما قوى الثقة داخل مكونات الحزب و جنبه كل أنواع الصراعات الثانوية و الهامشية المرتبطة بالنضال الظرفي المصلحي و الموسمي.
إن حاضر الحزب لا يمكن تفسيره بأحداث ووقائع ماضي كنا جميعا جزء منها. و كنا فاعلين فيها من مواقع مختلفة. فإذا أردنا أن نجنب بلادنا كل الأخطار القادمة المرتبطة بالتحولات في البنيات الاقتصادية و الاجتماعية و التغيرات في أنظمة الإدارة، فعلينا الجواب على الأسئلة التالية:
ما الذي يوحد المغاربة اليوم؟ ما هي الطبقات الاجتماعية الأكثر تضررا؟ و ما هي المهمات التي تتلاقى فيها مختلف الطبقات؟
لقد حاول حزب الأصالة و المعاصرة منذ تأسيسه تمثيل تطلعات شريحة واسعة من المواطنات و المواطنين ذوي الدخل المتوسط و دون، و استعادة الثقة في العمل السياسي و في المؤسسات (بعد ما عاشه المغاربة من ظروف قاسية و من تعصب سلطوي نافذ و قمع شمولي استمر ما يفوق ثلاث عقود من الزمن)، و المساهمة في المصالحة السياسية وبناء مغرب الاستقرار و التماسك الاجتماعي القائم على قيم الانسانية و الحرية و العدالة الاجتماعية و المساواة. و هو اليوم يحصن بيته لكي لا ينحرف المؤتمرون نحو الموافقة على المزيد من التنازلات الهادفة لزيادة سلطة المال في بلادنا و خوصصة كل ما تبقى من مؤسسات و مصالح وطنية و منح تسهيلات اقتصادية، بينما الواقع المغربي يدعونا للتجديد و التحديث و معالجة المشاكل السياسية بتحقيق المساواة و العدالة الاجتماعية بين الأجيال و تمكين الجيل الجديد من الشباب و النساء من الحق في الثروة، الأمر الذي يتطلب اجتهادا و تطويرا في آليات الحزب و مبادئه الأساسية و قوانينه التنظيمية.
و لضمان الفوز في الاستحقاقات المقبلة، يجب على المؤتمر الثالث ان ينتزع نصر كبير يتيح له اكتساب مواقع جديدة في مساحات أوسع من الخريطة السياسية المغربية، و هو مطلب يعززه “الاتجاه أو الخط الوسط” المنشود، من أجل اقتصاد مزدهر وتقسيم كل مكتسبات المجتمع بطريقة أكثر عدل و مساواة في أفق إصلاح فعلي و شامل عنوانه بناء الدولة الديمقراطية الحديثة بمضمونها الاجتماعي الاقتصادي للقضاء على كل أشكال الفساد و النهب و المحسوبية و الزبونية.
و بشكل عام، إن حزب الأصالة و المعاصرة في مؤتمره الثالث، يجب أن يخطو خطوة كبيرة إلى الأمام في اتجاه رسم خطه السياسي المناصر للدولة المدنية و لدولة الحق و القانون، و المعبر الأمين عن المصالح الحيوية لبلادنا ووحدتها الوطنية و عن الآمال العميقة و الشرعية للشعب المغربي و على رأسها إطلاق “مخطط مغرب الشباب و الكفاءات” (لتمكينهم من الحق في العيش الكريم و المساهمة في تنمية بلدهم) للحد من الفوارق الاجتماعية و التطرف، و تحصين الحقوق و المكتسبات السياسية و المدنية لكافة أبناء الشعب المغربي و في مقدمتها التعليم و الثقافة و الصحة و السكن و الشغل في إطار الدولة الجهوية الجديدة التي من اختصاصها رسم كل معالم التنمية المجالية.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*