swiss replica watches
مآلات الإستثناء المغربي – سياسي

مآلات الإستثناء المغربي

عادل بنحمزة
تحل اليوم الذكرى الخامسة للخطاب الملكي الأشهر والذي ألقاه الملك يوم 9 مارس 2011..كان المغرب يعيش على وقع تظاهرات حركة 20 فبراير، وعلى الأخبار والصور والفيديوهات التي تنقل بالصوت والصورة، إنهيار أنظمة سياسية على وقع إنتفاضات شعبية غير مسبوقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قادها الشباب والفئات المحرومة التي توجد على هامش السياسات العمومية في تلك البلدان.
بدا الأمر كلعبة الدومينو، فتوالي سقوط الأنظمة وإشتعال الإنتفاضات الشعبية، أشعر الجميع هنا بالخوف من مصير مشابه، وكان الجميع قد تابع ردود الفعل المتعنتة التي صدرت عن قاد سياسيين، ببساطة لأنهم لم يستوعبوا حجم واقع الغضب الشعبي، وما ساهمت به المواقع الاجتماعية والفضائيات من تأجيج لذلك الغضب وإعطائه القوى والصلابة اللازمتين، كان الجميع ينتظر رد فعل المؤسسة الملكية، فكان خطاب 9 مارس الذي شكل إستثناءا حقيقيا، من ضمن جميع ردود الفعل الصادرة عن قادة الأنظمة في المنطقة، وقد ساهم خطاب 9 مارس بشكل كبير في رسم ممكنات أخرى لمطالب الإصلاح، غير إنهيار النظام أو إندلاع مواجهات مسلحة، وإنطلقت دينامية نقاش وطني واسع حول الدستور الجديد الذي يمكن أن يتدارك أعطاب التجربة الديمقراطية ببلادنا.
مطلب الإصلاح الدستوري كان دائما في صدارة جدول أعمال القوى الوطنية الديمقراطية، لكن مع إنطلاق ما سمي بالتناوب الديمقراطي، خفت هذا المطلب وتراجع للوراء، فالبعض إعتقد أن المساهمة في تدبير أمور الحكم من موقع المشاركة الحكومية، وتفعيل الإصلاحات الضرورية، من شأنه أن يعيد التوازن لميزان القوى داخل الدولة، ومن شأن هذا التوازن المنشود أن يساهم في ربح مسافات في الاصلاح السياسي وبالنتيجة القدرة على تأويل النصوص الدستورية وفق قراءة ديمقراطية تخدم مسار الإصلاح وتنزع بصفة تدريجية لبوس السلطوية التي تميز النظام السياسي..لكن النتيجة كانت هي غرق متواصل في تدبير تركة ثقيلة على مستوى العجز الاقتصادي والاجتماعي، وتصاعد الطلب الاجتماعي الذي لم يكن ممكنا الإستجابة له رصفة مرضية، وهو ما ساهم في التضييق على القوى الوطنية وتمديد اختلال ميزان القوى بينها وبين القصر.
بعد الإنهاك الذي تعرضت له أحزاب الصف الوطني، وبعد ظهور حركة 20 فبراير كحركة سياسية جماهيرية، كانت المؤسسة الملكية ملزمة بإتخاذ المبادرات الضرورية في المرحلة، وهنا وجب لفت الإنتباه إلى أن كل تلك الأحزاب الادارية التي أبدعت الدولة في خلقها منذ الإستقلال، أثبتت مجددا بأنها بلاجدوى عندما يتعلق الأمر بغضب الجماهير والقضايا الكبرى..فكان خطاب 9 مارس بمضامينه وإلتزاماته ولغته..يشكل جوابا مقنعا لتأسيس مرحلة جديدة ببلادنا..لكن هل كان نص الدستور الذي عرض للإستفتاء الشعبي، وفيا لخطاب 9 مارس؟
الأستاذة رقية المصدق في كتابها الصادر حديثا عن مطبعة النجاح المعنون ب “متاهات السلطة التأسيسية ..هل تتعايش الملكية الدستورية مع دستور تقديري”، تجيب على السؤال السابقة بالقول أن الكثيرين ممن صوتوا على دستور 2011 كانوا عمليا يصوتون على خطاب 9 مارس، ولفهم ذلك لابد من العودة إلى نصوص دستور 2011 والتي في عمقها حافظت على الوضع الدستوري السابق مع بعض الإستثناءات التي ميزته كدستور لصك الحقوق، لكن بصفة عامة ومن خلال الممارسة هناك شعور عام أن دستور 2011 بحاجة إلى تعديلات جديدة ، سواء تعلق الأمر بصياغته أو بالمضامين التي حبل بها، فدستور 2011 ولأنه جاء في ظرفية دقيقة من تاريخ المغرب، سعى واضعوه إلى إرضاء كل الفئات والحساسيات في المجتمع حتى ولو نتج عن ذلك تناقض جلي.
اليوم بع خمس سنوات من التطبيق تبدو بلادنا في طريق العودة إلى ما قبل لحظة 9 مارس…في ظرفية تتعزز فيه قناعات السلطوية، بتزامن مع طلب إجتماعي متصاعد وتراجع كلي للدولة عن المعيش اليومي للمغاربة، والأخطر من ذلك هو أن منطقة شمال إفريقيا تدخل مرحلة جديدة من التوتر وعدم الاستقرار بشكل يهدد بلادنا جديا..
ترى هل لازال ممكنا الاستمرار في الحديث عن إستثناء مغربي؟

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*