عمر مصادي
على صعيد المملكة المغربية، وبفضل التوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، فإن محاربة العنف ضد النساء شهد تطورا ملحوظا في السنوات الأخيرة، حيث تبنت المؤسسات المغربية و جمعيات المجتمع المدني عددا من المبادرات والتشريعات لمحاربة هذه الظاهرة وحماية النساء، ومن أبرز الجهود التي تم بذلها في هذا المجال نجد:
1.التشريعات والقوانين
قانون العنف ضد النساء (2018):
في عام 2018، تم إقرار قانون 103.13 لمكافحة العنف ضد النساء في المغرب، الذي يهدف إلى حماية النساء من مختلف أنواع العنف، سواء كان جسديا، نفسيا، أو إقتصاديا.
هذا القانون يعزز من حماية النساء من العنف المنزلي، والتحرش في الأماكن العامة، والإغتصاب، ويمنح النساء حقوقا أكبر في الحصول على حماية قانونية.
قانون مكافحة التحرش الجنسي:
تم إدراج أحكام قانونية لمعاقبة التحرش الجنسي في الأماكن العامة وفي مكان العمل. كما يشمل القانون العقوبات للمعتدين سواء كانوا رجالا أو نساء، ويهدف إلى تعزيز السلامة العامة للنساء في الأماكن العامة.
2.المؤسسات والمراكز المتخصصة
مراكز الإستماع والإيواء:
تم إنشاء العديد من المراكز التي تقدم الدعم النفسي والقانوني للنساء ضحايا العنف، مثل “مراكز الإستماع”، التي تتيح للنساء اللجوء للحصول على استشارات قانونية ونفسية في سرية تامة. هناك أيضا ملاجئ توفر بيئة آمنة للنساء الهاربات من العنف الأسري.
خطوط للطوارئ:
أُطلقت خطوط لتلقي الشكاوى والإبلاغ عن حالات العنف ضد النساء، مثل الرقم الوطني”19” للأمن الوطني، الذي يمكن للنساء الإتصال به للإبلاغ عن أي نوع من العنف.
3.التوعية والتثقيف المجتمعي
الحملات الإعلامية:
قامت المؤسسات العمومية جمعيات المجتمع المدني بإطلاق حملات توعية في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي للتعريف بحقوق النساء وأهمية مكافحة العنف، حملة “صوتك مسموع” على سبيل المثال تهدف إلى تشجيع النساء على التبليغ عن حالات العنف وعدم السكوت عنها.
البرامج التعليمية:
في المدارس والجامعات، تنظم اوراش عمل وبرامج توعية حول العنف ضد النساء والمساواة بين الجنسين. يتم التركيز فيها على ضرورة تغيير الثقافة السائدة التي قد تسهم في تبرير العنف ضد النساء.
4.الجهود المجتمعية والتعاون مع المنظمات الدولية
المنظمات غير الحكومية:
تلعب منظمات المجتمع المدني خاصة”جمعية الإتحاد الوطني لنساء المغرب” و الذي تتراسه سمو الأميرة الجليلة للامريم، دور مهم في تقديم الدعم للنساء المتعرضات للعنف، حيث تم إحداث منصة ”كلنا معك” وهي منصة تسهل التواصل و التوجيه و مواكبة النساء ضحايا العنف اللواتي يمكنهن التواصل مع المنصة عبر رقم الهاتف 8350 وعبر التطبيق “كلنا معك”.
وكذلك من خلال الحملات التوعوية، وتقديم المشورة القانونية، وتنظيم أوراش عمل للتعريف بحقوق النساء وإنشاء مراكز للإواء والتكوين والتدريب…
التعاون مع الأمم المتحدة:
تعاون المغرب مع منظمات دولية مثل الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية في مجال مكافحة العنف ضد النساء، وتطبيق برامج تهدف إلى تحسين الوضع الإجتماعي والإقتصادي للنساء في المناطق القروية والنائية.
5.التحديات والصعوبات
رغم الجهود المبذولة، مازال المغرب يواجه تحديات كبيرة في مجال محاربة العنف ضد النساء. من أبرز هذه التحديات:
التمسك بالعادات والتقاليد: قد تتأثر بعض النساء بالثقافة المجتمعية التي تروج لفكرة التسامح مع العنف في بعض الحالات، مما يجعل من الصعب عليهن التبليغ عن تعرضهن للعنف.
نقص الوعي في بعض المناطق: توجد بعض المناطق النائية التي تفتقر إلى الوعي الكافي بالقوانين التي تحمي النساء من العنف، مما يتطلب المزيد من الجهود لتوسيع نطاق البرامج التوعوية.
و هكذا فإن المملكة المغربية تسعى إلى تحسين وضع النساء وحمايتهن من العنف من خلال تعديل التشريعات، دعم المؤسسات العمومية والمدنية، وتعزيز الوعي المجتمعي. ورغم التقدم الكبير في هذا المجال، إلا أن هناك تحديات مستمرة تتطلب تكثيف الجهود لضمان حماية النساء وتعزيز ثقافة المساواة والإستقلال المالي والإقتصادي خاصة في المجال القروي.