الهاتف … بين الجاهل و العارف
بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين ،اكادير،فبراير،2025
مقال (20).
من السهل ان تسلم بندقية لشخص وتقحمه في معركة هو متحمس لها ، لكنه مؤكد اذا لم يكن يجيد فن القتال سيسقط مع اول خطوة بساحة المعركة .
هذه القاعدة تسمى ب :إمتلاك المهارة ،
في بلادنا وضعنا هواتف في ايدي الناشئة دون ان نعلمها دواعي استعمالها ، فتحولت من نعمة الى نقمة ،ومن علامة تطور الى سلاح مدمر للشخص ومحيطه.
الهاتف ازرار ،كل زر يسافر بك الى عوالم خارج عالمك ، وبلمسة زر ينقل عملك او ما يحيط حولك الى كل بقاع العالم .
من ينشر على فضاءات التواصل الاجتماعي أشبه بلاعب كرة وسط الملعب ، هو يعرف ان حوله جمهور لكنه لا يعرفهم واحدا واحدا ، وحتى وهم يهتفون لا يميز اصوات من معه او ضده الا في مضمون الكلمات.
لا تستطيع أن تستوعب أثر ما تنشره على نفسك ومحيطك و الصورة النمطية التي تقدمها عن بلدك .
فالامر أشبه بمن يرمي حصاة في البحر .
التصوير فن له قواعده ،والخطابة كلمات منتقاة و لها معاني تستوجب عباراتها ،والافلام والمواقف سيناريوهات تخدم الحبكة الفنية ،و تصوير الغير له قواعده التي تحفظ حماية الحياة الشخصية للمواطنين ،
الكارثة ان نجوم فضاءات التواصل الاجتماعي الذين يغرقونها بالصور و الفيديوهات غالبيتهم العظمى لا يفقهون شيئا من كل ما ذكرنا ، هم مجرد جندي سلمت له بندقية وكله حماس .
لا يمكن زجر هذه الأفعال بالمنع و التصدي و الحجب و التشويش ، بل لابد من إدماج تعلم المهارات التكنولوجية في المقررات المدرسية .
فما المانع أن ندرس للناشئة الضوابط الخاصة بالهواتف وطرق استعمالها ، وإن نفتح نوادي للتصوير تفتح اعين الناشئة على المهارات المطلوبة لصياغة فيديوهات بقيمة فنية و محتوى ذو قيمة و مؤثرة ايجابا على المتلقي.
كل المغاربة يهللون لقطاعات تقتحم البناء الاقتصادي مثل صناعة السيارات و اجزاء الطائرات ،و الطاقات المتجددة و لكن لا احد يطرح الاسئلة عن حجم تواجد من يتقن هذه المهن!!!
اليوم مفتاح المستقبل له ثلاث مرتكزات :
ـ المهارة
ـ التكنولوجيا
ـ اللغات.
واكبر ما يميز المغاربة انهم يمتلكون مهارات اكتسبوها بالفطرة او الوراثة او من مدرسة الحياة ومن داخل ورشات عشوائية .
و المغاربة ابانوا عن قدرة خارقة في التعامل مع التكنولوجيا و البرمجة و الابداع في المجال السمعي البصري الذي يغزو فضاءات التواصل الاجتماعي.
وشبابنا اليوم اداروا ظهورهم للغة الفريدة و اتجهوا نحو تعلم لغات مختلفة ركيزتها وفي مقدمتها الانجليزيه.
هكذا تتوفر لدينا كل الشروط لمنع سقوط الجندي بساحة المعركة من اول خطوة ، كل ما هو مطلوب منا هو صقل هذه المهارات و المواهب وحسن استعمال التكنولوجيا ودعمها بتشريعات تضبط المعاملات وسبل الاستعمال ، واستثمار اللغات بجعل المغرب منفتحا على كل الثقافات والحضارات.
مدارسنا تعلم لكنها لا تربي على مهارات لها علاقة بسوق الشغل ، و لا نعير اهتماما للمواهب بسبب تغييب النوادي و الأنشطة الموازية ، ولا زالت سبورتنا بلونها الاسود و الطباشير هي السائدة في كثير من مدارسنا التي لم تنفتح بما يكفي على التكنولوجيا.
نحتاج لوقفة تاريخية نرمي فيها مقررات بالية في سلة المهملات و ننفتح على برامج و مهارات و مسالك تربوية منسجمة مع العصر .
لابد لنا من التحرك بسرعة ، لان الاوضاع تتغير وتتطور من حولنا و الناشئة تكبر على قيم لا تتوافق مع العصر .
و هذا ورش اكبر من إصلاح التعليم الى ورش لإصلاح المواطن.
فهل تعتبرون ؟