حاجة الكابرانات إلى المداواة بالصدمات!
مع توالي مجرى الأحداث في العالم والتصعيد الجزائري ضد المغرب خلال السنوات الأخيرة، ولاسيما منذ عام 2020 بعد تمكن القوات المسلحة الملكية المغربية من تحرير معبر الكركرات من ميليشيات البوليساريو الانفصالية في عملية نوعية اتسمت بالدقة ودون إراقة قطرة دم واحدة، واعتراف الإدارة الأمريكية بمغربية الصحراء، وما تلى ذلك من انتصارات دبلوماسية مغربية في ملف الصحراء، تأكد لعديد المراقبين والمحللين السياسيين عبر العالم، أن كابرانات العسكر الجزائري يعانون كثيرا من مرض مزمن يسمى “المروك”، لا يمكن التعافي منه إلا بنوع خاص من الصدمات.
فالكابرانات الذين ما انفكوا يعلنون عن الحياد في ملف الصحراء ويرددون بأنهم ليسوا معنيين به، كما يرفضون بشدة الجلوس على طاولة الحوار كطرف رئيسي في النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء، مع الطرف المغربي الذي يصرون على اتهامه بالطرف “المحتل” و”المغتصب” لحق الشعب الصحراوي المزعوم، وفق قرارات الأمم المتحدة التي تؤكد على مركزية مسلسل “الموائد المستديرة”، طالما انكشف أمرهم واتضح جليا أنهم مهووسون حتى النخاع بهذه القضية، وإلا ما معنى هدر ملايير الدولارات في دعم ميليشيات البوليساريو الانفصالية، المتحصل عليها من عائدات النفط والغاز الجزائريين، بينما يشكو الشعب الجزائري من ضيق ذات اليد، ضعف القدرة الشرائية وندرة المواد الغذائية، كما تشهد على ذلك طوابير الحليب والزيت والبطاطس وغيرها في الأسواق وأمام المحلات التجارية؟
إذ أنهم يبدون استعدادا خرافيا لمواجهة مختلف بلدان العالم باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية من أجل استفزاز المغرب ومعاكسته في وحدته الترابية، ولا يتوقفون لحظة عن الهلوسة باسمه وإقحام موضوع الصحراء في عديد اللقاءات الدولية والتظاهرات الرياضية، لدرجة لم يجد معها سفير المغرب لدى الأمم المتحدة عمر هلال من وصف مناسب للحالة المرضية التي وصل إليها حكام قصر المرادية في الجزائر، عدا أنهم يعانون من “سكيزوفرينيا حادة”، مما يتعين معه خضوعهم إلى علاج نفسي مكثف أو حراك شعبي عاصف، ربما يسعفهم ذلك في العودة إل جادة الصواب، ويقودهم إلى الاهتمام بالمشاكل الداخلية للبلاد ورفع المعاناة عن الشعب الذي يشكو من غلاء المعيشة أمام تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وارتفاع معدلات الفقر والبطالة وانتشار الفساد وغيره…
أليس من النذالة والسفالة أن يحتضن بلد جار في شهر نونبر 2024 ما أطلق عليه الكابرانات اسم “يوم الريف”، والتمادي في استهداف الوحدة الترابية للمغرب، من خلال استقبال شرذمة من المرتزقة المفلسين أخلاقيا من ذوي التوجه الانفصالي، الذين يطالبون بفصل منطقة الريف عن “خريطة المغرب”؟ ألا تعتبر مثل هذه الخطوة الجزائرية الخرقاء اعتداء سافرا على السيادة المغربية، وتنضاف إلى سجل النظام الجزائري الحافل بالممارسات العدائية ضد المغرب وغيره من البلدان الإفريقية، وتكشف عن نواياه المبيتة والخبيثة في تأجيج التوترات الإقليمية والمس باستقرار المنطقة؟ وأين نحن مما يدعيه من التزام باتفاقيات حسن الجوار والتعاون وعدم المس بسيادة الدول على أراضيها؟
فأي نظام سياسي عاقل في العالم يقتطع من ميزانيته السنوية مبالغ فلكية لتمويل أنشطة حركات انفصالية وإرشاء العديد من الشخصيات والجمعيات، ولنأخذ هنا على سبيل المثال لا الحصر ما كشفت عنه مجلة “ألجيري بارت بلوس” المتخصصة في الشؤون الجزائرية، في أحد أعدادها نقلا عن مصدر عسكري جزائري، بأن السلطات الجزائرية تحول حوالي مليار دولار إلى الكيان الصحراوي الوهمي، معتمدة في ذلك على ما توفر لديها من وثائق رسمية تشير إلى أن ميزانية وزارة الدفاع في “الجمهورية الوهمية الصحراوية” تصل إلى ما يقرب من 497 مليون دولار، بتمويل أساسي من كابرانات الجزائر، حيث أن جميع القطاعات الوزارية تعمل بانتظام على المساهمة في دعمها ماديا منذ عام 1976 في سرية تامة، فضلا عما يتم توفيره لها كذلك من وقود ومعدات وتسليح وتدريب لحوالي 10 آلاف من المرتزقة الذين يشكلون مجمل قوات المقاتلين الانفصاليين والإرهابيين؟
إن تعافي الجزائر رهين بمدى قدرة النخب السياسية والمثقفة والضمائر الحية، ممن يرفضون حياة الذل والخنوع التي يفرضها عليهم “الشقي” شنقريحة وباقي أفراد “العصابة الحاكمة”، على صناعة المستقبل بقيم العدل والمساواة وفصل السلط وربط المسؤولية بالمحاسبة، وذلك عبر صعق هؤلاء المعتوهين الذين ظلوا جاثمين على صدور الجزائريين لأزيد من ستة عقود.
وأن يسارعوا بعد التخلص من حكم العسكر إلى إيجاد حلول ناجعة تعيد للأحزاب السياسية قوتها ودورها الحقيقي في بناء المؤسسات، والانكباب على صياغة دستور جديد يحقق لهم ذلك الحلم الذي ظل يراودهم حول إقامة دولة مدنية حديثة وديمقراطية.
اسماعيل الحلوتي