الجزائر وبوادر الانهيار!

الجزائر وبوادر الانهيار!

 

      لم يعد يمر علينا يوم دون أن يصلنا ضجيج تلك الأبواق الإعلامية التابعة للعصابة الحاكمة في قصر المرادية بقيادة “الشقي” شنقريحة، حيث الأخبار الزائفة والاتهامات الباطلة تكاد لا تتوقف عن استفزاز المغرب ومحاولة التشويش على مساره التنموي الناجح وانتصاراته الدبلوماسية المتواصلة، ولاسيما فيما يتعلق بملف الصحراء المغربية، بعد أن أصبح مقترح الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية تحت السيادة المغربية، يحظى بزخم هائل من الدعم الدولي، جراء الرؤية المتبصرة للقائد الملهم الملك محمد السادس.

      إذ أن حكام الجزائر ما فتئوا يكرسون كل جهودهم في التخطيط الأرعن لتعطيل قطارنا التنموي، ومحاولة الحد من انتصاراتنا المتوالية على عدة مستويات سياسية ودبلوماسية وثقافية ورياضية وغيرها، وينفقون النصيب الأوفر من عائدات النفط والغاز على الحركات الانفصالية وخاصة مليشيات البوليساريو، بينما يعيش الشعب الجزائري في ضائقة مالية مزمنة وأزمات داخلية متواترة، لدرجة تحولت معها الجزائر من بلد غني بموارده الطبيعية وثرواته الباطنية، إلى بلد فقير من حيث تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وانتشار الفساد والطوابير والقمع وتكميم الأفواه وما إلى ذلك من اختلالات، وهو ما قد يجر الجزائر يوما إلى الانهيار، الذي بات وشيكا وفق رأي عديد المتتبعين للشأن المغاربي والخبراء الدوليين.

      ففي هذا السياق، نرى من بين الأدلة البارزة على الإفلاس السياسي والأخلاقي لحكام قصر المرادية من “كابرانات” العسكر، ما جاء على لسان السفير الفرنسي الأسبق لدى الجزائر “غزافييه دريانكور” الذي خبر جيدا عقليتهم، حيث كتب في مقال له بصحيفة “الفيغارو” الفرنسية يقول فيه، بأن سنة 2020 كشفت عن الوجه الحقيقي للنظام الجزائري، واتضح جليا أنه نظام عسكري وحشي، مدرب على أسلوب الاتحاد السوفياتي السابق، بواجهة مدنية فاسدة لا تختلف كثيرا عن سابقتها التي أسقطها الحراك الشعبي، مهووسة فقط بالحفاظ على امتيازاتها وريعها، وليست مكترثة بهموم الشعب الجزائري وأوضاعه المتردية.

       وأشار ذات السفير إلى أن سجون الجزائر تكاد تنفجر من شدة الاكتظاظ بالسياسيين والموظفين والعسكريين الذين يرتبطون بالنظام السابق، إضافة إلى وجود صحافيين لا جريرة لهم سوى أنهم حرروا مقالات ينتقدون من خلالها سياسة النظام العسكري، أو يتحفظون عليها، إلى جانب آخرين نشروا آراء معارضة له على منصات التواصل الاجتماعي. وأضاف بأن فترة تفشي “جائحة كوفيد -19” ساهمت بشكل واضح في قيامه بالتطهير السياسي داخل البلاد، كما عمل على استغلال الظروف الدولية الناجمة عن الحرب الروسية/الأوكرانية في استكمال عملية “التطهير”، مؤكدا أنه لم يعد من هاجس لدى معظم المواطنين الجزائريين عدا النفاذ بجلدهم ومغادرة البلاد بحثا لهم عن الأمن والاستقرار خارج الحدود.

      كيف لا يفكر الجزائريون في الهجرة، وهم يعيشون أحلك أيامهم في ظل نظام عسكري أخرق، ليس له من هم سوى منازعة المغرب في صحرائه، وتبديد أموال الشعب الجزائري على المرتزقة دون حسيب ولا رقيب؟ فالطغمة العسكرية الفاسدة في الجزائر تأبى إلا أن تظل متمسكة بحبال الوهم الواهية، رغم أنها تعلم بأن قضية الصحراء حسمت منذ أن اعترف عدد من الدول الوازنة بمغربيتها، وما بات يحظى به مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية من دعم دولي كبير، فضلا عن افتتاح عديد القنصليات بمدينتي العيون والداخلة الجنوبيتين.

      فبمجرد ما إن حلت وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي يوم الإثنين 17 فبراير 2025 بالأقاليم الجنوبية المغربية، وهي ترتدي الزي الصحراوي في زيارة تعد هي الأولى التي يزور فيها وزير فرنسي المنطقة، وأعادت تجديد دعم بلادها لمغربية الصحراء، مؤكدة على أن “حاضر ومستقبل هذه المنطقة يندرجان في إطار السيادة المغربية، كما سبق أن قال رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون”، وقامت بتدشين عدة مشاريع، ومنها إحداث رابطة فرنسية في مدينة العيون بهدف إعطاء دينامية جديدة للتعاون الثقافي بين فرنسا والمغرب، حتى ثارت ثائرة “الكابرانات” وسارعت وزارة الخارجية إلى إصدار بيان رسمي تستنكر فيه هذه الزيارة، وتعتبرها “خطوة خطيرة، تستدعي الشجب والإدانة، لما تمثله من استخفاف سافر بالشرعية الدولية من قبل دولة عضو دائم في مجلس الأمن الدولي”

      وليس هذا وحسب، بل بلغت السفالة والنذالة بالكابرانات إلى مستوى متقدم من الانحطاط الأخلاقي، عبر تسليط أبواقهم الإعلامية للقيام بحملة رقمية مقيتة ضد مؤسسات وثوابت الأمة المغربية العريقة، وصلت حد الترويج لخبر كاذب عن وفاة جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، وذلك بواسطة حوالي سبعين ألف حساب مزيف على موقع “الفايسبوك” حسب ما كشفت عنه وسائل إعلام دولية. وهو ما أماط اللثام مرة أخرى عن الوجه القبيح للنظام الجزائري الذي أصابته انتصارات المغرب الدبلوماسية بالسعار، وأصبح يسير على غير هدى في طريق الضلال، مستعملا في ذلك كل الأساليب الرديئة والدنيئة.

      إن ما يغيظ كثيرا “كابرانات” الجزائر ويؤجج نيران الحقد في صدورهم، وقد يؤدي بهم إلى مزيد من الاندحار، هو ما أصبح عليه المغرب من إشعاع إقليمي ودولي، بفضل الدبلوماسية الملكية الراقية والرائدة، التي ساهمت في حل عديد القضايا والأزمات عبر العالم، ومنها لم الشمل الليبي وتحقيق مكاسب ميدانية لفائدة الفلسطينيين سواء بإدخال مساعدات إنسانية لأهل غزة، أو بتحرير الأموال الفلسطينية التي كانت محتجزة لدى إسرائيل، وغير ذلك كثير من الوساطات الإيجابية.

اسماعيل الحلوتي

 

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*