*زلة قلم:*
*حينما تمشي الديموقراطية في وطني بنصف تنورة ***
*بقلم عبدالهادي بريويك*
*حيث تتشكل أساليب الفساد في أوجه قانونية*
ليست الديموقراطية مجرد صناديق اقتراع تفتح في موسم سياسي لتغلق بعدها بأقفال الصمت، وليست شعارات تُرفع على المنابر لتغطية جرح غائر في جسد الوطن. في وطني، تمشي الديموقراطية بنصف تنورة، لأنّها لا تملك الشجاعة الكاملة لكشف الحقيقة، ولا القدرة الكاملة على ستر العيوب. نصفها ظاهر للكاميرات، ونصفها الآخر غارق في دهاليز المصالح والصفقات.
**الوجه الجميل: حريةٌ منقوصة وصوتٌ مراقب* *
نعم، لدينا انتخابات، ومجالس، وقوانين تتحدث عن الشفافية والمساءلة. لكن ما قيمة الشكل إن ضاع المضمون؟ الحرية هنا تُمارَس ضمن حدود مرسومة بدقة، كأن المواطن مدعو إلى الكلام فقط بما لا يُزعج السادة. يُمنح الناس هامشا من التعبير، لكنه هامشٌ هش، يسحب عند أول محاولة لتجاوز النص.
*الوجه القبيح: فسادٌ يرتدي بدلة القانون*
الفساد في بلادي لم يعد يختبئ خلف الستائر، بل صار يتزين بربطة عنق رسمية ويوقع أوراقه في وضح النهار.
كل شيء يجري وفق النظام: المناقصات، التعيينات، التحالفات الاقتصادية والسياسية.
لكن خلف كل توقيع قصة تواطؤ، وخلف كل قرار مصلحةٌ متبادلة بين سلطة تبحث عن الولاء ورجال أعمال يبحثون عن الامتيازات.
إنه الفساد حين يتأنق ويتحدث بلغة القانون.
*الديموقراطية المشوهة: صوت بلا أثر.* .
حين تتحول الانتخابات إلى طقس شكلي، والمجالس إلى صدى صوت واحد، يصبح المواطن مجرد رقم في معادلة محسوبة سلفا.
الديموقراطية هنا تمشي بنصف تنورة لأنها فقدت نصفها الأصيل: الرقابة الشعبية والمساءلة الحقيقية.
ما تبقى منها مجرد زينة سياسية، لإقناع الداخل والخارج بأننا بخير.
*إلى متى؟*
حين نطالب بديموقراطية كاملة، لا نطالب بالمستحيل.
نريد فقط أن يكون القانون سيد الجميع، لا خادم الأقوياء.
أن تكون العدالة ميزانا، لا ديكورا. أن يحق للمواطن أن يسائل بلا خوف، وأن يختار بلا توجيه، وأن يحلم بوطن لا يخجل من وجهه أمام المرآة.
