swiss replica watches
دولة الخلافة حلم البيجيديين وعقيدتهم – سياسي

دولة الخلافة حلم البيجيديين وعقيدتهم

سعيد الكحل

إن حركة التوحيد والإصلاح اختارت نهج العمل من داخل مؤسسات النظام وفق أهداف متدرجة تخدم إستراتيجية الأسلمة العامة للدولة والمجتمع والقوانين . فتكون البداية ، حسب أدبيات الحركة بـ(إقامة الدين على مستوى المجتمع يعني أن تنضبط هذه المؤسسات (= المنزل والمدرسة والجامعة والمستشفى والسينما والسوق والمسرح والمسجد والشارع والمقهى والنادي والفندق والحديقة والمتجر والإدارة والمزرعة والمصنع والطريق والسجن وغيرها ) أن تنضبط هذه المؤسسات بأحكام الإسلام وأن يكون مَنْ فيها ملتزمين بأحكام الإسلام في أنفسهم وعلاقاتهم ومعاملاتهم ). هذه الإستراتيجية تستبعد المواجهة المفتوحة من النظام كما تفعل السلفية الجهادية ، أو المقاطعة كما اختارت جماعة العدل والإحسان. بناء على هذه الإستراتيجية ، ستتصدى الحركة ومعها الحزب إلى كل الجهود والمطالبة بالفصل بين السياسة وبين الدين ضمانا لحياد الدولة وتكريسا لمدنيتها . إلا أن الحركة لها موقف آخر عبرت عنه جريدة التجديد عدد 439 بتاريخ 10 غشت 2002 ،كالتالي ” وما الفصل بين المسجد وقبة البرلمان إلا تركة من تركات النهج العلماني الذي ورثناه عن الاستعمار الغاشم ” . إذن الحركة لها مشروعها المجتمعي ونظامها السياسي يختلف جذريا عما يتطلع إليه عموم المغاربة وقواه الديمقراطية ( إن ابتغاء وجه الله تعالى والدار الآخرة هو مفرق الطريق بيننا وبين أصحاب المشاريع الدنيوية الذين يريدون الحياة الدنيا ويجعلونها هدف كفاحهم ونضالهم ).
بيّنٌ إذن، أن الحركة لا تتطلع إلى بناء الدولة المدنية كإطار سياسي جامع يضمن لعموم المواطنين حقوقهم ويحترم حرياتهم بما فيها حرية الاعتقاد ، بل هدفها المركزي من الوجود ومن المشاركة السياسية هو ( دعم مبدأ إسلامية الدولة باعتباره معطى تاريخيا ومكسبا دستوريا ومبدأ غير قابل للمراجعة وإعطاؤه مصداقية في الحياة العامة ، بحيث يعلو على جميع بنود الدستور ويكون منطلقا في الحكم على دستورية القوانين والأحكام التي تصدرها المؤسسات التشريعية والقضائية والتنفيذية .. كما يعني من الناحية العملية بطلان جميع القوانين والتشريعات والسياسات التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية )( الرؤية السياسية).
إلا أن الهدف النهائي للحركة لا ينتهي عند الأسلمة ، ولكن إقامة دولة الخلافة كواجب شرعي وفريضة دينية لا تسقط إلى يوم القيامة .هكذا تؤكد الحركة في وثيقتها السياسية (ولذلك وجب على المسلمين الاقتداء بهم(=الخلفاء) والسعي إلى إقامة ذلك النموذج الأسمى كما في حديث العرباض بن ساؤية ).
وقد استدلت الحركة على وجوب إقامة نظام الخلافة بفتوى ابن تيمية التي قال فيها ( وهذا أمر وتحضيض على لزوم سنة الخلفاء وأمر بالاستمساك بها وتحذير من المحدثات المخالفة لها ،وهذا الأمر منه والنهي ،دليل بين في الوجوب).لكن الذي ينبغي الانتباه إليه هو عقيدة الولاء التي تحكم علاقتها بالأطراف السياسية وتحالفاتها المبدئية في أفق تشكيل “جبهة دينية” قاعدتها (مبدأ الولاء والنصرة والحرص على لمّ شتات هذه الجبهة .. ومواجهة مظاهر الانحلال والعلمنة في إطار المبدأ الإسلامي الذي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال ( انصر أخاك ظالما أو مظلوما).وخطورة عقيدة الولاء هذه أنها تخرج الصراع السياسي من دائرة الدولة المدنية إلى دائرة الدولة الدينية حيث تُشحَذ أسلحة التكفير والزندقة والمروق وتنشط فتاوى التحريض وشرعنة القتل وإشعال الفتنة . فالحركة لها كل الاستعداد لجر المغرب إلى الفتنة الطائفية طالما ظلت على عقيدة الولاء التي تصنف المغاربة إلى مؤمنين وحدهم لهم حق العيش والتمتع بخيرات الوطن ، ومرتدين يستحقون القتل أو التهجير . فبذور الصراع والدعوشة كامنة في هذه العقائد وتتغذى عليها ، الأمر الذي يشكل تهديدا لأمن المغرب واستقراره . لهذا ، فالحركة مطالبة بمراجعة ميثاقها السياسي وعقائدها المذهبية حتى تنسجم مع مقتضيات الدستور وقيم المواطنة ومبادئ حقوق الإنسان . وما تعانيه شعوب عربية من فتن طائفية وحروب مذهبية مزقت نسيجها المجتمعي وجزأت أوطانها ، ليدعو كل التنظيمات الإسلامية والسلفية إلى مراجعة جذرية للأسس الفكرية والإيديولوجية وللعقائد المذهبية حفاظا على وحدة الوطن والشعب وتقوية لهما لمواجهة المؤامرات الدولية ومخاطر التطرف والإرهاب.

 

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*