swiss replica watches
خط ثالث لا يزكي إلا العبث – سياسي

خط ثالث لا يزكي إلا العبث

فتح الله رمضاني :

لقد استطاعت حركة 20 فبراير، الـتأثير في المسار الديمقراطي للبلد على مستويين، الأول مستوى إيجابي، تمثل في ما عرفه المغرب من تعديلات سياسية و دستورية،  أنعشت الفعل و الخطاب السياسيين فيه، بعد  مرحلة من الاحتقان السياسي، والتي عاشتها البلاد نتيجة خيارات غير محسوبة، أهمها إجهاض الانتقال الديمقراطي بالرجوع عن المنهجية الديمقراطية سنة 2002، والمستوى السلبي كان نتيجة تفوق حزب معروفة نظرته السلبية  للديمقراطية و للحداثة ولكل القيم التي تؤسس لبناء دولة الحق و القانون، في الانتخابات السابقة لأوانها سنة 2011، مما انعكس سلبا على الطموحات و الآمال التي فتحتها الحركة.

وهو ما أثر بشكل مباشر على طبيعة النقاش الذي تحول من نقاش يستشرف المستقبل، بخلفية يطبعها التفاؤل، وتتأسس على هدف تحقيق مكاسب تنضاف إلى ما تحقق طيلة مسار نضال الشعب المغربي، إلى نقاش يستشرفه، ولكن بخلفية أساسها التخوف من ضياع كل ما راكتمه البلد من منجزات و على كل المستويات.

و مع كل هذا التوثر، كانت نتائج الاستحقاقات الجماعية التي عرفها المغرب سنة 2015، والتي تميزت بتوفق إطارات سياسية تتفرق بين أحزاب يمينية محافظة، معلومة مواقفها اتجاه العديد من القيم التي تؤسس للشرط الديمقراطي، و أخرى مشكوك في إيمانها بتلك القيم، بالرغم من محاولتها الظهور بمظهر المتشبع بها، وهو شك أساسه  خطيئةنشأتها، وكيفية انتشارها و امتدادها. كانت تلك النتائج دافعا لتشكل طرح مغلوط ومقصود وسط الرأي العام، يجعل مهمة الفعل الرئيس، ومسؤولية تحديد مستقبل الوطن، مقتصرة على تلك القوى التي تتصدر نتائج التمارين الديمقراطية بأساليب معلومة، قوى أو قوتين تحديدا، أهدافهما موحدة بالرغم من اختلاف آلياتهما.

وعلى هامش هذا الطرح، كان من العادي جدا، بل من المطلوب، أن تكون القوى الديمقراطية الحقيقية بالبلد، في صلب هذا النقاش، ليس فقط لارتباطها التاريخي بالنضال من أجل الديمقراطية، وليس فقط أيضا لإيمانها الحقيقي بضرورة بناء مغرب ديمقراطي وحداثي، ولكن لضرورة وجودية، إذ أنه لا معنى لاستمرار وجودها، إن هي لم تكن قادرة على تصويب مسار التغيير بالمغرب.

لكن الملاحظ، هو أنه في مقابل انخراط جزء كبير منها، في معركة تحصين المكتسبات، من بوابة تحصين المجتمع، ومن خلال التنبيه إلى توجه التيار المحافظ ، وطموحه في الاستيلاء على العقيدة الدينية للمغاربة، حتى يسهل عليه مجابهة التوجه الديمقراطي الحداثي، وحتى يتمكن من فرض إرادته في تعطيل تحقيق مشروع المغرب الديمقراطي عبر استغلال ما تتيحه الديمقراطية من آليات للوصول إلى سلطة،  يظهر جليا أنه يطمح للاستحواذ عليها، بكل الأساليب ضدا على مبدأ التداول الذي تفرضه الديمقراطية كشرط لصحتها.

فيمقابلهذا،وفيظلكلهذهالمعطيات،بزغتوجهمحسوبعلىالصفالديمقراطي،وبخلفيةتظهرقصورهافيفهمالواقعالسياسيالمغربي،وتلغيدورالصفالمحسوبعليه،لتزكيأدوارالأطرافالأخرى،أوالحزبينالأولين ( انتخابيا)،  وبشكل يكرس ممارسة معهودة فيه، تنبني على استيراد أساليب ومصطلحات و شعارات و تكتيكات تجارب دول أخرى، ليسقطها على الواقع المغربي، كحديثه مثلا عن دولة عميقة، وعن مغرب أخر أو تقليد أساليب نضالية لاتينية، إلى غير ذلك من أمثلة توضح حالة الاستلاب الأرثدوكسية التي يعيشها هذا التوجه.

وهو التوجه الذي رفع شعار ضرورة وجود خط ثالث، والذي لا يعني إلا الاعتراف الصريح بوجود خطين آخرين.

لكن أصحاب هذا التوجه، لم يكلفوا أنفسهم وهم يعلنون عن بديل ثالث، أن يوضحوا المعنى من هذا الوصف، ولم يضعوه في سياقه الفكري و السياسي، ولم يبينوا مضمونه، ولا تطلعاته، خارج تطلعات كل مكونات الصف الديمقراطي الحداثي، كما أنهم لم يبينوا الفوارق بين الخطين الأوليين، فوحدها نقط الخلاف بينهما من تجعلهما توجهين، وليس توجه واحد،  ومن تزكي ضرورة وجود التوجه الثالث، ووحدها نقط الخلاف بين هذا التوجه وباقي مكونات الصف الديمقراطي، من تجعله ضرورة، ومع انتفاء اختلافات جوهرية بين مكونات القطبية التي يزكونها من جهة، وبين طرحهم وطروحات باقي الديمقراطيين من جهة أخرى، يكون شعارهم من دون معنى، بل من دون جدوى، ولن يكونهذا إذا افترضنا أن الداعين إليه لا يحركهم إلا صدقهمإلا محاولة أخرى للتشويش على نضالات الديمقراطيين، من خلال اقتراح مفاهيم بشكل يخرجها من سياقها التاريخي، ومن دلالاتها العلمية، وهذا ما أعطى و ما سيعطي فرصة لخصوم الديمقراطية، من خلال تمكينهم من مواجهة قوى ديمقراطية مشتتة، إرضاء لطموح ذوات تجهل خصومها، ولا تستوعب قوتها و قدراتها.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*