swiss replica watches
اليوم العالمي لحرية الصحافة – سياسي

اليوم العالمي لحرية الصحافة

جمال المحافظ*

يحتفل العالم في الثالث ماي من كل سنة باليوم العالمي لحرية الصحافة وهي مناسبة لتقييم أوضاع مهنة صاحبة الجلالة في جميع دول المعمور بغض النطر عن المستوى ان كان تقدما أو تخلفا زذلك باخضاعها لعملية تشريح يتوج بتنقيط الدول ارتكازا على المبادئ الأساسية لمقتضيات حرية الصحافة.

وهكذا فاليوم العالمي لحرية الصحافة الذي ينعقد هذه السنة تحت شعار “عقول واعية من أجل الأوقات الحرجة : دور وسائل الإعلام في النهوض بمجتمعات سلميّة ومنصفة وشاملة” يشكل فرصة هامة لتقييم أوضاع حرية الصحافة في العالم، والمطالبة الدولية بحماية وسائل الإعلام من كل أنواع الاعتداءات والانتهاكات والخروقات والمضايقات التي تطال الصحافة والصحفيين وصيانة استقلالية الاعلام بوسائله المختلفة عن كافة السلط المرئية منها وغير المرئية.

فالعديد من البلدان حول العالم، تخضع المطبوعات فيها للرقابة، وللعقاب، وللإغلاق ويتعرض الصحفيون، من محررين وناشرين لمختلف أنواع المضايقات، من اعتداء عنيف واعتقال وحتى القتل أحيانا كثيرة. غير أن اليوم العالمي لحرية الصحافة لايقتصر فقط على فضح الممارسات والضغوطات التي تسهدف الاعلام، بل للتنويه والاشادة بالادوار الطلائعية التي يقوم بها الصحفيون وتكريم والترحم الذين فقدوا حياتهم قربانا لاخبار العالم ولشرف مهنتهم خاصة غي مناطق الحروب والنزاعات والحروب.

وخلال السنة الجارية يخصص الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة الذي أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1993، استنادا لتوصية لمنطمة اليونسكو في مؤتمرها سنة 1991 الذى تحتضنه العاصمة الاندونيسية جاكرتا في إندونيسيا مابين فاتح ورابع ماي الجاري التحديات التي تواجه وسائل الإعلام في عالمنا المعاصر خاصة التعسفات والمضايقات المتواصلة التي تستهدف العاملين في مجال الصحافة.

وارتباطا بالخيار المغاربي باعتباره لاوال خيارا استراتيجيا فأي شئ قابل للتغيير الا الجغرافيا، وارتباطا بالاعلام احتلت المنطقة المغاربية على الدوام مراتب متأخرة في التصنيفات النرتبطة بحرية التعبير وحرية الصحافة، وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة سواء على مستوى البنيات القانونية والتطور القانوني والديمقراطي والممارسة الصحفية وحماية الاعلاميين داخل كل بلد على حدة.

فوضعية حريات الاعلام لم يختلف تقريبا عن السنوات الماضية فالمغرب الاقصى حسب مؤشر حرية الصحافة الصادر عن مؤسسة “فريدوم هاوس”، جاء في الرتبة الـ143 عالميا بمعدل 66 نقطة على سلم للمعدلات ينطلق من صفر كأحسن معدل وصولا إلى مائة كأسوأ المعدلات، وهو ما جعله يحتل الرتبة الخامسة، والجزائر حلت في الرتبة الـ141 عالمي فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تصدرتها تونس التي حلت في الرتبة 115 على المستوى الدولي.

وبغض النطر عن مدى مصداقية المؤشرات التي تستند عليها المنظمات الدولة لاصدار تقراريها والخلفيات التي ترتكز عليها في تقييمها وتصنيفها لواقع حرية الاعلام في الفضاء المغاربي فإن وضعية حرية الصحافة ووضعية الصحافيين في حاجة ماسة الى مراجعات شاملة ومستمرة.

وهكذا نلاحظ أن الاعلام بتونس أثر وتأثر بالتحولات الديمقراطية التي شهدها هذا القطر المغاربي فالتجربة التونسية مند ثورة الفل في سنة 2010 والتي جعل البعض يقارنها بماجرى بأوربا الشرقية وأمريكا اللاتينية، فإن مشاكل عديدة لازالت تهدد المسار والتجربة الديمقراطية الفتية بتونس خاصة منها الضعف الواضح لمؤسسات الدولة والهيئات السياسية وارتفاع الطلب الاجتماعي والانعكاسات السلبية للاحداث ولعدم الاستقرار بالدول المجاورة لها، وهذا ما انعكس بدوره على الاعلام وحرية الصحافة التي لعبت دورا محوريا في عملية التغيير.

أما بالنسبة للمغرب الأوسط أي الجزائر فإنه على الرغم من التعديلات القانونية التي طالت الصحافة بالجزائر إلا أن الإعلام إزداد بالمقابل انغلاقا على انغلاق ، وواصلت السلطة احتكارها لمجالات الطباعة وتوزيع الصحف وسوق الاشهار كما لازالت تواصل استخدام الاعلام العمومي، دون مراعاة للقوانين المؤطرة له، وهذا ما تثبثه العديد من الابحاث والدراسات المحلية الجزائرية التي تخلص الى التأكيد على إن القول بوجود حرية الصحافة بالجزائر ،كما يدعى الخطاب الرسمي ، يبقى خطابا تسويقيا ينفيه الواقع وتكذبه تصريحات مختلف الفاعلين الاعلاميين.

فالسلطة الجزائرية لازالت تحتكر الطباعة وتوزيع الصحف وسوق الاشهار والاعلان، كما واصلت استخدام الاعلام العمومي كاعلام ناطق باسم الحكومة والسلطة، في خارق سافر لمختلف التشريعات والقوانين المنظمة للقطاع ولدفاتر التحملات التي أقرتها اعلام. كما أن تحضير السلطات الجزائرية لفتح القطاع السمعي البصري لم يخرج في أحسن الحالات عن إعادة انتاج ما حدث مع الصحافة المكتوبة إذ أن الهدف المركزي يظل هو تسيير الاعلام بمختلف وسائله ووسائطه كدعامة للمحافظة على الوضع الراهن والقائم.

فالنسق السياسي بالجزائر يعيد انتاج نفسه ويعمل على تفادي تحول الاعلام الى سلطة مستقلة تمارس دورها في الرقابة وفي الوساطة فالهدف الاستراتيجي للسلطة هو تفادي اي تحول نحو مسار ديمقراطي فعلي يفرض السيادة والشرعية الشعبية.

أما بالنسبة لحالة المغرب على الرغم من التحولات العميقة في الحقول السياسية والاقتصادية والاجتماعية خاصة منذ 1998 بتأسيس حكومة “التناوب التوافقي” بقيادة عبد الرحمان اليوسفي ومجهودات الراحل محمد العربي المساري وزير الاعلام خلال نفس المرحلة مرورا بما تواترت الكتابات الصحفية بوصفه بالعهد الجديد الذي يؤرخ له باعتلاء الملك محمد السادس العرش سنة 1999 وصولا الى دينامية حركة 20 فبراير والخطاب الملكي لتاسع مارس وصولا الى اقرار دستور 2011 واعتماد قانون صحاغة جديد خال من العقوبات الحبسية لازال الوصول الى اعلام الحقيقة بعيد المنال والذي يتطلب إجراء سباق المسافات الطويلة إذ لا تحول ديمقراطي بدون حرية صحافة واعلام مهني حرفي خاضع لاخلاقيات المهنة يضع نصب عينيه متغيرات تحول الاعلام من سلطة رابعة الى سلطة أولى بوظائف وأبعاد متعددة ومتنوعة.

بصفة عامة فإن القواسم المشتركة بين الدول المغاربية لاتنحصر فقط في عوامل التاريخ والجغرافيا والعادات والتقاليد والمصير المشترك، وإنما في قصىور النظرة بالبلدان الثلاث وان اختلفت المقاربات ومستوى التطور الديمقراطي بين قطر وآخر الى الصحافة والاعلام ومحاولة التحكم فيه واخضاعه وتدجينه بشتى الوسائل والحد من دوره وجعل ما تتضمنه حتى قوانينها المحلية يكتسى طابعا شكليا فالاحرى الاندماج في المجتمع الكوني للاعلام والمعرفة. فرغم اختلاف في التقديرات السياسية بين البلدان المغاربيةـ الا أن هناك تطابقا في امتناعها عن العمل على توسيع هوامش الحريات الصحافية ورفع اليد عن احتكار الاعلام. فدمقرطة البلدان المغاربية رهين برفع القيود عن الاعلام وبتوسيع هوامش حرية الصافة والصحافيين.

*كاتب صحفي من المغرب

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*