swiss replica watches
الإحالة على غرفة الجنايات من طرف الوكيل العام للملك بين النص القانوني و الواقع العملي. – سياسي

الإحالة على غرفة الجنايات من طرف الوكيل العام للملك بين النص القانوني و الواقع العملي.

ذ مصطفى العضراوي مستشار بمحكمة الاستئناف بالرباط

مما لا شك فيه أن المشرع الجنائي المغربي قد أفرد للجنايات عقوبات مشددة بالنظر إلى ما تحمله من خطورة إجرامية على الأشخاص و الأموال و الأمن و النظام العام و جعل التحقيق في البعض منها إلزاميا و في البعض الآخر إختياريا كما نصت على ذلك المادة 54 من ق م ج.و هكذا خول للسيد الوكيل العام للملك الحق في إحالتها على هيئات التحقيق أو هيئات الحكم و تقديم ملتمسات بشأنها كما نصت على ذلك المواد 73،49و 419 من ق م ج.لكن السؤال المطروح هو هل للسيد الوكيل العام للملك الحق في إحالة المتهم على غرفة الجنايات في حالة سراح أم لا؟فإن كان الجواب بالإيجاب فما هي مؤيدات ذلك؟مع العلم بأن الإتجاه السائد لا يخوله ذلك؟و هكذا سنحاول الإجابة عن السؤال المطروح من خلال المحورين التاليين:

نتناول في الأول منهما المؤيدات القانونية التي تسمح بإمكانية إحالة المتهم من طرف السيد الوكيل العام للملك على غرفة الجنايات في حالة سراح.

و نتناول في الثاني منهما المؤيدات العملية و الواقعية لإمكانية إحالة المتهم من طرف السيد الوكيل العام على غرفة الجنايات في حالة سراح.
المحور الأول :المؤيدات القانونية التي تسمح بإمكانية إحالة المتهم من طرف السيد الوكيل العام للملك على غرفة الجنايات في حالة سراح.
فبالبرجوع إلى مواد المسطرة الجنائية و خاصة المادتين 49 و المادة 419 و اللتين هما عبارة عن نصين عامين نجد أن المادة الأولى في فقرتها السادسة و السابعة تخول للسيد الوكيل العام في إطار الصلاحيات المخولة له قانونا الحق في إحالة ما يتلقاه من محاضر و شكايات و وشايات و ما يتخذه من إجراءات إلى هيئات التحقيق أو هيئات الحكم أو يأمر بحفظها بمقرر يمكن دائما التراجع عنه و يقدم لتلك الهيئات ملتمسات بقصد القيام بإجراءات التحقيق.و المادة الثانية تخوله الحق في الإحالة على غرفة الجنايات طبقا للمادتين 49 و73 من ق م ج.فمن خلال هاتين المادتين يتضح على أنهما تحدثتا على الإحالة على هيئات الحكم دون تمييز بين الإحالة في الحالة العادية و بين حالة التلبس بالجريمة.لكن بالرجوع إلى المادة 73 من نفس القانون التي تتحدث عن حالة التلبس بالجناية في غير الجنايات التي يكون فيها التحيق إلزاميا تخول للسيد الوكيل العام للملك الحق في إستنطاق المتهم و إحالته على غرفة الجنايات في حالة إعتقال متى كانت القضية جاهزة

و إن لم تكن كذلك فإنه يلتمس إجراء تحقيق فيها أي إحالتها على السيد قاضي التحقيق قصد إتخاذ ما يراه مناسبا.لكن إلى أي حد كان المشرع صائبا في صياغة هذه المادة؟ و لئن كانت هذه المادة تتحدث عن حالة التلبس بالجناية غير تلك التي يكون فيها التحقيق إلزاميا فإن ما يمكن أن يلاحظ عليها أنه أتت بمعيار جاهزية القضية للحكم و رتبت على ذلك الإحالة في حالة إعتقال على غرفة الجنايات متى كانت القضية جاهزة و إن لم تكن كذلك فإن السيد الوكيل العام يلتمس إجراء تحقيق فيها.و هذا المعيار في نظرنا غير سليم فما دامت المادة المذكورة تتحدث عن حالة التلبس فإن المقابل لهذه الحالة هو إرتكاب الفعل في الحالة العادية و هكذا إذا كانت الفعل المرتكب متلبس به أحال مرتكبه على غرفة الجنايات في حالة إعتقال و إن كان في الحالة العادية تعين إحالته على غرفة الجنايات في حالة سراح أو غرفة التحقيق بحسب ظروف و ملابسات كل قضية.فإن قلنا بخلاف هذا فإننا سنفرغ المادة 54 من نفس القانون من محتواها و التي توجب التحقيق في حالات محددة بالنظر إلى معيار العقوبة و ليس بمعيار كون القضية متلبس بها من عدمه و جاهزة أو غير جاهزة.كما أن هذا الطرح يساير المادة المذكورة بكون التحقيق يبقى إختياريا في غير ذلك من الجنايات و إلا سنصبح أما إلزامية التحقيق في جميع الجنايات بإستثناء تلك المتلبس بها و الجاهزة و لا يكون فيها التحقيق إلزاميا فمتى كان الفعل متلبس به و الذي يعتبر أقوى وسيلة في الإثبات فإن السيد الوكيل العام للملك يحيله على غرفة الجنايات في حالة إعتقال و إن لم يكن كذلك فإنه يحيله في حالة سراح على نفس الغرفة أو يحيله على غرفة التحقيق إن رأى في ذلك ما يستلزم المزيد من البحث و التثبت قبل توجيه أي إتهام لمرتكب الفعل.كما أن مسألة جاهزية القضية للحكم من عدمها هي من صلاحيات هيئة الحكم و ليس السيد الوكيل العام طالما أن القضية لا تصبح جاهزة إلا بعد إستنفاذ كافة إجراءات تحقيق الدعوى أو ما يصلح على تسميته بقواعد المحاكمة العادلة.

و هكذا يتضح على المشرع لم يكن موفقا في صياغة المادة 73 من ق م ج.فكان الأولى أن يستعمل عبارة و كانت هناك أدلة حاسمة تثبت إقتراف الفعل الجرمي بدلا من عبارة القضية جاهزة.و نتمنى أن يتدارك ذلك مشروع المسطرة الجنائية المرتقب. فمن خلال كل ما سبق و من خلال التوفيق بين كل تلك المواد نرى أنه لا مانع للسيد الوكيل العام من الإحالة على غرفة الجنايات في حالة سراح.

المحور الثاني:المؤيدات العملية و الواقعية ﻹمكانية الإحالة على غرفة الجنايات.
فإذا كان كل مسؤولو النيابات العامة على صعيد محاكم الإستئناف يلجؤون إلى المطالبة بإجراء تحقيق في أغلب الجنايات بإستثناء حالة وحيدة و هي المتعلقة بالإحالة على غرفة الجنايات في حالة إعتقال كلما تعلق الأمر بجنايات يكون فيها التحقيق إختياري و متلبس بها و جاهزة حسب تعبير المادة 73 من ق م ج و ذلك إما إقتناعا بصوابية هذا التوجه و إما بتوجيه من وزير العدل بإعتباره رئيسا مباشرا لها فإنه يبقى توجها غير سليم في نظرنا من الناحية القانونية كما وضحنا ذلك في المحور الأول من هذا البحث لصراحة المادتين 49 و 419 من ق م ج اللتين وردتا عامتين،و إننا نعتقد أن هذا التوجه مرده الصياغة غير السليمة للمادة 73 الآنفة الذكر و التي تعد نصا خاصا بحالة التلبس فإن للرأي الذي طرحناه مؤيدات عملية و واقعية نجملها في النقط التالية:

-إن التوجه السائد في عمل النيابة العامة يسلبها سلطة الملاءمة و لم يعد أمامها حرية التصرف بإحالة المحاضر و الشكايات التي تتلقاها على غرفة الجنايات في حالة سراح كما لم يعد أمامها هامش لحفظ المسطرة و تكون بذلك قد عطلت الصلاحيات الممنوحة لها بمقتضى المادة 49 في فقرتيها السادسة و السابعة و كذا المادة 419 من نفس القانون التي تخولها حق الإحالة على هيئات الحكم. -إن إعمال هذا التوجه يجعل صلاحية السيد الوكيل العام عمليا أقل من صلاحيات السيد وكيل الملك الذي يحيل على هيئات الحكم في حالة سراح و حالة إعتقال. -إن إعمال هذا التوجه جعل كل الجنايات خاضعة للتحقيق بإستثناء الجنايات المشار إليها آنفا مع العلم أن هناك جنايات بسيطة و أخرى ليس لها خطورة كبيرة و أحيانا تكون هناك تنازلات بين الأطراف و غيرها من الحالات التي لا يلزم فيها أي تحقيق و تستوجب إما الإحالة في حالة سراح أو الحفظ. -هذا التوجه جعل من السيد قاضي التحقيق سلطة متابعة بالدرجة الأولى أكثر منه سلطة إحالة بحيث صار يحيل بنسبة تفوق ضعف ما تحيله النيابة العامة أو أكثر على هيئات الحكم في ظروف يفتقر فيها للموارد البشرية و اللوجستيكية الكفيلة بالقيام بدوره على أحسن وجه و المتمثل في البحث و جمع الأدلة الكفيلة بإحالة القضايا على هيئات الحكم.

و أمام الكم الهائل من الملفات التي أصبحت تحال عليه جراء هذا التوجه لم يعد سوى آلة يعيد عمل الشرطة القضائية في غياب أبسط وسائل العمل و مقوماته.

-كما أن هذا التوجه له إنعكاس على عمر القضايا بالمحاكم و خاصة تلك العادية التي لا تستوجب التحقيق فيها فبدلا من إحالتها على التحقيق يمكن إحالتها على هيئة الحكم و نتجاوز بذلك تعمير القضايا في المحاكم بالنظر إلى النقص الحاصل في عدد قضاة التحقيق و الإغراق المهول لهم بكثرة إحالة القضايا عليهم و التي غالبا ما يعيدون فيها إجراءات البحث التمهيدي و نكون بذلك قد ربحنا مرحلة نحن في غنى عنها و قصرنا عمر العديد من القضايا المعروضة على محاكم الإستئناف في المادة الجنائية خاصة و أن هيئات الحكم ستعيد نفس الإجراءات.

و هكذا يتضح على أن التوجه الذي طرحناه له مؤيدات قانونية و عملية و واقعية تسنده و ستخفف العبء عن السادة قضاة التحقيق و ستقصر من عمر العديد من القضايا و ستعطى للعدالة معنى بإعمال سلطة الملاءمة الممنوحة للسيد الوكيل العام.و هذا ما نتمنى أن يعكسه مشروع قانون المسطرة الجنائية بإعادة صياغة تلك المواد التي إستندنا إليها صياغة أكثر وضوحا و دقة.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*