swiss replica watches
2015 السنة التي كابد فيها اللاجئون ويلات طريق البلقان – سياسي

2015 السنة التي كابد فيها اللاجئون ويلات طريق البلقان

تذكر الأوربيون سنة 2015 التي نودعها بالسنة التي شهدت أسوء أزمة لجوء في القارة العجوز منذ الحرب العالمية الثانية، خلالها اكتشف مئات الآلاف من اللاجئين الفارين من بؤر التوتر في الشرق الأوسط المتهالك، طريق غرب البلقان انطلاقا من السواحل التركية، عانوا خلالها عنصرية بلدان وسط أوربا وإغلاق الحدود بالاسلاك الشائكة في هنغاريا، ثم الترحيب العارم بهم في ألمانيا والنمسا والسويد.

قبل 2015 ، كانت سواحل اليونان الممتدة عبر بحر إيجة تغري المهاجرين السريين بالمغامرة، غير أن أحلامهم سرعان ما كانت تتكسر عند الوصول، فالبلد غارق في أزمته المالية والاقتصادية ونسبة البطالة تفوق 25 في المائة، ولا فرص متاحة للبقاء. لذلك كان طريق الهجرة من السواحل الليبية نحو إيطاليا الأمثل بالنسبة لمئات الآلاف من المهاجرين واللاجئين سنتي 2013 و2014.

ووفقا للارقام اليونانية الرسمية فخلال سنة 2012 تدفق في المجموع نحو البلد شرقا عبر البحر 3345 لاجئا، ثم مع اشتداد الأزمتين السورية والعراقية انتقل الرقم الى 10 الاف و508 لاجئا سنة 2013 ، ثم نحو 40 آلاف بنهاية 2014.

لكن مع مطلع العام 2015 ومجيء حكومة اليسار الجذري (سيريزا) والتي لا تخفي تعاطفها مع قضايا اللاجئين والمهاجرين حدث تحول نوعي في التعاطي مع الملف، فلم يعد اللاجئون الوافدون يحتجزون في مراكز اعتقال لثلاثة أشهر على الأقل لإجراءات تدقيق الهوية قبل الترحيل، محرومين من الحركة، أو يتم تأخير تسليمهم بطاقات التسجيل كطالبي لجوء.

وبنهاية أكتوبر الماضي كان 758 الف و596 لاجئا قد دخلوا اليونان منذ مطلع العام 2015 نحو 70 في المائة منهم سوريون و19 أفغان و5 عراقيون فيما تمكن خفر السواحل من إنقاذ 94 الف و24 في مئات العمليات في بحر إيجة.

وماتزال هذه الوتيرة بنهاية ديسمبر متواصلة بشكل طبيعي حيث تحط يوميا عشرات القوارب الصغيرة في الجزر اليونانية القريبة من السواحل التركية مثل ليسفوس وشيوس وروديس محملة بما بين 3000 و5000 لاجئ.

تبدأ رحلة التيه بتسجيل هؤلاء وأخذ بصماتهم قبل تسليمهم بطاقات، ثم ينتقلون عبر السفن الى أثينا ومن هناك يسلكون طريق غرب البلقان، بالحافلات أو القطارات نحو مدينة ثيسالونيكي ثم قرية إيدومني اليونانية قبل دخول مقدونيا ومنها الى صربيا وكرواتيا وسلوفينيا ثم النمسا وألمانيا.

وقبل أكتوبر الماضي كان خط سير اللاجئين على طريق البلقان يمر عبر مقدونيا ثم صربيا وهنغاريا والنمسا قبل أن تلجأ هنغاريا التي خاضعت حملة شعبوية عارمة انضمت لها جوقة بلدان وسط أوربا وشرقها للمطالبة بطرد اللاجئين وعدم السماح لهم بالعبور أو الاستقرار.

وعلى مدى شهري سبتمبر وأكتوبر شنت هنغاريا حملة عنف غير مسبوقة في حق اللاجئين العابرين لأراضيها وحاصرت العابرين في محطات القطارات والحافلات وواجهتهم بالعنف وأطلقت عليهم الكلاب المدربة والغاز المسيل للدموع مؤيدة في ذلك ببلدان مثل بولونيا والتشيك وسلوفاكيا.

ورفضت هنغاريا النداءات الأوربية بالتعاطي مسؤولية مع الأزمة، وانتهت في أكتوبر من بناء جدار عازل من الأسلاك الشائكة على حدودها مع كرواتيا بعد أن أغلقتها في سبتمبر مع صربيا، واضعة بالتالي حدا لعبور اللاجئين.

في مقابل ذلك استقبل اللاجئون بحفاوة في ألمانيا والنمسا والسويد وبلدان أوربية أخرى، وأصبحت المستشارة الالمانية انجيلا ميركيل في أعينهم ملاك الرحمة، وبلدها وجهتهم المفضلة، ففي أكتوبر لوحده وصلها 181 الف طالب لجوء بزيادة ب 17 الف اكثر من شهر سبتمبر.

وبحسب المعطيات الرسمية فإن 758 الف لاجئ دخلوا المانيا خلال الاشهر العشرة الاولى من 2015 قادمين من بوابتي الدخول الرئيسية للاتحاد اليونان وايطاليا.

تطور دراماتيكي آخر شهده طريق البلقان بعد الاعتداءات الارهابية لنوفمبر الماضي بباريس، حيث اتفقت غالبية دول العبور على إغلاق حدودها في وجه اللاجئين من دون السوريين والعراقيين والأفغان، ووجد الآلاف من المهاجرين الآسيويين والافارقة والمغاربيين أنفسهم محاصرين داخل اليونان ولم يكونوا لغاية الأمس يعتبروها سوى طريق عبور للوصول الى غرب أوربا.

وعلى مدى ثلاثة أسابيع في شهري نوفمبر وديسمبر اعتصم الآلاف من هؤلاء في قرية إيدومني على الحدود مع مقدونيا في ظروف مزرية من البرد القارس وقلة الغذاء والطعام إلا ما تقدمه المنظمات الانسانية العاملة هناك.

وحاولوا ثني مقودنيا عن قرارها فاعتصموا وأغلقوا المعبر لعدة أيام، وأوقفوا خط السكك الحديدية الذي يربطها باليونان، وجاء الرد المقدوني بنشر الجيش وبناء سور من الاسلاك الشائكة، قبل أن تتدخل السلطات اليونانية وتفك الاعتصام وترجع الجميع في حافلات الى أثينا.

ودافع رئيس الوزراء اليوناني تسيبراس في تدخله في البرلمان في ديسمبر عن مواقف بلاده حيال أزمة اللاجئين وقال إنها لن تنجر نحو العنف والشعبوية والاسلاك الشائكة والترحيل غير الشرعي، وفي مقابل ذلك ستعتمد سياسة انسانية وتضامنية على الرغم من الصعوبات الاقتصادية التي تعاني منها.

غير أن اليونان أصبحت تواجه مشكلا جديدا يتمثل في ما تسميه تدفق المهاجرين الاقتصاديين، وأعربت خلال قمة الاتحاد الاوربي حول اللاجئين في 18 ديسمبر عن خشيتها من أن تتحول طرق الهجرة التقليدية في المتوسط كلها الى بحر إيجة وطالبت الاتحاد الاوربي بالضغط على تركيا لوقف تلك التدفقات وفرض التأشيرات على البلدان التي يفد منها أولئك المهاجرون ومنع دخولهم بشكل أوتوماتيكي من مطار اسطنبول ثم قبول إعادة ترحيلهم من اليونان، مؤكدة أنها ستضطر الى طرد هؤلاء ولن تقبل بقاءهم في مدنها.

وعلى صعيد المفوضية الأوربية ومن أجل توزيع عبء اللاجئين دعا رئيسها جان كلود يونكير بلدان الاتحاد الى تقاسم 160 الف لاجئ وفق نظام حصص معتبرا قبول هذه الخطوة دليلا على وحدة القارة.

وحصلت المانيا على الحصة الاولى ب 31 الف لاجئ متبوعة بفرنسا 24 الف ثم اسبانيا 15 الف وجميع هذه الدول قبلت بالخطة غير أن بلدان وسط وشرق أوربا وبالخصوص هنغاريا وبولونيا والتشيك رفضت بشكل مطلق قبول حصصها الصغيرة والتي لا تتجاوز ال2000 لاجئ.

في غضون ذلك كانت المنظمات الانسانية العاملة في الميدان تحذر باستمرار من المآسي والمعاناة الجسيمة التي يعاني منها اللاجئون، وناشد أنطونيو غوتيريس المفوض السامي لشؤون اللاجئين الاتحاد الاوربي باستقبال مزيد من اللاجئين بدل حصة ال 160 ألف، كما طالب الاتحاد بإعادة توطين اللاجئين وفتح الطرق أمامهم للوصول الى وجهاتهم بدون ركوب مخاطر البحر.

وبدورها طالبت اليونان باعتبارها بوابة الدخول الرئيسية للاجئين الاتحاد بإقامة مراكز تسجيل فوق التراب التركي والسماح للاجئين بالعبور بشكل قانوني الى البلدان الاوربية واستقبالهم بدل تركهم يواجهون خطر الموت في البحر.

ودخل الاتحاد الاوربي في مفاوضات مع تركيا تقرر خلالها فتح مسارات تفاوض جديدة بينهما حول انضمام تركيا للاتحاد وتخفيف إجراءات منح التأشيرات الاوربية للأتراك ثم منحها ثلاثة ملايير أورو على دفعات للمساعدة في تلبية حاجيات اللاجئين فوق ترابها، في مقابل التزامها بالتنسيق الفعال لوقف تدفقات اللاجئين.

وبنفس حدة الانتقادات الاوربية الموجهة لتركيا كان لليونان نصيبها، حيث هددت في ديسمبر بالخروج من فضاء شينجين واتهمت بالتراخي في مواجهة تدفقات اللاجئين.

وردت اليونان بتكثيف التنسيق مع وكالة الحدود الأوربية (فرونتيس) ودعتها لنشر فرق للتدخل السريع لمراقبة أفضل للحدود في بحر إيجة، كما طالبت تركيا بالانخراط بشكل أكبر في وقف التدفقات، وعززت التحريات للكشف عن شبكات التهريب، ثم أحدثت مراكز استقبال طارئة في الجزر اليونانية التي تشهد تدفقات يومية وفي أثينا وثيسالونيك لاستقبال نحو 70 الف لاجئ وعد الاتحاد الاوربي بتوزيعهم على البلدان الاعضاء بعد الانتهاء من عمليات تحديدهم، وهو المسار الذي قد يأخذ وقتا طويلا أمام بطء المسطرة ورفض عدد من بلدان الاتحاد استقبال حصص اللاجئين.

ثم قرر الاتحاد الأوربي إعادة النظر في طريقة مراقبة الحدود وهو الموضوع الذي كان دوما محط خلاف بين الدول الاعضاء التي تخشى فقدان سيادتها الوطنية، ومنحت صلاحيات واسعة لوكالة (فرونتيكس) من خلال الرفع الكبير من ميزانيتها وتمكينها من 1500 من ضباط الحدود وبالخصوص تخويلها سرعة التدخل بدون أخذ ترخيص من البلد الأوربي المعني.

لكن في اليونان أول بلد دخول اللاجئين الى أوربا لا يرى المسؤولون الحكوميون أي بصيص أمل على المدى القريب في وقف تدفقات اللاجئين، ويقولون أنه مع وجود أزيد من 5ر2 مليون لاجئ سوري في تركيا ومثلهم في كل من لبنان والاردن، وتفاقم الصراع في سوريا والعراق فإن سنة 2015 ليست سوى بداية رحلة تيه اللاجئين على طريق البلقان.

عبد الرزاق الطريبق
ومع

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*