ماجدولين الإدريسي ، الضحكة السينمائية المجلجلة ..
بمناسبة تكريم ماجدولين الإدريسي في الدورة الثالثة عشر، لمهرجان فيلم المرأة بسلا، الذي سينعقد في الفترة التي ستمتد ما بين 16 و21 شتنبر 2019…
كتبها: عبد الإله الجوهري
ماجدولين الإدريسي ، الضحكة السينمائية المجلجلة ..
لا يمكنك أن تلج عالم السينما المغربية اليوم ، أو تتصفح كتاب الإبداع السينمائي الوطني ، خاصة منه النسائي ، دون أن تجد إسم ماجدولين الإدريسي ، مذكورا في المقدمة ، مصاغا بماء الفخر والإعتزاز، بإعتبارها سيدة الحضور الوازن ، والبهاء الفني المشع ، والضحكة السينمائية المجلجلة ، والعطاء المتفرد في سماء العطاءات الإبداعية .
ماجدولين الإدريسي ، ممثلة مختلفة عن باقي زميلاتها العديدات والجميلات فنيا وإنسانيا ، مختلفة من حيث ، أنها مبدعة لا تمتلك موهبة التمثيل وكفى ، ولكن تمتلك أكثر وأهم من ذلك، تمتلك الأهم والأصدق في الحياة ، تمتلك العلاقات الإنسانية الرقيقة الغارقة في مفاهيم البهجة والانتصار للناس العاديين ، تمتلك القلب الإنساني الكبير المفتوح على العطاء والتضحية والتواضع اللانهائي ، تمتلك نكران الذات ونسيان حياة المبدع الصعبة ، المحاطة بنار النشوة والإنتصار للنفس المزهوة بتصفيقات الجمهور ومديح النقد ونفاق (بعض ) الزملاء وألوان التألق والشهرة الضاجة الحارقة .
ماجدولين فنانة متمردة على الأعراف والتقاليد المرعية ، فنانة اختارت رغم الحواجز والصعاب ورفض العائلة ، طريق الخلق والشوك والمعاناة ، وهي تلج عالم التمثيل والفن السينمائي بالمغرب و العالم العربي ، عالم لا يعترف بالمرأة الفنانة الممثلة ولا بقدراتها ومواهبها الإبداعية ، عالم لا يقبل اختياراتها و حياتها وعلاقاتها المفتوحة إلا على مضض ، لا يقبل نجاحاتها أو امتلاك أسطورتها الخاصة بها .
ماجدولين إمرأة حرة متمردة ، إختارت منذ البدء ، أن تكون دائما في المقدمة ، على الرغم من كل الحفر والمطبات ، اختارت الحياة المنفتحة على الفرحة والسعادة الدائمة ، صونا لصوت الخلق الحق ، وتكريسا لمفاهيم الحضور الآسر ودعما للنجاحات والعطاءات المتفردة.
عادت ذات عام من كندا ، حاملة رسائل البوح الحق الوازن ، مفضلة الغوص في لجة المعاناة اليومية ومواجهة نار الشهرة الحارقة ، وهي تقدم الأدوار المتتالية ، أدوار جعلتها في ظرف جد قصير ، ممثلة وازنة ومعادلة صعبة يصعب تجاهلها ، بل معادلة ، يسعى العديد من المخرجين ، لفك شفرتها والحد من جموحها النافر الهارب من القبح والخلق الباهت ، والعمل على تطويعها بشتى الطرق ( إدخال العلاقات و الصداقات و الضغط على عاطفتها اللينة الحنونة ) ، لتأدية أدوار في أفلام قد لا تقتنع بها لكنها تبصمها ببصمتها الخاصة الإستثنائية، وتقديم شخصيات صعبة مركبة ، شخصيات و أدوار إختلفت حسب القوة والأهمية في مجموع الأفلام السينمائية التي شاركت فيها ، ” الباندية ” لسعيد الناصري و”نانسي و الوحش” و”إكس شمكار” لمحمود فريطس و” السمفونية المغربية ” لكمال كمال و”البراق” و “جوق العميين” لمحمد مفتكر و” يوم و ليلة ” لنوفل البراوي و”في بلاد العجائب” لجيهان بحار …، وغيرها كثير من الأفلام السينمائية والتلفزية ..
ماجدولين أو نجمة الأدوار المغربية اللامنسية ، هي الفتاة البريئة المتلاعب بها ، وهي القروية الهاربة من أجل حبيب جار عليه الزمان ، بل هي”المومس” الرؤوف بالصحبة والخلان ، والمجنونة التي أوصلها بؤس الأب لفضاء العته و النسيان ، وهي الراقصة السارقة للحظات الفرح المشروخة والتقلبات المنزوعة من قلب الذل و البهتان ..، هي كل ذلك وأكثر من ذلك ، حسب قدرات كل مخرج ، وقبلهم كتاب السيناريو ، في رسم ملامح وخلق الشخصية من عنفوان الكلمات المنحوتة من صلب الواقع .
ماجدولين فنانة حقيقية بكل ما في الكلمة من معنى ، لأنها من القلائل اللواتي يقمن بأدوارهن الفنية المسنودة لهن ، دون استحضار الخلفيات المجتمعية المتخلفة الرافضة للمواقف “الصادمة ” ، أو المشاهد الجريئة التي فتحت ولازالت تفتح العيون المغلقة بإتساع على الخواء الفكري والفني ، مشاهد “جريئة ” ، لكن مبررة في السياق العام للبناء الفيلمي ، سياق تقديم واقع مغربي ، يخفي رأسه في رمال النفاق المجتمعي القاتل ..
لماجدولين البهاء والعطاء والمواقف ” الرجولية “، للإدريسي الشريفة النقية الناصعة ، نقول: دامت لنا ملامحك الطفولية، ونبرة صوتك الشجية، وضحكتك الفاتنة القوية، و عطاءاتك الفنية اللامتناهية..
كل تكريم وماجدولين، ومعها كل الفنانات المغربيات الأصيلات، بألف ألف خير..