حنان رحاب: العنف ضد النساء نزيف اقتصادي واجتماعي يهدد التنمية في المغرب
في ندوة نظمتها منظمة النساء الاتحاديات بفندق إيدو أنفا في الدار البيضاء، قدمت الكاتبة الوطنية للنساء الاتحاديات، حنان رحاب، قراءة عميقة عن ظاهرة العنف ضد النساء في المغرب، مسلطة الضوء على أبعادها الاقتصادية والاجتماعية.
من خلال ورقتها، حذرت رحاب من الآثار المدمرة لهذه الظاهرة، التي لم تعد مجرد قضية اجتماعية أو حقوقية بل نزيفًا اقتصاديًا يهدد تطلعات المغرب لتحقيق التنمية المستدامة.
التكلفة الاقتصادية للعنف: أرقام مقلقة وحقائق صادمة
أوضحت حنان رحاب، استنادًا إلى تقرير المندوبية السامية للتخطيط لعام 2019، أن التكلفة الاقتصادية للعنف ضد النساء بلغت أرقامًا مقلقة.
إذ تقدر التكلفة المباشرة للعنف الجسدي والجنسي بنحو 2.85 مليار درهم سنويًا، موزعة بين نفقات العلاج الصحي، الدعم النفسي، والخسائر المادية.
أما التكاليف غير المباشرة، مثل خسائر الإنتاجية بسبب الغياب عن العمل أو فقدان الوظائف، فتصل إلى 517 مليون درهم سنويًا. وتُظهر هذه الأرقام أن العنف الزوجي يستحوذ على النصيب الأكبر، بنسبة 70% من إجمالي النفقات المباشرة، متبوعًا بالعنف في الأماكن العامة بنسبة 16%.
“هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات؛ إنها شهادة واضحة على العبء الاقتصادي الذي تتحمله النساء وأسرهن، والذي يمتد ليضعف الاقتصاد الوطني بأكمله”، تؤكد حنان رحاب.
العنف الرقمي: تحدٍّ جديد في الفضاء الإلكتروني
رحاب لم تكتفِ بالحديث عن العنف التقليدي، بل نبهت إلى تنامي ظاهرة العنف الرقمي، واصفة إياه بـ”التحدي الجديد الذي يُعمّق معاناة النساء”. التحرش الإلكتروني، الابتزاز، والتشهير أصبحت من أشكال العنف الأكثر انتشارًا في العصر الرقمي، مما يضيف عبئًا إضافيًا على النساء ويحد من مشاركتهن في الحياة العامة.
وأشارت رحاب إلى أن “العنف الرقمي لا يقل خطورة عن العنف الجسدي، بل يمتد تأثيره النفسي والاجتماعي ليعزل النساء في الفضاء الرقمي، الذي يُفترض أن يكون مساحة آمنة للجميع”.
التشريعات وحدها لا تكفي: دعوة لتفعيل سياسات شاملة
رغم التقدم الذي أحرزه المغرب في مجال حماية حقوق النساء، ترى حنان رحاب أن الطريق لا يزال طويلًا. وأكدت أن هناك حاجة ملحة لتحديث القوانين لمواكبة التحولات المجتمعية والتكنولوجية، إلى جانب تفعيل سياسات عمومية فعّالة تستثمر في التعليم والإعلام لنشر ثقافة المساواة.
وتضيف: “نحن بحاجة إلى إرادة سياسية قوية لمواجهة العنف ضد النساء بجميع أشكاله.
الاستثمار في حماية النساء وتمكينهن ليس رفاهية، بل ضرورة لتحقيق التنمية المستدامة”.
رسالة حنان رحاب: المجتمع شريك أساسي في القضاء على العنف
في ختام كلمتها، وجهت حنان رحاب دعوة صريحة للمجتمع المغربي بمختلف فئاته لتحمل مسؤوليته في القضاء على العنف ضد النساء.
وأكدت أن “التغيير يبدأ من الوعي؛ وعي الأسر، المؤسسات، والأفراد بأن العنف ليس قضية تخص النساء فقط، بل هو معضلة تعيق تقدم المجتمع بأكمله”.
العنف ضد النساء ليس مجرد جريمة خفية، بل ظاهرة مكشوفة تستنزف الاقتصاد، تُضعف المجتمع، وتعرقل مسيرة التنمية.
كلمات حنان رحاب ليست مجرد تحليل للواقع، بل دعوة للتغيير وبناء مغرب أكثر عدالة وإنصافًا.