swiss replica watches
انا ارقص”، إذن أنا موجود – سياسي

انا ارقص”، إذن أنا موجود

عبد الاله الجوهري
ناقد سينمائي ومخرج

“أنا أرقص” فيلم هندي بطعم الإنتصار للاختلاف، بل صرخة في وجه التطرف والمتطرفين المسلمين والهندوس، وتأكيد على أن تراث بلد ما، هو تراث كل مواطنيه، بغض النظر عن العرق أو اللون أو الدين، تراث من حق أن يمارسه أي مواطن، ويتخصص في اي لون من ألوانه، مادام قادر على احترامه والإبداع فيه. اما حق المصادرة، تحت ذريعة من الذرائع، فهو حق باطل، حق يتأسس على الفهم الضيق، والجهل المركب، جهل لا يعرف، ولا يريد أن يعرف، بأن الفن في عمقه حرية، ورسالته سامية، وجب حماية حق كل واحد في ممارسته، والغوص في عوالمه بكل أناقة وحرفية.
إنها الخلاصة العامة التي يخرج بها كل مشاهد لهذا الفيلم البسيط في بنائه، العميق في رسالته، والانساني في أبعاده، والممتع في فرجته، الفرجة المؤسسة بالأساس على لوحات من الرقص الشعبي الديني الهندوسي، رقص ستعشقه الشابة مريم، الفتاة المسلمة الفقيرة، التي تصر على أخذ دروس على يد استاذة هندوسية أمنت بموهبتها، وآزرتها في رغبتها المحمومة أن تصبح راقصة، رغم نظرات الاحتقار من المسؤول الأول عن المدرسة، ومحاولاته إقصائها بذرائع متعددة، من أي مشاركة أو منافسة، باعتبارها مسلمة.
كما آزرها أبوها الخياط البسيط، رغم رفض العائلة، خاصة الخالة المتجهمة المحافظة، ورفض ساكنة الحي الذين قاطعوه وعرضوا دكانه للكساد، ورجال الدين الذين ضغطوا عليه بشتى الوسائل، وليصموه بالكفر، ومنعه من ارتياد المسجد، والمشاركة في الصلوات، خاصة صلاة الجمعة.
مريم والأستاذة والأب، سيشكلون جبهة في وجه التطرف والمتطرفين، والرعاع من الهندوس والمسلمين، وسيواجهون كل أنواع التحرش والمقاطعة، وينجحون في اختراق الحصار وكل العقبات، بوصول الشابة للمسابقة النهائية، وفوزها عن جدارة بالجائزة الكبرى، تحت تصفيقات جمهور هندوسي لم يتعود على مشاهدة طفلة مسلمة محجبة ترقص رقصة دينية، ترقص بكثير من الأناقة والحرفية، في مجد الآلهة الهندوسية.
رسالة الفيلم، إن تحدثنا بلغة الأخلاق، رسالة من اجل الحب الذي يوصل الإنسان لمراتب راقية في خلق الجسور بين الأديان، ويوطد العلاقات بين ابناء الوطن، ويؤكد على أن التراث، كيف ما كانت خلفياته، يظل تراثا عاما من حق أبناء البلد الواحد ممارسته، بعيدا عن التشنج، او الانغلاق المفضي للفقر في العواطف والهزات الاجتماعية، والاعتقاد خطأ بأن لكل فن اصحابه المالكين لأصله التجاري لا يحق لغيرهم الاقتراب منه.
تحية لصناع الفيلم، أساسا مخرجه بابا عزمي ومنتجته النجمة شعبانة عزمي، لأنهم صنعوا فيلما ممتعا، فيه الكثير من الحب والاحترام لإنسانية الإنسان.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*