swiss replica watches
الدكتور خالد فتحي: 2017 سنة الهوان العربي – سياسي

الدكتور خالد فتحي: 2017 سنة الهوان العربي

الدكتور خالد فتحي
استاذ بكلية الطب بالرباط

2017 سنة الهوان العربي

ونحن نغلق قوس هذه السنة، يضطرم في داخلنا هذا السؤال المربك الذي نتهيبه جميعا: مالذي تحقق للعرب؟؟ وماذا وكيف أصبحوا بعد سنتهم هاته(بكسر السين أو فتحها) ؟؟. فمنذ أن تبرأ المتنبي من العيد الذي لا يأتي بجديد،وأنشد بيته الشهير : عيد بأية حال عدت يا عيد
…… بمامضى أم لأمر فيك تجديد ؟؟، صارت جل الأعياد عقيمة عندنا، إن لم تكن أضحت عامرة بالمآسي والنكبات، حتى صرنا نخشى بسبب هزائمنا المتوالية كل مناسبات الوقوف مع النفس وتقديم الحساب ،لأنها تتحول فقط إلى حصص عذاب نفسي و تفنن في جلد الذات.
رحماك ربي:

كل الإشارات من بلاد عدنان وقحطان تنذر بالعصف المدمر الذي سيجتاح الوطن العربي، وكل السيناريوهات التي تتراقص أمامنا مثل الأشباح المرعبة لجوف الليل تجعلنا نشفق من المستقبل الذي نحن مقبلون عليه، او الذي نجر إليه جرا : التقسيم، الفتن والحروب، ضياع أجزاء أخرى من الوطن العربي ،وتعطيل التنمية. التطرف، الإرهاب…..
٢٠١٧ هي سنة الإخفاقات الكبرى والفشل الذريع و المؤكد ،سنة نهاية النظام الإقليمي العربي، وسنة الصغار والهوان العربيين، و كل التراجعات العربية في المعترك الدولي ، و أيضا هي سنةالتطاحن والتلاسن العربي الذين بلغا حد أن نتساءل كم كان العالم سيبدو رتيبا مملا سمجا وغير مسليا لباقي العالم لولا صراعات وأضاحيك العرب.
إنها إذن سنة الانجلاء النهائي للوهم القومي ،ومواجهة الحقيقة المرة فجة عارية بأننا مجرد آثار وشم بال لأمة قد بادت وصارت في مهب الريح. فلاتلبث تتأكد لي سنة بعد سنة حكمة مقولة والدي المتكررة لي كلما ينظر لحال العرب: ترى كيف كنا سنكون لو لم يأتنا دين الإسلام؟؟.
صار يقينا عندي ان أعز ما يطلبه عربي اليوم من كل ذاك المجد الضارب في التاريخ هو جاهليته وبداوته، بل جهله وأعرابيته الكامنين فيه لايبغي عنهما بديلا رغم كل مظاهر الحداثة وتطلق الحضارة، فداء العطب فينا قديم، والخلل قد يكون في الجينات التي لاسبيل للتخلص منها ، فهاهي حروب داحس و الغبراء التي خلناها تراثا تنبعث من رمادها ولم تطو بعد ، وكان يكفي أن تهجم علينا هذه القنوات الإعلامية لينطلق كل هذا الهجاء والغل والحقد الذي نكنه لبعضنا البعض من قمقمه، وهذا الفخار البليد بيننا نحن الذين صيرنا سفهاؤنا سخرية لكل العالم . فجأة عاد لكل دولة شاعرها (الفحل) الذي يحارب عنها الأعداء من بني جلدتها ،وصارت لنا أسواق للتنابز والهجاء…. كل الفارق أن الشاعر صار قناة تلفزية، والسوق الشعرية تحولت لفضاء أزرق بحجم الارض، والهجاء صار تغريدات ،والنزال عاد كل لحظة وحين، ولا يحتاج لسبب للنزول، وإنما فقط لمرض متأصل في النفوس،قد تخصص فيه العرب اسمه عشق الفرقة و السعي للخلاف والتنابذ.

فجأة ظهر عندناابن سبأ جديد في شرق الأمة العربية . ابن سبأ فند على الأقل أطروحة اختلاق هذه الشخصية التي كادت للامبراطورية الإسلامية زمن الفتنة بين الصحابة . فالآن يمكن القول أن ابن سبأ الأمريكي أعطى الدليل على ان ابن سبأ اليمني وجد بلحمه وشحمه وأوقع بين المسلمين في عصرهم الذهبي فما بالنا لمسلمي هذا العصر القصديري…ترامب الداهية الذي يجيش ضد الخطر الفارسي ،ويبقي حيا الصراع السني الشيعي، و يشطر الخليج العربي، ثم يحكم بين الاخوة الأعداء أيهم بريء من اختراع الإرهاب ،ليس ذكيا بل يستغل غباءنا الذي سارت بذكره الأمم…ثم لايتورع عن رش مزيد من الملح في جرح الانكسار العربي، ويرسم من جانبه القدس عاصمة لإسرائيل في الذكرى المئوية لوعد بلفور ، وكأنه يتلذذ بتمريغ كرامة العرب والمسلمين في الوحل وكأنه استوثق موت العرب فلم يعد يرى مانعا من إثخانهم بالجراح … وقبل هوان ترامب كانت خيانات بعض المثقفين العرب تمهد له الطريق وتنثر له الورود ، ليصبح المسجد الأقصى مسجدا بالجعرانة القريبة من الطائف والمعراج مجرد( اقتباس) للمسلمين من ديانات سابقة على الإسلام، والقدس محجا أغرى به عبد الملك بن مروان المسلمين للتضييق على ابن الزبير اللائذ بالحرم المكي، وصلاح الدين مجرد قائد حقير، وغير ذلك من القراءات المتمسحة بإسرائيل وأمريكا، و من الكتابات التي تبتغي مرضاة المحتل، بينما لم تر بعض القنوات باسم الانفتاح حرجا في استضافة إسرائيليين ليزيدوا الأمة العربية ذل التهكم والسخرية بها على ذل انبطاح الأنظمة وتخاذلها.
تمر سنة 2017، وكل الدول العربية تقريبا بأسوأ حال : سوريا الأمويين ودرع العروبة أصبحت حطاما تذروه الرياح،والعراق لازال يئن من التدخل الامريكي ،مهددا بالانقسام،و لاندري متى يتماثل للشفاء، واليمن السعيد أصبح يمنا حزينا كئيبا و أثرا بعد عين ،ودول الخليج عادت لأيام العرب في الجاهلية، ومصر بلد الكنانة تترنح بين معاول الإسلاميين والعسكر، مهيضة ،لاتقوى على النهوض ، والسودان منقسم شذر مذر، وليبيا دولة فاشلة أنشأت لها أسواق للنخاسة في القرن 21، وتونس البوعزيزي جعلت من الجدل حول الميراث وحقوق المرأة بلسما تداري به عجزها عن إطلاق تنمية حقيقية تنعكس خيرا على أوضاع التونسيين……الخ
لقد عدنا جميعا للجاهلية، ولأيام كليب والزير سالم، وجساس بن مرة، وعنترة، والحطيئة، والفرزدق وجرير ،وحروب امرء القيس، وغلظة الحجاج، وفخر ابن كلثوم وجهله فوق جهل الجاهلين، وإلى اغتيالات الحسن الصباح والحشاشين وفتن الفرق الدينية التي لم نجن منها الا التأخر والضياع والحروب المذهبية. لازلنا واقفين عند هذه الصورة النمطية نتوارثها جيلا بعد جيل، ونقدم بها نفسنا للعالم. لازلنا نعتقد أن تاريخ الأمة العربية هو تاريخ طغاتها والفاحشين من شعرائها، لا تاريخ علمائها وأفذاذها من أمثال الرازي، وابن النفيس، وابن الهيثم، والفارابي، والغزالي، وابن رشد، وابن سينا. والبيروني والادريسي، وابن ماجد ، لماذا لانستعيد هذا الوجه المشرق من التاريخ، ونتخذ لنا هذا المثال الناصع.إلى متى يظل تاريخ العرب هو تاريخ حكامهم لا تاريخ شعوبهم وأمتهم ؟؟،والى متى نفقد وقتا ثمينا للتلاحم واللحاق بالركب؟؟ فما عاد لنا قدرة على الانتظار أكثر. قد بلغنا قرارة اليأس ،وينتابنا احتياج محرق لاستعادة الكرامة الضائعة.
استاذ بكلية الطب بالرباط

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*