swiss replica watches
المريزق في حوار مع “سياسي”: لا نموذج تنموي من دون جبر ضرر العالم القروي وسكان الجبل – سياسي

المريزق في حوار مع “سياسي”: لا نموذج تنموي من دون جبر ضرر العالم القروي وسكان الجبل

أجرى الحوار رشيد لمسلم

المريزق: لا نموذج تنموي من دون جبر ضرر العالم القروي وسكان الجبل

المريزق المصطفى، أستاذ باحث في علم الاجتماع بجامعة مولاي إسماعيل مكناس،

ناشط حقوقي وفاعل مدني،

الرئيس الناطق الرسمي لحركة قادمون وقادرون – مغرب المستقبل.

قبل سبر أغوار مساراتكم، من هو المريزق المصطفى اليوم؟

المريزق المصطفى لا يتقن الحديث عن نفسه، وأعتقد أن شخصيتي المتواضعة ليست مهمة لهذه الدرجة أو تلك لأتحدث عنها.

أما إذا كان السؤال يهم الفعل في صلته بتقديم رؤيتي المتواضعة حول التبدل والتطور، فإن الملاحظة والاستنتاج هي بالنسبة لي محطة من محطات التحليل الإيجابي للقوى المعروضة في حقل التحولات الاجتماعية.

أما الجوانب السلبية إن كانت ولا بد أن تكون، فالحديث عنها هو من اختصاص الناقدين والمتتبعين لمسارات غيرهم.

لكن فيما يخص الجوانب المضيئة من مساري، فأنا أولى بالحديث عنها، لأني الوحيد الذي أعرف خباياها مع قرارة نفسي قبل غيري.

وإذا كان لا بد من الجواب عن سؤالكم، فإن ما يهمني الحديث عنه هو نزعة التفاؤل الساذج التي تخترقني رغم الاجماع على أن الانحطاط هو عنوان المرحلة، لأن الرؤية التي أدافع عنها هي رؤية مستقبلية نابعة من حب الوطن حتى العظم، حافزة وداعمة جديدة حول الممكن من قدراتنا.

ومن الجدير ذكره هو انتقاد الناس لفساد الساسة والنخب من دون التركيز على صعوبة تحقيق التنمية المنشودة في مجتمعنا. أنا لا أمتلك سوى رؤية اجتماعية – حقوقية متواضعة في سياق التغيرات المجتمعية والسياسية المتسارعة، وأعمل ليل نهار من أجل المساهمة في تحقيق التوازن والاستقرار الوطني في بلدي، وأجتهد لكي لا تكون السياسة والدعاية السياسوية على حساب التنمية المستدامة.

مررت بعدة تجارب نقابية وسياسية وحقوقية داخل المغرب وخارجه، أما الاحباطات والخيبات التي مررت منها فقد كانت قاسية، ولكنها علمتني الثقة في النفس والادراك الموضوعي لظواهر الحياة الاجتماعية واتجاهاتها الأساسية، وعلمتني كذلك تفادي الحلول الذاتية وعدم اللجوء إلى الهروب إلى الأمام، أو الانزواء والانطواء الاجتماعي.

وقد تستحق الذكر بعض مساراتي المضيئة التي أعتز بها، أذكر من بينها الموعد الجامعي السنوي الدولي حول الهجرة بجامعة مولاي إسماعيل، والذي قطع هذا العام السنة السابعة من عمره (انطلق سنة 2011)؛ ثم تجربة المنتدى الوطني للمدينة VNF (أسس منذ 2012) وجاب أغلب المدن المنجمية منها والساحلية والجبلية والتاريخية، ونظم خمس مؤتمرات دولية بحضور دول أجنبية وسفارات بعض الدول الصديقة، وممثلين عن حكومات أوروبية وإفريقية وعن بعض دول أميركا اللاتينية، بالإضافة إلى منظمات دولية حقوقية ونسائية ومختبرات علمية. وبعد هذه التجارب الرائدة،

أذكر بفخر واعتزاز تجربة المقهى الثقافي بمكناس التي انطلقت ولا زالت مستمرة منذ 2016 بشراكة مع مقاولات مكناسية مواطنة.

ثم تجربة الجامعة الشعبية مكناس MPU التي انطلقت منذ أزيد من سنة من أجل حق الجميع في المعرفة وفي التعليم والتكوين بالمجان، وهي تأخذ مني اليوم كل وقتي، من دون أن أنسى نادي الثقافة المواطنة C3 الذي انطلق سنة 2017 بفاس وتطوان؛ والمبادرة الجديدة المقبلة ستنطلق قريبا وتخص المكتبات الشعبية في العالم القروي.

وماذا عن حركة قادمون وقادرون – مغرب المستقبل؟

لن أكرر ما قلته سابقا وما قاله رفاقي ورفيقاتي في الحركة، فالرأي العام الوطني (أو جزء على الأقل منه) تتبع مسارات الولادة الطبيعية للحركة، وتابع تعبيراتها ومواقفها وبياناتها وأنشطتها في العديد من المناسبات. لكن لا بأس أن أذكر بالأهم:

حركة قادمون وقادرون-مغرب المستقبل، حركة مدنية مواطنة ديمقراطية ومستقلة، عابرة للأحزاب والنقابات ولجمعيات المجتمع المدني.

انطلقت شرارتها من الهامش، من بلاد جبالة بني زروال–بغفساي أواخر 2017 لتصبح حركة وطنية بتمثيلية دولية بعد تأسيسها رسميا بمدينة ايفران في 16/17 دجنبر 2017، للمطالبة ب «التغيير الاجتماعي” من أجل الدولة الاجتماعية.

لكن لماذا حركة قادمون وقادرون في هذا الوقت بالذات؟

هناك عدة مظاهر للامساواة في بلادنا لا نعتبرها في الحركة مشكلة عابرة ومؤقتة، بل نعتبرها سمة بنيوية من سمات التخلف الثقافي والعلمي والعاطفي. فالتوزيع الغير العادل للثروات الوطنية، وغياب العدالة المجالية، والنقص الفادح في البنيات الأساسية (التعليم، الصحة، الشغل والسكن)، دفعنا للانخراط العملي في الميدان وخاصة في مناطق مغرب الهامش.

فإلى جانب اعتماد الحركة في أدبياتها على كل ما هو مشرق في التراث الإنساني، فإنها تسعى إلى تأسيس رؤية شاملة وطنية محلية بعيدة عن كل النماذج المستوردة. وهذه رؤية جديدة، انطلقت من الوسط الجامعي والعالم القروي وسكان الجبل، ووصلت اليوم إلى بعض المدن. وهي تستهدف الشباب والنساء والأطر، وتعتبر العمل في هذه الأوساط مفخرة كبيرة.

إن تراجع الأحزاب والتنظيمات الديمقراطية والاشتراكية ترك فراغا كبيرا في الساحة، وهو ما انعكس سلبا على المشهد السياسي العام، وكان من نتائجه السلبية فقدان الثقة في السياسة والاقتصاد والثقافة، وفي المؤسسات كذلك، مما أدى ببعضها إلى الموت أو الاندثار، وفي أحسن الأحول العيش في الهامش. وما نخشاه هو أن تفقد مصداقيتها وشرعيتها وتصبح عاجزة عن اختراق المشهد السياسي في بعده الوطني والدولي.

إننا نطمح لبناء هيئات مشتركة مع فاعلين متشبعين بروح”التغيير الاجتماعي” من مختلف الأحزاب السياسية والنقابات وجمعيات المجتمع المدني الذين لهم القدرة على خلق المسافة الضرورية مع تنظيماتهم كلما تعلق الأمر بخلق أشكال جديدة لتنمية السياسة المواطنة الدائمة لهيكلة الحياة الاجتماعية لبلدنا، بعيدا عن الشوفينية والحزبية الضيقة والكراهية السياسية والعدمية الإيديولوجية. إنه منظور سلمي تشاركي وتكاملي، مواطن وسلس، للمساهمة في الدفع بالإصلاحات الضرورية من داخل المؤسسات والهيئات والتنظيمات السياسية والنقابية والمدنية.

هل تسعون لتأسيس حزب جديد؟

لماذا سنؤسس حزيا جديدا والحركة تضم في صفوفها فاعلين من كل الأطياف السياسية والنقابية والجمعوية؟

نحن نفتخر ونعتز بالتعددية داخل حركتنا، ونعتبرها إحدى نقط قوتنا، ورافعة لتنمية القدرات والكفاءات وتمكين المناضلات والمناضلين.

فهؤلاء المنتمون هم جزء لا يتجزأ من دينامياتنا الترابية، وهم سفراء الحركة أينما حلوا وارتحلوا.

طبعا، الحركة تضم في صفوفها كذلك فاعلين ونشطاء جدد، نساء وشباب، أطر وكفاءات، قادمون وقادمات من مختلف التجارب الجامعية والطلابية والمهنية والثقافية، يؤمنون بتحرر الانسان الاجتماعي والاقتصادي وبالتقدم العلمي وتطوير الابداع لدى الشعب، ويثمنون أفضل منجزات وانجازات الحركات الاجتماعية التواقة للسلم والسلام والأمن عبر العالم.

كما تشرفت الحركة باستقبال العديد من الأطر الوطنية العليا التي أبت إلا أن تساهم في تطوير تجربة الهيئات الاستشارية الترابية، الجهوية والوطنية والدولية.

وهي هيئات مستقلة، مهمتها التفاعل مع رؤية الحركة حول ما تنتجه من أفكار وممارسات، وهي في نفس الوقت قوة اقتراحية وتوجيهية من شأنها البحث عن آفاق جديدة رحبة للحركة، ومن رحمها خرجت لجنة وطنية جد مصغرة ستجتمع قريبا للشروع في صياغة مشروع الخطة الاستراتيجية الوطنية، وهذه إحدى مخرجات المجلس الوطني الثاني للحركة.

وماذا بعد؟

بعد استكمال مهام لجنة الخطة الوطنية، سيعرض المشروع على الهيئة التأسيسية الوطنية، وعلى الهيئات الاستشارية الترابية، وعلى أنظار الناشطات والنشطاء في كل الديناميات الجهوية والإقليمية والمحلية، ليتم المصادقة عليه في المجلس الوطني الثالث.

وماهي شرعيتكم؟

سامحني، نحن لسنا لقطاء ولسنا عبيد! نحن مغاربة أحرار أولا، وطنيون ثانيا، ومناضلون ثالثا. نريد أن نساهم بكل ما نملك في اخراج واقعنا المأزوم من النفق المحجوز. وشرعيتنا -إذا شئت-تكمن في ابتعادنا عن كل المجموعات والحقليات التي تتصارع من موقع الرغبة في الهيمنة خوفا من فقدان امتيازاتها المادية وللامادية.

النضال اليوم لا يحتاج لأي شرعية من الشرعيات التي تقصدها. ناشطات ونشطاء الحركة هم جزء من من يجسدون الشرعية الوطنية المواطنة، ينتسبون إلى أصول ومشارب ديمقراطية وحداثية متباينة، يجمعهم حب الوطن والخوف عليه، ويشعرون أن لهم دورا كبيرا يمكن لهم أن يلعبوه من أجل مغرب المستقبل، مغرب الوحدة الوطنية والديمقراطية التشاركية وحقوق الانسان.

إن ناشطات ونشطاء حركة قادمون وقادرون – مغرب المستقبل، أغلبيتهم لم يعيشوا تجربة سياسية مشتركة، ولم يعيشوا تجربة السجن، ولم يتورطوا يوما في ملفات الفساد، وبالتالي هم على مسافة طويلة من التشرذم والتمزق والصراعات الشخصية المدمرة.

هناك متغيرات جذرية اخترقت واقعنا بشكل جذري وعلينا أن نضعها في سياقها التاريخي لكي نفهمها. اليوم لدينا في بلدنا فرصة ثمينة لإعادة الارتباط بقضايا الشعب، وبتقييم ارتباطاتنا بالمؤسسات من أجل “التغيير الاجتماعي” ودعم مسيرة الديمقراطية التي باتت مهددة.

علينا أن نستيقظ باكرا كل يوم إن أردنا التقدم. علينا أن نحب الوطن، ونؤمن بالعمل والتكوين والتأطير والتعلم والبحث العلمي والإبداع والاشعاع التنويري والثقافي، وممارسة نضال القرب. علينا كذلك أن نخلق “قواعد الأمل المتحركة” (بدل العيش على ماضي القواعد الحمراء المتحركة) كشكل من أشكال القضاء على الجهل والأمية والادماج الاجتماعي، وتوفير الشغل للشباب وتمكين النساء، وتوفير شروط الحياة الشخصية في استقلال عن العائلة، قبل مطالبة الناس بالمساهمة في الحياة السياسية.

إن مسار الحركة اليوم هو المساهمة في النقاش العمومي حول أهمية المشاركة والعمل من داخل المؤسسات وتقويم التجارب اليسارية والديمقراطية السابقة. والحركة كأداة تنظيمية مدنية، تتوخى تجميع مناضلين من كل الأطياف، توحد بينهم رؤية جديدة للواقع وللمغرب وللعالم الذي نعيش فيه. ولهذا تشتغل الحركة على خلق فضاءات للنقاش الحر لمراجعة الفكر والاطروحات البالية التي عمرت طويلا في الساحة، وأوصلت بلادنا للباب المسدود. وهذا يعني ضرورة الاسهام في بلورة رؤية جديدة، وممارسة بديلة على أساس تنظيمي لا مركزي للمساهمة في إعادة هيكلة الحقل السياسي والنقابي والمدني.

 لكن بماذا تؤمنون اليوم ذ. المريزق؟ هل أنتم اشتراكيون أم ليبيراليون؟ أنتم ماذا بالضبط؟

إننا نعيش اليوم في عصر تاريخي جديد، هناك عدت تطورات حدثت ولا زالت مستمرة، وهي معقدة ومركبة سياسيا واقتصاديا وعلميا وتقنيا واجتماعيا وثقافيا وعاطفيا، متداخلة ومتفاعلة على مختلف المستويات. ربما حتى الديمقراطية التي نشأت في القرن الخامس قبل الميلاد وتطورت عبر قرون من الزمن، هي الآن تواجه تحديات، ناهيك عن الليبرالية والاشتراكية التي لا زالت لم تتعدى كلها قرنا واحدا.

كما نعيش اليوم في زمن سيطرة التقنية والعلم على الآلة، وهذا ما يجب أن نفهمه. لأن المتحكم في السيرورة الدائرية للتقنية والعلم هو الذي يحدد مصير الدول والشعوب. وهو المؤسسة القوية والسلطة الحقيقية التي تساهم في قلب موازين قوى المجتمع وتتحكم فيه بواسطة السيطرة الاقتصادية والسياسية.

الأيديولوجيا اليوم في مأزق، والممارسات النضالية القديمة تآكلت. بل حتى الالتزام السياسي بات يسائلنا كل يوم، خاصة حينما أصبح مرادفا للانتهازية والسمسرة والاغتناء الفاحش والريع وتصيد الفرص. ولهذا أعتقد أننا اليوم في حاجة لتجديد طرق المشاركة.

النضال في زمننا هذا يحدده الانخراط اليومي في الفضاءات العمومية، والالتزام بالأخلاق والقيم الديمقراطية والقدرة على الترافع والمطالبة بإعادة التوزيع الاجتماعي العادل للموارد والثروة والدخل بناء على مبدأ المصلحة العامة وتكافؤ الفرص والمساواة، بعد أن كان يحدده الانخراط المسبق في الحزب والنقابة من منطلق إيديولوجي معين. وهذا تحول جذري يجب أن نأخذه بعين الاعتبار. فبعدما ضعفت مجتمعات التنشئة السياسة، أصبح النضال تحدده وضعية الناس الاجتماعية وليس أفكارهم الإيديولوجية من خلال الانخراط في تنظيم قائم الذات.

إننا اليوم أمام تحول وطني وعالمي، مجتمعي وديموغرافي وبيئي، يمكننا تقييمه من حيث التشدد في التعامل مع الواقع الذي ينتجه، وليس بالضرورة من خلال توجه نضالي معين.

إن الوضعية باتت جد معقدة، وواهم من يعتقد أن الأمور ما زالت تسير بالمنطق السابق، أي بمنطق ثنائية وقطبية الليبرالي والاشتراكي؛ فلا منظور التحولات الاجتماعية الراديكالية العميقة، ولا الممارسة الجماعية للفعل قادران على تحديد معايير محددات مفهوم النضال اليوم. إن بعض الممارسات التطوعية أصبحت فعلا نضاليا متميزا ومميزا، في الوقت الذي كان يتم تصنيفها سابقا في خانة العمل الخيري الإحساني والاجتماعي (حالات المرضى، المهاجرين، المعطلين، ضحايا العمل الجنسي، والـ “بدون مأوى”، القوافل الطبية، الخ)، وهي الآن (أي الممارسات التطوعية) تحصد الاعتراف العمومي والرسمي.

إذن، هناك أشكال جديدة ومتنوعة للفعل الاجتماعي، بعيدة كل البعد عن الفعل السياسي الحزبي التقليدي أو النقابي الكلاسيكي المتجاوز؛ وهو ما يجب أخذه بعين الاعتبار، وما حالة معركة الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، إلا دلاليا على ما نقول. فهذه الشريحة المجتمعية الشبابية المتعلمة، كان يجب أن تكون مطالبها من أولى أولويات الأحزاب السياسيات والنقابات وجمعيات المجتمع المدني للضغط على الحكومة من أجل الحوار معها بدل العنف والصدام.

إن حركة “قادمون وقادرون – مغرب المستقبل”، أسست وخرجت من رحم هذا التحول، للتفكير في أشكال جديدة للفعل والعمل، جماعية ومجموعاتية وفردية. إن ما نهتم به اليوم هو كيف يناضلون الناس قبل أن نهتم بما يحركهم. نحن نعلم جيدا بأن الفعل النضالي يجب أن يحقق نتائج ملموسة على المدى القريب، وأن هذا الفعل يجب أن يكون له صدى عمومي، حتى يتبناه الفاعل السياسي في مستوى من المستويات؛ لكننا على وعي تام بأن هناك فاعلين ليس لهم أي صوت في الفضاء السياسي، هؤلاء يجب التفكير فيهم والتعامل معهم كذلك.

كيف ترون الخريطة السياسية اليوم؟

الخريطة السياسية باتت مطبوعة بالغموض والضبابية، ونحن نعيش اليوم في واقع متحول، غير مستقر، وغير واضح المعالم، وهو ما أجج فقدان الثقة في الأحزاب السياسية وفي النقابات وجمعيات المجتمع المدني، بفعل تذبذبها وغموضها، وبسبب تخليها عن جزء كبير من أهدافها، ألا وهو النضال الأخلاقي. فكل الدراسات والإحصائيات تثبت فقدانها للقاعدة البشرية والشعبية وابتعاد الناس عنها، في حين نجد إطارات جمعوية واجتماعية متجذرة داخل الأحياء السكنية، وموجودة في القرى والمداشر والمدن الصغرى والمتوسطة، وتقدم خدمات مباشرة للساكنة.

إن ذوي الحقوق لم يعد لهم نفس النضال الطويل المدى، ولم يعودوا يثقون في المستقبل. إنهم يريدون من يحقق آمالهم وتطلعاتهم اليوم قبل الغد. وهذا هو الباب الذي اقتحمه الخطاب الشعبوي ليدغدغ عواطف الناس ويسكن عظامهم. بالإضافة إلى عامل التردد كسمة تلازم الكثيرين في كل مراحل حياتهم، وخاصة لدى فئة الشباب والنساء بسبب البطالة والهشاشة والاستبعاد الاجتماعي وعدم الإنصاف والمناصفة. كذلك بالنسبة إلى الهويات الجماعية والفردية، التي أصبحت غير مطمئنة على مستقبلها بسبب الأعطاب الحاصلة في “المصعد الاجتماعي”.

أما إذا تناولنا الموضوع من زاوية المد الأصولي، فعلينا أن نتصور الحاجة الماسة للمد الحداثي للحفاظ على التوازن. ولهذا علينا الاسهام بشكل فوري في دعم كل الأوراش الوطنية من أجل صيانتها، والدفع بتوجيه ثمارها إلى مغرب الهامش/ العالم القروي وسكان الجبل.

ما هو النموذج التنموي الذي تدافعون عنه؟

إن حالة التهميش الاجتماعي ببلادنا في تصاعد مستمر، والنموذج التنموي الحقيقي لا يستورد ولا يصدر، ويفترض مسبقا أن يكون مغربيا.

هناك شعور لدى عامة الناس بضرورة عاما إحداث “التغيير الاجتماعي” والديمقراطي المطلوب.

نحن في حاجة اليوم لرؤية ترابية جهوية جديدة، عنوانها “التنمية التضامنية المحلية الشاملة”، قبل الحديث عن النموذج التنموي، وذلك من أجل تحرير الحقل الاجتماعي من المركزية والبيروقراطية.

والنموذج التنموي المطلوب في حالتنا، مدخله حقوقي. وهذا يعني بادئ ذي بدء، جبر الضرر الجماعي لسكان المناطق التي تعرضت للتهميش والاقصاء منذ الاستقلال، وتمتيعها بالحق في المساواة. وأي نموذج تنموي مغربي لا يمكن بناؤه من دون مغاربة العالم القروي وسكان الجبل، وفي مقدمتهم النساء والشباب.

ما رأيك في حركة السترات الصفراء؟

حركة اجتماعية رائدة، تعكس عمق الازمة الاقتصادية وأزمة الأحزاب السياسية والنقابات. وانا جد متفائل بما ستفتحه من آفاق جديدة للجمهورية الفرنسية التي ينظر جيلها الجديد إلى المستقبل بنفس جديد.

كيف تقيمون ما يحدث في الجزائر؟

عيب على الحكام في دولة الجزائر الشقيقة الذين يستغلون إنسان مريض على حافة الموت لأغراض انتخابية وسياسية من دون مراعاة أدنى شروط كرامته وحقه في الشفاء السليم. أما عن الحراك الشعبي والاجتماعي، فهو حراك من دون قيادات، وهذا شكل جديد من نضالات زمننا التي تتجاوز المعارضة التقليدية بكل أشكالها وتلاوينها.

كلمة أخيرة

حركة قادمون وقادرون -مغرب المستقبل، تستمد مادتها الأولى انطلاقا من مشاريع اجتماعية ميدانية وليس من الخطابات السياسية.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*