مشؤولون وأطر من درجات أعوان تنفيذ بقطاع الفلاحة بوزارة أخنوش
سياسي: الرباط
من باب قول الحقيقة أن الظاهرة التي يناقشها هذا المقال تعد سمة مشتركة بين مختلف القطاعات الحكومية بشكل يؤثر سلبا على المنظومة التدبيرية للشأن العام ككل، لكن وزارة الفلاحة في عهد أخنوش باتت تعرف تفشيا منقطع النظير بخصوصها.
ولنوضح الصورة، فنحن هنا بصدد مناقشة ظاهرة استيلاب مسؤولي وأطر الوزارة وجعلهم مجرد أعوان تنفيذ عوض الدور الحقيقي المفترض فيهم تأديته المتعلق باستخدام أذمغتهم كقوة اقتراحية ومدخل للإنتاج الفكري الإداري بما يتيح جودة الأداء المؤسساتي.
وتفيد المعطيات الواردة من قطاع الفلاحة أنه على عهد الوزير أخنوش استفحل منطق التعليمات الذي من خلاله يجد المسؤولون والأطر أنفسهم مضطرين لتنفيذ ما نزل من فوق حتى وهم مستيقنين في قرارة أنفسهم أن في ذلك مخالفات صريحة لنصوص القانون أو عدم مطابقة الوقائع للواقع، وما زاد من حدة الأمر سيادة منطق الولاءات الذي حمل إلى هرم التدبير بالوزارة كاتبا عاما ومدراء مركزيين لا يهمهم إلا أرضاء من فوقهم عبر ترهيب المسؤولين والأطر التابعين لهم.
وفي هذا الصدد لوحظ أنه على صعيد مديرية الشؤون الإدارية والقانونية يسود تدمر عام في صفوف الأطر بسبب الضغط الممارس عليهم من رؤسائهم المضغوط عليهم بدورهم بسبب عدم إتاحة الفرصة لهم للتعبير عن آرائهم.
ولتفصيل المسألة، فالطابع العام السائد بالمديرية مثلا حول دراسة مشاريع النصوص القانونية أن الأطر يعمدون إلى الاحتفاظ بالنصوص لمدة ثم تحرير مذكرة جواب بخصوصها تتضمن عبارة واحدة مشتركة بين الأطر نقصد أعوان التنفيذ من درجة أطر، وهي عبارة “النص لا يثير أي ملاحظة خاصة”، ومرد ذلك حسب مصادرنا هو أن الأطر كانوا يجتهدون ويدلون بملاحظات جلها إن لم تكن كلها تصبح في خبر كان بعدما ترتقي في السلم الإداري بين تعديل يفقدها معناها أو حذف بسبب التعليمات أو لأنها تضرب في العمق مصلحة لوبي ما مهما بلغ سموها في خدمة المصلحة العامة، كما يتفاجئ الأطر أحيانا بتعديل مقترحاتهم دون إحاطتهم علما.
ونتيجة لذلك، ترسل إلى الجهات الحكومية نصوص لم تخضع للتمحيص اللازم فيكون مصيرها التعديل تلوى الآخر بفعل ما تثبته الممارسة من عدم صلاحيتها بحكم أنه لا يمكن لأي عاقل بدل جهد في الاجتهاد وإبداء ملاحظات يعلم في الأخير أنها لن تؤخذ بعين الاعتبار.
وعلى صعيد مديرية الموارد البشرية يسود نفس السلوك والانطباع، مما يجعل المديرية تصدر قرارات معيبة بمنطقة التعليمات دون احترام لنصوص القانون أو في خرق مقصود لها حتى لو تعلق الأمر بالتدخل في مهام لجان التأديب لاقتراح عقوبات وفق الطلب أو عدم استشارتها أصلا، وما التعسفات التي سبق إبرازها من طرف “سياسي” إلا دليل على ذلك.
وإلى كل ذلك ينضاف عنصر آخر يعزز فكرة وجود إطار جديد بالوظيفة العمومية أفرزته الممارسة ولا وجود له في النصوص والقصد “هيئة الأطر المشتركة من درجة أعوان التنفيذ”، وهو عنصر إغراق المسؤولين في الملاحظات الشكلية بعدما اصبحوا يطالبون الأطر بشكليات لا قيمة لها من حيث طبيعة خط الكتابة وحجمه وأبعاد الهوامش وغير ذلك بشكل يجعل التصحيحات لا تكاد تنتهي شكلا ويؤثر على استهلاك الوسائل وعلى ضياع الوقت وإرهاق الموظف.
وخلاصة القول أن منطق الولاءات ومن يركع أكثر يرتقي أكثر حمل إلى هرم الوزارة مسؤلين يعملون وفق منطق التعليمات، وما فشل مخطط المغرب الأخضر إلا دليلا على ذلك.