swiss replica watches
خروز في ضيافة المريزق: ينتقد الجامعة المغربية ويخلخل بنية التعليم – سياسي

خروز في ضيافة المريزق: ينتقد الجامعة المغربية ويخلخل بنية التعليم

سياسي : مكناس

حل الخميس 2 فبراير 2017، الباحث المغربي في علم الاقتصاد الدكتور إدريس خروز، ضيفا على المقهى الثقافي بالعاصمة الإسماعيلية مكناس، في إطار الدورة الثالثة التي اختار لها المنظمون موضوع “أي تعليم لمغرب المستقبل؟”.
وتأتي هذه الدورة/ دورة خروز، بعد دورتين ناجحتين حضرهما على التوالي: الباحث المغربي في العلوم السياسية الدكتور حسن أوريد في موضوع “قراءة في كتاب الإسلام السياسي في الميزان”، والباحث المناضل المدني أحمد عصيد المثير للجدل، الذي أختار عنوان “ضرورة العلمانية” موضوعا لمداخلته.
الدكتور إدريس خروز، قضى على رأس إدارة المكتبة الوطنية للمملكة المغربية أزيد من 13 سنة، قبل أن يعينه الملك محمد السادس رئيسا للجنة المكلفة بصياغة مشروع القانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، ويعتبر من الوجوه المغربية التي قادت العديد من البرامج التعليمية والمخططات التربوية يوم كان مستشارا خاصا للوزير السابق للتربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي الحبيب المالكي، كما قدم العديد من الدراسات العلمية في العلوم الاجتماعية وفي الثقافة والتربية، وظل منذ السبعينات حاملا لمشعل الحداثة والديمقراطية، ومدافعا عن الحرية والمساواة، ومناصرا لحرية التعبير وحقوق الإنسان.
في هذا الملتقى الثقافي، دافع إدريس خروز على قيم الحوار والتبادل، وناقش بشكل هادئ ومفيد القضايا الكبرى التي تهم الحوار المدني والذي يعتبر التعليم مدخله الأساسي والضروري، حيث يتيح مناقشة الأفكار والتحولات النابعة من رهانات كافة مكونات المسار السياسي ببلادنا.
40 سنة من الممارسة المهنية بجامعة ظهر المهراز/محمد بن عبد الله بفاس، وجامعة محمد الخامس بالرباط، جعلت منه خبيرا بكل المقاييس الموضوعية والعلمية، ما جعله يتوقف عند الأسئلة الحارقة المرتبطة بما يشكله التعليم من رهان سياسي مأزقيا: فهو مجال الاحتجاج النقابي، ومجال الصراع مع السلطة، ومجال للتكوين والتأطير السياسي والثقافي، ومنبعا للإيديولوجية الحداثية والعقلانية والتنويرية والتقدمية.
وفي حديثه عن عوامل وظواهر الأزمة، ذكر الأستاذ خروز بالمخلفات الموروثة منذ الاستقلال، وبأوراش الإصلاح التي دشنتها حكومة الزعيم الاشتراكي عبد الرحمان اليوسفي التي حاولت الاشتغال على إجماع تربوي وبيداغوجي، شارك فيه النقابيين والسياسيين، وفاعلين مدنيين، ومختصين ومهتمين من مشارب مختلفة. لكن، وللأسف، لم يكتب لهذه التجربة النجاح، وصارت الأمور في اتجاهات أخرى، كانت نتيجتها تحول أزمة التعليم إلى خطاب الأزمة، وصار رجال ونساء التعليم يحاربون التعليم ويحاربون أنفسهم ويسوقون لجلد الذات، ويبتعدون رويدا رويدا عن الثقة في المنظومة وفي العلاقات بين الأساتذة والعلم، بدل البحث عن بدائل لتجاوز الأزمة الخطيرة التي وصلت إلى حدها الأقصى.
كما توقف المحاضر عند علاقة التعليم بالديمقراطية والسلم، مستحضرا علاقة الدولة المغربية بالتعليم كعلاقة حذر ويقظة إن لم نقل علاقة صدام ضلت معلنة لعقود طويلة من الزمن، في زمن كانت الجامعة المغربية تنتج نخب راقية غطت كل مجالات الاختصاص وكل أدراج الوزارات والإدارات، وشجعت انفتاح المغرب على القيم العالمية، من دون أن ينسى الحديث عن دور هذه النخب في مشروع بناء الشخصية المغربية المواطنة، والمساهمة في الاقتصاد الوطني.
وأضاف أن الدولة المغربية لم تكن ترى في العنصر البشري رأسمالا علميا واستراتيجيا، وهذا ما أقره تقرير الخمسينية الذي توقف عند سيادة الارتجالية منذ الاستقلال، وهو ما قاد التعليم إلى الهامش وإلى الإقصاء الذاتي، هذا النهج إلي تعمق أكثر بسبب انسحاب الدولة من القطاعات الاجتماعية، والرجوع إلى أساليب الماضي النافية لجعل التعليم مجال لتطوير المواطن بتمكينه من المعرفة الضرورية وبتأهيله وإعداده لسوق العمل.
ورغم أزمته البنيوية، ورغم حضور العنصر السلطوي وما نتج عنه من ضرب للجامعة المغربية، وجه إدريس خروز انتقادات لاذعة للأساتذة الجامعيين وللطلبة وللعمداء ورؤساء الجامعات، وطالب الجميع بالتكوين وإعادة التكوين من أجل إنتاج المعرفة وتقوية الخطاب العلمي الإنتاجي منه والتقني، والمشاركة في تعديل المناهج والبرامج التعليمية، وإعادة النظر في طريقة التدريس، وإخضاع الجميع للمراقبة والتتبع والتقييم والتقويم وربط الجامعة بمحيطها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.وذكر بالعديد من الممارسات السلبية التي تمس بالتعليم العالي، كالجري واللهث وراء الخبرة خارج الجامعة، وترك مجال الاشتغال والبحث شاغرا في العديد من أوقات العمل.
اللغة والثقافة احتلتا النصيب اللازم في مداخلة ضيف المقهى الثقافي، واستحضارهما كان من أجل الدفاع عن المصلحة العامة، في محاولة البحث عن تجاوز الأزمة في المحتوى والمضمون، ومحاولة البحث عن حلول تجعل من اللغة حلا وليس مشكلا، وتجعل من تدريس القران مادة تفهم ولا تحفظ بعيدا عن ابن تيمية وأمثاله، وتدريس الإسلام من منظور مغربي وليس من منظور وهابي وشرقي، والعمل عل صناعة الأصل بالدليل المكتوب، وإعادة تملك اللغة العربية وتجديدها باعتبارها غير مقدسة، إلى جانب الأمازيغية التي يجب التفكير فيها كأداة للحوار والتواصل لإنتاج العلم والمعرفة، كما هو الاهتمام بالغة الفرنسية واللغات الأخرى، وفي مقدمتها اللغة الانجليزية.
وفي الأخير، أماط الدكتور خروز اللثام على قضية التعريب وما ترتب عنه من انحطاط للمستوى، ومن دوخة أصابت التلميذ والطالب والمعلم والأستاذ والعائلة، ما أدى إلى ضرب مصداقية التعليم وخصخصته على حساب التعليم العمومي، وعلى حساب الجودة والإنتاجية والتنمية، ودعا الجميع لتحمل المسؤولية في هذه المرحلة المفصلية من تاريخنا لاسترجاع الثقة في المدرسة، ولخلق بنيات إستراتيجية تخطط للتعليم على المدى المتوسط والبعيد المدى، بعد تقييم حصيلة الميثاق الوطني للتعليم والمخطط ألاستعجالي و ما أنتجه المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي من دراسات، وما قدمه من اقتراحات…كل هذا وذاك يجب أن نخرج منه إصلاح الإصلاح، ولا نحل الأزمة بالأزمة.
ولم ينسى الأستاذ الباحث أن يذكر بالمرحوم عبد العزيز مزيان بالفقيه، الذي كان الراحل الحسن الثاني قد عينه سنة 1999 رئيسا للجنة التي عهد إليها باقتراح مشروع لإصلاح نظام التربية والتكوين، وبالمجهودات التي بذلها من أجل الدفع بالتعليم إلى الأمام، وحمايته من التيارات المدمرة للعقل والإبداع والفكر والثقافة. وهذه معركة، شاركت فيها بالأمس القوى التقدمية والديمقراطية. واليوم، على كل الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والثقافيين أن يقفوا ضد جريمة التعريب، وان يواجهوا كل القضايا المرتبطة بسوء التدبير، وجعل المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي قوة اقتراحيه حقيقية، ينسق بين كل الوزارات والهيآت الاستشارية الأخرى، نظر لدور التعليم في البناء الديمقراطي والإجماع الوطني والسلم الاجتماعي، وعدم جعل المجالس الأكاديمية والجامعية منابر للخطابات، يجب أن تشتغل، وتراقب وتحاسب، وتشجع على التعليم المنفتح، وعلى الإبداع والنقد وروح المواطنة، والمساهمة في إنتاج سياسات عمومية بديلة عن النماذج الأصولية المحافظة والتقليدية.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*