“سياسي” تنشر …مذكرة الجامعة الشعبية المغربية بخصوص إصلاح مدونة الأسرة
المصطفى المريزق
رئيس الجامعة الشعبية المغربية
مذكرة الجامعة الشعبية المغربية
بخصوص إصلاح مدونة الأسرة
السياق:
تنخرط جمعية الجامعة الشعبية المغربية في سيرورة المساهمة في النقاش العمومي المرتبط بإصلاح مدونة الأسرة، خاصة وأنها تشتغل في مجالات متعددة لها ارتباط وثيق بحقوق الانسان، إذ تقوم بالنهوض والمرافعة في مجال حقوق الانسان عبر ندواتها وتكويناتها المستهدفة لعموم المواطنات والمواطنين، الى جانب قوافلها المتعددة حول القيم والثقافة وحول مدونة الأسرة وحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والهجرة … إضافة الى مذكراتها الموجهة لقطاعات حكومية بخصوص بعض الحقوق.
تهدف مقترحات الجمعية وتوصياتها الى تعميق وتجذير حقوق المرأة والرجل والطفل داخل الأسرة بما يتماشى مع التزامات المملكة الدولية.
وهكذا تتأسس هذه المقترحات والتوصيات على العهود والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة والمنشورة في الجريدة الرسمية، وهي التي تمثل أساس المنظومة الحقوقية التي لا تقبل الانتقاء والتجزىء، الى جانب ما نص عليه دستور المملكة لسنة 2011، بالإضافة الى ما توصلت به بلادنا من ملاحظات وتوصيات ذات الصلة بلجان الاتفاقيات الدولية التعاقدية وغير التعاقدية كاستعراض الدوري الشامل..
إن المكتسبات التي جاءت بها مدونة الأسرة سنة 2004، والتي اعتبرت طفرة نوعية في التشريع المغربي الذي يروم التطوير والتحديث وإعمال التزاماته الدولية المرتبطة بالاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان، قد أصبحت متجاوزة خاصة وأن عدة هيئات أصدرت توصيات تخص المساواة وعدم التمييز بدءا من تقرير الخمسينية والتقرير الختامي لهيئة الانصاف والمصالحة ثم مصادقة الشعب المغربي على دستور 2011 بإجماع كبير، الى جانب ما عرفه المجتمع المغربي من تحولات اجتماعية واقتصادية وثقافية انعكست إيجابا على وضعية المرأة المغربية وكذا على الطفل الشيء الذي يستلزم الأخذ بكل ذلك لتطوير وتجويد مقتضيات مدونة الاسرة بما يتماشى مع القانون الدولي لحقوق الانسان والمقتضيات الدستورية و يلبي مطالب الحركتين النسائية والحقوقية وذلك لتجاوز النواقص التي اعترتها من جهة وتجاوز الاختلالات التي بينها تطبيق مقتضياتها في الواقع المعيش.
وقد ارتأت الجمعية الانطلاق في ملاحظتها وتوصياتها من مبدأين أساسيين هما:
– عدم التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي، مهما كان؛
– المساواة بين الرجل والمرأة.
وذلك بمحاولة إعمالهما بشكل عرضاني في كل مقترحاتهما وتوصياتهما.
المنطلقات:
1) شهد المغرب خلال العقدين الأخيرين عدة انتقالات وتحولات ومن بينها اصدار تقريرين مهمين جاءت فيهما عدة توصيات وبالخصوص التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة التي تضمن أغلبها دستور 2011 وتتمثل هذه التوصيات في:
توصيات التقرير الختامي لهيئة الانصاف والمصالحة يناير 2005
تعزيز الضمانات الدستورية للمساواة وذلك بالتنصيص على المساواة بين الرجال والنساء في الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛
المصادقة على البروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء؛
رفع التحفظات التي سجلها المغرب بخصوص بعض مقتضيات الاتفاقية المذكورة
المغرب الممكن / تقرير الخمسينية يناير 2005
لقد توقف التقرير عند تغيرات تعيد تحديد العلاقات بين الرجال والنساء حيث توقف عند التحولات التي طرأت على العلاقة بينهما من خلال العديد من المؤشرات الدالة منها:
استقرار تقسيم المهام بين الزوجين رغم تطور نسبة النساء العاملات؛
ارتفاع تصاعدي لظاهرة العزوبة؛
تحول حاسم في اختيار الشركاء في الحياة وتوقيت الزواج.
كما توقف عند المكتسبات التي جاءت بها مدونة الأسرة التي رآها بكونها إيجابية…
وإذا أضفنا اليها التوصيات والملاحظات التي تقدمت بها لجنة الاستعراض الدوري الشامل منذ الدورة الأولى حتى الدورة الرابعة لسنة 2022، ناهيك عن توصيات اللجن المرتبطة بالاتفاقيات التعاقدية ذات الصلة، حيث ركزت كلها على ضرورة إعمال مبدأ عدم التمييز والمساواة بين الرجل والمرأة والعناية بالطفل خاصة المولود خارج إطار الزوجية … ومقترحات وتوصيات المجلس الوطني لحقوق الانسان وملاحظات المجلس الاقتصادي والاجتماعي ومنظمات حقوق الانسان الوطنية والإقليمية والدولية ومنظمات الحركة النسائية التي قادت الإصلاحات قبل وبعد تبني مدوة الأسرة في شكلها الحالي…
وتفاعلا مع هذه الآليات وهذه التوصيات والملاحظات ندعو الى أخذها بعين الاعتبار في مدونة الأسرة المستقبلية.
2) انطلاقا من المرجعية الحقوقية الدولية التي التزم بها المغرب ضرورة إعمال المواد الواردة في العهدين الدوليين وبعض الاتفاقيات في تعديل مقتضيات المدونة وأساسا تلك المتمثلة فيما يلي:
العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
المادة 2
2. تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بأن تضمن جعل ممارسة الحقوق المنصوص عليها في هذا العهد بريئة من أي تمييز بسبب العرق ، أو الجنس ، أو اللغة ، أو الدين ، أو الرأي سياسياً أو غير سياسي ، أو الأصل القومي أو الاجتماعي ، أو الثروة ، أو النسب ، أو غير ذلك من الأسباب.
المادة 3
تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بضمان مساواة الذكور والإناث في حق التمتع بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المنصوص عليها في هذا العهد.
العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية:
المادة 2
1. تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد باحترام الحقوق المعترف بها فيه، وبكفالة هذه الحقوق لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في ولايتها، دون أي تمييز بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب.
2. تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد، إذا كانت تدابيرها التشريعية أو غير التشريعية القائمة لا تكفل فعلا إعمال الحقوق المعترف بها في هذا العهد، بأن تتخذ، طبقا لإجراءاتها الدستورية ولأحكام هذا العهد، ما يكون ضروريا لهذا الإعمال من تدابير تشريعية أو غير تشريعية.
المادة 23
1- الأسرة هي الوحدة الجماعية الطبيعية والأساسية في المجتمع، ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة؛
2- يكون للرجل والمرأة، ابتداء من بلوغ سن الزواج، حق معترف به في التزوج وتأسيس أسرة؛
3- لا ينعقد أي زواج إلا برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء كاملا لا إكراه فيه؛
4- تتخذ الدول الأطراف في هذا العهد التدابير المناسبة لكفالة تساوي حقوق الزوجين وواجباتهما لدى التزوج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله. وفى حالة الانحلال يتوجب اتخاذ تدابير لكفالة الحماية الضرورية للأولاد في حالة وجودهم.
اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة:
المادة 1
لأغراض هذه الاتفاقية يعنى مصطلح “التمييز ضد المرأة” أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه، توهين أو إحباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان آخر، أو توهين أو إحباط تمتعها بهذه الحقوق أو ممارستها لها، بصرف النظر عن حالتها الزوجية وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل.
المادة 2
تشجب الدول الأطراف جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وتتفق على أن تنتهج، بكل الوسائل المناسبة ودون إبطاء، سياسة تستهدف القضاء على التمييز ضد المرأة، وتحقيقا لذلك تتعهد بالقيام بما يلي:
(أ) إدماج مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في دساتيرها الوطنية أو تشريعاتها المناسبة الأخرى، إذا لم يكن هذا المبدأ قد أدمج فيها حتى الآن، وكفالة التحقيق العملي لهذا المبدأ من خلال التشريع وغيره من الوسائل المناسبة،
(ب) اتخاذ المناسب من التدابير، تشريعية وغير تشريعية، بما في ذلك ما يناسب من جزاءات، لحظر كل تمييز ضد المرأة،
(ج) فرض حماية قانونية لحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل، وضمان الحماية الفعالة للمرأة، عن طريق المحاكم ذات الاختصاص والمؤسسات العامة الأخرى في البلد، من أي عمل تمييزي،
(د) الامتناع عن مباشرة أي عمل تمييزي أو ممارسة تمييزية ضد المرأة، وكفالة تصرف السلطات والمؤسسات العامة بما يتفق وهذا الالتزام؛
(هـ) اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة من جانب أي شخص أو منظمة أو مؤسسة،
(و) اتخاذ جميع التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريعي منها، لتغيير أو إبطال القائم من القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات التي تشكل تمييزا ضد المرأة،
(ي) إلغاء جميع الأحكام الجزائية الوطنية التي تشكل تمييزا ضد المرأة.
المادة 3
تتخذ الدول الأطراف في جميع الميادين، ولا سيما الميادين السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، كل التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريعي منها، لكفالة تطور المرأة وتقدمها الكاملين. وذلك لتضمن لها ممارسة حقوق الإنسان والحريات الأساسية والتمتع بها على أساس المساواة مع الرجل.
المادة 4
1- لا يعتبر اتخاذ الدول الأطراف تدابير خاصة مؤقتة تستهدف التعجيل بالمساواة الفعلية بين الرجل والمرأة تمييزا بالمعنى الذي تأخذ به هذه الاتفاقية، ولكنه يجب ألا يستتبع، على أي نحو، الإبقاء على معايير غير متكافئة أو منفصلة، كما يجب وقف العمل بهذه التدابير متى تحققت أهداف التكافؤ في الفرص والمعاملة.
2- لا يعتبر اتخاذ الدول الأطراف تدابير خاصة تستهدف حماية الأمومة، بما في ذلك تلك التدابير الواردة في هذه الاتفاقية، إجراء تمييزيا.
المادة 5
تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة لتحقيق ما يلي:
(أ) تغيير الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة، بهدف تحقيق القضاء على التحيزات والعادات العرفية وكل الممارسات الأخرى القائمة على الاعتقاد بكون أي من الجنسين أدنى أو أعلى من الآخر، أو على أدوار نمطية للرجل والمرأة،
(ب) كفالة تضمين التربية العائلية فهما سليما للأمومة بوصفها وظيفة اجتماعية، الاعتراف بكون تنشئة الأطفال وتربيتهم مسؤولية مشتركة بين الأبوين على أن يكون مفهوما أن مصلحة الأطفال هي الاعتبار الأساسي في جميع الحالات
اتفاقية حقوق الطفل:
المادة 7
1- يسجل الطفل بعد ولادته فورا ويكون له الحق منذ ولادته في اسم والحق في اكتساب جنسية، ويكون له قدر الإمكان، الحق في معرفة والديه وتلقي رعايتهما.
2- تكفل الدول الأطراف إعمال هذه الحقوق وفقا لقانونها الوطني والتزاماتها بموجب الصكوك الدولية المتصلة بهذا الميدان، ولاسيما حيثما يعتبر الطفل عديم الجنسية في حال عدم القيام بذلك.
3) المرجعية الحقوقية الوطنية والتي يجب أخذها بعين الاعتبار في إصلاح مدونة الأسرة وأساسا المقتضيات الدستورية المنصوص عليها في ديباجة الدستور وبعض مواده والمتمثلة في:
دستور المملكة المغربية لسنة 2011
تصديـــر
إن المملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، تواصل إقامة مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وإرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم، في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة. المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم مقومات هويتها الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها، العربية – الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية.
كما أن الهوية المغربية تتميز بتبوئ الدين الإسلامي مكانة الصدارة فيها، وذلك في ظل تشبث الشعب المغربي بقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار، والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية جمعاء. وإدراكا منها لضرورة إدراج عملها في إطار المنظمات الدولية، فإن المملكة المغربية، العضو العامل النشيط في هذه المنظمات، تتعهد بالتزام ما تقتضيه مواثيقها، من مبادئ وحقوق وواجبات، وتؤكد تشبثها بحقوق الإنسان، كما هي متعارف عليها عالميا.
كما تؤكد عزمها على مواصلة العمل للمحافظة على السلام والأمن في العالم. وتأسيسا على هذه القيم والمبادئ الثابتة، وعلى إرادتها القوية في ترسيخ روابط الإخاء والصداقة والتعاون والتضامن والشراكة البناءة، وتحقيق التقدم المشترك، فإن المملكة المغربية، الدولة الموحدة، ذات السيادة الكاملة، المنتمية إلى المغرب الكبير، تؤكد وتلتزم بما يلي:
– العمل على بناء الاتحاد المغاربي، كخيار استراتيجي؛ – تعميق أواصر الانتماء إلى الأمة العربية والإسلامية، وتوطيد وشائج الأخوة والتضامن مع شعوبها الشقيقة؛
– تقوية علاقات التعاون والتضامن مع الشعوب والبلدان الإفريقية، ولاسيما مع بلدان الساحل والصحراء؛ – تعزيز روابط التعاون والتقارب والشراكة مع بلدان الجوار الأورو- متوسطي؛
– توسيع وتنويع علاقات الصداقة، والمبادلات الإنسانية والاقتصادية، والعلمية والتقنية، والثقافية مع كل بلدان العالم؛ – تقوية التعاون جنوب-جنوب؛
– حماية منظومتي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والنهوض بهما، والإسهام في تطويرهما؛ مع مراعاة الطابع الكوني لتلك الحقوق، وعدم قابليتها للتجزيء ؛
– حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي، مهما كان؛
– جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة.
يُشكل هذا التصدير جزءا لا يتجزأ من هذا الدستور.
الفصـل 19
يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية،الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها.
تسعى الدولة إلى تحقيق مبدإ المناصفة بين الرجال والنساء. وتُحدث لهذه الغاية، هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز.
الفصـل 32
الأسرة القائمة على علاقة الزواج الشرعي هي الخلية الأساسية للمجتمع.
تعمل الدولة على ضمان الحماية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية للأسرة، بمقتضى القانون، بما يضمن وحدتها واستقرارها والمحافظة عليها.
تسعى الدولة لتوفير الحماية القانونية، والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال، بكيفية متساوية، بصرف النظر عن وضعيتهم العائلية.
التعليم الأساسي حق للطفل وواجب على الأسرة والدولة.
يحدث مجلس استشاري للأسرة والطفولة.
4) مراعاة التحولات الاجتماعية التي عرفها المغرب خلال العقدين الأخيرين:
إن المعطيات الكمية والكيفية تبين، رغم اختلاف التقديرات والتقييمات، أن المجتمع المغربي عرف تحولات اجتماعية وان كانت كلها إيجابية، وهذا ما توضحه العديد من المؤشرات والتي منها أن عدد الإناث يزيد على عدد الذكور ( الجدول رقم 1) وأن متوسط العمر ( توقع الحياة عند الولادة ) ( الجدول رقم 2 ) قد ارتفع ما يعني أن الوضع المادي والمعيشي للأفراد وللجماعات قد تحسن الى جانب المؤشر التركيبي للخصوبة ( الجدول رقم 3) الذي يسير نحو الانخفاض مما يعني أن المغرب يعرف انتقالا ديمغرافيا واضحا، أما بالنسبة لعدد الاناث المسجلات في جميع أسلاك التعليم عرف ويعرف تطورا إيجابيا خاصة في مستوى التعليم الثانوي التأهيلي والمعاهد والمدارس العليا والجامعات ( الجدول رقم 4) وأن نسبة الاناث ضمن المشتغلين حسب المهنة الرئيسية يعرف تحولات مهمة لصالح الاناث ( الجدول رقم 5)، كما أن نسبة السكان الحضريين تعرف ارتفاعا مضطردا حيث تصل نسبتهم الى أكثر من 60 %….
إن هذه المؤشرات تدفع المشرع الى أخذ هذه المؤشرات بعين الاعتبار انصافا للمرأة والطفل في مجتمع متحول رغم العديد من المشاكل والتي من بينها الفقر والبطالة وصعوبة تمكين المرأة اقتصاديا.
الجدول رقم 1-عدد سكان المغرب سنة 2022
نسمة النسبة
عدد الإناث : 18406000 50،19 %
عدد الذكور: 18263000 49،81 %
المجموع: 36669000 100%
الجدور رقم 3- المؤشر التركيبي للخصوبة (طفل)
2022 2010
2،07 2،2
الجدول رقم 2- توقع الحية عند الولادة (بالسنوات):
2022 2001
الاناث 78،6 72،1
الذكور 75،2 68
المندوبية السامية للتخطيط: المرأة المغربية في أرقام 2023
الجدول رقم 4- تطور نسبة التأنيث للمسجلين في أسلاك التعليم بالنسبة (%)
أسلاك التعليم 2021-2022 2000
التعليم الأولي 49،3 46،3
التعليم الابتدائي 48،0 47،5
الخاص 48،2 47،2
العمومي 48،0 47،5
التعليم الثانوي الاعدادي 46،8 42،8
الخاص 48،4 42،3
العمومي 46،6 42،8
التعليم الثانوي التأهيلي 52،4 44،6
الخاص 48،5 37،9
العمومي 52،9 45،0
التعليم العالي
الخاص 48،7 42،1
العمومي 52،9 40،7
المعاهد والمدارس العليا 59،2 27،6
الجامعات 52،6 41،2
المصدر المندوبية السامية للتخطيط المرأة المغربية في أرقام 2023 المرأة المغربية في أرقام 20 سنة من التطور 2021
الجدول رقم 5- تطور نسبة الاناث ضمن النشطين المشتغلين حسب المهنة الرئيسية (%)
المهنة الرئيسية 2022 2010
الأطر العليا وأعضاء المهن الحرة 43،6 26،2
الأطر المتوسطة 42،6 32،8
المستخدمون 23،5 23،6
عمال وعمال يدويون في الفلاحة والصيد 41،2 45،2
العمال اليدويون غير الفلاحين الحمالون وعمال المهن الصغرى 19،5 21,8
المصدر المندوبية السامية للتخطيط المرأة المغربية في أرقام 2023 المرأة المغربية في أرقام 20 سنة من التطور 2021
5) اعتبار مدونة الأسرة نصا قانونيا:
لقد تبنت لجنة تعديل مدونة الأحوال الشخصية إعمال الاجتهاد واستنباط الأحكام مع الاسترشاد بما تقتضيه روح العصر والتزام المملكة بحقوق الانسان كما هو معترف عليها عالميا؛
إحالة مشروع المدونة على غرفتي البرلمان لما يضطلع به هذا الأخير من دور في البناء الديمقراطي لدولة المؤسسات
مما جعل المدونة بأكملها قانونا عاديا من ضمن كل القوانين الوضعية الأخرى ومن اختصاص البرلمان لمناقشتها والمصادقة عليها مكسبا حقيقيا مما رفع القداسة التي أحيطت بها…
من أجل إعمال مبدإ المساواة و مبدإ عدم التمييز في مدونة الأسرة المستقبلية:
6) الأخذ بعين الاعتبار الإشكالات التي تخللت نص مدونة الأسرة واعاقت تنفيذ مقتضياتها:
والتي منها:
عدم وضع إطار مرجعي لاقتسام الممتلكات المكتسبة خلال فترة الزواج وكذا بخصوص الكد والسعاية؛
التمييز في طريقة ابرام عقد الزواج وطريقة انهائه خاصة في مساطر الطلاق والتطليق؛
عدم وضع إطار مرجعي يحدد الحد الأدنى والأقصى للنفقة؛
التلاعب بخصوص السلطة التقديرية التي يتمتع بها القضاة خاصة في قضايا تزويج الفتيات القاصرات وتعدد الزوجات؛
التمييز بين الطفل المولود في إطار العلاقة الزوجية والطفل المولود خارجها؛
جعل البنوة غير الشرعية ملغاة بالنسبة للأب الى جانب عدم ترتيب أي أثر من آثار النسب مما يجعل الأب في حل من أي التزام اتجاه ابنه خارج إطار الزواج؛
عدم المساواة في الإرث واشكالية التعصيب أساسا؛
عدم مواكبة المدونة عند تنزيلها بالميزانية الكفيلة لضمان تفعيلها سواء بالنسبة للموارد البشرية أو اللوجستيك..
المقترحات والتوصيات
1- المساواة داخل القانون:
إذا كان مبدأ المساواة أمام القانون على رأس المبادئ التي تحمي وتصون الحقوق لأنه أساس العدل حيث يتساوى الجميع في الحقوق والواجبات دون تمييز وهو المعبر عنه كمبدإ للمساواة أمام القانون في مجال القضاء؛
لكن المجلس الدستوري الفرنسي قرر على أن المساواة لا تعني فقط المساواة أمام القانون وإنما تعني كذلك ما يمكن أن يطلق عليه المساواة في القانون أو المساواة داخل القانون، وهو ما يتطلب وفقا للمجلس الدستوري الفرنسي احترام المشرع لمبدإ المساواة عندما يمارس دوره في وضع أو سن القوانين؛
يأتي مبدأ المساواة أمام القانون على رأس المبادئ التي تحمي وتصون الحقوق، لأنه أساس العدل والحرية والسلم الاجتماعي، وهو من المبادئ العالمية والدستورية في الأنظمة القانونية المعاصرة، ويعني المساواة بين الجميع في الحقوق والواجبات دون تمييز، ويعد مبدأ المساواة أمام القضاء تعبيرا عن مبدأ المساواة أمام القانون في مجال محدد هو القضاء، وهذا ما أكده المجلس الدستوري الفرنسي، حين قرر أن المساواة لا تعني فقط المساواة أمام القانون، وإنما تعني كذلك ما يمكن أن يطلق عليه المساواة في القانون أو المساواة داخل القانون، وهو ما يتطلب وفقا للمجلس الدستوري احترام المشرع لمبدأ المساواة عندما يمارس دوره في وضع وسن القوانين .
ومن هنا فعلى الجهات المكلفة بتعديل مدونة الأسرة الأخذ بهذا المبدإ حتى تكون المساواة بل وعدم التمييز عرضانيا في جميع مواد مدونة الأسرة.
ومن أمثلة ذلك ما تنص عليه مدونة الأسرة:
إذ أن المادة 400 جاءت بصيغة قاعدة لسد جميع الثغرات التي تواجه القضاة حيث يكتنفها لبس وغموض بحيث تؤكد على أنه ” كل ما لم يرد به نص في هذه المدونة، يرجع فيه الى المذهب المالكي والاجتهاد الذي يراعي فيه تحقيق قيم الإسلام في العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف”
فهل يعني ذلك المذهب المالكي والاجتهاد فيه أم الاجتهاد القضائي؟
إن التوجيه هنا يحيل الى اللجوء الى الراجح أو المشهور أو ما جرى به العمل الذي هو نتاج لما ينتجه العلماء والفقهاء انطلاقا من الموطأ كما هو متداول في المغرب، وهذا النتاج يستعصي حصره وكله يدخل في مفهوم المذهب المالكي؛
إذ يمكن لقضية ما أن يأخذ القاضي بالراجح انطلاقا مما أفتت به مجموعة من العلماء يقوم قاضي آخر في نفس الحالة بالأخذ برأي مجموعة أخرى أو بما جرى به العمل أي يمكن أن نجد أكثر من نتيجتين مختلفتين. {الأخذ بأصل مراعاة الاختلاف في المذهب المالكي حيث انه هناك: أولا حجية مراعاة الخلاف بالأدلة النقلية؛ وثانيا حجية مراعاة الخلاف بالأدلة العقلية ؟؟} ,
هذه النتاجات ترجع الى أي عصر؟ لأي مجتمع؟؟
إذن أية مساواة بين المتقاضين أمام هذا القانون؟؟
إن المادة 400 التي ختمت بها المدونة موادها تحيل الى عدد لامتناهي من النصوص الفقهية مما يطرح عدة إشكالات على مستوى التأويل والتطبيق وكأننا أمام نصين قانونيين:
– قانون مكتوب يتكون من 399 مادة؛
– قانون غير مكتوب هو الذي يحيل الى المادة 400 ومضمونها.
ضرورة الغاء هذا المضمون واستبداله بالاجتهاد القضائي المؤطر من طرف محكمة النقض.
2- تزويج الطفلات:
يتحكم في تزويج الطفلات عدة عوامل منها:
– الموروث الثقافي من تقاليد وأعراف؛
– الهشاشة والفقر؛
– إرادة التخلص من عبء الاعالة؛
– الأمية؛
– ضعف الطفلات؛
– التحايل الذي يقوم به الوالدان والمتزوج؛
– ترك السلطة التقديرية للقاضي؛
– التحايل على القانون؛
– عدم التمكين لدى الإناث اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.
إن التوجه العام يسير الى تراجع نسبة زواج الأطفال كما يبين الجدول رقم 6:
الجدول رقم 6- تطور عدد رسوم الزواج حسب النوع
نوع الرسم 2022 2010 2007
النسبة العدد النسبة العدد النسبة العدد
مجموع عقود الزواج 100 251847 100 313356 100 297660
دون سن الأهلية 5،9 14971 11،1 34777 10 29847
التعدد 0،3 874 0،3 991 0،3 875
المصدر المندوبية السامية للتخطيط: المرأة المغربية في أرقام 2023 المرأة المغربية في أرقام 20 سنة من التطور 2021
تزويج الطفلات ليست بحاجة شرعية بل حاجة مجتمعية.
تعتبر العلاقة الجنسية بين طفلة ولو برضاها وشخص راشد جريمة بحكم القانون الجنائي فأية علاقة بين هذا القانون ومدونة الأسرة ؟؛
حرام هناك وحلال هنا (اللامساواة واضحة)
تنص المادة 16 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة على:
” لا يكون لخطوبة الطفل أو زواجه أي أثر قانوني، تتخذ جميع الإجراءات الضرورية بما في ذلك التشريعية منها لتحديد سن أدنى للزواج ولجعل تسجيل الزواج في سجل رسمي أمرا إلزاميا”.
3- الولاية الشرعية:
حددت كل من:
المادة 230 من مدونة الأسرة النيابة الشرعية في: (1) الولي وهو الأب والأم والقاضي، (2) الوصي وهو وصي الأب أو وصي الأم، (3° المقدم وهو الذي يعينه القاضي؛
المادة 231 صاحب النيابة في:
– الأب الراشد؛
– الأم الراشدة عند عدم وجود الأب أو فقدانه للأهلية؛
– وصي الأب؛
– وصي الأم؛
– مقدم القاضي.
إذا كانت الأم هي التي حملت بالطفل وولدته ولها الحضانة فإن الطفل يأخذ اسم الأب الذي يمنح الولاية القانونية ضدا على ما نصت عليه المادة الرابعة من المدونة حيث أسندت رعاية الأسرة للزوجين؛
في حالة الطلاق يعيش الأطفال وأمهم جحيم طلب الوثائق الإدارية والسفر والانتقال من مدينة الى أخرى:
التساوي في الولاية الشرعية هي أساس العدل والمساواة وعدم التمييز
تنص المادة 16 من اتفاقية سيداو على:
1- ” تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد النساء في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية، وبوجه خاص تضمن، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة:
ج- نفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه؛
ح- نفس الحقوق والمسؤوليات بوصفهما أبوين، بغض النظر عن حالتهما الزوجية، في الأمور المتعلقة بأطفالهما في جميع الأحوال، يكون لمصلحة الأطفال الاعتبار الأول؛
د-نفس الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم أو ما شابه ذلك من الأعراف حين توجد هذه المفاهيم في التشريع الوطني وفي جميع الأحوال يكون لمصلحة الأطفال الاعتبار الأول.
4- إلحاق النسب:
تكرس مدونة الأسرة تمييزا بين المرأة والرجل فيما يخص استعمال وسائل إثبات النسب:
الرجل يلحق نسب أي طفل به، بمجرد إقراره دون أن يكون ملزما بإثبات شرعية العلاقة التي نتج عنها إنجاب طفل؛
المرأة لا يمكن ولا يجوز لها اثبات نسب الطفل إلا إذا أثبتت شرعية العلاقة التي نتج عنها، حتى في حالة إثبات النسب عبر الخبرة الجينية للبنوة البيولوجية حيث لا تعتبر هذه الخبرة سببا لإلحالق النسب؛
البنوة البيولوجية لا ترتب أي آثار من آثار النسب بالنسبة للرجل؛
انفتحت مدونة الاسرة على التطور العلمي في مجال إثبات النسب حماية للمصلحة الفضلى للطفل وصونا لحقوق المرأة ويعتبر ذلك قيمة مضافة جاءت بها هذه المدونة؛
لكن لا يستفيد من هذه العملية أي الخبرة الجينية سوى الحمل الناتج عن الخطبة المتوفرة شروطها القانونية؛
أن المعاشرة بين الرجل والمرأة ولو لعقود لا تعتبر كافية للإلحاق؛
يجب أن يصبح الإلحاق إلحاق النسب أمرا إجباريا بالنظر الى الدليل العلمي في العملية أي الخبرة الجينية؛
أن يترتب عن ذلك تكفل الرجل كطفل مساو للطفل الذي ولد في إطار العلاقات الزوجية…
5- الإرث والتعصيب:
إذا كان الفقه جهدا انسانيا يصيب ويخطئ وتكمن مهمته في استخلاص الأحكام ومحاولة إيجاد حلول تواكب التطورات التي تعرفها الوضعية المعيشية للناس؛
إذا كانت آيات الإرث حدودا وليست بأحكام ومن هنا يمكن أن نتصرف في نصيب الوارثين على أساس عدم تجاوز الحد الأقصى أو الأدنى أي أن يبقى الاجتهاد محصورا بين هذين الحدين؛
فإن ذلك يستدعي مراعاة ما يتماشى مع المصلحة والمقاصد السامية التي تحقق العدل والمساواة بين الجنسين.
أما التعصيب فهو اجتهاد فقهي وليس بفريضة ولم ينص عليه القرآن وأن ظروف تبني هذا الاجتهاد غير التي نعيشها (الاسرة النووية هي السائدة العلاقات العائلية الممتدة التي تنتفي وتنقرض (جدول رقم: 7)
الجدول رقم 7- تطور نسبة العائلات المركبة (( %
2014 2004
27،8 38،6
انطلاقا من ذلك لابد من اتخاذ الإجراءات التالية:
الغاء عملية التعصيب بشكل كلي لكونه عبارة عن اجتهاد فقهي؛
المساواة بين الجنسين في الإرث لكون الآيات ليست بأحكام وانما حدودا فقط؛
او وضع قانونين:
– قانون مدني فيه مساواة خاص بالإرث يساوي بين الجنسين؛
– نظام شرعي وهو الموجود أي مدونة الأسرة؛
نترك للناس حرية الاختيار بين الأمرين اسوة بتجربة السنغال مثلا بما أن الكثير من علية القوم يقومون بتوزيع ثرواتهم قبل وفاتهم مخافة التعصيب ولما لا يعمم ويعرف بهذا الاجتهاد.
يبين الجدول رقم 8- موقف المواطنات والمواطنين من قاعدة التعصيب رغم تدني نسبة العارفات والعارفين بأحكام التعصيب بين المستجوبين مقارنة مع عينة المستجوبات والمستوجبين مع غيرها من أحكام الإرث كقاعدة للذكر مثل حظ الأنثيين نموذجا
الجدول رقم 8- توزيع الساكنة المستجوبة البالغة 18 سنة فما فوق جول مدى اتفاقها مع قاعدة التعصيب في حالة ما ترك المتوفى بنت أو عدة بناة حسب الجنس:
الاتفاق مع قاعدة التعصيب في حالة ما ترك المتوفى بنتا او عدة بنات الجنس المجموع
الذكور الاناث
متفق (ة) 67،1 40،3 53،5
غير متفق (ة) 32،9 59،7 46،5
المجموع
100 100 100
12220429 12596893 24817322
جمعية النساء المغربيات للبحث والتنمية بشراكة مع المنظمة المغربية لحقوق الانسان ،تقرير: نظام الإرث في المغرب: ما هي آراء المغاربة؟، الجدول رقم 58، الصفحة 129، الرباط، 2022.
آيات الإرث تنتهي بشكل واضح بآية تبين بشكل جلي أن نظام الإرث في القرآن ليس أحكاما، بل هو من الحدود ، حيث جاء في هذه الآية بعد أن ذكر في آيتين سابقتين لها حالات الإرث، ووصية القرآن للناس (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
وحدود تعني أن هذا هو الحد الأقصى أو الأدنى، في نظام الإرث الذي لا يمكن تجاوزه في الأعلى أو النزول عنه في الأسفل، لكن يمكن مخالفته بتشريعات أخرى تقع بين الحدين، لذلك تأتي الآية التي بعد هذه فتقول: (وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ) وبهذا نقول بأن هذا النظام هو نظام حدودي، وليس حكما قاطعا مفروضا، وكل ما كان حدودا، يحق لنا أن نخالف ما جاء فيه، بما لا يتجاوز الحد الأقصى أو الأدنى المذكور في الآيات، و لتتضح الصورة بشكل أفضل، يمكن التمثيل بنسبة السكري في الدم فهي تكون طبيعية في إطار حدين (أقصى وأدنى) فكلما كانت نسبة السكر في الدم بين هذين الحدين تكون الأمور على الطبيعة، أما إذا تجاوزت الحد أو نزلت على الحد المسموح به، تكون الأمور غير طبيعية، وبهذا يتضح أن المجال بخصوص الإرث مفتوح فيه باب الاجتهاد على مصراعيه، وهذا الاجتهاد يتم بما يتماشى مع المصلحة، ومع المقاصد السامية، التي تحقق العدل والمساواة بين الجنسين، حسبما تحدده الظروف الاقتصادية والاجتماعية، مع مراعاة الحدود الذي لا يجب لأي تشريع قانوني أو فقهي أن يتعداها.
6- تدبير الأموال المكتسبة خلال الحياة الزوجية:
غياب المساواة ووجود تمييز بين الرجل والمرأة بسبب:
عدم تقنين الاتفاق المسبق بين الزوجين عند عقد القران؛
عدم تحديد ضوابط محددة ودقيقة فيما يخص قيمة المجهودات وتحمل أعباء لتنمية أموال الأسرة؛
عدم اعتبار العمل المنزلي بشكل صريح كمدخول للأسرة؛
تغييب الاجتهاد الفقهي المغربي الكد والسعاية…
ضرورة تقنين وثيقة الاتفاق حول ذلك؛
وضع محددات واضحة ودقيقة قابلة للملاحظة والقياس في تحديد قيمة المؤشرات المرتبطة بتنمية أموال الأسرة؛
التنصيص على الكد والسعاية مع الاخذ بعين الاعتبار النقط السابقة لاحتسابه…
إعمالا للفقرة السابعة من المادة 16 من اتفاقية سيداو على:
2- ” تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد النساء في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية، وبوجه خاص تضمن، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة:
الفقرة السابعة: ” نفس الحقوق لكلا الزوجين فيما يتعلق بملكية وحيازة الممتلكات وإدارتها والتمتع بها والتصرف فيها سواء بلا مقابل او مقابل عوض”
7- المساواة بين الأطفال وعدم التمييز بينهم:
تنص المادة 7 من اتفاقية حقوق الطفل على:
1) يسجل الطفل بعد ولادته فورا ويكون له الحق منذ ولادته في اسم والحق في اكتساب جنسية ويكون له قدر الإمكان الحق في معرفة والديه وتلقي رعايتهما؛
وتنص المادة 8 منها على:
1) تتعهد الدول الأطراف باحترام حق الطفل في الحفاظ على هويته بما في ذلك جنسيته واسمه وصلاته العائلية على النحو الذي يقره القانون وذلك دون تدخل غير شرعي؛
2) إذا حرم أي طفل بطريقة غير شرعية من بعض أو كل عناصر هويته، تقدم الدول لأطراف المساعدة والحماية المناسبتين من أجل الإسراع بإعادة إثبات هويته.
ناهيك عما يسري على الطفل كفرد في المجتمع من نصوص جاءت بها الإعلانات والعهود والاتفاقيات الدولية تقر بالمساواة وعدم التمييز…
من اجل تساوي الأطفال في إثبات نسبهم لا بد من إعمال مقتضيات المادة 158 والتي تنص صراحة بقولها يثبت النسب بالفراش أو بإقرار الأب أو بشهادة عدلين، أو ببينة السماع وبكل الوسائل الأخرى المقررة شرعا بما في ذلك الخبرة القضائية مما أعطى إمكانية الإثبات للخبرة الطبية وعدم اقتصار ذلك على المخطوبة فقط؛
إن ذلك يعتبر طريقا لحماية الطفل وتمتيعه بالنفقة والرعاية والارث…
8- المساواة في الطلاق:
المدونة فتحت مسطرة التطليق لفائدة الزوجة، علما بأن الغيبة يمكن أن تكون سببا لرفع دعوى للتطليق من طرف الزوج نفسه؛
الاختصار بالطلاق الاتفاقي او الطلاق بطلب من المرأة أو الرجل انطلاقا من المؤشرات الإحصائية التي تقدمها وزارة العدل في هذا المجال حيث يلاحظ تطور كبير في الالتجاء نحو التطليق بسبب الشقاق وتطور في رسوم الطلاق الاتفاقي وضمور الاشكال الأخرى كما يبين الجدولان رقم:9 و10:
الجدول رقم 9- تطور نسبة قضايا التطليق المحكومة:
تطور نسبة قضايا التطليق المحكومة: 2022 2020 2010
التطليق بسبب الشقاق 99،1 99 96،3
حالات أخرى من قضايا التطليق 0،9 1 3،7
الجدول رقم 10- تطور رسوم الطلاق (%):
تطور رسوم الطلاق: 2022 2007
الرجعي 3،6 22،7
الخلعي 6،8 29,6
قبل البناء 7،0 17،4
الاتفاقي 82 29،5
المملك والمكمل للثلاث 0،6 0،8
المصدر المندوبية السامية للتخطيط المرأة المغربية في أرقام 2023 المرأة المغربية في أرقام 20 سنة من التطور 2021
9- المساواة بين الرجل والمرأة في الزواج والإرث بغير المسلم (ة):
ضرورة مراجعة منع المرأة من الزواج بغير المسلم الا في حالة اعلان اسلامه، في حين للرجل حق الزواج بغير المسلمة دون أي قيد أو شرط، وهذا يعتبر تمييزا واضحا يؤدي في واقع الأمر الى عدم المساواة بين الرجل والمرأة، رغم كون المرأة هي المؤثرة في الأساس في تمكين اطفالها بلغتها ودينها؛
حددت المادة 329 من مدونة الأسرة أسباب الإرث في الزوجية والقرابة كأسباب شرعية، لا تكتسب بالتزام ولا بوصية…. إلا أن المادة 332 تنص على أنه لا توارث بين مسلم وغير مسلم ولا بين من نفى الشرع نسبه، وهذا يتناقض مع زواج الرجل المسلم بامرأة غير مسلمة بكل حرية ولكن يتم حرمان هذه المرأة وحتى أطفالها إذا اعتنقوا دينا غير الإسلام وهذا يتنافى مع:
– عدم التمييز بسبب الجنس أو المعتقد؛
– المساواة بين الرجل والمرأة وأطفالهما؛
– واقع الحال الذي نجد فيه عشرات الآلاف من مغاربة العالم المتزوجون بغير المسلمات أو النساء المتزوجات من غير المسلمين.؛
– المادة الثانية من المدونة بخصوص سريان أحكام مدونة الأسرة؛
– الإنصاف بالنسبة للأطفال الذين لا ذنب لهم في زواج ابائهم وأمهاتهم.
10- الصياغة اللغوية والمفاهيمية التي يمكن أن تقلل من شأن أحد أفراد الأسرة امرأة أو رجلا أو طفلا.
من بين هذه المفاهيم مثلا تسمية الطفل بالقاصر رغم ما أكدت عليه المادة الأولى من اتفاقية حقوق الطفل في هذا المجال اذ عرفت الطفل كما يلي: ” لأغراض هذه الاتفاقية، يعنى الطفل آل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه.”
خاتمة
إن الغاية من مذكرتنا هي تكريس الشعور بالأمن على المستوى القانوني والقضائي والاقتصادي والاجتماعي لدى النساء وذلك بفعلية الحق في المساواة وعدم التمييز من خلال مدونة الاسرة المستقبلية والجديرة بمغرب اليوم والغد المشرق الذي نتمناه لوطننا، وانطلاقا من ذلك لا بد من مواكبة اصلاح المدونة باتخاذ إجراءات مواكبة ومعززة لمقتضياتها ومنها:
– توفير الموارد البشرية المؤهلة والكافية من قاضيات وقضاة ومساعدات ومساعدين اجتماعيين؛
– العناية بالتكوين المستمر لكل المتدخلات والمتدخلين في مجال قضاء الأسرة؛
– إدراج مصوغات في المناهج التربوية في جميع الأسلاك حول تدبير الأسرة وتدبير الحياة الزوجية؛
– تقوية مؤسسة الصلح؛
– تبسيط المساطر وتسهيل الولوج الى القضاء الأسري؛
– مراعاة التناغم بين مقتضيات مدونة الأسرة المستقبلية وجميع القوانين التي لها بها علاقة وخاصة القانون الجنائي؛
– القيام بحملة تحسيسية للتعريف بمقتضيات مدونة الأسرة المستقبلية نهوضا بحقوق أفراد الأسر، وقطعا للطريق على من يقوم بالخلط بينها ومقتضيات قانونية أخرى لا صلة لها بها.
–