swiss replica watches
سمير أبو القاسم: منظومة التربية والتكوين وتحديات التعبئة والإدماج الاجتماعي – سياسي

سمير أبو القاسم: منظومة التربية والتكوين وتحديات التعبئة والإدماج الاجتماعي

منظومة التربية والتكوين وتحديات التعبئة والإدماج الاجتماعي:

سمير ابو القاسم 

كيف يمكننا توجيه ناشئتنا بناء على ما يتميز به أفرادها وجماعاتها من محركات ومنشطات سلوكية محددة في الزمان والمكان؟

كيف بإمكاننا اكتشاف ما لدى هؤلاء الأفراد والجماعات من استعدادات وميول؟

ما هي سبل تمكننا من إكسابهم اتجاهات وقيم مطلوبة وفق حاجات العصر؟

ينبغي إقامة العملية التربوية على نهج علمي سليم وقويم، يعكس حصول إرادة سياسية لتحقيق أهداف مرتبطة بالمشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي، والمشاركة في صياغة شروط العيش في العصر الحالي.

والدور المفترض الذي تقوم به المدرسة على مستوى النمو التربوي للأجيال هو دور مركزي وريادي في نفس الوقت، ولا يمكن الاضطلاع بهذه المهمة إلا على ضوء ما يحدده المجتمع نفسه من فلسفة وطريقة لممارسة المدرسة مهامها ووظائفها كاملة غير منقوصة. لذلك:

ما هي محددات عملية النمو التربوي التي يرتئيها المجتمع المغربي كأسس ومنطلقات لممارسة المدرسة لمهامها ووظائفها في الوقت الحالي؟

وكيف يمكننا التوفيق بين الناشئة بخصائصها ومميزاتها كمادة حية تعمل عليها ولها المدرسة المغربية، وبين ما يريده المجتمع المغربي أن تشب عليه هذه الناشئة؟

وما هي إمكانات وإمكانيات جعل المدرسة تشكل تلك الصورة للمجتمع المثالي الذي يمكن أن يحقق للنشء مطالبه، وفي ذات الوقت يعمل على المساهمة في تحقيق أهداف المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي برمته؟

وما هي الشروط التي ينبغي مراعاتها لتنظيم العملية التربوية داخل المدرسة للتمكن من إكساب النشء مجموعة كبيرة من المهارات السلوكية والعادات الانفعالية والفكرية والاتجاهات؟

وكيف يمكن للمدرسة أن تكون عاملة على مراعاة ما يمكن أن يكون عليه أفراد وجماعات الناشئة من فروقات فيما بينهم، سواء على مستوى العوامل البيئية أو الاستعدادات والرغبات والميول الفردية والفئوية؟

هذا الاهتمام بالمنظومة التربوية، وهذه الرغبة في إصلاحها، يأتيان بناء على ما عرفته هذه المنظومة في السابق من انزلاقات على مستوى تحديد الأسس والمنطلقات التي يتوجب بناء التصور التربوي المجتمعي على أساسها، وعلى مستوى تحديد الأهداف التربوية للمدرسة، وعلى مستوى التدقيق في صيغ وأشكال وطرق الربط بين المدرسة من ناحية وبين تحقيق أهداف المجتمع التنموية من ناحية أخرى، وعلى مستوى تنظيم العملية التربوية داخل فضاءات المدرسة، وكذا على مستوى قدرة المدرسة بشكل عام على استيعاب مختلف الفوروقات الاجتماعية والنفسية للأجيال الصاعدة.

هناك العديد من الانزلاقات التي أدت إلى ضرب مقومات ومرتكزات المدرسة الوطنية كخدمة عمومية مفتوحة ومتوفرة للجميع.

ويحتاج الأمر إلى محطة للتفكير الجماعي والتأمل في حاضر ومستقبل المنظومة التربوية، من خلال الوقوف على ما تم إنجازه حتى اليوم بمنظور إصلاحي مؤطر برؤية تعمل على ترجمة الأسس والمنطلقات التي حددها أصحاب القرار السياسي، ومن خلال رصد أهم المعيقات التي عرفتها سيرورة هذا الإصلاح، لاستشراف آفاق هذه المنظومة بناء على ما تم استخلاصه من نتائج.

فعلى المستوى المنهجي، ينبغي تقييم وتقويم مسار الإصلاح فيما يخص الحكامة وتدبير المنظومة، والإصلاح البيداغوجي بالتعليم الأساسي والثانوي، والإصلاح البيداغوجي بالتعليم العالي، والحياة المدرسية والجامعية، والبحث العلمي والتربوي، واستراتيجية استكمال الإصلاح، والعنصر البشري، ومحاربة الأمية والتربية غير النظامية.

وعلى مستوى المضامين، ينبغي طرح أسئلة ومعطيات ومواقف تعكس فعلا الانشغال اليومي والعميق بالواقع التربوي الملتبس على مستوياته الإجرائية والعملية والميدانية، في ارتباطه بمتطلبات وإكراهات الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي يعرفه المجتمع المغربي، والتعبير عن الحس الوطني تجاه قضية مجتمعية أساسية ومركزية، والمساهمة في تجاوز المنطق الذاتي المنغلق في سياق استشراف مستقبل كل القضايا المجتمعية والوطنية المشتركة.

إن رهان التربية والتكوين بمغرب اليوم هو رهان الحكامة الجيدة والتدبير العقلاني والمردودية المنتجة، ورهان رد الاعتبار للمدرسة العمومية وطاقمها الإداري والتربوي.

وهذه الرهانات لا يمكن مقاربتها إلا عبر مدخل التهييء القبلي والتعبئة الوطنية الشاملة لاستنهاض المجتمع وجعله في قلب الاهتمام بإصلاح المنظومة التربوية، وفي صلب التعبير عن المشاركة والمساهمة الجدية والفاعلة فيما تتطلبه عملية النهوض بهذا المجال المجتمعي الحيوي.

ولابد من التأكيد مرة أخرى على أنه بالرغم من المجهودات المبذولة والمهام المنجزة والمكتسبات المحصل عليها، فإن النتائج الإصلاحية لا تزال بعيدة عن الانتظارات المجتمعية المأمولة، ولا تزال بعيدة عن مهمة تكوين إنسان الغد المرتبط بوطنه والمستعد للمشاركة الفعالة في تنميته وتطويره، طالما لم يدخل الإصلاح بعد عقلية المعنيين المباشرين، ومن خلالهم أسوار المؤسسات التعليمية، بمختلف أسلاكها.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*