swiss replica watches
ويتواصل الجشع في زمن كورونا ! – سياسي

ويتواصل الجشع في زمن كورونا !

ويتواصل الجشع في زمن كورونا !

في خضم الظروف العصيبة التي تمر بها بلادنا إلى جانب بقية بلدان الكرة الأرضية بغير استثناء، جراء اجتياحها الكاسح من قبل فيروس كورونا المستجد “كوفيد -19″، الذي فضلا عما أشاعه من هلع بين الشعوب بسبب ما يخلفه من ضحايا سواء على مستوى الأعداد المتزايدة من الإصابات أو الوفيات، عطل مجرى الحياة البشرية وهز الاقتصاد العالمي بشكل رهيب.
وقبل حتى أن تهدأ الزاوبع التي أثارها جشع التجار والمضاربين ومحتكري المواد الغذائية مباشرة بعد الإعلان عن تعليق الدراسة بالمؤسسات العليمية، وخاصة مراسلة رابطة أرباب المدارس الحرة إلى رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، متوخية الاستفادة من الصندوق الخاص بتدبير ومواجهة الجائحة، المحدث بدعوة من ملك البلاد محمد السادس في 15 مارس 2020، خرج علينا لوبي آخر يهم هذه المرة أرباب المصحات الخاصة والعيادات الطبية في شخص الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء، للتعبير بشكل فج وأهوج عن رغبتهم في الحصول على ما تيسر لهم من مساعدات مالية وإعفاءات ضريبية، مرجحين مصالحهم الذاتية عن المصلحة العليا للوطن وأبنائه.

ترى أين نحن من روح المواطنة الصادقة لدى هؤلاء الذين ما انفكوا يمصون دماء المواطنين؟ فمن المفارقات غير المفهومة أنه في الوقت الذي نجد فيه فئة من الأطباء الشرفاء في القطاع الصحي الخاص يعلنون عن استعدادهم اللامشروط للتدخل ومد يد العون للدولة والانخراط في التعبئة الشاملة من أجل محاصرة الجائحة وإسعاف المصابين، وأن يكشف آخرون من مسؤولي القطاع أو مالكي بعض المصحات عن نيتهم في تخصيص نسبة عالية من الأسرة مصحوبة بالأجهزة اللوجيستية المتوفرة لديهم، لفائدة الأعداد الإضافية من حاملي الفيروس كلما تعذر على المستشفيات العمومية استقبالهم.
وأنه في أوج تسابق المواطنين على اختلاف انتماءاتهم الاجتماعية وإمكانياتهم المادية، نحو الصندوق الخاص بمكافحة الجائحة وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية بهدف التبرع في إطار من التضامن الوطني الواسع، وخوض أطباء وممرضي وجميع العاملين بقطاع الصحة العمومية معركة شرسة ضد عدو خطير لا يرى بالعين المجردة، مخاطرين بحياتهم وغير مكترثين بأوضاعهم المادية المزرية، أبت الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء بالقطاع الخاص، إلا أن تتقدم إلى رئيس الحكومة تشكو من خلالها عن حالة الركود التي أرخت بظلالها على العاملين بالقطاع، منبهة إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار ما عساه يلحق بهم من إفلاس، فبدون وجل ولا خجل طالب لوبي المصحات الخاصة والعيادات الطبية، أن يشمل الدعم المادي للدولة جميع مستخدمي القطاع على غرار كافة القطاعات المتضررة من تفشي الوباء.
وهو المطلب الذي أثار موجة من السخط والاستياء العارمين في صفوف المواطنين وعبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث تكاثرت الانتقادات الشديدة اللهجة وتعالت أصوات الاستنكار والتنديد، ولم يستطع الكثير من المغاربة استساغة هذا الخبر الخارج عن السياق، الذي يضرب في العمق اللحمة الوطنية على أيدي هذه “اللوبيات” في التجارة والتعليم والصحة. فهل يعقل والحالة هذه أن يكشف مصاصو الدماء عن أنيابهم في مثل هذا الوقت الحرج، وهم الذين ما فتئوا يكدسون الملايين على مر السنين، ويفترض فيهم ليس فقط الاستمرار خلال الثلاثة أشهر القادمة في تحمل رواتب مستخديهم الهزيلة مقارنة مع أرباحهم بل والإسهام المباشر على جميع الأصعدة؟
ثم إنه ليس غريبا على المغاربة جشع هذه “الطفيليات” بالقطاع الخاص، فالهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء في المصحات والعيادات ليس بينها وبين الوطنية عدا الخير والإحسان، وإلا ما كانت لتستمر في خرق القوانين واستغلال الوضع الصحي المتردي بالقطاع العام، لاستنزاف الجيوب وممارسة الغش والتلاعب بالفواتير والتهرب الضريبي، حيث يفرض معظمها على المرضى وأسرهم الأداء النقدي والفوري لئلا يحتسب في مسك المحاسبة، ناهيكم عن وفض التعامل بالشيكات والتكتم الشديد عن مداخيلها الحقيقية للسلطات الضريبية، حيث غالبا ما تكتفي بالإعلان فقط عن “10” بالمائة منها، وغير ذلك من التصرفات اللامسؤولة واللاإنسانية…
إننا إذ نشد بقوة على أيدي “الجيش الأبيض” بالقطاع العام المرابطين على خط النار لمواجهة الوباء اللعين والسهر على حماية صحة وسلامة المواطنين، عرفانا منا بما يبذلونه من جهود جبارة ويقدمونه من تضحيات ستظل مسجلة بمداد من الفخر في سجل التاريخ وموشومة في الذاكرة المغربية، فإننا نرفض بقوة تمادي “هيئة أطباء القطاع الخاص” في أسلوبها الاستفزازي الذي يثير التقزز والاشمئزاز، لفرط الإصرار على استنزاف جيوب المرضى بلا أدنى شفقة، ومواصلة ابتزاز الدولة عبر فرض امتيازات جبائية والتملص من أداء واجباتها وغير ذلك من المواقف اللاأخلاقية، دون أن ينتاب المنضوين تحت لوائها أدنى إحساس بالمسؤولية وشعور بالمواطنة الصادقة، مما يفرض على الدولة القيام بردة فعل حازمة لردهم إلى الصواب، وإلزام مصحاتهم الخاصة بضرورة احترام القوانين وحقوق المواطنين. فروح المواطنة تستوجب الاعتزاز بالانتماء للوطن والعمل الدؤوب من أجل رفعته، ومن أبرز قيمها العمل التطوعي الخالص والمبادرة والتضامن ودعم التلاحم المجتمعي مع أداء جميع الواجبات بصدق وأمانة…
اسماعيل الحلوتي

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*