swiss replica watches
أي تجدد لغوي في زمن السرعة؟! – سياسي

أي تجدد لغوي في زمن السرعة؟!

لحسن المعتصم

ليس لانني اريد ان اعاكس التيار ،واثير موضوعا لا يحظى أو على الأقل لن يحظى بالأهمية التي يستحق في زمن الوباء ، لكنني اجدني مرغما اليوم ، كباحث في الشأن اللغوي خاصة في قضايا لغة الاعلام ،ان ابدي رايي بخصوص اللغة المتداولة في وسائطنا السمعية البصرية وكذلك المكتوبة والإلكترونية، مادام الناس في زمن كورونا أجبروا على إفراغ الشوارع والأزقة واعمار الفضاءات الالكترونية والرقمية، بحيث تغيرت نظم الحياة فأصبح الكل يجتمع عن بعد ، يناقش عن بعد ويتلقن دروسه كذلك عن بعد وتحول بذلك من ساكن للأرض إلى قاطن للفضاء الأزرق .

اريد في هذا المقال الموجز أن أنبه ،للضرورة القصوى ،الى الانحرافات الواقعة في الاستعمال البشع للغة والتحريف الشنيع لقواعدها ، فلعلني بذلك أقدم خدمة للمتخصصيين وكذلك للمواطنين باختلاف مستوياتهم ، لكي لا يقال أن للعوام لغة غير لغة الخاصة ويصبح هذا التقسيم نخبوي بعدما كان ترابي .
باعتقادي هناك ست ملاحظات حول ما يطبع المستعمل من لغة المغاربة بالانترنت او بالصحافة أو النقاشات على مستوى الفضاءات الافتراضية كمواقع التواصل الاجتماعي.

أولها كون تأثير المغاربة بالتيارات الخارجية ادى الى بروز خليط من اللغات سيؤثر لا محالة في تشكل الهوية اللغوية المغربية ، وهذا ستتضرر منه بالدرجة الأولى اللغتين الرسميتين للبلد (العربية والأمازيغية ) لصالح لغة المستعمر كما يسميها أعداء الفرنكوفونية . هذا التأثير من مسبباته نمو الأعداد المستعملة للانترنيت، والتي اصبحت في تقديري تعد بالملايين، فتأثر الناس بالثقافات الغربية القريبة منها خصوصا الفرنسية والانجليزية ، وذلك بفعل عدم اهتمام المدبرين للشأن العام لورش- رقمنة وتحديث الإدارات والخدمات – ولكون المنتوج الثقافي المغربي لا يحظى بالجاذبية التي تمكنه من كسب تفاعلات شباب هذا الجيل. وسيؤدي هذا بعد مدة إلى ظهور تثاقف مهم سيجعل مجال المشتغلين على قضايا التثاقف او المثاقفة كما يسميها الفيلسوف طه عبد الرحمن أوسع وأرحب، كما سيكون على اللسنيين بذل جهود علمية أكبر لوضع معاجم جديدة بالموازاة مع التحديث الذي يقع وسيقع باللغة العربية او الامازيغية لتفادي الهوة بين عربية الماضي وعربية الحاضر وبين امازيغية الماضي وامازيغية الحاضر .

ثانيها ضعف منسوبية القراءة مقارنة مع عدد من الدولة المتقدمة ، فيؤثر هذا المعطى في تعاطي الناس للمحتويات الرقمية ذات جودة عالية ، والتي تصدر عن هيئات ومؤسسات تضمن مستوى لغوي جيد عبر لجانها العلمية الموكول لها ضبط المحتويات المنشورة وتصحيحها وتقييمها؛ لكن كما اشرت في الملاحظة السابقى فإن التحديث والتطوير لم تشارك فيه المؤسسات العمومية ببلادنا بالشكل المرغوب فيه وهو ما أدى الى بروز هوة بين مختلف قواعد الشعب المغربي ونخبه ، وهذا ستتأدى منه اللغة اولا لانها لسان حال المواطنين .
ثالثها ضعف المنتوج العلمي في قضايا الساعة فتقتصر النخبة على مواكبة النقاشات بشكل غير دقيق فلا نجد لموضوع اللغة والانترنيت أي إهتمام كبير من طرف النخبة المغربية وأقصد بها بالدرجة الأولى علماء اللغة والاجتماع وعلماء الاتصال، والنتيجة إهمال اللغة وتراجع في مستويات استعمالها الجيد من طرف رواد الانترنيت بل وادى هذا الأمر إلى اضطرار جزء من النخبة للانسياق وراء التيار فأصبحت الصحف تستعمل استعمالا بشعا لغة العامة وهو بذلك اعتراف ضمني بأن هذهص اللغة لم تعد مستوى بل أصبحت لغة حية تعبر عن تطلعات شباب اليوم يقول أبو العزم وهو باحث في قضايا اللغة “وحتى ان كانت لغة العامة فإنها تخضع كذلك لسلطة القواعد تفاديا لسوء الفهم وانعدام التفاهم ” هذا الطرح الذي يتبناه جزء من الباحثين المغاربة صعب المنال لانه سيدخلنا إلى متاهة أخرى هي البحث عن لغة جديدة متجددة ، وسنكون أمام خيار واحد هو اعادة البحث عن نسق لغوي خاص بنا كمغاربة يوحد رغبات الشمال والجنوب والشرق والغرب على قلب وهدى لسان واحد .

رابعها أن التحول الرقمي الحاصل ببلادنا تشرف عليه و تؤطره نخبة فرنسية التكوين واقصد هنا المهندسين فهذه الفئة درست جلها بالمدارس الفرنسية خارج المغرب وجزء منها درس بالمعاهد العليا ببلدنا لكن كذلك طبقا لنظام فرنسي وهذا المعطى مهم لأنه سيمكن من فهم عقلية الانترنيت والقائمين عليها ومرجعية هذه الفئة اللغوية تزكي الشرخ الحاصل وتفسر التباعد الكبير الحاصل حتى بين النخب فيما بينها والحل بالنسبة إلى نقاش نخبوي بين اللسنيين وغيرهم من الباحثين لإيجاد الحلول لأزمة الهوية اللغوية بالمغرب .

خامسها كون إشكالية لغة الاعلام والصحافة والانترنيت بالمغرب الأكثر استحواذا لنقاشات الدارسين والباحثين وعموم مستعملي وسائل الإعلام لكن هذا الاستحواذ لم يصاحبه بحث اكاديمي يفضح المستور ويتعمق في الأسباب ويقارب الوقائع بناء على الظواهر ، بقدر ما بقي السجال حول تردي اللغة المكتوبة حبيس نقاشات عقيمة بين الافراد والجماعات لم ينتج عنها ما يفيد دارسين الشباب والصحفيين اليافعين ليحسنوا من مستواهم المهني ويرقو بلغته الصحفية عربية كانت أو أمازيغية الى مستوى يليق بالنخب المغربية الناشئة.

سادسها، يطرح الباحثون في علوم اللغة اسئلة كثيرة بخصوص الثورة اللغوية ، التي ساهمت وسائل الإعلام في بروزها وتطرح أسئلة كثيرة في هذا الجانب من قبيل “الخدود” التي يمكن أن تقف عندها الثورة اللغوية المحدثة من طرف وسائل الإعلام، وانعكاساتها على سلامة اللغة وكيفية التحكم في إفرازاتها.
فبحسب ابو العزم ” فإنه لا وجود للغة بدون ضوابط وان التطور لا يجب أن يمس الجوهر مهما تغير الشكل بما يتماشى والمتغيرات الحاصلة في مجالات المعرفة الإنسانية والعمران والتطورات المجتمعية “؛ لكن لا يتفق الباحثون حول هذا الطرح ، الذي يؤمن بالتجدد اللغوي في إطار الممكن ، او ما عمل على تنزيله الفرنسيون لتدوير لغتهم ،حتى تواكب طموحات شباب كل جيل، ويشتغل اللسانيون بفرنسا على فتح مجال إغناء اللغة بمئات المصطلحات الجديدة كل سنة .

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*