swiss replica watches
إطلالة على المركز من الهامش – سياسي

إطلالة على المركز من الهامش

كتبتها: سمير أبو القاسم

إطلالة على المركز من الهامش:

الوطن بحر في حالة السخط والغضب، لكنه في ساعة الصفوِ يملأ أبناءه شوقا لرؤيته هادئا ينصتُ إلى نجواهم، ويستمعُ إلى أحاديثهم النديّة عن الحبّ والحياة.

وفي الشتاء هو متقلّب المزاج، يصفعُ مواطنيه بغضبٍ حين يكونُ مضطربًا، ويحملُ مؤسساته وإطاراته إلى قاعهِ، وكأنّه لا يريد أن يرى أحدًا في الساعات العصيبة.

وهو يغني البعض جواهر وكنوزا، ويغدق عليه بالثراءِ والدهشة، وبالمقابل فيه من الجمال والهيبة والمفاجآت ما يجعل الجميع يعيش خوفا وقلقا وكأنه يصافح الموتَ في أي لحظة.

فقد أصبحت صُفرة الرمل وزُرقة الماء وصفاء الجوّ وإشراق السماء، موضوع اشتهاء في ظل هذا البحر الهائج والثائر، والأمواج المرعبة والمزبدة، التي تبدو معها المراكب أشلاء ممزقة تقذف بها الرياح العاتية في كل الاتجاهات.

لا يرغب الناس سوى في الحصول على قسط من الراحة الجسدية والنفسية، ويميلون إلى السكينة والانفراد بالذات بشكل طبيعي وغير مرضي، للاستمرار في القيام بعملية التفكير الطبيعية واللازمة لكل إنسان في لجج هذه الحياة.

وهي طبعا حالة على النقيض من الطفو على سطح الماء بالاستلقاء على الظهر، وترك الجسم في حالة استرخاء، لأن هذه الوضعية لا تكون إلا في حالة الاستسلام كخوف شديد من التصلب والغرق في نهاية المطاف.

ويحتاج الناس إلى تجاوز هذه الحالة من الاهتزاز الفكري وعدم الثبات النفسي، واسترجاع القدرة على التفكير السليم، لتفادي الاندفاع في الأفعال والتهور في القرارات والتسرع وعدم القدرة على تحكيم العقل.

وهو تجاوز أشبه ما يكون بالموجة كأحد أشكال انتقال الطاقة، والتحرك وسط المحيط، وإفعام الأمكنة والفضاءات بالحيوية، لا كتلك المنكسرة على الصخر، والمعبرة عن حالات سيئة من التبدل بتغير أحلك الأوقات وأعصف الرياح.

فالحياة هكذا.

تقاذف بالتتابع للمياه على الشواطئ، وتحرك وتلاطم واصطخاب للأمواج وسط البحار، وهياج بين الفينة والأخرى، لتجعل من تجربة الخوض فيها مغامرة محبوبة للمتعة والتسلية وإتاحة الفرصة لرؤية ومعرفة أشياء جديدة، تفرج عن النفس وتبعدها عن الإجهاد وبواعث الضغوط المتكررة.

لقد ارتفع منسوب الضغط، وأصبح الوضع لا يطاق، ويكتنفه ضباب كثيف، بسبب غياب الاستقرار والتأرجح بين الصراع والتوافق اللذين لم يكتب لهما استكمال مسار تحقيق النتائج على أرض الواقع.

وارتفاع منسوب الضغط من الظواهر التي تمثل مشكلة حقيقية ترتبط بالحياة، حيث ينتج عن حدوثه غرق العديد من الناس الذين يطلون على المركز من الهامش، أو القريبون من الغمر بمياه الفقر والإقصاء والإهمال.

وتحدث مثل هذه الكوارث نتيجة ارتفاع درجة حرارة النهب بشكل كبير، مما يؤدي إلى ذوبان الثروة الوطنية، وهو ما يطلق عليه بالاحتباس السياسي، خاصة وأن منسوب الضغط يرتفع ويزيد من فترة لأخرى، بفعل الإنسان الذي من شدة حرصه على المال صار هلوعا.

كثافة الضباب باتت معممة، وخيمت على كل المناطق والبشر، جراء تقهقر مهول ومخيف في الأحوال، وبشكل متوازي مع هدوء في رياح التغيير. وهو ما قد يوحي بانتقال الحرارة من الهواء إلى سطح انفعالات الإنسان، التي يبدو أنها تعاني من حالة تجمد بسبب موجة صقيع تشير إلى انقلاب حراري، ينذر بتهديد الحرث والنسل واحتمال قدوم جو عاصف في القادم من الأوقات.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*