swiss replica watches
فاس ، أو حينما تفقد المدينة روحها !!! – سياسي

فاس ، أو حينما تفقد المدينة روحها !!!

الحسين أمساسي
فاس و الكل في فاس ، من من المغاربة لم يردد يوما هذه المقولة و هو يتحدث بفخر عن واحدة من أعرق المدن العالمية ، المدينة المحتضنة لأقدم جامعة عبر التاريخ ، و المدينة التي تطبق أسوارها على نفحات عطرة من ذاكرة و روح هذه البلاد .
فاس ، المدينة الحالمة و التي انبعثت من نطفتين ، عدوة الأندلس ، و عدوة القرويين ، يقصل بينهما واد صغير مكسرا خضرة هضاب سايس وسط حقول الزيتون و القمح ، قبل أن يهجم البنيان و العمران مبتلعا واحدة من أجمل و أعرق الحواضر العالمية .
فاس ، المدينة التي فقدت روحها ، مسلوبة ، غارقة بين فكي السياسة و المصالح الحزبية ، فاس أعظم مثال للوقوف أمام مرمى الأهداف الشخصية ، جحافل أنانيين لم تصمد أمامها الأسوار الشامخة كالسوار ، فغزت العشوائية كل جنباتها محولة إياها من زهرة تعبق بعطر الجغرافية و التاريخ ، إلى أكوام إسمنت تفوح منها روائح الجرائم و الضجيج و البلطجة و الصراخ .
أكتب هذه المقالة بعد أن أمضيت قرابة الأسبوع متجولا دون كلل بين أحيائها و شوارعها و دروبها ، ركبت كل وسائل نقلها ، و تحدثت إلى كل أطياف ساكنتها ، فلم ألمس أي نبض يوحي بالحياة ، و لم أشعر و لو لوهلة أني بين أحضان العاصمة العلمية ، القبلة الروحية للمملكة .
فقط سباق و عراك و حدائق متآكلة تكسر قبحها بعض النافورات القديمة تصارع من أجل البقاء ، أصابتني الغصة ، و أحسست برغبة في الصراخ في وجه كل مسؤول ، في وجوه المارة ، في وجوه كوادرها ونسائها و رجالاتها الذين إما هاجروا أو هجروا المدينة نحو حواضر أكثر قربا من مراكز القرار ، مستفيدة من فرص و مشاريع تنموية حقيقية سرقت من فاس المغرب أضواءها و بريقها .
هل أخطأت فاس حينما فتحت أحضانها لهذا الكم من المهاجرين إليها ، هل أخطأت فاس حينما زرعت في تربتها الندية نخبا سياسية فاسدة ، هل أخطأت فاس حينما رمت بشبابها نحو الهامش ، هل أخطأت فاس حينما ظنت يوما أن مجدها مرتبط بانفصالها عن ماضيها العريق ، أسئلة عديدة طرحتها وأنا أجلس تحت قوس إحدى مداخل القرويين ، أنظر نحو شرفاتها التي لطالما استظل بظلالها علماء و فقهاء و أدباء قدموا من ربوع الدنيا ، ربوع العالم … نحو فاس .

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*