swiss replica watches
الحزب والمؤتمر الوطني – سياسي

الحزب والمؤتمر الوطني

الحزب والمؤتمر الوطني
ظهر مصطلح الديمقراطية لأول مرة ببلاد اليونان القديمة للتعبير عما يعرف بحكم الشعب، ديموس تعني شعب، وكراتوس تعني سلطة، بحيث كان الشـعب آنـذاك يمثل مصـدر الشرعية ويمـارس السـلطة فـي اتخـاذ القـرارات بشكل تشاركي جماعي، وبالتالي يمكن تعريف الديمقراطية بأنها العملية السلمية لتـداول السلطة بين الأفراد أو الجماعات، كما أن العملية الديمقراطية تقوم على المنافسة السياسية التي تفترض تواجد الأحزاب السياسية لضمان غرس وتعميق جذور الديمقراطية، بصفتها وسيطا بين المواطـنيـن والدول.
من المفارقات أن الأحزاب السياسية تلعب دورا حاسما في الديمقراطية الحديثة، وتعتبر بمثابة الجهات المبادرة بالإصلاح، تطمح إلى أن تحكم دولا على الرغم من الممكن أنها تفتقر إلى القدرة على أن تحكم نفسها، وهناك دوما حالة من الشد والجذب داخلها.

فكيف للأحزاب السياسية التجاوب مع الناخبين؟ وفي نفس الوقت كيف يمكن للأحزاب السياسية تطوير استراتيجياتها وأهدافها؟
الأحزاب السياسية منظمات خاصة تؤدي دورا حيويا في المجال العام، وتحقق التوازن في الحياة السياسية باعتبارها فاعلات عامة تساهم بالأساس في احترام الحقوق الأساسية، خصوصا الحق في التنظيم، ومن هنا يستند الإطار الدولي لحماية حقوق الأحزاب السياسية أساسا إلى حقي حرية التنظيم وحرية التعبير وإلى حق التجمع السلمي. وقد نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948 على هذه المبادئ الثلاثة، والتي تحولت تباعا إلى التزامات ملزمة قانونا، تقلل إلى الحد الأدنى من السيطرة القانونية على وظائف الأحزاب وتحدد الدور الملائم لسلطة الدولة.
إن إشعار الناس بالرضا وتقدير المجتمع لمشاركتهم في العملية السياسية يذكرهم بأن لهم دورا، ويعزز رغبتهم في الاستجابة، ففي السياقات التي تهيمن على أجوائها مخاوف وشكوك بين الخصومات السياسية، فإن بناء حد أدنى من الثقة المتبادلة والائتمان يعد خطوة أولى هامة للغاية، وبالتالي فإن ضعف الإيثار هو العامل الأهم في قرار التصويت، وما يقابله تزايد انعدام الثقة في السياسيين وقراراتهم مما أدى إلى خيبة الأمل بشأن عمل الحكومة.
تمثل الأحزاب السياسية منصات جماعية للتعبير عن حقوق الأفراد الأساسية في التنظيم والتعبير، والأحزاب ركن أساسي من أركان المجتمع السياسي، وهي تؤدي دورا في ضمان الوعي والمشاركة بين الناخبين، تؤدي الأحزاب دور الجسر بين التنفيذي والتشريعي، من هذا المنطلق هل استطاع حزب التقدم والاشتراكية تجسيد كل هدا من خلال مؤتمره الوطني؟
إن المتتبع للكلمة الافتتاحية للأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية سيسطر لا محالة على عدة نقاط شكلت الحدث الأبرز: انطلاقا من استغلاله للحضور الفعلي لرئيس الحكومة وزعماء الأحزاب الأخرى ليشكل دلك الجسر بين المواطن والحكومة موضحا معاناة بعض فئات المجتمع في ظل التغييرات الماكرو اقتصادية التي أثرت على المواطن البسيط، ثم رسم وإبراز الخطاب الهوياتي للحزب و الذي لا يتغير سواء كان في الحكومة أو اصطف في المعارضة، فلسان الحزب كما يقول هو الدفاع عن المواطن والبحث عن تعزيز الثقة في العمل السياسي و إضفاء مصداقية على الحياة السياسية.
خطاب تطرق للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وأبرز مضمون ومعنى الوثيقة السياسية والبرنامجية التي عرضها على المؤتمر، معطيا إطارا مفاهيميا يخاطب المنطق الذي يفترض أن تتبعه الحكومة والفاعلين السياسيين، ويخاطب الوعي المجتمعي والروح الوطنية للمجتمع السياسي ومجموع الشعب المغربي، مؤكدا على أن التغيير والإصلاح لن يكتب لهما النجاح سوى في ظل فضاء ديموقراطي وحقوقي رحب، بوفاء للهوية الثابتة، وللأبعاد الوطنية والديموقراطية في هذه الهوية؛ وبانفتاح على المرجعيات والتجارب الإنسانية المتجددة؛ وبسعي نحو تجديد مقاربات العمل.
وبالعودة إلى نص الخطاب نجد أن بنعبد الله تطرق إلى أهداف الديمقراطية التي كانت في تجربة فعلية خلال هذا المؤتمر، من خلال المطالبة بالحد من الفساد والمطالبة بالمراقبة والمساءلة والشفافية، تقليص الخلافات بين أفراد المجتمع، شعور المواطن بالرضا والسعادة، النضال من أجل تمتع المواطنين بالحقوق الأساسية للإنسان، تجديد قوى المجتمع، تشجيع عملية الإبداع والتفكير الحر، الثبات على الوحدة الوطنية والانسجام الوطني.
لقد شكلت هذه الكلمة المطولة للأمين العام الذي تم تجديد الثقة فيه كل أنـواع التعليـم السياسي للفرد، وأيضا مختلف أنواع القيم التي تؤثر على أنماط السلوك وعلاقتها بالحياة السياسية والمعارف السياسية في إطار تنشئة سياسية مستمرة ومتجــددة.
مـر مصطلح الديمقراطية بمراحل تطـور عديـدة، بـدءا باحترام حقـوق الإنسان مـع ظهـور شريعة حمورابـي عـام 1754 قبـل الميـلاد، ومـرورا بمفهـوم التشـاركية فـي صناعـة القـرار فـي دولـة أثينـا، وسياســية الانتخابات لاختيــار الممثلين في روما، وصولا إلى ظهور مفهوم الديمقراطية المعاصرة مـع تشريع دسـتور الولايات المتحـدة الأمريكية عـام 1789.
ختاما يمكننا القول إنه لا يمكن تجاهل الدور الرئيسي الذي تلعبه الأحزاب السياســية كمؤسسات للتنشـئة في تشكيل الثقافة السياسية والديمقراطية لدى الأفراد.

يوسف الحفيرة
طالب باحث بســلك الدكتـوراه جامعة محمد الخامس

 

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*