swiss replica watches
سامر أبو القاسم يكتب: حوار الإعلام والمجتمع – سياسي

سامر أبو القاسم يكتب: حوار الإعلام والمجتمع

حوار الإعلام والمجتمع
سامر أبوالقاسم
بدل الوقوف على المنطلقات والخلفيات، وبدل الاهتمام بالخلافات التي لا يمكنها تطوير النقاش حول حقل الإعلام في علاقته بالمجتمع، حان الوقت للقيام بتقييم شامل لحقول الإعلام ببلادنا، وتفادي اختزال الموضوع في بعد الضبط القانوني أو توفير الإمكانات والإمكانيات، واستحضار التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة، دون حصره كذلك في تجربة المجلس الوطني للصحافة وما يعتمل بخصوصها من تجاذبات تغذيها الانتخابات المرتقبة المرتبطة بتشكيل هياكله.
إذ يكفي أن يحصل نوع من الاطمئنان على أن الجميع ملتزم بالعمل على تطوير النظام القانوني الحالي، ووضع قواعد عامة تتعلق بإقرار أحكام دائمة احتياطية لضمان استمرار المجلس في أداء مهامه.

وبالتالي تكريس ممارسة صحافية احترافية وذات جودة عالية، لخدمة المجتمع وتحقيق مبادئ الحرية والشفافية والديمقراطية، وفق ميثاق أخلاقيات المهنة.
فالحوار هو نقاش حول راهن ومستقبل الصحافة الوطنية ووظائفها وأدوارها، بعد مرور عشر سنوات على الحوار الوطني ومخرجاته، وهو تداول للمساهمة في بلورة وإعداد شروط الارتقاء بهذه التجربة بما يسعف من قراءة متأنية لما تراكم طيلة هذه الفترة من مكتسبات وما تم تسجيله من نواقص وتعثرات.
ويبقى الهدف متمثلا في تمكين مختلف مكونات المجتمع والفاعلين في الحياة العامة من التباحث والتشاور بشكل عميق ومتأني حول هذا الحقل المعروف بكونه محوريا في الحياة الديمقراطية التي يسعى الجميع إلى تنظيمها وترسيخها.
وتبقى الغاية متجلية في التوصل إلى بلورة رؤية مشتركة متوافق عليها، لتشكل خارطة طريق تلهم كل إصلاح واستراتيجية أو إجراء مستقبلي بخصوص راهن ومستقبل الإعلام كحقل أساسي بالنسبة للمشروع الديمقراطي الحداثي الذي تسانده وتدعمه كل القوى الحية للمجتمع باعتباره الاختيار الأسمى للمغاربة.
فللإعلام دور هام في تغذية المجتمع بالمعلومات والحقائق، وفي إفادة المواطن للوقوف على كل المستجدات ولاتخاذ القرارات الهامة والمصيرية. وهو ما يتطلب حرصا على المهنية والمصداقية والموضوعية، وحفاظا على وظيفته في تنمية وعي المجتمع بالأحداث حول العالم، وتعبئة الرأي العام بالأخبار والمعلومات، من أجل تثقيف وتأهيل وتوسيع مدارك الناس للتفاعل مع محيطهم وما يجري حولهم.
وتزيد أهمية الإعلام في العلاقة بالمجتمع من حيث تمكينه الأفراد من مناقشة مختلف القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والدفاع عن قضايا الشعب ومشاكله، وزيادة التفاف المواطنين حول وطنهم، والحيلولة دون كل ما بإمكانه أن يسبب الإضرار بالمجتمع.
فقد بلور المغرب سياسيات للنهوض بقطاع الإعلام بمختلف مكوناته وتعزيز أدواره المجتمعية، حيث عمل على سن مجموعة من القوانين والتشريعات لمواكبة تطور هذا المجال، وفق قواعد الانفتاح والحرية في الممارسة الإعلامية.
ومن مؤشرات ذلك تنوع وغنى المشهد الإعلامي المغربي، بوجود منابر صحفية متعددة ومتنوعة، سواء على المستوى الوطني أو الجهوي، والعديد من الصحف الإلكترونية، وإذاعات مملوكة لمتعهدين خواص، إضافة إلى محطات إذاعية عمومية وقنوات تلفزية.

فضلا على انتشار الإنترنيت بشكل واسع.
دون نسيان انخراط المغرب في الجيل الثاني من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، الذي أثمر اعتماد دستور جديد نَصَّ، فيما يخص قطاع الإعلام، على تعزيز قواعد الحرية والتعددية والتنظيم الذاتي للصحافة وضمان الحق في الحصول على المعلومة، والنهوض بالإعلام العمومي الأمازيغي…
لكن، وعلى الرغم مما تحقق، يبقى السؤال مطروحا حول ما إذا كان الإعلام المغربي قادرا على الصمود في وجه التحديات التي تواجهه، سواء فيما يتعلق بأجهزة التلفزيون والإذاعة أو صفحات المجلات والجرائد، في ارتباط بنوعية المواضيع المتناولة أو بطريقة تعاطيه مع الأخبار بحيادية ونزاهة أو بالتوفيق بين ممارسة المهنة في ظل ضوابطها وأخلاقياتها وبين احترام قيم المجتمع المغربي وما تعارف عليه الناس أو بخلق نوع من التوازن بين الحرية والمسؤولية.
وبقدر ما تُطرَح أسئلة حارقة حول الإنتاجات التلفزية وعلاقتها بالجودة، وحول حرية الصحافة التي لا زال المغرب يحتل بخصوصها مراتب متدنية في بعض التصنيفات الدولية، وحول وضعية الإعلام العمومي الأمازيغي وغيرها من المواضيع، بقدر تظهر الدعوة إلى مراجعة قانون الصحافة، وضرورة الانسجام مع القيم والمبادئ الكونية لحقوق الإنسان وإنزال ضمانات قانونية لعدم متابعة الصحافيين بالقانون الجنائي، لتطوير ممارسة المهنة وحرية الإعلام.
وهي قضايا تمتد لتشمل كافة الحقول من إعلام مكتوب وإلكتروني وسمعي بصري، التي هي مدعوة إلى تطوير أدائها، وإلى أن تشكل أداة للتوعية والتحفيز على المشاركة، وأن تعكس روح التعددية السياسية والثقافية التي تميز المغرب.
فموضوع الإعلام والمجتمع يستحق منا أن نعطيه أهمية خاصة، خصوصا في سياق التحولات السريعة والمستجدات اليومية التي يشهدها المجتمع المغربي، وهو ما يجعل الجميع ـ بمن فيهم المهنيين ـ في موقع الحرص على متابعة وتقييم حصيلة إنجاز التوصيات والمقترحات التي خرج بها الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع، والتي تهم إصلاح حقل الصحافة والإعلام بالمغرب على الأصعدة القانونية والتجارية والصناعية والمهنية، وتهم الأوضاع الاجتماعية للصحفيين، وضمان التعددية السياسية والثقافية في الإعلام العمومي، والحفاظ على الذاكرة الوطنية وحماية الأرشيف الوطني، ودعم قراءة وتوزيع الصحف وغير ذلك من القضايا الحيوية التي تدخل في باب علاقة الإعلام الوطني بالمجتمع المغربي.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*